صحَّ عن النبي -عليهِ الصّلاة والسَّلام- في البُخاري وغيره أنَّهُ حجَّ على رَحْل، ما مَعْنَى حجَّ على رَحْل؟ يُوضِّحُهُ بقيَّةُ الحديث: ((..وحَجّ أنسُ بن مالك على رَحْل ولمْ يَكُن شَحِيحاً))، ((حجّ النبي -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- على رَحْل، وحَجّ أنسُ بن مالك على رَحْل ولمْ يَكُن شَحِيحاً)) هذا فيهِ دليلٌ على عدم التَّرَفُّه، ولم يفعلُهُ النبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- ولا خِيَارُ هذهِ الأُمَّة، فعلى الإنسان أنْ يَتَوسَّط في أُمُورِهِ كُلِّها، في حَجِّهِ وفي غير حَجِّهِ؛ لكن في أوقاتِ العِبادات والأزمان الفاضِلَة ينبغي أنْ يَنْكَسِر الرَّجُل، ويَخْرُج عنْ مَأْلُوفِهِ بالقُرب من الله -جلَّ وعلا-، وكُل ما تَواضَعَ الإنْسَان، وانْكَسَرَ قَلْبُهُ كانَ أقْرَب إلى رَبِّهِ؛ ولِذا أقْرَب ما يكُون العَبْدُ إلى رَبِّهِ وهو ساجِد، بعضُ النَّاس يبحث عن أفضل الحملات، أفضل من ناحية إيش؟ من ناحِية الخدمات، وبعضُهُم يبحث عن أَفْخَر الفنادق، ما أدري كيف يَسْتَحْضِر ويَسْتَشْعِر لَذَّة العُبُودِيَّة، رايح لِيَتَعَبَّد في العشر الأواخر من رمضان ويبحث عنْ أفْخَر الفنادق التِّي لا يسكُنُها إلاّ طبقة من النَّاس قد لا يُناسِبُونَهُ! ويمر بأُمُور لا تُناسب لا الوقت ولا الزَّمان ولا المكان، ويَنْظُر عن يمينِهِ وعن شِمالِهِ أُناس لا يُناسِبُونهُ، فمثل هذا عليهِ أنْ يَتَواضع لله -جلَّ وعلا- لا سِيَّما في هذهِ الأماكن المُقدَّسة والأوقات الفاضِلَة، فإذا كان النبي -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- كَادَت الخَمِيصَة أنْ تَفْتِنَهُ، الخَمِيصَة ثُوب مُخَطَّط فماذا عنْ غَيْرِهِ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-؟! وماذا عن ما هُو أعظم من الخَمِيصَة؟! لا بُدَّ أنْ يَبْذُل الإنْسَان كل ما يستطيعُهُ لِحِماية جناب العِبادة، الخَمِيصَة كَادَت أنْ تَفْتِن النبي -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- وصِلَتُهُ بِرَبِّهِ –عليه الصلاة والسلام- أَقْوَى الصِّلات فكيفَ بِغَيْرِهِ؟! لو تَحَرَّكَ الباب نَسِيَ كُلّ شيء كما هي حَالُنا!!! وبعض المساجد الذِّي لهُ أدْنَى ذَوْق بالخط والرَّسم لنْ يُدْرِك من صَلاتِهِ شيء!!! هذا إذا كان لهُ أدْنَى ذَوْق!!! فكيفَ بمن يَتَذَوَّق أمثال هذهِ الخُطُوط والرُّسُوم والنُّقُوش، وصَارت مساجِد المُسلمين تُشْبِه الكَنائِس!!! فما بالُك بالفنادق الخمس نجوم وأحياناً يقولون بعد الآنْ ظَهَر سَبع نُجُوم أو ما أدري كم!!! {وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل/8 ]، ما تدري!!! هل يَسْتَشْعِر الإنْسَان الصِّلَة بالله -جلَّ وعلا- وبينَ هذهِ الزَّخَارف؟! والمساجد حالُها كما تَرَوْن، والمساجد النَّهي عن زَخْرَفَتِها وأنَّها مِنْ عَلامات السَّاعة معرُوف، كُل هذا من أجل حِمَاية العِبادة، جَاءَ في الأثَر: ((لا تُحَمِّرُوا ولا تُصَفِّرُوا)) وإذا نَظَرْت إلى أكثر المساجد، الألوان فيها الأحمر والأصفر، اللهُ المُستعان.