كتاب البيوع من المحرر في الحديث - 12
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نعم.
بسم الله، والحمد الله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين، وانصر الإسلام والمسلمين.
قال الإمام ابن عبد الهادي- يرحمه الله تعالى- في كتاب المحرر:
كتاب الحجر
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال: أصيب رجل في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثمار ابتاعها، فكثر دَينه فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «تصدقوا عليه»، فتصدق عليه الناس، فلم يبلغ ذلك وفاء دَينه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لغرمائه، فقال لغرمائه: «خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك»، رواه مسلم.
وعن ابن شهاب عن ابن كعب بن مالك عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجر على معاذ ماله، وباعه في دين كان عليه، رواه الدارقطني والحاكم وقال: صحيح على شرطهما، وفي قوله نظر، والصحيح أنه مرسل، كذا رواه أبو داود وغيره.
وعن أبي بكر بن عبد الرحمن أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس أو إنسان قد أفلس فهو أحق به من غيره»، متفق عليه.
وعن أبي بكر بن عبد الرحمن أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أيما رجل باع متاعًا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئًا فوجد متاعه بعينه فهو أحق به، وإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء»، رواه مالك وأبو داود هكذا مرسلاً، وقد أسند من وجه غير قوي، رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه، وتكلم فيه ابن المنذر."
لا.. رواه مالك وأبو داود.. أسوة الغرماء..
أحسن الله إليك.
"قال: رواه مالك وأبو داود هكذا مرسلاً، وقد أسند من وجه غير قوي.."
وعن عمر..
أحسن الله إليك.
"وعن عمر بن خلدة قال: أتينا أبا هريرة، قال: أتينا أبا هريرة في صاحب لنا قد أفلس فقا: لأقضين بقضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من أفلس أو مات فوجد رجل متاعه بعينه فهو أحق به». وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: عرضت على النبي -صلى الله عليه وسلم-."
رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه، وتكلم فيه ابن المنذر وابن عبد البر.
أحسن الله إليك.
"قال: رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه، وتكلم فيه ابن المنذر وابن عبد البر."
أي طبعة؟
هذي طبعة ابن حزم، عادل الهدبا ومحمد علوش.
ابن حزم؟
أحسن الله إليك.
"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: عرضت على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد وأنا ابن أربع عشر سنة فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني، متفق عليه.
زاد البيهقي والخطيب: فلم يجزني، ولم يرني بلغت.
وعن عطية القرظي قال: عرضنا على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم قريظة فقال: من أنبت قتل، ومن لم ينبت خلى سبيله، فكنت فيمن لم ينبت فخلي سبيلي، رواه أحمد، وهذا لفظه، وأبو داود.."
والنسائي.
"وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي وصححه، وابن حبان والحاكم وقال: على شرطهما ولم يخرجاه.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها»، وفي لفظ: «لا يجوز للمرأة أمر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها»، رواه أحمد، واللفظ له، وأبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم وقالك صحيح الإسناد."
ولم يخرجاه.
"ولم يخرجاه."
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،
فمن المسائل المتعلِّقة بالحديث السابق: «المسلمون على شروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالاً»، نجد في بعض اختيارت الفقهاء ما يختلفون في دخوله في هذا الاستثناء، وفي كتاب النكاح مثلاً إذا اشترطت المرأة ألا يطلقها، أو ألا يسافر بها، أو ألا يتزوج عليها، أو اشترط ولي المرأة على الزوج ألا يطأها، إذا اشترط على الزوج ألا يطأ هذا مما ينافي مقتضى العقد، وهو شرط باطل؛ لأنه حرم حلالاً، بل هو من أهم مقاصد النكاح، لكن إذا كان هناك قصد صحيح ألا يطأها حتى تبلغ سن من تحتمل الوطء، إذا تزوج صغيرة، تزوج صغيرة لا تحتمل الوطء في ست سنين، كما عقد النبي -عليه الصلاة والسلام- على عائشة، واشترط الولي ألا يطأ فهذا له حظ من النظر، بخلاف ما لو كانت كبيرة تحتمل الوطء، ثم اشترط ألا يطأ، اشترطت المرأة ألا يطلقها، الطلاق حكمه معروف في الشرع، وإذا استغلقت الحلول، وساءت الأحوال بين الزوجين فالطلاق حل شرعي، اشترطت ألا يتزوج عليها، وهذا مما يجيزه بعض العلماء، الزواج بالمرأة الثانية حلال بالاتفاق، إذا وجد شرطه، وهو القدرة على العدل، وباقي ما يشترط من نفقة أو كسوة أو مسكن وغير ذلك فإنه يجوز له أن يتزوج شرطه القدرة على العدل، قالت: أشترط عليك ألا تتزوج علي، فهل نقول: إن هذا شرط حرم حلالًا أو نقول: المسلمون على شروطهم، فإن أحق الشروط بالوفاء ما استحللتم به الفروج، وهذا منه؟
ولذا بعض العلماء يقولون: هذا الشرط صحيح، وبعضهم يقول: ليس بصحيح؛ لأنه حرم حلالاً، قل مثل هذا في كثير من الشروط التي يشترطها المتعاقدون سواء كان البائع أو المشتري أو المرأة أو الرجل أو ما أشبه ذلك، الخلاف في فهم الحرام الذي يباح بالشرط والحلال الذي يحرم بالشرط يختلفون؛ لأن منهم من يرى أنه إذا كانت فيه مصلحة لأحد الطرفين فالمسلمون على شروطهم، ومن مصلحة المرأة ألا يتزوج عليها زوجها، وقد قبل هذا الشرط، طيب اشترط عليها أو اشترطت عليه أن تكمل دراستها، طيب ترتب على إكمال الدراسة أو على الوظيفة تضييع حقوق الزوج، هل يلزمه الوفاء بهذا الشرط؟ المسلمون على شروطهم، هل يلزمه الوفاء بهذا الشرط مع ما يترتب عليه من تضييع لحقوقه؟
الفقهاء منهم من يُلزِم بهذه الشروط اعتبارًا بعموم «المسلمون على شروطهم»، وما يترتب عليه مصلحة لأحد الطرفين فله أن يشترط ما شاء ما لم يقع في معارضة نص في مسألة تضمن حلالًا، فتحرم بسبب هذا الشرط، أو تتضمن حرامًا فيستباح بهذا الشرط، وفي كتب الفروع مسائل كثيرة تندرج في هذا الاستثناء مما يختلف فيه أهل العلم، فيجيزه بعضهم بناءً على عموم الجملة الأولى: «المسلمون على شروطهم»، ومنهم من لا يجيزه اعتبارًا بالاستثناء، ويرى أنه من وجه يحرم الحلال، ويحل الحرام.
في هذا الباب الذي يليه "كتاب الحجر"، وفي بعض النسخ باب وهو أولى، الحجر المنع، الحجر المنع، والمراد به منع تصرُّف صاحب المال في ماله إما لحظ نفسه أو لحظ غيره، إما لحظ نفسه أو لحظ غيره، لحظ نفسه إذا كان صغيرًا أو سفيهًا لا يحسن التصرف فهذا يحجر عليه؛ لئلا يضيع المال، وقد نهينا عن إضاعة المال، ولحظ غيره إذا كان مدينًا، وموجوداته وأمواله لا تفي بهذه الديون، فمن حق الدائن أن يتقدم إلى الحاكم، فيطرد الحجر عليه؛ لئلا يتصرف بهذه الأموال فتضيع عليه.
"عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: أصيب رجل في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثمار ابتاعها"، يعني اشتراها، أصيب رجل في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثمار ابتاعها، يعني ابتاعها وهي على رؤوس النخل بعد أن بدا صلاحها، يعني ثمر ابتاعه وجذه، ونقله إلى رحله، وأحرزه أن يدخل في مثل هذا؟!
تدخل الجوائح في مثل هذا إذا قبض وانتهى وتفرقوا ما تدخل، لكن الكلام فيما إذا أصيب المال بجائحة أو آفة سماوية مثلاً وهو على رؤوس النخل، وعلى الشجر قبل تمام قبضه، قبل تمام قبضه، وذلك في حالة ما إذا جرى العقد بعد بدوِّ الصلاح، أما قبل بدو الصلاح فإنه لا يجوز بيعه، ولا يصح بعد بدو الصلاح، تم العقد، وقبل الجذاذ أصيب بآفة سماوية فتلف.
"أصيب رجل في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثمار ابتاعها، فكثر دينه" كثر دينه؛ بسبب قيمة هذا الثمر، وقد يكون لأسباب أخرى مع قيمة هذا الثمر، "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «تصدقوا عليه، تصدقوا عليه»"، في الحديث الصحيح: أمرنا بوضع الجوائح، أمرنا بوضع الجوائح، وفي هذا الحديث وفي صحيح مسلم قال النبي -عليه الصلاة والسلام- للغرماء: «خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك»، «تصدقوا عليه»، "فتصدق عليه الناس، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لغرمائه: «خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك»"؛ لأنه أصيب هذا الثمر بجائحة قبل أن يتم قبضه، لكن لو تم قبضه وإحرازه ونقله إلى رحله، ثم أصيب بجائحة صار البائع مثل غيره من الناس، «خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك»، «تصدقوا عليه»، فتصدق عليه الناس، يعني لو عملنا بحديث: «أمرنا بوضع الجوائح»، ما الداعي لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: «تصدقوا عليه»، ولو قلنا بعدم وضع الجوائح لكان آخر الحديث «خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك»، فما المخرج من هذا التضادّ؛ لأن مقتضى وضع الجوائح مقتضى الأمر بوضع الجوائح أنه لا يؤمر بالصدقة عليه، خلاص، انتهى؟
ونظير ذلك من قتل خطأً وجبت عليه الدية، هل يأخذ من الزكاة أم لا؟ أو نقول: الدية على العاقلة، أنت ما عليك شيء أصلاً، كيف تأخذ زكاة وأنت ما عليك شيء، وفيه عاقلة موجودة وباذلة، ما عليه شيء، ما يأخذ شيئًا إلا إذا امتنعت العاقلة، أو لم يوجد عاقلة، فإنه يتعلق برقبته، تتعلق الدية برقبته، هنا قال: «تصدقوا عليه»، مع الأمر بوضع الجوائح لا داعي لهذه الصدقة؛ لأنه ما عليه شيء، وعلى عدم اعتبار وضع الجوائح قوله في آخر الحديث: «خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك»، فهل فيه تضاد بين قوله: «تصدقوا عليه»، «وخذوا ما وجدتم»؟ بعض الشراح أوجدوا مخرجًا بأنه أصيب بهذه الجائحة وهو مدين بديون لأسباب أخرى، اشترى سيارة، واشترى ثمرة حائط، فاحترق الحائط، واحترقت السيارة، هل نقول: إن السيارة التي احترقت داخلة في وضع الجوائح، أو هذا خاص بالثمار؟
الدليل يدل على أنه خاص بالثمار، فتصدقوا ليقضي دينه في غير هذه الجائحة، هذا كلام بعض أهل العلم؛ ليقضي على هذا التضاد الذي هو ظاهر في الحديث، يعني في الظاهر فيه تضاد؛ لأننا إن عملنا بوضع الجوائح قلنا: ما يحتاج أن يتصدق عليه، ما عليه شيء، وإذا قلنا بعدم اعتبار وضع الجوائح لزمه أن يدفع المال كاملًا، «خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك»، فقالوا: إنه خذوا ما وجدتم يعني بديون أخرى، وليس لكم إلا ذلك، فلا شيء لكم في مقابل دين هذا الثمر.
طالب: ........
بعضهم يقول: إن الأمر بوضع الجوائح أمر إرشاد، أمر إرشاد، وأنه بمجرد ما تم العقد الصحيح وترتبت آثاره عليه فإن مقتضى العقد الصحيح ترتب الآثار عليه، بمعنى أن البائع يستحق الثمن، وله التصرف التام في الثمن، والمشتري يتصرف في المثمن تصرف الملاك بأملاكهم، وانتقلت السلعة إلى ملك المشتري، ولو تلفت صارت من ضمانه، ولو تلفت صارت من ضمانه، والمال أيضًا إذا قبضه البائع صار من ضمانه، فينتهي العقد بهذا الحد إذا كان صحيحًا ترتبت آثاره عليه، لكن هذا أمر إرشاد بأن يتعافى الناس في مثل هذه الأمور، لكن قد يقول قائل: إذا أمرنا بوضع الجوائح، هذا المشتري نظر الشارع إلى مصلحته، ولم ينظر في مصلحة البائع، البائع تعب على هذا البستان سنة كاملة، يكد ويكدح، وإنفاق أموال وعمال، وتعب في البدن والأهل؛ من أجل أن تخرج هذه الثمرة، ثم يؤمر بوضع الجائحة كلها، هذا لا شك أنه فيه إشكالًا؛ لأن الشرع باطراد لا ينظر إلى مصلحة طرف على حساب الطرف الآخر، يعني كونه -عليه الصلاة والسلام- قال: «تصدقوا عليه، تصدقوا عليه»، فحصل من هذه الصدقة مبالغ لا تفي بجميع الديون فقال للدائنين: خذوا ما وجدتم، فيكون النقص والحق على الجميع على الدائن والمدين، والفائدة من هذه الصدقة تعود على الجميع على الدائن وعلى المدين، وهذا مناسب جارٍ على قواعد الشريعة في ملاحظة الطرفين.
قال -رحمه الله-: "وعن ابن شهاب، يعني الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجر على معاذ ماله، وباعه في دين كان عليه، رواه الدارقطني والحاكم وقال: صحيح على شرطهما".
حجر على معاذ ماله، أولاً الحديث الراجح فيه أنه مرسل، ولذا قال: "والصحيح أنه مرسل"، والمرسل من قسم الضعيف، والحديث مضعّف عند أكثر أهل العلم، وإن قال الحاكم: صحيح على شرطهما، والحاكم فيه تساهل، تساهل شديد في التصحيح، ولذا يقول الحافظ العراقي- رحمه الله-:
وخذ زيادة الصحيح إذ تنص |
| صحته أو من مصنف يخص |
بجمعه نحو ابن حبان الزكي |
| وابن خزيمة وكالمستدرك |
على تساهل وقال ما انفرد |
| به فذاك حسن ما لم يرد |
بعلة والحق أن يحكم بما |
| يليق والبستي يداني الحاكم |
ما نأخذ ما جاء عند الحاكم إلا بعد أن ننظر في إسناده ومتنه، فإذا صح قبلناه، وإلا رددناه، فالضعيف فيه كثير جدًّا، وفيه موضوعات.
قال: "صحيح على شرطهما، وفي قوله نظر، والصحيح أنه مرسل، كذلك رواه أبو داود وغيره" فالحديث لا يثبت هل في الحجر على مال الشخص غضاضة في دينه، أو في رأيه، أو في منزلته عند الله -جل وعلا-؟
معاذ فقيه الصحابة، وبعضهم يردف في هذه القصة تبعًا لها أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما حجر عليه بعثه إلى اليمن؛ ليستفيد هناك، يعوِّض، والقصة كما ذكرنا ضعيفة، والحجر لا شك أن الأصل أن الحجر على الصغير وعلى السفيه، العاقل الرشيد في تصرفاته لا يحجر عليه، قد يكون من أحزم الناس، ومن أرشدهم، وأصحهم تصرفًا في ماله وأتمهم عقلاً ودينًا، ومع ذلك ما يوفق في تجارته، يخفق في التجارة، يخسر، فلا يكون حينئذ فيه غضاضة لا على دينه ولا عقله، ولا على حتى على منزلته الاجتماعية، كونه يحجر عليه ينظر فيه لحظ نفسه، ولحظ غيره.
نعم يوجد بعض الناس يتخبطون في مال الله،هؤلاء هم المذمومون، أما من تصرف بمقتضى العقل، وكان رشيدًا في تصرفاته، ثم أصيب بجائحة، أو غامر في تجارة غلب على ظنه أنه يكسب فيها ثم أخفق في هذه التجارة فلا لوم عليه؛ لأن الله هو الرزاق، حجر على معاذ ماله وباعه في دين كان عليه، وعرفنا أن الحديث ضعيف.
قال: "رواه الدارقطني والحاكم وقال: صحيح على شرطهما، وفي قوله نظر، والصحيح أنه مرسل، وكذلك رواه أبو داود وغيره".
ثم قال: "وعن أبي بكر بن عبد الرحمن أنه سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال رسول الله أو قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم"- لا شك أن التصريح بالسماع أقوى من مجرد الإضافة بالقول؛ لأن القول حكمه حكم العنعنة، العنعنة دون السماع، دون التصريح بالسماع والتحديث.
................أما الذي |
| لشيخه عزا بقال فكذي |
عنعنة كخبر المعازف |
| لا تصغ لابن حزم المخالف |
فقال دون حدثني وسمعت في القوة عند أهل العلم، لكن إذا قالها الصحابي جازمًا قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لا شك في ثبوته عنه -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الصحابي جزم به، ورفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، فيستوي حينئذ القول بالتصريح، والتحديث بالسماع، ولذلك الحديث في الصحيحين متفق عليه.
يقول: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس أو إنسان قد أفلس»" قال أو سمعت، هذا التردد يدل على شدة التحري والدقة في ضبط صيغ الأداء عند أهل العلم، ثم بعد ذلك عند رجل أو إنسان هذا أيضًا يدل على تحريهم ودقتهم في نقل المتون.
«من أدرك ماله بعينه» يعني ما تغير لا بزيادة ولا بنقصان، «عند رجل قد أفلس»، والفَلَس تغير حال صاحب المال من كونه ذا دراهم ودنانير إلى كونه ذا فلوس، والفلوس من العملات الصغيرة جدًّا التي لا يكاد يشترى بها إلا النزر اليسير، يعني الدرهم تحته مجموعة من الفلوس، كما أن الدينار تحته عدد من الدراهم، كما يقال: هللة أو يقال: مليم تحت القرش، والريال والجنيه وما أشبهه وهكذا، طيب ذكروا في كتب الأدب من الطرائف أن رجلاً اشترى بضاعة من السوق فأتى برجل ليحملها فقال: كم تحملها؟ قال: بفلس، قال: لا، كثير، قال: فيه أقل من الفلس؟! قال: فيه كيف أقل من الفلس؟ ما فيه، كيف تصرف مليمًا؟ كيف تصرف هللة؟ يمكن أم لا؟ ما يمكن، قال: أنا أعرف أصرف، نشتري فستقًا، ونأكله أنا وإياك، بهذا الفلس، هذا دليل على أنه لا أقل من الفلس.
فالفلس والتفليس صار ما يملك إلا فلوسًا بعد أن كان يملك الدراهم والدنانير، هذا أفلس، يعني دخل في الفلس، كما يقال: أظلم دخل في الظلام، أنجد دخل في نجد، وهكذا، قد أفلس بحيث صارت ديونه أكثر من ماله الموجود عنده ولو لم يبلغ إلى حد ألا يملك إلا الفلوس، والناس يجعلون الفلوس في مقابل الدراهم والدنانير، هذا والله عنده فلوس، يعني عنده مال، لكن هذا مخالف لحقيقة الاصطلاح.
«من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس أو إنسان قد أفلس» رجل، طيب عند امرأة باع على امرأة فأفلست، وجد ماله بعينه عندها تدخل النساء شقائق الرجال، الحكم واحد، وتدخل أيضًا في الإنسان، يعني إذا كان الرجل خاصًّا بالذكر فالإنسان يشمل الذكر والأنثى، والنساء يدخلن في خطاب الرجال، يدخلن في خطاب الرجال، فإذا جاء أمر بيا أيها الذين آمنوا دخل فيه المؤمنات والله- جل وعلا- يقول عن مريم، والخطاب يخصها، لا يعم غيرها، كانت من المؤمنين، دل على أن المرأة تدخل في خطاب الرجال.
«أو إنسان قد أفلس فهو أحق به من غيره»، يعني من الغرماء، «من وجد ماله عند رجل بعينه» ما تغير لا بزيادة ولا نقصان، إذا تغير بزيادة فهذا ظاهر أنه لا يستحقه، لكن إذا تغير بنقصان وقال: أقبله على نقصه، تغير بنقص قال: أنا أقبل، أنا أريد مالي ولو كان ناقصًا، هل هو أحق به أو مقتضى النص أن يكون بعينه من غير تغير لا بزيادة ولا بنقصان؟ وبهذا قال جمع من أهل العلم، ومنهم من يقول: إذا استحقه بعينه فلأن يستحقه مع النقص من باب أولى، ولكل وجه.
«من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس أو إنسان قد أفلس فهو أحق به من غيره»، يعني من الغرماء، إذا ترتب على هذه المصلحة لصاحب السلعة التي أفلس مشتريها ضرر لغيره، اشترى منه دارًا ثم أفلس، والدار بحالها، مازالت، هو أحق بها، لكن إذا كان رهنها بدين آخر لرجل آخر له هو أحق بها أم لا؟ لأن المرتهن يتضرر لو أخذها، والضرر لا يزال بضرر، لكن لو قال: هذه الدار بعتها عليه بخمسمائة ألف، والمشتري رهنها بمائة ألف، أنا أدفع مائة ألف وآخذ البيت، يعني مثل ما قلنا فيما إذا وجد السلعة ناقصة، فيما إذا وجد السلعة ناقصة يقول: أنا أدفع مائة ألف لله حسبة، أو يقول: أدفعها وأصير فيها أسوة الغرماء، وأرجع، هو مستفيد على كلا الوجهين.
"متفق عليه.
وعن أبي بكر بن عبد الرحمن أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أيما رجل باع متاعًا فأفلس الذي ابتاعه، ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئًا»" هذا زاد على ما في الصحيحين، قدر زائد على ما في الصحيحين «ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئًا فوجد متاعه بعينه فهو أحق به»، الجملة لم يقبض الذي باعه من ثمره شيئًا، هذه زائدة على ما في الصحيحين في الحديث السابق والحديث واحد، فعدم تخريج الشيخين لهذه الزيادة هل يتضمن عدم تخريجهم لها قدحًا فيها؟
طالب: قد تكون مفسرة يا شيخ.
لا، ليست من كلام الراوي، هي ليست من كلام الراوي، ليست مدرجة من كلام الراوي.
طالب: ليست على شرطه..
نعم، لكن الزيادة في مثل هذه الصورة، الزيادة عند أهل العلم من الثقة مقبولة، ويقررون هذا، ولا يترددون فيه، ويطلقونه، وبعضهم ينقل عليه الاتفاق كالخطيب البغدادي وغيره، لكن يبقى أن الزيادة إذا اشتملت على مخالفة لما هو أصح فهذه لا شك في ردها، وإذا كانت غير مخالفة، بل هي زيادة جملة، فهي كزيادة الحديث مقبولة عند الجمهور، وإن كان بعض المتقدمين من الأئمة الكبار يردونها في مثل هذه الصورة تُرَدّ عند بعض الأئمة الكبار، يردونها باعتبار أنها لو كانت ثابتة لما عدل عنها البخاري ومسلم، ولما ترك ذكرها الرواة الأثبات الذين خرج الإمامان البخاري ومسلم عن طريقهما.
«فهو أحق به وإن مات المشتري» هذا أيضًا قدر زائد على ما في الصحيحين «فصاحب المتاع فصاحب المتاع أسوة الغرماء»، أولاً أبو بكر بن عبد الرحمن تابعي من فقهاء التابعين.
قوله: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال، هذا إرسال، والمرسَل عند الجمهور ضعيف.
واحتج مالك كذا النعمان |
| به وتابعوهما ودانوا |
ورده جماهر النقاد |
| للجهل بالساقط في الإسناد |
فهو مرسل من قبيل الضعيف عند الأكثر.
"رواه مالك وأبو داود هكذا مرسلاً"، طيب هل رواية الإمام مالك للحديث مرسلاً تقدح فيه؟ كثير من الأحاديث يرويها الإمام مالك في موطئه مرسلة، وهي موصولة عن مالك في الصحيحين أو في أحدهما، فالإمام مالك لا يهتم بالوصل والإرسال؛ لأن المرسل عنده صحيح كالموصول سواءً.
"رواه مالك وأبو داود هكذا مرسلاً وقد أسند"
ومن يقابله بذي الإرسال |
| .......................... |
يعني المرسل المسند ومن يقابله يعني المسند بذي الإرسال.
......................... |
| فقد عنى بذاك ذا اتصال |
"وقد أسند عن وجه أو من وجه غير قوي" يعني وصل إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- بواسطة الصحابي الذي لم يُذكَر في هذا الوجه.
....ومن يقابله بذي الإرسال |
| فقد عنى بذاك ذا اتصال |
يعني روي متصلًا، لكن بلفظ غير قوي، فالمرجح هو الإرسال، وعلى هذا فالخبر لا يرقى إلى درجة الاحتجاج، وإن قواه بعضهم؛ لأن فيه جملًا، يعني الحديث الذي قبله يشهد له، يشهد له، لكن يشهد لجميعه أو لبعضه؟
لبعضه يشهد، تبقى الجمل التي لا شاهد لها في الحديث الصحيح كأنها حديث مستقل، كأنها حديث مستقل، ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئًا، اشترى سيارة بخمسين ألفًا ودفع عشرة آلاف ثم أفلس، جاء صاحب السيارة يقول: هذي عشرة آلاف، هات سيارتي، نقول: لا، أنت قبضت من ثمنها، مادام قبضت قال: طيب السيارة بعينها، وأنا مستعد أدفع، نقول: لا، أنت أسوة الغرماء بناءً على هذا الحديث، أو باع السيارة بخمسين ألفًا، ثم مات المشتري، مات المشتري، اشتراها اليوم ومات من الغد، فخشي صاحب السيارة أن يضيع حقه؛ لأن الطرف الآخر قد مات، فما يدرى عمن وراءه هل يسددون أو لا يسددون، جاء قال: أعطوني سيارتي، نقول: لا، السلعة انتقلت من ملك المشتري إلى ملك الوارث، من ملك المشتري إلى ملك الوارث، فمقتضى هذا الحديث أنه ليس بأحق من غيره، بل يكون أسوة الغرماء، لكن إذا ضعفنا هذه الزيادات، فهل لما ذكر أثر في أصل الحكم؟
افترض أن هذه الزيادات غير موجودة، نتعامل مع الحديث الأصلي في الصحيحين، وجد ماله عند رجل قد أفلس فقال: أنا أحق، أنا دفعت بعض القيمة، فهل يقال: ادفع ما قبضت، وتكون حينئذ أحق به، أو في الجملة الثانية اشترى السيارة فمات، فجاء صاحب السيارة إلى الورثة فقال: هذه سيارتي، وأبوكم قد مات، ثم تبين أنه ليس وراءه شيء، مفلس، فأنا أحق بها من غيري، ونفترض أن هذه الزيادات غير موجودة، فوجد من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس، العاقد معه ليس موجودًا، والسلعة انتقلت من المشتري إلى ورثته، وبهذا لا يستحقها، بل يكون أسوة الغرماء؛ لأن الذمة التي التزمت أثر العقد، وهو استحقاق القيمة قد تعطلت، قد تعطلت، فمن يعمل بالمرسل، وهذا هو المعروف عند الحنفية والمالكية، يقولون: هذه الجمل معتبرة، معتبرة، فإذا وفاه شيء من قيمة السلعة لا يكون أحق بها، وكذلك إذا مات لا يكون أحق بالسلعة من غيره من الغرماء، ولا شك أن الحديث المتفق عليه نا يقتضي هذا، لكن مثل ما ذكرنا في السابق أن إعراض الشيخين، أن إعراض الشيخين عن تخريج هاتين الزيادتين تعليل لهما عند بعض النقّاد، لاسيما وأن رواة الصحيحين هم أوثق الرواة، فإذا أضربوا عن ذكرهما دليل على ضعفهما، ولو ذكرهما غيرهم.
ومنهم من يقول: الزيادة ننظر فيها بغض النظر عن وجودها في بعض الروايات أو عدم وجودها، إنما إذا كان راويها ثقة نقبلها.
واقبل زيادات الثقات منهم |
| ومن سواهم وعليه المعظم |
يعني أكثر أهل العلم على قبول الزيادات، لاسيما إذا لم تتضمن مخالفة لما هو أصح منه.
وقال: "عن عمر بن خلدة"، وبعضهم يفتح اللام خلَدة، ونقل بالوجهين: خلْدة، وخلَدة.
"قال: أتينا أبا هريرة في صاحب لنا قد أفلس" أتينا به، وهو والٍ على المدينة.
"فقال: لأقضين فيكم بقضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، «من أفلس أو مات فوجد رجل متاعه بعينه فهو أحق به»"، من أفلس أو مات، وهذه اللفظة تشهد للحديث السابق أو تخالف الحديث السابق؟
من أفلس أو مات، هناك إذا مات صار أسوة الغرماء، وهنا الفلَس والموت حكمهما واحد، فهي مخالفة للرواية السابقة.
وعلى كل حال هذا الحديث ضعيف؛ لأن عمر بن خلدة لا يعرف، مجهول.
"«من أفلس أو مات فوجد رجل متاعه بعينه فهو أحق به»، رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه، وتكلم فيه ابن المنذر وابن عبد البر، وتكلم فيه ابن المنذر وابن عبد البر" بناءً على أن فيه راويًا مجهولاً.
قال -رحمه الله-: "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما-، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: عرضت على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد وأنا ابن وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني، وعرضت يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني".
ما دخل هذا الحديث في باب الحجر؟ يعني يحجر على الصغير إلى متى؟ حتى يبلغ الحلم، يبلغ الحنث، متى يبلغ الحنث، الحلم؟ إذا بلغ خمس عشرة سنة، كما في هذا الحديث، أو أنبت كما في الحديث الذي يليه، أو أنزل كما دل على ذلك حديث «والصغير حتى يحتلم»، فهذه ثلاث علامات للبلوغ بالنسبة للذكر، وتزيد المرأة علامة رابعة، وهي الحيض، إذا بلغ ارتفع عنه وصف اليتم، فلا يتم بعد احتلام، وسلمت إليه أمواله؛ لأنه صار مكلفًا بعد اختباره، يعني لا بد أن ينضم إلى ذلك أن يكون رشيدًا في المال يحسن التصرف فيه.
"عرضت على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد" سنة ثلاث من الهجرة "وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني"، فدل على أن الخندق سنة أربع، وإن كان جمهور أهل السير على أنها سنة خمس، لكن من المجزوم به أن أحدًا سنة ثلاث، وهو ابن أربع عشرة، والخندق بعدها بسنة، إذًا الخندق سنة أربع، فأجازني، لم يجزني يعني منعني من المشاركة في الجهاد؛ لأنه غير مكلَّف، والجهاد إنما يلزم المكلفين.
"وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني" يعني قبلني مجاهدًا، وقد يكون من باب الإلزام إذا تعين عليه، ومن حرصهم أنهم يطلبون الجهاد قبل التكليف، ابن عمر وجمع من الصحابة جاؤوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يوم الخندق يطلبون المشاركة في الجهاد وهم صغار، فكانوا يتطاولون، يقفون على أصابع أرجلهم، من أجل إيش؟
أن يجازوا ويمضوا في الجهاد، وهذا من حرصهم- رضوان الله عليهم-.
"فأجازني. متفق عليه".
ففي هذا دليل على أن خمس عشرة حد فاصل بين التكليف وما قبله، "متفق عليه، زاد البيهقي والخطيب: فلم يجزني"، يعني لما كان ابن أربع عشرة يوم أحد لم يجزه، "ولم يرني بلغتُ" فدل على أن البلوغ يكون بتمام خمس عشرة سنة، "ولم يرني بلغت.
وعن عطية القرظي قال: عرضنا على النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم قريظة".
لما انتهوا من الخندق، قريظة كانوا على عهد مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، فنقضوا العهد، وانضموا إلى الأحزاب، فلما كفى الله المؤمنين القتال في الخندق، وفي الأحزاب، وأراحه -عليه الصلاة والسلام- وصحابته منهم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة»؛ لأنهم نقضوا العهد، والإشكال أنهم من الداخل، داخل المدينة، داخل الخندق، وهؤلاء ضررهم أشد مع المنافقين، فهم بهذا نقضوا العهد، فقاتلهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وحاصرهم، واستولى عليهم، وعلى حصونهم، وعلى نسائهم، وذراريهم، وأملاكهم، وحكَّم فيهم، نعم.
طالب: ..........
مَن؟
طالب: ..........
نعم.
طالب: ..........
سعد، وحكم فيهم سعدًا، فقضى سعد بأن يقتل الرجال، ويؤسر النساء، والذراري، والحد الفاصل بين الرجل والذرية الصغار البلوغ والتكليف، كيف يستدلون على البلوغ؟ في الحديث السابق دل على أن الخمسة عشرة تدل على البلوغ، بلوغ السن الخامس عشرة تمام الخامس عشرة من علامات البلوغ.
طيب هنا علامة أخرى وهي الإنبات، إنبات الشعر الخشن حول القبل الذي يسمى بالعانة، هذا أيضًا دليل على البلوغ.
"عرضنا على النبي -عليه الصلاة والسلام"- كان عطية هذا من بني قريظة، فعرض على النبي -عليه الصلاة والسلام- مع من عرض، "فكان من أنبت قتل، ومن لم ينبت خلي سبيله، فكنتُ فيمن لم ينبت، فخلي سبيلي" ثم بعد ذلك أسلم -رضي الله عنه- وأرضاه.
"رواه أحمد، وهذا لفظه، وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي وصححه، وابن حبان والحاكم وقال: على شرطهما ولم يخرجاه"، وقال: على شرطهما، يعني على شرط البخاري ومسلم، كررنا مرارًا في هذا الدرس وغيره أن مراد الحاكم بشرطهما رجالهما، رجالهما، ولا حاجة لتكرار هذه المسألة في كل مناسبة، قد كررناها مرارًا حتى مُلَّت.
قال -رحمه الله- "وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها»، وفي لفظ: «لا يجوز للمرأة، لا يجوز للمرأة أمر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها»، رواه أحمد واللفظ له، وأبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
والله أعلم.
«لا تجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها» هذا اللفظ يحتمل أن تكون العطية من مالها، وأن تكون من مال زوجها، فاللفظ محتمل، فإذا كان من مال زوجها فالحديث جارٍ على ما جاءت به الشريعة بأن لها التصرف في مالها، لكن اللفظ الثاني لا يحتمل، وإنما المراد من مالها الخاص بها، وفي لفظ: «لا يجوز للمرأة أمر في مالها» ليس في ماله، هو في مالها هي «إذا ملك زوجها عصمتها»، رواه أحمد واللفظ له، وأبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، والله أعلم.
الآن هنا هل هناك داعٍ أن يقول الحاكم: لم يخرجاه؟ الكلمة لها داعٍ في المستدرك؟ يعني تكررت مرارًا، أليس الأصل أن أحاديث المستدرك لا تخرج في الصحيحين؛ لأنه زائد على الصحيحين؟
هذا الأصل، فلا داعي لذكر قوله: ولم يخرجاه.
طيب «لا يجوز للمرأة أمر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها»، النبي -عليه الصلاة والسلام- في خطبة العيد أمر النساء بالصدقة، فجعلن يتصدقن، والحديث في الصحيحين، والحديث في الصحيحين، وهو معارِض لما في هذا الحديث، الحديث محسَّن عند أهل العلم صالح للاحتجاج، لكن هو معارَض بما في الصحيحين في خطبة العيد أنه أمر النساء بالصدقة وقال: «رأيتكن أكثر أهل النار»، قلن بِمَ يا رسول الله؟ إلى آخره، «تصدقن ولو من حليكن»، فجعلن يتصدقن من حليهن، فكيف نوفق بين حديث الباب «لا يجوز للمرأة أمر في مالها» أمر نكرة في سياق النفي فتعم القليل والكثير، «إذا ملك زوجها عصمتها»، فإما أن نقول: إن ما جاء في الصحيحين بالصدقة بالشيء اليسير يتصدقن في القروط، في الفتخ، وما أشبه ذلك، أشياء قليلة، يعني امرأة عندها مال تتصدق منه بمائة أو مائتين أو ألف مثلاً، هل هي مثل ما لو عندها بيت بمليون وأوقفته تكون لدار مثلاً لتحفيظ القرآن أو لابن السبيل أو للأيتام، وما أشبه ذلك؟
هل نقول: إن ما جاء في خطبة العيد يحمل على القليل، وهذا محمول على الكثير؛ لأن الغالب في النساء عدم الصحة في التصرف، وهذا الكلام وإن كان يعارَض وبقوة وبشدة في وقتنا الحاضر، لكن ما جاء عن الله وعن رسوله هو المعتبَر، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، ما لأحد كلام عن كلام رسول الله، ولولا أن الحديث الصحيح في الصحيحين وغيرهما أنهن تصدقن من غير إذن أزواجهن لشمل هذا الحديث القليل والكثير.
منهم من يقول: إن هذا لا يجوز، ليس معناه المنع الجازم والتحريم الأكيد، وإنما هو محمول على حسن العشرة، على حسن العشرة، فلا ينبغي للمرأة أن تتصدق إلا أن تستأذن زوجها من باب المعاشرة بالمعروف وإلا فالنصوص دلت على أنها تملك، ولها أن تبيع وتشتري وتتصدق وتهدي ما شاءت، وهذا الحديث محمول على المعاشرة بالمعروف.
طالب: ..........
نعم.
طالب: .........
هي تتصدق لا شك، تصدقت بحضرته -عليه الصلاة والسلام-، ولم تستأذن الزوج، وهذا في الصحيحين من حديث صلاة العيد، هذا حسن قابل للاحتجاج، ولذلك سعى أهل العلم في..
"