بلوغ المرام - كتاب البيوع (14)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى-:
باب: العارية
عن سمرة بن جندب -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((على اليد ما أخذت حتى تؤديه)) رواه أحمد والأربعة، وصححه الحاكم.
وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أدِ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك)) رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وصححه الحاكم، واستنكره أبو حاتم الرازي.
وعن يعلى بن أمية -رضي الله تعالى عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعاً)) قلت: يا رسول الله أعارية مضمونة أو عارية مؤداة؟ قال: ((بل عارية مؤداة)) رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان.
وعن صفوان بن أمية -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استعار منه دروعاً يوم حنين فقال: أغصب يا محمد؟ قال: ((بل عارية مضمونة)) رواه أبو داود والنسائي، وصححه الحاكم، وأخرج له شاهداً ضعيفاً عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: العارية
العارية بتشديد الياء، وقد تخفف فيقال: عارية، وقد تحذف الياء، وهي مأخوذة من عار الفرس إذا ذهب؛ لأن المادة التي تعار تذهب من صاحبها، ومنهم من يقول: إن أصلها مأخوذة من عرو هذه السلعة من القيمة والثمن، يعني من عروها وخلوها عن المقابل، المقابل يعني من متاع الدنيا وحطامها وإلا فأجرها عظيم، وأوجب بعضهم بذل ما لا يضر بذله لمن يطلبه، فقد جاء ذم من يمنع الماعون {الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [(6-7) سورة الماعون] فإذا جاء المسلم يطلب من أخيه شيئاً يحتاجه بحيث لا يضره دفعه إليه لا يجوز له أن يمنع؛ لأنه جاء ذمه، ومنهم من يقول: إن هذا يدل على الاستحباب لا على اللزوم والتأثيم، ولا شك أن هذه الأمور ينبغي أن تسود بين المسلمين، وتنتشر بين المسلمين، فيتعاونون على ما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم، امتثالاً لقوله -جل وعلا-: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} [(2) سورة المائدة] فمثل هذا التعاون مطلوب، كما جاء في الأمور التي ينتفع بها المسلم ولا يتضرر بها من يبذلها له كالحجامة مثلاً، جاء في الحديث الصحيح: ((كسب الحجام خبيث)) مع أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أحتجم، وأعطى الحجام، أعطاه كسباً، فالخبث هنا من أجل أن تسود هذه المنافع بين الناس من غير مقابل، فينتفع الناس بعضهم ببعض من غير أن يتشاحوا في مثل هذه الأمور، ويتحاسبوا على هذه الدقائق، فتبنى أمورهم على المسامحة، فتسود بينهم المودة والمحبة، التي هي من الأسباب التي يدخل بها الناس الجنة ((لا تدخلوا الجنة حتى تحابوا)) ومن أسبابها بذل المعروف من عارية وشبهها، عرفوها في الاصطلاح بأنها إباحة المنفعة دون ملك العين، جاء ليستعير منك كتاباً، يستعير منك إناء ماعون، يستعير منك كأس، يستعير منك كذا، تبذل له، تبيح له الانتفاع بهذه المادة دون ملك عينها.
قال -رحمه الله-: "عن سمرة بن جندب -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((على اليد ما أخذت حتى تؤديها)) رواه الإمام أحمد والأربعة، وصححه الحاكم" هذا الحديث المخرج في المسند والسنن، وصححه الحاكم في مستدركه، وتصحيحه من تساهله -رحمه الله-، وقد عُرف بذلك وإلا فهو من رواية الحسن عن سمرة، وقد اختلف أهل العلم فيما يرويه الحسن عن سمرة، هل له حكم الاتصال أو أن الحسن لم يسمع من سمرة مطلقاً؟ يعني هل سمع منه مطلقاً أو لم يسمع منه مطلقاً؟ أو سمع منه حديث العقيقة دون غيره؟ على كل حال سماعه لحديث العقيقة مؤكد، في صحيح البخاري عن حبيب بن الشهيد قال لي محمد بن سيرين: سل الحسن ممن سمع حديث العقيقة؟ فقال: من سمرة، هذا في البخاري، فسماعه لحديث العقيقة لا إشكال فيه، ومن أهل العلم من ينفي السماع مطلقاً سماع الحسن، ويقول: إن هذا السماع مثل قول الحسن: حدثنا أبو هريرة، وهو لم يسمع منه، وإنما حدث أهل المدينة وهو فيها، ومنهم من يقول: الحسن إمام من أئمة المسلمين، وثقة من ثقاتهم، وثبت أنه سمع حديث العقيقة، فما المانع من سماعه غيره من الأحاديث؟ فيثبت سماع الحسن من سمرة مطلقاً، وإثبات سماع الحسن من سمرة، وهو قول علي بن المديني والبخاري والترمذي، والنفي مطلقاً هو قول يحيى بن سعيد القطان ويحيى بن معين وابن حبان، واختار النسائي وابن عساكر وجمع من أهل العلم أنه لا يثبت سماعه من سمرة إلا في حديث العقيقة الذي أورده البخاري -رحمه الله تعالى-، أورد قصته، في مثل هذه الحالة إذا ثبت السماع ثبت من باب أولى اللقاء، ثبت اللقاء، فالحسن لقي سمرة فإذا روى عمن لقيه، إذا روى الراوي عمن لقيه بصيغة صرح فيها بالتحديث هذا ما فيه إشكال؛ لأنه إن كان قد سمع منه فهو الأصل، وإن لم يسمع منه فهو كاذب، والمسألة مفترضة في ثقة كالحسن، يعني إذا صرح بالتحديث فلا إشكال، لكن إذا روى عمن سمعه، يعني سمع منه أحاديث أو حديث ثم روى عنه بالعنعنة كما هنا، يعني الحسن عن سمرة، فهل يحمل على الإتصال أو لا يحمل على الاتصال؟ ينظر في الراوي إن كان موصوفاً بالتدليس فلا حتى يصرح، وإن برئ من وصمة التدليس قبلت عنعنته، والحسن مدلس، بل شديد التدليس، فلا يقبل مثل هذا إلا إذا صرح، فقد عنعن هنا، فالمرجح عند أهل الصناعة تضعيف هذا الخبر؛ لأنه من رواية الحسن عن سمرة ولم يصرح بالتحديث، والجمهور على أنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة.
((على اليد ما أخذت)) التنصيص على اليد بناء على أن الأخذ والإعطاء بها، إنما يكون باليد، لو قُدر أن أقطع اليدين أخذ شيئاً إما عارية أو غير عارية مما يجب رده، غصب أو سرقة وما أشبه ذلك، هو أقطع ليست له يد، بل ليس له يدان، عليه أن يرد أو ليس عليه أن يرد؟ والتنصيص على اليد لأنها هي الأصل في الأخذ والإعطاء، على اليد ما أخذت على أي وجه كان، سواء كانت عارية أو سرقة أو غصب أو ما أشبه ذلك، عليه أن يرد.
((حتى تؤديه)) الحديث وإن كان من حيث الصناعة ضعيف إلا أن معناه صحيح أو ليس بصحيح؟ معناه صحيح، كل من أخذ شيئاً لغيره عليه أن يعيده، سواء كان لشخص أو لجهة، أخذ من متاع المسجد، عليه أن يعيده، يجب عليه أن يرده، أخذ من متاع المدرسة عليه أن يرد، أخذ من متاع شخص، أو أياً كان عليه أن يؤدي، عليه أن يرد وإلا صار سارقاً خائناً ضالاً، ((من استأمناه على شيء فليأتنا بقليله وكثيره)) بعض الناس يتسامح فيما يتعلق ببيت المال، تجده في العمل يتساهل في أخذ قلم، جايب للمدرسة كراتين أقلام، أو كراتين دفاتر، أو ما أشبه ذلك، يقول: ما يضرهم، أنا با استعمله للعمل، نقول: لا يا أخي، لا تأخذ شيء، أنا أحتاج هذه الورقة أكتب بعض ما أحتاجه فيها من أموري الخاصة، نقول: لا ولا ورقة، أحتاج مكالمة! ولا مكالمة؛ لأن المكالمة بفلوس يقول: يا أخي فلوس من جهة لجهة ما راحت بعيد، أنا ما علي إلا كلام وش نسوي؟ كلمت فلوس أخذت من وزارة التعليم إلى المواصلات، ويش صار؟ ما راحت بعيد، أنا ما أخذت لجيبي شيء، نقول: لا يا أخي، لا سيما المكالمات التي أجورها لها وقع، أما شيء يضطر إليه الإنسان، نسي شيئاً فأراد أن يكلم أهله، أو أراد أن يتأكد من شيء في المكالمات التي لا يؤبه لها، يسيرة الثمن فهذه بقدر الحاجة إليها، وتعارف الناس على التسامح فيها، على أن يكون عن علم من قبل المسئول والجهة، فالتسامح في القليل يجر إلى التسامح في الكثير، التسامح في الشيء اليسير، يجر، بعض الموظفين في المستشفيات يومياً ما يطلع إلا وهو محمل جيبه ببعض الأدوية، وبعض الأمور التي يحتاج إليها في الجراحات ونحوها من شاش وشبه، في أمور أنت عودت نفسك على هذا الأمر، هذه لن تدفع عنك شيء، يعني افترض أن قيمته عشرة أو عشرون ريال وبعدين؟ قد تبتلى باستعمالها، يكون أخذك لها سبباً لاستعمالها تعاقب بسببها، فتضطر إلى استعمالها، ولو تركتها يمكن يعافيك الله بدونها، على كل حال الورع هو الأصل، والذي يتسامح في الشيء اليسير يجره هذا إلى الشيء الذي فوقه، فعلى الإنسان أن يحتاط لنفسه، الحديث أدخله المؤلف -رحمه الله تعالى- في باب العارية باعتبار أن دخول العارية في هذا الحديث دخول ظاهر، وعلى أساس أنها مضمونة، حتى تؤديها، والخلاف في ضمان العارية في الأحاديث الذي يليه والذي بعده.
يقول في الحديث الذي يليه:
"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أدِ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك))" هذا الحديث يدخل فيه العارية السابقة؛ لأنها أمانة في يد المستعير، وهو مؤتمن عليها، ولولا أنه أمين ومحل للثقة لما أعير، ويدخل في ذلك أيضاً الوديعة ونحوهما، وأداء الأمانات واجب، {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [(58) سورة النساء] وفي الحديث: ((أدِ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك)) يعني ولو كان هذا الشخص سبق أن خانك، أعرته فجحد، أودعته فجحد، ثم أودعك مقتضى الحديث أن تؤدي أمانته إليه، والخيانة من خصال المنافين.
((أدِ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك)) رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وصححه الحاكم، واستنكره أبو حاتم الرازي" وفي العلل لأبنه قال: هو حديث منكر، وهذا الحديث يستدل به من يرى منع أخذ الحق خفية، وهي ما يعرف بمسألة الظفر، أخذ الحق خفية، يكون لك مبلغ من المال عند شخص وليس لديك بينة تثبت هذا الحق، أقرضته ألف ريال، وما عندكم أحد، وثقت بالرجل، وقال: إلى أن يأتي الراتب تقرضني ألف ريال أنا محتاج، ثم بعد ذلك جاء الراتب قال: والله ما عندي له شيء، إن كان عندك بينة وإن كنت تبيني أحلف حلفت، ومستعد يحلف، ثم ظفر له بما يعادل الألف أو أكثر أو أقل، هل يأخذ أو لا يأخذ؟ زاره فوجد في المجلس شيء إذا أخذه لا يشعر به، وهو يعادل الألف أو أقل أو أكثر، إذا كان يعادل الألف وأخذه ولا يشعر به، قال جمع من أهل العلم: يجوز له ذلك، ومنعه آخرون استدلالاً بالحديث؛ لأن هذه خيانة، وقال بعضهم: إن كان الحق مما يمكن إقامة الدعوى عليه فلا، وإذا كان لا يمكن إقامة الدعوى عليه كالواجبات من النفقات ونحوها فلا بأس، استدلالاً بقصة هند امرأة أبي سفيان لما جاءت النبي -عليه الصلاة والسلام- وهي في الصحيح، قالت: إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي ولدي، فقال: ((خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف)) فأذن لها أن تأخذ، استدل بهذه القصة من يقول: بجواز الأخذ مطلقاً، واستدل بها من يفرق بين ما يمكن إقامة الدعوى والبينة عليه وبين ما لا يمكن، وأما الذي يمنع مطلقاً فعمدته هذا الحديث ((أدِ الأمانة إلى ائتمنك، ولا تخن من خانك)) تؤدي الذي عليك وتسأل الله -جل وعلا- الذي لك، لو افترضنا أن شخصاً له في عمله مبالغ مستحقة، له خارج دوامه، عند العمل وما جاءت، ضاعت عليه، ثم تهيأ له فرصة أن يثبت اسمه إما خطأ أو عن تساهل بعض المسئولين يُثبت اسمه في انتداب مثلاً، وهو ما راح، فقال: فرصة، أنا لي خارج دوام ثلاثة آلاف، وهذا الانتداب يعادل خارج الدوام، ويش اللي يمنع أني آخذه؟ يأخذ أو لا يأخذ؟ الآن هذا المبلغ المستحق الذي في المسير مشروط بذهابك إلى الجهة التي انتدبت إليها، شرط، يعني فيه انتداب من دون سفر، يتصور انتداب إلى جهة من الجهات وأنت ما تسافر؟ الانتداب من مقتضياته ومن متطلباته السفر، فهل له أن يأخذ مقابل ما يستحقه لدى هذه الجهة من خارج الدوام؟ على الخلاف، من يقول: بجواز مثل هذه الصورة في مسألة الظفر يقول: يأخذ، العبرة في المقابل أنا مستحق لهذا المبلغ بغض النظر عن سببه، ومنهم من يمنع مسألة الظفر مطلقاً يمنع مثل هذه الصورة، يقول: أنا أدرج اسمي بشرط أنا أسافر ولا سافرت، لا شك أن الورع ألا يأخذ، لكن كونه يأخذ بناء على القول الثاني، وحديث هند كالصريح في الجواز، لا سيما في مثل هذه الصورة الأمر فيها أوسع، فيأخذ، لكن إذا علم المسئول وقال: أنا والله يمكن ما أسافر أو ما سافرت؛ لأنه افترض أن المسألة انتهت، جاء الانتداب بعد ما انتهى الانتداب، قال: أنا والله ما رحت، لكن أنا لي عندكم فلوس مقابل خارج الدوام العام الماضي ولا جاءت، كونه يتفق مع المسئول ومع المدير هذا ما فيه إشكال، لكن كونه يأخذ ويسكت هذا محل الخلاف، يعني ظفر بماله الذي يستحقه، لكن مثل هذه الصورة عند من يفرق بين ما يمكن إقامة الدعوى عليه وما لا يمكن، لا يجيز مثل هذه الصورة، لأنه يستطيع إقامة الدعوى.
فالمسألة فيها أقوال: الجواز مطلقاً، المنع مطلقاً، التفريق بين ما يمكن إقامة الدعوى عليه وما لا يمكن، وابن حزم يوجب الأخذ، يعني عند زيد من الناس لك ألف ريال يجب عليك أن تأخذ من ماله بأي وسيلة، وبأي طريقة هذا الألف، يجب وجوب يعني تأثم إذا ما أخذت، ولا يبرئك من الإثم إلا أن تحلله، تعفيه من هذا المبلغ؛ لأن الرجل الذي في ذمته هذا المبلغ آثم، وأنت تقره على الإثم، وتتعاون معه على الإثم والعدوان إذا ما أخذت، إلا أن تبرئه من الإثم، تحلله هذا شيء ثاني، هذا الأمر إليك، يعني فقه غريب وإلا ما هو بغريب؟ يقول ابن حزم: إذا كان لك مبلغ عند شخص أو جهة أو أي كان، يعني افترض أن لك مبلغ عند بيت المال مثلاً، ثم تيسر لك أن تأخذ من بيت المال بقدر هذا المبلغ يجب عليك تأخذ، عند زيد من الناس وتيسر لك أن تأخذ مقابله بأي وسيلة كانت، استعير منه، وإلا تحايل عليه، وإلا ادخل مكتبته وخذ، ما عليك، المهم أنه يبرأ من عهدة هذا المبلغ، لكن إذا أخذ من غير علمه هل يبرأ وإلا ما يبرأ؟ أقرضته ألف ريال وقلت له: هات الألف قال: ما عندي لك شيء، جحد المبلغ، ثم تحايلت وأخذت من ماله من غير علمه يأثم وإلا ما يأثم؟ هو آثم بالجحود ولو أخذت، فالمسألة ما أنحلت، ما أنحلت الآن، أصل تصور المسألة عند ابن حزم -رحمه الله- وإن كان له حظ من النظر لكن يبقى أنه في مسألة الجحود لا يبرأ، إذا نزل اسم شخص في مسير خارج دوامه، أو..، خلونا في خارج الدوام، لمدة شهر الاثنين يعملان في جهة بين صلاتي المغرب والعشاء، فقال واحد منهم: أنا بأجيء أسبوعين بين المغرب والعشاء وساعة بعد العشاء، وأنت كذلك بعدي، نتناوب، لماذا نتردد شهر كامل؟ وقل مثل هذا في الانتداب وشبهه بحيث لا يتضرر العمل، في مثل هذه الصورة لا بد من رضا المرجع، أن يرضى المرجع؛ لأنه قد يتأثر العمل وهو لا يشعر؛ لأن عمل زيد لا يطابق عمل عبيد من كل وجه، لا بد من وجود الاختلاف.
من معه طبعة الحلاق في سبل السلام؟
طالب:.......
نعم؟ معك؟
يقول في كلام ابن حزم: فإن استحلف حلف، يحلف أنه ما أخذ شيء، في كلام ابن حزم يقول: يأخذ خفية وإن استحلف حلف، وهو مأجور في ذلك، قال..، من أبو سليمان هذا؟
طالب:.......
الحاشية إيه.
طالب:.......
يشير إليها الخطابي، ارجع إلى معالم السنن له، هذا الكلام ليس بصحيح، فالخطابي ليس له أصحاب، وأصحابه هم أصحاب الإمام الشافعي، وهو واحد من الشافعية، والمراد بأبي سليمان داود بن علي الأصفهاني إمام الظاهرية، أطال ابن حزم في تقرير هذه المسألة لكن -عفا الله عنا وعنه- والصنعاني كأنه مال إلى قوله، ونقل كلامه الطويل، ثم قال: ويؤيد ما ذهب إليه حديث: ((انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)) فإن الأمر ظاهر بالإيجاب، ونصر الظالم بإخراجه عن الظلم وذلك بأخذ ما في يده لغير ظلماً، على كل حال المسألة كما سمعتم الخلاف فيها لأهل العلم، وأما إيجاب الأخ والمال له إن شاء أخذه وإن شاء لم يأخذ فكيف يؤثم إذا لم يؤخذ؟ وكيف يحلف إذا استحلف؟ المسألة فيها نظر، يعني كونه يستحلف أنه ما أخذ شيء من مال هذا، ثم يحلف! وماذا لو وقف على الحقيقة فيما بعد بمحضر من الزملاء؟ عنده له ألف ريال مثلاً، قال: إلى الراتب وأعطيك إياه، ثم بعد ذلك زاره وجلس في مكتبته وأخذ كتاب قيمته ألف وهو لا يشعر، والزملاء كلهم يعرفون أن هذه نسخة فلان، وهذا خط فلان، وهذا تعليق فلان، ثم استحلف أنه أخذ فقال: والله ما أخذت، ويطلع عليه الجمع، لا شك أن مثل هذا يعرض الآخذ للتهمة، ولو قال بعد ذلك: إني أطلبه ألف ريال، أو عنده لي ألف ريال، ما يصدق، فكلام ابن حزم لا يسلم منه نظر، لا سيما مجازفته بأنه يحلف لو استحلف، وإيجابه وتأثيمه فيما لو لم يأخذ.
بعد هذا يقول: "عن يعلى بن أمية -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعاً)) قلت: يا رسول الله أعارية مضمونة أو عارية مؤداة؟ قال: ((بل عارية مؤداة))" هذا الحديث له طرق صحح بمجموعها، يقول: "رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان" ((إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعاً)) من الدروع التي تقي السهام، قلت: يا رسول الله أعارية مضمونة أو عارية مؤداة؟ يعني هي في الحالين عارية، فهل يختلف حكم العارية أحياناً تكون مضمونة وأحياناً تكون مؤداة؟ لأنه قال في هذا الحديث: ((بل عارية مؤداة)) هو سماها عارية سواء كانت مضمونة أو مؤداة، وهو عربي، وكان الجواب في هذا الحديث: ((بل عارية مؤداة)) وفي الحديث الذي يليه: ((بل عارية مضمونة)) الفرق بينهما، الفرق بين العارية المضمونة والعارية المؤداة؟ ما الفرق بينهما؟ إذا تلفت تضمن بمثلها أو بقيمتها؟ الضمان بالمثل أو بالقيمة؟ أو يفرق بين المثلي والقيمي؟ فالمكيل والموزون مثلي، وبعضهم يلحق به المعدود والمذروع الذي يمكن ضبطه، يضمن بمثله، وما لا يضمن بقيمته، هذا في حالة الضمان، أعارية مضمونة؟ وقال في الحديث الثاني: ((بل عارية مضمونة)) بمعنى أنها لو تلفت تضمن، وهي قّيمية وليست مثلية، تضمن بقيمتها، الجملة الثانية: عارية مؤداة، كيف اختلف جوابه -عليه الصلاة والسلام-؟ قال في الأول: ((بل عارية مؤداة)) وقال في الثاني: ((بل عارية مضمونة))؟ في الحديث الثاني: "عن صفوان بن أمية -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استعار منه دروعاً يوم حنين، فقال: أغصب يا محمد؟ قال: ((بل عارية مضمونة)) رواه أبو داود وأحمد والنسائي، وصححه الحاكم" وأخرج له شاهداً ضعيفاً عن ابن عباس فهو كسابقه.
مفرداته لا تخلو من مقال، لكن بمجموع طرقه يثبت، أجاب الأول بقوله: ((بل عارية مؤداة)) والثاني: ((بل عارية مضمونة)) هل نقول: إن الأحوال تختلف بمعنى أنه إذا استعار وغلب على الظن التلف تكون مضمونة، وإذا استعار وغلب على الظن السلامة تكون مؤداة؟ يمكن أن يقال بهذا؟ وإلا اختلاف الجوابين لا شك أنه لا بد له من جواب، عارية مضمونة أو عارية مؤداة؟ قال: ((بل عارية مؤداة)) يعني الآن لو جاء شخص يستعير منك كتاب، وقال لك: هذا الكتاب أنا أحتاجه، وقلت له: ترجعه؟ قال: أرجعه، والثاني قلت له: ترجع الكتاب؟ قال: والله أرجع قيمته احتمال يضيع احتمال يتلف، أنا أضمنه لك، وليس مؤدى؛ لأن هذاك الأول يغلب على ظنه أنه يحفظه في دار غالبها السلامة، والثاني احتمال يتلف، واحتمال يتأثر برطوبة أو مطر أو شيء أو يسرق، قال: عارية مضمونة، فهل نقول: إن اختلاف الأحوال والظروف يختلف معها الجواب؟ فإذا كان يغلب على ظن المستعير أن الكتاب محفوظ، وليس عنده ما يعرضه للتلف يقول: عارية مؤداة؟ والثاني إذا كان بحيث احتمال أن يسلم فيؤدى واحتمال أن يتلف فيضمن، نقول: اختلاف الأجوبة، الآن الجواب مختلف أو متفق؟ مختلف، الأول قال: ((عارية مؤداة)) والثاني قال: ((عارية مضمونة)) فلعله في الغزوة الأولى التي احتيج فيها إلى الدروع يغلب على الظن سلامة هذه الدروع، وفي الغزوة الثانية وهي حنين، حنين معروف أنها يوم شدة، وحصل فيها ما حصل، ويواجهون عدو كثير العدد، كثير العُدد، فيغلب على الظن أنها لا تسلم، أو بعضها لا يسلم، فتكون حينئذٍ مضمونة، الآن بالتصوير بالكتاب، تصوير المسألة بالكتاب واضح وإلا مو واضح؟ يعني شخص عنده مكتبة محكمة، وكتبه في مكتبته، ويحرص على الكتب، ومعلوم الناس يتفاوتون، بعض الناس ينبغي أن لا يعار، تعيره الكتب فتأتي تالفة ولو في يوم واحد، بعض الناس استعماله للكتب سيء، وبعضهم يعرضها للرطوبة، وبعضهم يعرضها للشمس، وبعضهم إذا أعرته الكتب وهو طالب علم لا تستطيع تخليص هذه الكتب قد لصق بعضها في بعض، تركها في مكان ما هو مناسب، وهذا حاصل، وبعض الناس يجيب لك الكتاب كما هو إن لم تتغير صفته إلى أحسن؛ لأن بعض الناس يستعير الكتاب ثم يلاحظ عليه ضعف في تجليده أو كذا، ثم يذهب إلى مُجلِد ويقول: رمم الكتاب، هذا أفضل ذا، فالناس يتفاوتون، فإن كان من النوع الذي يجزم بأنه يعيد الكتاب كما هو يقول: عارية مؤداة، وهذا الأصل في العارية؛ لأنها ما...... يجب أداؤه، والجواب الثاني ينزل على حالة يغلب على الظن أنها لا تبقى بل تتعرض للتلف، وحينئذٍ تكون مضمونة.
مسألة ضمان العارية هل العارية في حكم القرض أو في حكم الأمانة والوديعة؟ إيش معنى هذا؟ معناه أنه إذا أعارك الكتاب ثم تلف بغير تعدٍ ولا تفريط تضمن وإلا ما تضمن؟ يعني الأمانة حينما قيل: لا تضمن من المستفيد منها؟ المستفيد صاحبها، الأمانة أنا أريد سفر مثلاً، وعندي أموال أخشى عليها، أضعها عندك أنت مستفيد؟ لست بمستفيد المستفيد صاحبها، ولذلك لو تلفت من غير تعدٍ ولا تفريط قواعد الشرع تقتضي أنك ما تضمن يا أخي أنت ما أنت مستفيد، لكن لما تأتي تقترض مني مال ويتلف هذا المال من غير تعدٍ ولا تفريط تضمن وإلا ما تضمن؟ تضمن، وقل مثل هذا في العارية أنت مستفيد، ما هو بأنا المستفيد، لو جيتك وقلت: والله با أسافر وهذا الكتاب أخاف عليه خله عندك ما تضمن، بخلاف لو جيت أنت تطلب الكتاب لتستفيد منه، ويختلفون في ضمانة العارية، وهل تلحق بالقرض فيضمن أو تلحق بالأمانات والودائع فلا تضمن؟ لكن الأقيس أن إلحاقها بالقرض، الآن لو الودائع في البنوك مثلاً، أنت تجعل راتبك في البنك أنت مستفيد أنها ما تتعرض للتلف، فهي في الأصل وديعة عندهم، لكن لو كانت وديعة بالفعل بالمعنى الشرعي للوديعة التي لا تضمن لكانت هي بعينها باقية، أعطيتهم الراتب ربطوه بحبل وكتبوا عليه اسمك ووضعوه في البنك، في هذه الحالة ما يضمنون إذا لم يفرطوا في حفظه، لكن أعطيتهم المبلغ وتصرفوا فيه وباعوا وشروا، ووصل أقصى الدنيا شرقاً وغرباً، هذا لا، استفادوا منه، فالخراج بالضمان، شوف لما كان القرض، القرض المستفيد المقترض ضمن، والأمانات والودائع المستفيد صاحب الأمانة الأصلي لا الأمين، ولا المودع، وحينئذٍ لا يضمن، ما يجتمع عليه أنك تضيق عليه بكتابك، وتخليه يحفظه ويحرسه لك ثم بعد ذلك يضمنه، قواعد الشريعة لا تأتي بمثل هذا، فالذي يظهر من حيث الجملة أن العارية مضمونة، وإلا كان الناس يعيشون على أمتعة غيرهم، كل يوم يأخذ له حاجة من واحد وتتلف وتضيع، إذا كان تلفها أو تلف جزء منها أو شيء منها من مقتضيات الإعارة، شريت إناء جديد، وقال: والله إحنا نحتاج هذا الإناء نطبخ فيه طعامنا اليوم، فقلت: تفضل، وطبخ الغداء طبخ عادي، يعني ما رفع عليه الغاز حتى تخرق وتلف وتأثر، لا طبخ عادي مثل ما يطبخ الناس، ثم جاء به إليك مغسول ونظيف هل لك أن تقول: والله تعطيني أرش؛ لأني أنا اشتريته بخمسين والآن ما يجيب ولا أربعين، تدفع لي العشرة، أنت الآن لماذا أعرته؟ يعني التلف الذي حصل له والنقص الذي حصل له من مقتضيات الإعارة، لكن لو استعار منك كتاب اشتريته بمائة ريال، ثم جابوه لك ما يسوى عشرة، متنثر، متقطع، مثل هذا يضمن، لكن لو كان استعماله بقدر ما استعير له؛ لأنه أباح له الانتفاع به، ومن مقتضيات هذه الإباحة أن تنقص قيمته، لكن ما تنقص قيمته نقص ظاهر.
في الحديث حديث صفوان من خلال السياق، حديث يعلى بن أمية -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعاً)) قلت: يا رسول الله أعارية مضمونة...؟ إلى آخر الحديث، السياق يدل على أن يعلى مسلم أو غير مسلم؟ مسلم، قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أتتك رسلي فأعطهم)) قلت: يا رسول الله... إلى آخره، السياق يدل على أنه مسلم.
عن صفوان بن أمية -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- استعار منه دروعاً يوم حنين فقال: أغصب يا محمد؟ قال: ((لا بل عارية مضمونة)) مسلم أو غير مسلم؟ ليس بمسلم، قبل أن يسلم، أسلم فيما بعد، وهل الوصف بالإسلام وعدمه له أثر في الحكم من حيث الضمان وغيره؟ هل نقول: ضمن لصفوان لأنه كافر ولم يضمن ليعلى لأنه مسلم؟ فيه فرق؟
طالب:.......
يعني عارية مؤداة أنت مسلم إن سلمت أديناها لك وإن ما سلمت راحت علينا وعليك، أنت مسلم، يعني هل لوصفه بكونه مسلم والثاني كافر مضمونه ما يستفيد من جهات، بل تضمن له كما هي، هل الاحتمال الأول الذي أبديناه غلبت السلامة وغلبت الهلاك، فقلنا: إذا غلبت السلامة تضمن التأدية، وإذا غلب الهلاك تضمن القيمة، تضمن بقيمتها، الاحتمال الثاني أن نقول: يعلى مسلم وصفوان كافر، والمسلم يستفيد من الجهاد التي تستعمل له هذه الدروع، فيكون له نصيبه، هذه مساهمته في هذا الجهاد، جاهد بماله، فإذا تلف منها شيء لن يعدم الأجر من الله -جل وعلا-، وأما الثاني باعتباره كافر تضمن له لأنه لا يستفيد منها في استعمالها في الجهاد، احتمال هذا.
طالب:.......
نحن أمام نصين فيهما اختلاف ظاهر، لا بد من التوجيه، فإما أن نوجه بالاحتمال الأول، أو نوجه بالاحتمال الثاني، والاحتمال الأول ظاهر، والاحتمال الثاني ظاهر، وعلى كل حال اجتماع الأمرين قوة.
الأمر الثاني: الاستعانة بالكافر في الجهاد، النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت عنه أنه قال: ((أنا لا أستعين بمشرك)) وهنا استعانة به، بالدروع، نعم؟
طالب:.......
يعني لا يستعان ببدنه الذي يخشى منه الخيانة في وقت الحاجة، وأما الدروع كونها لمسلم أو مشرك في فرق؟
طالب:.......
لا لأن الذي يستعملها مسلم، فمثل هذا لا يرد عليه ما جاء في الحديث الآخر.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
طالب: السلام عليكم
وعليكم السلام ورحمة الله.
طالب: صلاة النافلة على الراحلة.....
لا بما يستطيع، بما يقرب من الحقيقة.
طالب:.......
قد لا يستطيع أكثر من هذا، لكن إذا كان يستطيع الركوع وكذا، وسجوده أخفض منه، ولا يتأثر بحيث لا يقع في حفرة أو يصدم له شيء هذا الأصل.
طالب: .... الانتعال واقفاً هل فيه حديث صحيح؟
إيه خبر صحيح.
طالب: يعم كل شيء...
هو محمول عند الجمهور على الكراهة، والأمر الثاني فيمن يتضرر به، يعني يخشى أنه يسقط وإلا شيء، يعني الكراهة تزول بالحاجة.
طالب: أحسن الله إليك.
طالب:.......
والله ما أرى فيها شيئاً.
طالب:.......
لا، لا، كيف يرشيه؟ اللي عليه الدور؟
طالب:.......
اللي عليه الدور بيدفع زيادة ماله؟
طالب:.......
لا هذا الربا، يصير ربا.
طالب:.......
ما يخالف لكن ما يصير في مقابل، الآن المستحق له خصم كالتأمين، هذا الرجل أمن وخصم كالتأمين.
طالب:.......
هذه حوالة ما لها علاقة...
"قلنا: إن ابن حجر -رحمه الله- قال: إن البخاري لم يسق لفظه، والحقيقة والواقع أنه ساق لفظه -رحمه الله تعالى-.
يقول: ما معنى هذا؟
معنى هذا أن البخاري ذكر القصة ولم يسق اللفظ الذي يراد منه استنباط الحكم المناسب للباب.
وهل لكم أن تعطونا نبذة عن كتاب البخاري؟
كتاب البخاري تكلمنا فيه كثيراً، وتكلم فيه غيرنا، وصنفت المصنفات في بيان منهجه ومنزلته في الدين، وأنه أصح كتاب بعد كتاب الله -جل وعلا-، والكلام فيه يطول.
على كل إذا وجد شاة ضالة عن صاحبها وغلب على ظنه أنها تتعرض للذئب فيأكلها فلا يستفيد منها أحد، حينئذٍ هي له أو لأخيه أو للذئب، هذا إذا غلب على ظنه أنها تفوت على صاحبها أو على غيره ممن يستفيدون منها، جاء في الحديث الصحيح: ((هي لك أو لأخيك أو للذئب)) لكن إذا غلب على ظنه أن صاحبها قريب منها، أو أنها لا تتعرض لسباع ونحوها ويجدها صاحبها فمثل هذا لا يتعرض لها.
على كل حال الذي لا يريد السلعة التي يشتريها إنما يريد قيمتها ليتزوج بها، أو يشتري بها سيارة فالتورق عند جمهور أهل العلم جائز، ما فيه إشكال، إذا اكتملت شروطه، وصار على الوضع الشرعي، بأن يكون صاحب السلعة مالكاً لها ملكاً تاماً مستقراً، ثم يأتيه مريد المال فيبيع عليه هذه السلعة، زيد يملك سيارة قيمتها خمسون ألفاً، ثم يأتي عمرو محتاج لخمسين ألف، فيقول: بعني هذه السيارة بستين ألف لمدة سنة كل شهر خمسة آلاف مثلاً، ويتفقان على ذلك، وزيد يملك السيارة، ثم بعد ذلك يتفقان على المبلغ، ويقبض عمرو السيارة، ويبيعها على طرف ثالث، مسألة التورق لا شيء فيها عند الجمهور، وهي تحل الكثير من الإشكالات، فالمرجح جوازها، لكن يتأكد من أن البائع الأول مالك للسلعة، ثم بعد ذلك يبرم العقد، ولا يلزم الطرف الثاني بأي شيء قبل الإيجاب والقبول، وقبل قبض السلعة، ثم بعد ذلك يقبضها قبضاً شرعياً معتبراً، ثم يبيعها على طرف ثالث، وحينئذٍ تكون الصورة صحيحة، وتكون السلعة مما يقبض، ليست من الحيل التي يتحايل بها على تحليل ما حرم الله -جل وعلا-، أحياناً يقول لك: السلعة حديد في اليابان، أو أخشاب في البرازيل، أو كذا أو كذا، كل هذه حيل، الذي يظهر أنها ليس لها حقائق، فمثل هذه المسألة مسألة التورق والخلاف فيها معلوم، وفيها ضعف من حيث النظر، إلا أن الحاجة داعية إليها تزداد ضعفاً بهذا التوسع الموجود في الأسواق، فلا أخشاب في اليابان، ولا أسهم ولا شيء، تأخذ سلعة تقبضها أنت، تحوزها إلى رحلك، ثم تبيعها على نظرك، ما تقول للبنك وكلنا ولا نوكلك، لا بد أن تتولاها بنفسك وتبيعها على طرف ثالث؛ لتكون على بينة من أمرك؛ لأنه قد توكل بنك، توكل شخص ليس بثقة، ثم لا سلعة ولا بيع ولا مبيع، يفتح لك الصندوق ويعطيك دراهم، في النهاية يقول: بعنا لك أسهمك, هذا..... إيش الكلام هذا؟ مسألة التورق أصلها فيه ضعف، وتزداد ضعف بهذا التوسع.
هذا إذا كان الراوي لم يوصف بالتدليس فلا فرق بين أن يقول: حدثنا وأخبرنا، أما إذا وصف بالتدليس وصار من المدلسين في الطبقة الثالثة فما دون، فمثل هذا لا بد أن يصرح بالتدليس، لا يكفي أن يقول: عن فلان، وإنما لا بد أن يقول: حدثنا فلان أو أخبرنا فلان.
ستين ريال هذه ودها إلى قسم الأمانات في المحكمة، ويتصرفون فيها، إن أمكن تعريفها في موضعها ومن ضاع له فلوس في مكانها، حتى يغلب على الظن أن صاحبها لن يطلبها فهو أفضل.
أولاً: نعلم جميعاً أن التواريخ عمدة مؤلفيها على ما ينقلونه عن الرواة، وباعتبار أن التواريخ لا يترتب عليها أحكام شرعية، وإن كان تمحيصها وتحقيقها مهم بالنسبة لطالب العلم، الاعتماد على الإشاعات، وما لا يثبت من الأخبار تترتب عليه عواقب ليست طيبة وخيمة من اتهام بعض الناس، أو القدح فيهم، أو رفع إنسان فوق منزلته، أو إعطائه فوق ما يستحقه، لا بد من التنقيح، ولا بد من التأكد فيما ينقله الرواة، ولذا يقول القحطاني -رحمه الله-:
لا تقبلن من التوارخ كلما
جمع الرواة وخط كل بنانِ
ج
تواريخ تكتب في حياة مؤلفيها، ومؤلفوها يعيشون في ظل دول، الدول هذه إن كانت مكرمة لهذا المؤرخ أشاد بها، وإن تضرر أو لم يكرم نال منها، والناس معروف تصرفاتهم في هذا الباب، لكن في الجملة التواريخ لا يقال: إنها مثل كتب الحديث ممحصة ومنقحة، لا، فيها الأخبار الضعيفة بكثرة، وفيها الأخبار المقبولة، وفيها ما يثبت وفيها ما لا يثبت، لكن باعتبار أنها لا يبنى عليها أحكام يتساهلون في رواتها، فينقلون الأخبار والأحداث عن كل أحد، وطالب العلم لو اعتنى بتاريخ الحافظ ابن كثير -رحمه الله- باعتباره إمام مفسر محدث يمحص، لو اعتنى به طالب العلم كفاه، يكفيه؛ لأنه منذ بدء الخلق إلى منتصف القرن الثامن، فيه كفاية، تكلم على الأنبياء وعن قصصهم، وأفاض في هذا معتمداً في ذلك على الكتاب والسنة، ومن تقدمه ومن سبقه من المؤرخين، ثم بعد ذلك بدأت السيرة، وأطال فيها النفس جداً إلى نهاية السادس، ثم بدأ بتاريخ الخلفاء الراشدين، ثم الدولة الأموية والعباسية، وترجم لأهل العلم وأهل الفضل، وذكر من عنده مخالفة في معتقد ونحوه، وانتقد بعض المؤرخين الذين أشادوا ببعض المبتدعة، كتاب نافع جداً، ولذا لما ترجم لابن الراوندي، وهو ملحد زنديق -نسأل الله السلامة والعافية- ذكر أن ابن خلكان في وفيات الأعيان ترجم له، ابن كثير لما ترجم له ذكر ما نُقل عنه من طوام قدح في الشرع، وقدح في النبي -عليه الصلاة والسلام-، ورد على الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ولذا رمي بالزندقة، قال الحافظ ابن كثير: إن ابن خلكان ترجم له على عادته في إفاضته في تراجم الأدباء، والشعراء، واختصاره الشديد في تراجم أهل العلم، ولم يذكر مما حصل منه مما هو قدح في الشريعة وصاحب الشريعة، قال: "وكأن الكلب لم يأكل له عجيناً" يعني ما كأن الأمر يعنيه من قريب ولا من بعيد، فهذا يدل على أن الحافظ ابن كثير -رحمه الله- له عناية بهذا الشأن، فتاريخه من أفضل التواريخ، قبله تاريخ الإمام محمد بن جرير الطبري، تاريخ نافع يستفاد منه إلى نهاية القرن الثالث، يعني بداية القرن الرابع، وفيه قصص وأخبار تحتاج إلى تنقيح، وابن جرير -رحمه الله- يكتفي بذكر الإسناد، وعند المتقدمين أن العهدة تبرأ بذكر الإسناد، يعني في عصور الرواية في القرون الأولى يبرؤون بذكر الإسناد، ولا ينتقدون في مثل هذه الأمور، وعلى كل حال كتابه نافع، وهو عمدة ابن كثير ومن جاء بعد ابن كثير في التاريخ.
هناك تواريخ تهتم بتحليل الأحداث والأخبار، مثل تاريخ ابن خلدون، تاريخ نافع نفيس، وأما بالنسبة لسياق الحواجز فأجود التواريخ تاريخ ابن الأثير، يعني استيفاء الحوادث، وسياقها سياقاً متقناً مضبوطاً فابن الأثير كامل، وابن كثير عرفنا منزلته، وابن جرير إمامهم، وابن خلدون يمحص ويحقق ويعمل رأيه في الأحداث، وإن كان لا يوافق في بعض ما توصل إليه من نتائج، وعلى كل حال هذه التواريخ الأربعة نافعة لطالب العلم يعتني بها، بعض المؤرخين والأدباء يعنون بمروج الذهب للمسعودي، والرجل ليس بثقة، ولا مأمون، ومع ذلك في مقدمته وفي خاتمته ذكر ما يجعل طالب العلم لا ينظر في كتابه، في بداية الكتاب قال: هذا الكتاب من تأليفنا فمن نسبه إليه، أو حذف منه شيئاً، أو اقتبس منه شيئاً، أو فعل أو ترك أو كذا أو كذا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، هذا يجعل الكتاب ما يستفيد منه أحد، تعرض نفسك لهذا، ما له داعي يا أخي، على أن الكتاب ما فيه جديد، فيه بعض غرائب الأخبار التي لا يوثق هو في نقلها.
هناك تواريخ بلدان مهمة جداً لطالب العلم، كتاريخ بغداد، وتاريخ دمشق لابن عساكر، وتاريخ نيسابور، تاريخ قزوين، تاريخ أصفهان، تورايخ البلدان هذه مهمة لطالب العلم، يجد فيها من تراجم الرواة لا سيما حملة الأخبار والآثار ما لا يجده في كتب تراجم الرجال، يستفاد منه فائدة كبيرة هذه ويعنى بها طالب العلم، والكلام في كتب التاريخ يطول، يحتاج إلى درس كامل، ولعلنا نكتفي بهذا.
على كل حال الهجر علاج إذا كان أنفع من الصلة، ويغلب على الظن أنك إذا هجرتهم امتثلوا فيتعين الهجر حينئذٍ، وإذا كان هجرهم يعني بدلاً من أن تسمع الكلام اللين والاستجابة والقبول فيحتاجون إلى مزيد من الصلة؛ لأن هؤلاء قريبين ما داموا يجيبونك بكلام طيب، ويعدونك أنهم يصلون، واصل معهم.
نعم هذه وكالة.
على كل حال صور ذوات الأرواح محرمة والمتاجرة بها لا يجوز.
على كل حال استعمال الآلات المحرمة حرام؛ لأن التصوير وإن لم يستعمله الإنسان إلا أنه يهون من شأنه، وجدنا بعض الأخيار الذين لا يرون جواز التصوير لا بكاميرا ولا بغيرها تجد نفسه تنازعه منازعة شديدة، يرى طفله في أبهى حلة، وفي تصرفات تحتاج..، يعني تنازعه نفسه لحفظ مثل هذه التصرفات ليراها بعد مدة، وتجده في حبوته الأولى أو في خطواته الأولى، يعني في صراع نفسي، ثم بعد ذلك يتصور الخلاف، وأن من أهل العلم من سمح وسهل بهذا، يقول: هذه صورة نتوب منها ونستغفر، ثم بعد ذلك صورة ثانية وثالثة، ثم بعد ذلك يقع في المحظور.
يقول: توجد فيه ميزات أخرى؟
هذه الميزات إذا كان مضطراً إليها وأبطل الآلة التي تصور ذوات الأرواح لا مانع من استعماله، على أن في الأصل في شراء مثل هذه الآلة التي تستعمل فيما حرم الله -جل وعلا- تعاون وإعانة على ترويجها وإشاعتها، وإن تركت عند أهلها ما وردت مرة ثانية، والله المستعان.
ما أدري إيش المقابل؟ ومتى يأخذ هذا المبلغ؟ يعني إذا انكشف الحساب يأخذ؟ علشان إيش؟
طالب:.......
اشلون أقل من ألف؟
طالب:.......
طيب انكشف الحساب ما عنده شيء.
طالب: حتى لو ما انكشف الحساب يكون أقل من ألف يعني.
أقول: الاثنين والنصف مقابل إيش؟
طالب:.......
لا لا بد من التأكد من سببها، لا بد أن ينظر في مقابلها.
طالب: فإن كان بلا سبب رعاك الله؟
يعني أجور موظفيه وإلا شيء؟ يدعي هذا؟
أنا الآن من الذي استعمل الموسيقى؟ هل هو المتصل أو صاحب الجوال؟ كلاهما، هذا متسبب وهذا مباشر، وعلى كل حال إذا كنت تعرف وتجزم بأن جواله على موسيقى، لا يجوز أن تتصل عليه ليصدر هذه النغمة المحرمة.
أما إذا ظفر بعين حقه استعار منه كتاباً ثم جحده ثم ظفر به يأخذ كتابه، هذا ما فيه إشكال؛ لأنه ما أخذ من ماله شيئاً.
ورد بالنسبة للإمام أنه لا يتطوع في مكانه لكنه لم يصح، وبعض أهل العلم يستحب أن ينتقل من مكانه من أجل أن تكثر البقع التي تشهد له {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} [(12) سورة يــس] وهذا من آثارهم.
كون العارية تشبه القرض من وجه، لا يعني أنها تشبهه من جميع الوجوه، يعني كونه أعاره إناء ثم بعد ذلك احتاج منه شيئاً، يعني مبادلة منافع، هل نقول: إن هذا قرض جر نفع؟ لا يلزم؛ لأن الإناء ليس من الربويات أصلاً.
طالب:.......
ويضمنه.
طالب:.......
وش هو؟
طالب:.......
لا ما يمكن، الأمانات ما يمكن تضمن إلا إذا فرط، لكن لا يأخذها على جهة الأمانة.
التفاسير لها مناحي متعددة، فهناك ما يستفاد منه في الفهم عموماً، في فهم إجمالي القرآن، وهذا ينفع تفسير الشيخ ابن سعدي -رحمه الله-، وهناك ما ينفع في تحليل الألفاظ القرآنية وهذا ينفع فيه تفسير الجلالين على ما فيه من مخالفات، ويحتاج مع ذلك إلى حاشية، يحتاج مع ذلك إلى الرجوع إلى حواشي تحل بعض الإشكالات، وتوضح بعض الغوامض، لكنه أيضاً بحاجة إلى بيان المخالفات، والمسألة مفترضة في مبتدئ، طالب علم مبتدئ يحتاج إلى أن يُعلَق له على هذه المخالفات، وحينئذٍ يكون من أنفع الكتب تفسير الجلالين، تفسير متين يستفيد منه طالب العلم، وذكرنا مراراً في مناسبات أن تفسير الشيخ فيصل بن المبارك من أنفع ما ينفع المبتدئين.
كلام أهل العلم طويل، وأكثر من يقول مثل هذا الكلام الترمذي، واختلف العلماء في مراده بذلك على أقوال بلغت بضعة عشر قولاً، وإذا كان الحديث أكثر من طريق فيتجه القول بأنه حسن من طريق، صحيح من طريق آخر، وإن لم يكن له إلا طريق واحد فلتردد في حكمه، هل بلغ الصحة أو قصر دونها؟
على كل حال البناء على القبور لا يجوز بحال، وتجصيصها والنقش عليها أو الكتابة عليها هذا كله من البدع ومن المحرم، والأصل أن يحفر للميت حفرة، إن أمكن اللحد فهو الأفضل، وإن لم يمكن فالشق، ثم يوارى التراب، يدفن في ترابه، ويرفع القبر قدر شبر, وإذا كانت الأرض لا تتماسك عند الحفر، أو تتهدم على الميت أو ما أشبه ذلك ووضع مادة تمنع ذلك بما لا يعتبر بناء، ولا يعد تشييداً للقبر لمجرد إمساك التراب؛ لئلا ينهال على القبر مثل هذا قد يتسامح فيه للحاجة، لكن بقدر الحاجة.
المسلمون على شروطهم، إذا اشترطت عليه أن تؤدى لك في هذا الوقت، أو رتبتم ترتيب اتفقتم عليه، أو بالقرعة فلا يجوز له أن يأخذ دورك إلا برضاك.
الإصابة طبعت مراراً مفردة، وطبع معها الاستيعاب لابن عبد البر، ومن أفضل الطبعات التي تناسب طلاب العلم اليوم إذا كان يريد معها الاستيعاب فطبعة الاستقامة، وإن كان يريدها مفردة فطبعة البجاوي مخدومة بالفهارس، وهي طبعة في الجملة طيبة، لكن يحتاج إلى اقتناء الاستيعاب معها.
لعله يقصد الترجيع في الآذان، الترجيع في الآذان يذكر الشهادتين بلفظ منخفض ثم يرفع الصوت بهما.
لا، لا يباع بمبلغ كبير، هذه الطبعة على كل حال لا تباع بمبلغ كبير، فليهنأ صاحبها باقتنائها وقراءتها.
إذا دعت الحاجة إليه لا يبطله.