وجد التسامح في ثوابت في الأركان الخمسة تجد طالب منتسب إلى العلم الشرعي في كلية الشريعة مثلاً بلغ وكُلف وهو ذو جدة، مستطيع للحج ولا يحج، بعذر والله عندنا تسليم البحث مباشرة، ولا في وقت بأن أبحث، هذا ركن من أركان الإسلام، الله -جل وعلا- يقول: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ} [(97) سورة آل عمران] هذه يستدل بها من يقول بكفر تارك الحج {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [(97) سورة آل عمران] يقول: أن البحث يسلم بعد الحج مباشرة، ولا في وقت لأبحث، يعني يترك ركن من أركان الإسلام من أجل البحث، وهذا يجعل الإنسان يعيد النظر في نيته في طلبه للعلم، بل سمعنا من يقول: أن الحج في موسم ربيع وأمطار، نحن أصحاب رحلات ونزهات، هذه أعذار وعلل يتعلل بها بعض شباب المسلمين في التساهل في الأركان.
الصوم تجد الولد يبلغ مبلغ الرجال بل في بعض الفتاوى لأهل العلم امرأة تقول: بلغت السادسة والعشرين وأمي تقول: أنت صغيرة لا تحتملين الصوم، يعني كلفت ضعف السن الذي يكلف به في العادة الثالثة عشرة، فإذا تساهل الناس بالأركان فما الذي يحافظون عليه؟
في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- بعث يوم عاشوراء: أن من أكل فليصم بقية يومه، ومن صام فليمسك، وكنا نصوم صبياننا، ونلهيهم باللعب من العهن –يعني من الصوف– إذا بكى الواحد منهم أعطي هذه اللعبة، صيام.
المصيبة أننا نرى التساهل في صفوف المسلمين يزداد، مع أن العلم ينتشر ويكثر ووسائل التبليغ بحيث يصل هذا العلم إلى كل شبر من أقطار المعمورة، ومع ذلك يتساهلون، الجهل غير موجود إلا في بعض الجهات التي لا عناية لهم بالعلم أصلاً، أو من لم يرفع به رأساً، وإلا -الحمد لله- الآن وجد من في السبعينات من الأميين الذين لا يقرؤون ولا يكتبون، ومع ذلك حفظوا القرآن بعد السبعين، ووجد من يحفظ الأحكام بأدلتها من خلال إذاعة القرآن، من برنامج نور على الدرب، برنامج مبارك الذي انتفع به القاصي والداني، ومع ذلك نجد التساهل، نعم قد يقول قائل: إن سبب هذا التساهل انتشار الأقوال واطلاع الناس عليها، لكن العبرة بما يسنده الدليل، الذي يدل عليه الدليل هو القول الصحيح، وما عداه لا عبرة به، ولا قول لأحد مع قول الله -جل وعلا-، وقول نبيه -عليه الصلاة والسلام-، هذه الأركان الخمسة التي بني عليها الإسلام عرفنا حكم من تركها وجاء التشديد فيها، يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام- في الحديث المتفق عليه من حديث ابن عمر --رضي الله عنه-ما- قال: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان)) وعند مسلم تقديم الصيام على الحج، والاختلاف بين اللفظين بين الرواة معروف، أما المتفق عليه فهو تقديم الحج على الصيام، وعلى هذا بنى الإمام البخاري صحيحه، والجمهور على تقديم الصيام على الحج عملاً برواية مسلم، وأن الراوي أخطأ في تقديم الحج على الصيام، هذا إذا قلنا: إن الخطأ ممن دون ابن عمر وإلا فابن عمر قيل له كما في الصحيح: "صيام رمضان والحج؟ قال: لا، "الحج وصيام رمضان" فابن عمر حينما روى الحديث على الوجهين، مروي عنه على الوجهين، مرة بتقديم الصيام ومرة بتقديم الحج، واستدرك عليه فقال: لا، الحج وصوم رمضان، أو صوم رمضان والحج كما في مسلم، أراد أن ابن عمر أن يؤدب هذا المستدرك عليه الذي لا علم له ولا سمعه من النبي -عليه الصلاة والسلام-، بينما ابن عمر هو الذي سمعه فقد يكون ابن عمر سمعه على الوجهين، وأراد أن يؤدب هذا الذي استدرك عليه كما يفعل بعض طلاب العلم في مجالس الكبار، تجده يستدرك بدون أدب، وإلا لو جاء بالاستدراك على صيغة استفهام ما يلام؛ لأن الشيخ ليس بمعصوم، قد يرد منه الخطأ والنسيان، لكن بهذه الطريقة يقول: لا صوم رمضان والحج، فأراد أن ابن عمر أن يؤدبه، ومثل هذا يحتاج إلى تأديب، وهذا موجود مع الأسف بكثرة في صفوف طلاب العلم بين يدي الأكابر، تجده أن أيسر الأمور أن يرد على شيخه، أو على من هو أكبر من شيوخه.
إذا عرفنا أن صيام شهر رمضان ركن من أركان الإسلام، من جحده فقد كفر -نسأل الله السلامة والعافية- ومن فرط فيه فقد جاء: ((من أفطر يوماً من رمضان بغير عذر لم يقضه صوم الدهر ولو صام)) نسأل الله العافية.