التعليق على تفسير القرطبي - سورة الزمر (04)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نعم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.
قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى-: "قوله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ، وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ}.
قوله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} أَيْ مِمَّا حَاطَ بِهِمْ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، وَنِقْمَتِهِ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ: "تَرَى" غَيْرُ عَامِلٍ فِي قَوْلِهِ: {وُجُوُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} إِنَّمَا هُوَ ابْتِدَاءٌ، وَخَبَرٌ، قال الزَّمَخْشَرِيُّ: جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ إِنْ كَانَ".
نعم {وُجُوهُهُمْ} مبتدأ، و{مُسْوَدَّةٌ} خبر، والجملة في محل نصب حال بيان للذين كفروا يبين هيئتهم.
"جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ إِنْ كَانَ تَرَى مِنْ رُؤْيَةِ الْبَصَر، وَمَفْعُولٌ ثَانٍ إِنْ كَانَ مِنْ رُؤْيَةِ الْقَلْبِ".
نعم؛ لأن رأى البصرية تتعدى إلى مفعول واحد، والقلبية تتعدى إلى مفعولين.
"{أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ} وبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعْنَى الْكِبْر،ِ فَقَالَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-: سَفَهُ الْحَقِّ، وَغَمْصُ النَّاسِ".
اللفظ المشهور بطر الحق وغمط الناس، يعني رد الحق هذا كِبر -نسأل الله العافية-، وأيضًا الاستخفاف بالناس واحتقارهم هذا أيضًا كِبِر.
"أَيِ: احْتِقَارُهُمْ، وَقَدْ مَضَى فِي [الْبَقَرَةِ]، وَغَيْرِهَا، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:» يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَالذَّرِّ يَلْحَقُهُمُ الصَّغَارُ حَتَّى يُؤْتَى بِهِمْ إِلَى سِجْنِ جَهَنَّمَ«".
خرجه؟ خرجه؟
طالب:........
ماذا قال؟
طالب: قال حسن: أخرجه الترمذي، وأحمد، والديلمي من حديث عبد الله بن عمرو، قال الترمذي: حديث حسن، وهو كما قال، باختلاف معروف في عمرو عن أبيه، وله شواهد، وتأتي له..........
يعني هو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
"قَوْلُهُ تَعَالَى :{وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا}".
الكذب، الكذب على الله المشار إليه في الآية يشمل جميع أنواع الكذب، يدخل فيه من نسب إليه الصاحب والولد، ويدخل فيه من أشرك معه؛ لأنه كذب عليه، ويدخل فيه من أفتى بغير علم، وقال على الله بغير علم، {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ}[النحل:116]، فعلى طالب العلم أن يتقي الله في جميع أحواله، لاسيما ما يتعلق بالله -جل وعلا-.
"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا} وَقُرِئَ: "وَيُنْجِي" أَيْ: مِنَ الشِّرْكِ، وَالْمَعَاصِي بِمَفَازَتِهِمْ عَلَى التَّوْحِيدِ قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ؛ لِأَنَّهَا مَصْدَرٌ".
يعني مصدر مضاف يشمل أنواع المفازات سواء أُفْرد، أو جُمع.
"وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ:" بِمَفَازَاتِهِمْ"، وَهُوَ جَائِزٌ كَمَا تَقُولُ بِسَعَادَاتِهِمْ، وَعَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَفْسِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :«يَحْشُرُ اللَّهُ مَعَ كُلِّ امْرِئٍ عَمَلَهُ، فَيَكُونُ عَمَلُ الْمُؤْمِنِ مَعَهُ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، وَأَطْيَبِ رِيحٍ، فَكُلَّمَا كَانَ رُعْبٌ، أَوْ خَوْفٌ قَالَ لَهُ: لَا تُرَعْ، فَمَا أَنْتَ بِالْمُرَادِ بِهِ، وَلَا أَنْتَ بِالْمَعْنِيِّ بِهِ، فَإِذَا كَثُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ: فَمَا أَحْسَنَكَ فَمَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَمَا تَعْرِفُنِي؟ أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، حَمَلْتَنِي عَلَى ثِقَلِي، فَوَاللَّهِ لَأَحْمِلَنَّكَ، وَلَأَدْفَعَنَّ عَنْك، فَهِيَ الَّتِي قَالَ اللَّهُ: {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ، وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}« {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} أَيْ حَافِظٌ، وَقَائِمٌ بِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى:} لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ، وَالْأَرْضِ} وَاحِدُهَا مِقْلِيدٌ، وَقِيلَ: مِقْلَادٌ، وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ إِقْلِيدٌ، وَالْمَقَالِيدُ: الْمَفَاتِيحُ. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ، وَقَال َالسُّدِّيُّ: خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ، وَالْأَرْضِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ الْمَطَرُ".
لأن الناس يجعلون هذه المفاتيح كالقلائد، يعلِّقونها في أعناقهم، قد يربطونها بشيءٍ من أبدانهم. المقصود أنهم يحافظون عليها، ويتقلدونها، فصارت مقاليد.
طالب: حديث أبي هريرة...
نعم.
طالب: حديث أبي هريرة.
ماذا قال عن حديث أبي هريرة؟
طالب: أحسن الله إليك، قال: لم أره مسندًا، وقد ورد بمعناه أحاديث آحاد على التَذْكِرة.
على ماذا؟
طالب: على التَذْكِرة.
التَذْكِرة للقرطبي؟
طالب: نعم.
ما يكفي، ما يكفي، ليس بمصدر تخريج، ما فيه شيء؟
طالب: قوله: لم أره مسندًا.
يكفي إذا لم يره مسندًا يعني ليس أصل، لكن جاء في معناه عدة أحاديث.
"وَقَالَ غَيْرُهُ: خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ الْمَطَرُ، وَخَزَائِنُ الْأَرْضِ النَّبَاتُ، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى أَقَالِيدُ، وَعَلَيْهَا يَكُونُ وَاحِدَهَا إِقْلِيدٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْإِقْلِيدُ الْمِفْتَاحُ، وَالْمِقْلَدُ مِفْتَاحٌ كَالْمِنْجَلِ رُبَّمَا يُقَلَّدُ بِهِ الْكَلَأُ كَمَا يُقَلَّدُ الْقَتُّ إِذَا جُعِلَ حِبَالًا، أَيْ: يُفْتَلُ، وَالْجَمْعُ الْمَقَالِيدُ، وَأَقْلَدَ الْبَحْرُ عَلَى خَلْقٍ كَثِيرٍ أَيْ: غَرَّقَهُمْ كَأَنَّهُ أَغْلَقَ عَلَيْهِمْ، وَخَرَّجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّان- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}[الزمر:63]".
يعني عثمان، عثمان ممنوع من الصرف، أن عثمانَ، وعن عثمان -رضي الله عنه-، وماذا عن عفان؟
طالب: مصروف.
طالب: مصروف..........
عندك ثلاثة يتوالون أبان بن عثمان بن عفان، عثمان ممنوع من الصرف، وعفان؟
طالب: مصروف.
مصروف، أو ممنوع؟
طالب: مصروفة.
نعم.
طالب: مصروفة.....
متى يكون مصروفًا؟ ومتى يكون ممنوعًا؟
إذا كان من العفة، فالألف والنون زائدتان، فهو ممنوع من الصرف، وإن كان من العفن، فالنون أصلية، وحينئذٍ يُصرف، من أيهما؟
طالب:........ أو من العفة.
أو من العفة نعم، فأيضًا هو ممنوع من الصرف، وأما أبان، فقال بمنعه ابن مالك الإمام المشهور، وقال غيره: من منع أبان فهو أتان.
على كل حال هو إذا كانت الألف والنون زائدة، فهو ممنوع من الصرف، إذا كان أحدهما أصليًّا فهو مصروف، مثل ما قلنا في عفان.
"وَخَرَّجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّان- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ. لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَبِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ، وَالْبَاطِنُ، يُحْيِي، وَيُمِيتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ« ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ".
لكنه حديث منكر، ماذا قال عنه؟
طالب: أحسن الله إليك، قال: باطل أخرجه أبو يعلى كما في المجمع، وابن الجوزي في الموضوعات من حديث عثمان، وعلي، ....... الأغلب بن تميم، وأنه ضعيف، قال ابن الجوزي: قال يحيى: الأغلب ليس بشيء، وهو من الموضوعات النادرة التي لا تليق..... رسول الله -صلى الله عليه، وسلم- لأن؛ اللفظ ركيك، والمعنى بعيد.........
بلا شك، ما لا علاقة، الحديث ليس له علاقة بمعنى المقاليد.
"وَزَادَ: «مَنْ قَالَهَا إِذَا أَصْبَحَ، أَوْ أَمْسَى عَشْرَ مَرَّاتٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ سِتَّ خِصَالٍ: أَوَّلُهَا يُحْرَسُ مِنْ إِبْلِيسَ، وَالثَّانِيَةُ: يَحْضُرُهُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفِ مَلَكٍ، وَالثَّالِثَةُ: يُعْطَى قِنْطَارًا مِنَ الْأَجْرِ، وَالرَّابِعَةُ: تُرْفَعُ لَهُ دَرَجَةٌ، وَالْخَامِسَةُ :يُزَوِّجُهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَالسَّادِسَةُ: يَكُونُ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ كَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، وَالتَّوْرَاة، وَالْإِنْجِيلَ، وَالزَّبُورَ، وَلَهُ أَيْضًا مِنَ الْأَجْرِ كَمَنْ حَجَّ، وَاعْتَمَرَ، فَقُبِلَتْ حَجَّتُهُ وَعُمْرَتُهُ، فَإِنْ مَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ مَاتَ شَهِيدًا»".
هذا أيضًا يدل على بطلانه.
"وَرَوَى الْحَارِثُ عَنْ عَلِيٍّ قَال :سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ تَفْسِيرِ الْمَقَالِيدِ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ، الْمَقَالِيدُ هُوَ أَنْ تَقُولَ عَشْرًا إِذَا أَصْبَحْتَ، وَعَشْرًا إِذَا أَمْسَيْتَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْأَوَّلِ، وَالْآخِرِ، وَالظَّاهِرِ، وَالْبَاطِنِ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير مَنْ قَالَهَا عَشْرًا إِذَا أَصْبَحَ، وَعَشْرًا إِذَا أَمْسَى أَعْطَاهُ اللَّهُ خِصَالًا سِتًّا: أَوَّلُهَا يَحْرُسُهُ مِنَ الشَّيْطَانِ وَجُنُودِهِ فَلَا يَكُونُ لَهُمْ عَلَيْهِ سُلْطَانٌ، وَالثَّانِيَةُ: يُعْطَى قِنْطَارًا فِي الْجَنَّةِ هُوَ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِهِ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ، وَالثَّالِثَةُ: تُرْفَعُ لَهُ دَرَجَةٌ لَا يَنَالُهَا إِلَّا الْأَبْرَارُ، وَالرَّابِعَةُ: يُزَوِّجُهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَالْخَامِسَةُ: يَشْهَدُهُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفِ مَلَكٍ يَكْتُبُونَهَا لَهُ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ، وَيَشْهَدُونَ لَهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالسَّادِسَةُ: يَكُونُ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ كَأَنَّمَا قَرَأَ التَّوْرَاةَ، وَالْإِنْجِيلَ، وَالزَّبُورَ، وَالْفُرْقَانَ، وَكَمَنْ حَجَّ، وَاعْتَمَرَ، فَقَبِلَ اللَّهُ حَجَّتَهُ، وَعُمْرَتَهُ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ يَوْمِهِ، أَوْ لَيْلَتِهِ، أَوْ شَهْرِهِ طُبِعَ بِطَابَعِ الشُّهَدَاءِ".
وهذا كسابقه، كسابقه؛ لأنه من رواية الحارث الأعور رافضي معروف، عن علي -رضي الله عنه-. ماذا قال عنه؟
طالب: أحسن الله إليكم، قال: هذا حديث منكر كسابقه، فإن المتن واحد، والحارث الأعور روى مناكير كثيرة، وهذا منها، بل أمر ... وضع لائحة عليه.
بلا شك، وهو كسابقه.
"وَقِيلَ: الْمَقَالِيدُ الطَّاعَةُ. يُقَالُ: أَلْقَى إِلَى فُلَانٍ بِالْمَقَالِيدِ أَيْ: أَطَاعَهُ فِيمَا يَأْمُرُهُ، فَمَعْنَى الْآيَةِ: لَهُ طَاعَةُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض.
قَوْلُهُ تَعَالَى:} وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ {أَيْ بِالْقُرْآنِ، وَالْحُجَجِ، وَالدَّلَالَاتِ،} أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى:} قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ}، وَذَلِكَ حِينَ دَعَوُا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، وَقَالُوا: هُوَ دِينُ آبَائِكَ، وَ{غَيْرَ} نُصِبَ بِ}أَعْبُدُ} عَلَى تَقْدِيرِ: أَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ، فِيمَا تَأْمُرُونَنِي، وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ بِ }تَأْمُرُونِّي{ عَلَى حَذْفِ حَرْفِ الْجَرِّ، التَّقْدِيرُ: أَتَأْمُرُونَنِي بِغَيْرِ اللَّهِ أَنْ أَعْبُدَهُ؛ لِأَنَّ أَنْ مُقَدَّرَةٌ، وَأَنْ، وَالْفِعْلُ مَصْدَرٌ".
أتأمرونني بعبادة غير الله.
"وَهِيَ بَدَلٌ مِنْ غَيْرِ، التَّقْدِيرُ: أَتَأْمُرُونَنِي بِعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ، وَقَرَأَ نَافِعٌ" :تَأْمُرُونِي" بِنُونٍ وَاحِدَةٍ مُخَفَّفَةٍ، وَفَتْحِ الْيَاءِ".
المشركون عرضوا على النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يعبد آلهتهم تارة، ويعبدوا إلهه تارة أحيانًا كذا، وأحيانًا كذا، وعرضوا عليه أن يداهنهم، ويتنازل عن بعض الشيء، ويتنازلون {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}[القلم:9]، وكل هذا مرفوض.
"وَفَتْحِ الْيَاءِ،وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ:" تَأْمُرُونَنِي" بِنُونَيْنِ مُخَفَّفَتَيْنِ عَلَى الْأَصْلِ، والْبَاقُونَ بِنُونٍ وَاحِدَةٍ مُشَدَّدَةٍ عَلَى الْإِدْغَامِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ فِي مُصْحَفِ عُثْمَانَ بِنُونٍ وَاحِدَةٍ، وَقَرَأَ نَافِعٌ عَلَى حَذْفِ النُّونِ الثَّانِيَةِ، وَإِنَّمَا كَانَتِ الْمَحْذُوفَةُ الثَّانِيَةَ؛ لِأَنَّ التَّكْرِيرَ، وَالتَّثْقِيلَ يَقَعُ بِهَا، وَأَيْضًا حَذْفُ الْأُولَى لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا دِلَالَةُ الرَّفْعِ، وَقَدْ مَضَى فِي [الْأَنْعَامِ]".
نعم؛ لأن الثانية نون الوقاية يجوز حذفها، والأولى هي علامة الرفع، والأولى هي علامة الرفع التي لا تُحذف إلا لعامل يقتضي الحذف.
"وَقَدْ مَضَى فِي [الْأَنْعَامِ] بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَتُحَاجُّونِّي} {أَعْبُدُ{ أَيْ: أَنْ أَعْبُدَ، فَلَمَّا حَذَفَ "أَنْ" رَفَعَ، قَالَهُ الْكِسَائِيُّ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَلَّا أَيُّهَذَا الزَّاجِرِي أَحْضُرَ الْوَغَى
وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْوَجْهِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ " أَعْبُدَ " بِالنَّصْبِ".
يعني يزجره، وينهاه أن يحظر مواضع القتال والجهاد؛ لئلا يُقتل، يعني جاء في تمام البيت:
وأنا أشهد اللذات هل أنت مُخْلدي؟
يعني تضمن لي الخلود إذا تركت ساحات الوغى، وشهدت اللذات، وعكفت عليها، وانكببت عليها تضمن لي الخلود؟
"وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْوَجْهِ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ "أَعْبُدَ" بِالنَّصْبِ".
يدل على أن هناك "أن" محذوفة.
قوله تعالى.
طالب:.................
الأقرب أنها المفاتيح، الأقرب أنها المفاتيح، هو الأشبه.
طالب:..........
نعم.
طالب:...........
كانت تُقلد، تُقلد في الأعناق كالقلادة توضع، المفتاح يوضع كالقلادة في العنق؛ حرصًا عليها، نعم.
"قَوْلُهُ تَعَالَى:} وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ، وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ} قِيلَ: إِنَّ فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمًا، وَتَأْخِيرًا، وَالتَّقْدِيرُ: لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ، وَأُوحِيَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى بَابِهِ، قَالَ مُقَاتِلٌ: أَيْ: أُوحِيَ إِلَيْكَ، وَإِلَى الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَكَ بِالتَّوْحِيدِ، وَالتَّوْحِيدُ مَحْذُوفٌ".
يدل عليه ذكر مقابله، وهو الشرك، يعني إذا كان هذا منهيًّا عنه، فهذا مأمور به.
"ثُمَّ قَالَ: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ يَا مُحَمَّدُ}،} لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}، وَهُوَ خِطَابٌ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَاصَّةً، وَقِيلَ: الْخِطَابُ لَهُ، وَالْمُرَادُ أُمَّتُهُ؛ إِذْ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يُشْرِكُ، وَلَا يَقَعُ مِنْهُ إِشْرَاكٌ، وَالْإِحْبَاطُ: الْإِبْطَالُ وَالْفَسَادُ".
إذا كان هذا في حقه -عليه الصلاة والسلام- {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}[الزمر:65] فعلى الإنسان أن يكون على خوفٍ ووجل من أن يقع منه شيءٌ من هذا المُحبط للعمل المقتضي للخلود في النار -نسأل الله العافية- إذا كان هذا في حق النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإذا جاء في حق إبراهيم الخليل الذي حطَّم الأصنام الدعاء المشهور {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ}[إبراهيم:35]، فما الذي يؤمن الإنسان أن يزل في عمره سواء كان في أثنائه، أو في أوله، أو في آخره، ويُختم له -نسأل الله العافية- بخاتمةٍ، بخاتمة السوء، فمثل هذا في علم الله -جل وعلا- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يُشرك، لكن إذا وجه الكلام إليه -عليه الصلاة والسلام- بمثل هذا، فغيره من باب أولى.
"قَالَ الْقُشَيْرِيُّ {اعْبُدْ} فَمَنِ ارْتَدَّ لَمْ تَنْفَعْهُ طَاعَاتُهُ السَّابِقَةُ، وَلَكِنَّ إِحْبَاطَ الرِّدَّةِ الْعَمَلَ مَشْرُوطٌ بِالْوَفَاةِ عَلَى الْكُفْر، وَلِهَذَا قَالَ:} مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ}، فَالْمُطْلَقُ هَاهُنَا مَحْمُولٌ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَلِهَذَا قُلْنَا مَنْ حَجَّ، ثُمَّ ارْتَدَّ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الْحَجِّ".
لأن حبوط العمل مشروط بالموت على الردة، والمسألة خلافية بين أهل العلم؛ لأنه جاء الإطلاق، وجاء التقييد، فمنهم من يحمل المطلق على المقيد؛ لأن الحكم واحد، وهو حبوط العمل، ومادام الحكم واحدًا، وإن اختلف السبب في بعض الصور إلا أنه لا يقتضي عدم الحمل للاشتراك في الحكم، أما لو اختلف الحكم، فلا حمل للمطلق على المقيد.
"قُلْتُ: هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَعِنْدَ مَالِكٍ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، وَقَدْ مَضَى فِي [الْبَقَرَةِ] بَيَانُ هَذَا مُسْتَوْفًى.
قَوْلُهُ تَعَالَى:} بَلِ اللَّهَ، فَاعْبُدْ}، قال النَّحَّاسُ: فِي كِتَابِي عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ لَفْظُ اسْمِ اللَّهِ –عَزَّ وَجَلَّ- مَنْصُوبٌ بِـ{اعْبُدْ} قَالَ: وَلَا اخْتِلَافَ فِي هَذَا بَيْنَ الْبَصْرِيِّينَ، وَالْكُوفِيِّينَ، قَالَ النَّحَّاسُ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يَكُونُ مَنْصُوبًا بِإِضْمَارِ فِعْلٍ، وَحَكَاهُ الْمَهْدَوِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ".
نعم يكون منصوبًا بإضمار فعل يفسِّره المذكور، ولا يكون معمولًا مُقدمًا للفعل؛ لأن ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها، على هذا يكون لفظ الجلالة منصوبًا بفعل مقدر يفسِّره المذكور.
"وَحَكَاهُ الْمَهْدَوِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ، فَأَمَّا الْفَاءُ، فَقَالَ الزَّجَّاجُ: إِنَّهَا لِلْمُجَازَاةِ، وَقَال َالْأَخْفَشُ: هِيَ زَائِدَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَاعْبُدْ أَيْ: فَوَحِّدْ، وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلِ اللَّهَ فَأَطِعْ،} وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} لِنِعَمِهِ بِخِلَافِ الْمُشْرِكِينَ".
يعني تفسير العبادة بالتوحيد؛ لأنه أعلى درجاتها {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ، وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات:56] يعني ليوحدون، وليس هذا من باب القصر والحصر على التوحيد، بل العبادة تشمل التوحيد، وتشمل ما دونه من الأوامر والنواهي.
}"وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} لِنِعَمِهِ بِخِلَافِ الْمُشْرِكِين.
قَوْلُهُ تَعَالَى:} وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ{ قَالَ الْمُبَرِّدُ: مَا عَظَّمُوهُ حَقَّ عَظَمَتِهِ، مِنْ قَوْلِكَ: فُلَانٌ عَظِيمُ الْقَدْرِ، قَالَ النَّحَّاسُ: وَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا: وَمَا عَظَّمُوهُ حَقَّ عَظَمَتِهِ إِذَا عَبَدُوا مَعَهُ غَيْرَهُ، وَهُوَ خَالِقُ الْأَشْيَاءِ، وَمَالِكُهَا، ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ قُدْرَتِهِ وَعَظَمَتِهِ فقَالَ:} وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِه}،ِ ثُمَّ نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِجَارِحَةٍ، فَقَالَ:} سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}، وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ» :جَاءَ يَهُودِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْخَلَائِقَ عَلَى إِصْبَعٍ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ} :وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِه«{، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".
المؤلف جرى على طريقة الأشعرية في نفي الصفة الحقيقية، وتأويلها بالقدرة والنعمة، ومذهب أهل السنة، وأهل الحق من سلف هذه الأمة وأئمتها: إثبات ما أثبته الله -جل وعلا- لنفسه على ما يليق بجلاله وعظمته، النبي -عليه الصلاة والسلام- ضحك حتى بدت نواجذه، تصديقًا لقول الحبر اليهودي، والمبتدعة يقولون: ضحك إنكار لما يقوله هذا اليهودي، نعم، والله المستعان.
"وَفِي الْبُخَارِيّ،ِ وَمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:» يَقْبِضُ اللَّهُ الْأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْض؟« وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا» سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ قَوْلِهِ-: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}".
إذا كان لا سماء، ولا أرض فأين يكون الناس؟
»قَالَتْ: قُلْتُ: فَأَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ، فِي رِوَايَةٍ: عَلَى الصِّرَاطِ يَا عَائِشَةُ! «قَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَوْلُهُ: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ}، (وَيَقْبِضُ اللَّهُ الْأَرْضَ) عِبَارَةٌ عَنْ قُدْرَتِهِ، وَإِحَاطَتِهِ بِجَمِيعِ مَخْلُوقَاتِهِ، يُقَالُ: مَا فُلَانٌ إِلَّا فِي قَبْضَتِي، بِمَعْنَى مَا فُلَانٌ إِلَّا فِي قُدْرَتِي."
وهذا هو التأويل الذي أشرنا إليه آنفًا، فأوَّل اليد بالقدرة، والقبضة كذلك، القبضة إنما تكون باليد، نعم.
"وَالنَّاسُ يَقُولُونَ: الْأَشْيَاءُ فِي قَبْضَتِهِ، يُرِيدُونَ فِي مِلْكِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَى الْقَبْضُ، وَالطَّيُّ إِفْنَاءُ الشَّيْءِ وَإِذْهَابُهُ، فَقَوْلُهُ –جَلَّ وَعَزَّ-:} وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ {يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ: وَالْأَرْضُ جَمِيعًا ذَاهِبَةٌ فَانِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَرْضِ الْأَرَضُونَ السَّبْعُ، يَشْهَدُ لِذَلِكَ شَاهِدَانِ: قَوْلُهُ} :وَالْأَرْضُ جَمِيعًا{، وَلِأَنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعَ تَفْخِيمٍ، وَهُوَ مُقْتَضٍ لِلْمُبَالَغَةِ، وَقَوْلُهُ} :وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} لَيْسَ يُرِيدُ بِهِ طَيًّا بِعِلَاجٍ، وَانْتِصَابٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْفَنَاءُ، وَالذَّهَابُ، يُقَالُ: قَدِ انْطَوَى عَنَّا مَا كُنَّا فِيهِ، وَجَاءَنَا غَيْرُهُ".
نعم؛ لأن الأرض تُبدّل غير الأرض، هذه تفنى تُبدَّل بغيرها، ولا يلزم من ذلك أن ننفي اليد، أو نؤوِّلها بالقدرة، لكن التبديل ثابت بالقرآن، ولا يلزم أن يكون هو معنى القبض هنا، لا يلزم أن يكون هو معنى القبض، هي تُبدَّل بلا شك، ولا ارتباط بين الآيتين، فيقبضها الله -جل وعلا-، وهنا أوَّل قال: بالقدرة القوة، والقدرة، وسبق أن قال: ما فلان إلا في قبضتي بمعنى: ما فلان إلا في قدرتي، والناس يقولون: الأشياء في قبضتي يريدون في مُلكِه وقدرته، يعني نظير ما قالوا يعني أرباب التأويل في قول النبي -عليه الصلاة والسلام-:» والذي نفسي بيده« قالوا: روحي في تصرفه، روحي في تصرفه، هذا هو اللازم لازم الإثبات أن الروح في تصرفه، أن الأرواح كلها في تصرف الله، ولا يخرج منها شيء، وهي بين إصبعين، القلوب، يتصرف الله -جل وعلا- في خلقه كما شاء، ومع ذلك نثبت الصفة التي أثبتها الله لنفسه في هذه الآية، وفي غيرها من الآيات، وأثبتها له النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الشراح يتواطئون على تفسير: «والذي نفسي بيده« روحي في تصرفه، وهذا تفسير باللازم، ومُفَادُهُ الفرار من إثبات الصفة، ولا شك أنه قول باطل، لكن من أثبت الصفة، وأثبت لازمها لا يلام.
"وَانْطَوَى عَنَّا دَهْرٌ بِمَعْنَى الْمُضِيِّ، وَالذَّهَابِ، وَالْيَمِينُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ قَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى الْقُدْرَةِ، وَالْمُلْكِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:} أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} يُرِيدُ بِهِ الْمُلْكَ، وَقَالَ:} لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} أَيْ: بِالْقُوَّةِ، وَالْقُدْرَةِ أَيْ: لَأَخَذْنَا منه قُوَّتَهُ وَقُدْرَتَهُ، قَالَ الْفَرَّاءُ، وَالْمُبَرِّدُ: الْيَمِينُ الْقُوَّةُ وَالْقُدْرَةُ، وَأَنْشَدَا :
إذا ما راية ٌرفِعتْ لمجدٍ تلقاها عرابةُ باليمينِ
وقال آخر:
وَلَمَّا رَأَيْتُ الشَّمْسَ أَشْرَقَ نُورُهَا |
تَنَاوَلْتُ مِنْهَا حَاجَتِي بِيَمِينِ |
قَتَلْتُ شُنَيْفًا ثُمَّ فَارَانَ بَعْدَهُ |
وَكَانَ عَلَى الْآيَاتِ غَيْرَ أَمِينِ |
وَإِنَّمَا خُصَّ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بِالذِّكْرِ، وَإِنْ كَانَتْ قُدْرَتُهُ شَامِلَةٌ لِكُلِّ شَيْءٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الدَّعَاوَى تَنْقَطِعُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، كَمَا قَالَ} :وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}[الانفطار:19]، وَقَالَ} :مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:4] حَسَبَ مَا تَقَدَّمَ فِي [الْفَاتِحَة]، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْحَدِيثِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ؟ وَقَدْ زِدْنَا هَذَا الْبَابَ فِي التَّذْكِرَةِ بَيَانًا، وَتَكَلَّمْنَا عَلَى ذِكْرِ الشِّمَالِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَوْلُهُ:» ثُمَّ يَطْوِي الْأَرْضَ بِشِمَالِهِ"«.
نعم، الله -جل وعلا- جاء في الحديث الصحيح: »وكلتا يديه يمين» «كلتا يديه يمين«، والحديث أيضًا الذي ذكر الشمال صحيح »كلتا يديه يمين« من حيث الشرف والقوة، ليست إحداهما بأقوى من الأخرى، وليست بأشرف من الأخرى كما هو الشأن في المخلوق يده اليمنى في الغالب أقوى من اليسرى، وأشرف منها، وهي للأمور الشريفة بخلاف الشمال، لكن كلتا يديه يمين من هذه الحيثية، وأما وقوع اليمين في جهة، واليسرى واليسار والشمال في جهة فهذا أمر مقرر يترتب عليه أن هذه يمين، وهذه شمال، وعليه يتنزل الحديث الثاني، وأما بالنسبة للقوة والشرف، فكلتاهما يمين.
"قَوْلُهُ تَعَالَى:} وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} بَيَّنَ مَا يَكُونُ بَعْدَ قَبْضِ الْأَرْضِ، وَطَيِّ السَّمَاءِ، وَهُوَ النَّفْخُ فِي الصُّوَرِ، وَإِنَّمَا هُمَا نَفْخَتَانِ، يَمُوتُ الْخَلْقُ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا، وَيَحْيَوْنَ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي هَذَا فِي [النَّمْلِ]، وَ[الْأَنْعَامِ] أَيْضًا، وَالَّذِي يَنْفُخُ فِي الصُّوَرِ هُوَ إِسْرَافِيلُ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ يَكُونُ مَعَهُ جِبْرِيلُ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» :-إِنَّ صَاحِبَيِ الصُّوَرِ بِأَيْدِيهِمَا، أَوْ فِي أَيْدِيهِمَا قَرْنَانِ يُلَاحِظَانِ النَّظَرَ مَتَى يُؤْمَرَانِ «خَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي السُّنَنِ".
ضعيف، ضعيف؟
طالب: قال: ضعيف، أخرجه ابن ماجه من حديث أبي سعيد، وقال البوصيري في الزوائد: إِسْنَاده ضَعِيف؛ لضعف حجاج بن أَرْطَأَة وعطية الْعَوْفِيّ...
أي واضح ضعفه، نعم.
" وَفِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ» :ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَاحِبَ الصُّوَرِ، وَقَالَ: عَنْ يَمِينِهِ جَبْرَائِيلُ، وَعَنْ يَسَارِهِ مِيكَائِيلُ«، وَاخْتُلِفَ".
وهذا؟
طالب: سلام الله عليك قال: أخرجه أبو داود من حديث أبي سعيد بإسناد ضعيف؛ لأجل عطية العوفي... انتهى كلامه، وضعفه الألباني.
الألباني ضعَّفه؟
طالب: ...........
عن يمينه جبرائيل، وعن يساره ميكائيل إن كان القصد من هذا القرب المساعدة على النفخ فهو كسابقه، معناه واحد، والضعف ظاهر، وإن كان مجرد وقوع هذا عن يمينه لا لمساعدة، وهذا عن شماله، فالمعنى يحتمل، مُحتمل ما فيه إشكال، لكن العبرة بالثبوت بالإسناد، وما دام في إسناده ضعفاء، فهو ضعيف.
"وَاخْتُلِفَ فِي الْمُسْتَثْنَى مَنْ هُمْ؟ فَقِيلَ: هُمُ الشُّهَدَاءُ".
{إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}[النمل:87]، من الذي استُثْنِي من هذا الصعق؟
"فَقِيلَ: هُمُ الشُّهَدَاءُ مُتَقَلِّدِينَ أَسْيَافَهُمْ حَوْلَ الْعَرْشِ. رُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَا ذَكَرَ الْقُشَيْرِيُّ، وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ".
هذا أيضًا كذلك.
طالب: أحسن الله إليك، قال أخرجه البيهقي في البعث من حديث أبي هريرة في أثناء حديث الصور المطول، وإسناده ضعيف، لكن لبعضه شواهد راجع ما ذكره الحافظ في ....، وانظر التذكرة للقرطبي، وأخرجه أبو يعلى كما في تفسير ابن كثير من طريق آخر عن أبي هريرة مرفوعًا، وهو مختصر، قال ابن كثير: رجاله ثقات سوى شيخ إسماعيل بن عياش، فإنه غير مشهور.
نعم.
"وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِيمَا ذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ، وَقِيل: جِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ، وَمَلَكُ الْمَوْتِ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ-، وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ» أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَلَا : {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ{ ، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَنْ هُمُ الَّذِينَ اسْتَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى؟ قَالَ: هُمْ جِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ، وَمَلَكُ الْمَوْتِ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَلَكِ الْمَوْتِ: يَا مَلَكَ الْمَوْتِ مَنْ بَقِيَ مِنْ خَلْقِي؟ وَهُوَ أَعْلَمُ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ بَقِيَ جِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ، وَإِسْرَافِيلُ، وَعَبْدُكَ الضَّعِيفُ مَلَكُ الْمَوْتِ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: خُذْ نَفْسَ إِسْرَافِيلَ، وَمِيكَائِيل، فَيَخِرَّانِ مَيِّتَيْنِ كَالطَّوْدَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ، فَيَقُولُ: مُتْ يَا مَلَكُ الْمَوْتِ".
يا ملكَ.
"يا ملكَ الموتِ فَيَمُوتُ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِجِبْرِيلَ: يَا جِبْرِيلُ! مَنْ بَقِيَ؟ فَيَقُولُ: تَبَارَكْتَ، وَتَعَالَيْتَ يا ذَا الْجَلَالِ، وَالْإِكْرَامِ، وَجْهُكَ الْبَاقِي الدَّائِمُ، وَجِبْرِيلُ الْمَيِّتُ الْفَانِي، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا جِبْرِيلُ لَا بُدَّ مِنْ مَوْتِكَ، فَيَقَعُ سَاجِدًا يَخْفِقُ بِجَنَاحَيْهِ يَقُولُ: سُبْحَانَكَ رَبِّي تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ، وَالْإِكْرَامِ فقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ فَضْلَ خَلْقِهِ عَلَى خَلْقِ مِيكَائِيلَ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ عَلَى الظَّرِبِ»".
الظَّرِبِ نعم الظَّرِبِ ككتف.
"«كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ عَلَى الظَّرِبِ مِنَ الظِّرَابِ» ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ، وَذَكَرَهُا النَّحَّاسُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي قَوْلِهِ– جَلَّ وَعَزّ-: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} قَال: جِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ، وَحَمَلَةُ الْعَرْشِ، وَمَلَكُ الْمَوْتِ، وَإِسْرَافِيلُ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ: إِنَّ آخِرَهُمْ مَوْتًا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلَام، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الشُّهَدَاءِ أَصَحُّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي [النَّمْلِ]. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ رِضْوَانُ، وَالْحُورُ، وَمَالِكٌ، وَالزَّبَانِيَةُ، وَقِيلَ: عَقَارِبُ أَهْلِ النَّارِ، وَحَيَّاتُهَا. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ، وَمَا يَدَعُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ، وَالْأَرْضِ إِلَّا أَذَاقَهُ الْمَوْتَ، وَقَالَ قَتَادَةُ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِثُنْيَّاهُ".
بِثُنْيَاهُ، ِثُنْيَاهُ يعني الاستثناء.
" اللَّهُ أَعْلَمُ بِثُنْيَاهُ، وَقِيلَ: الِاسْتِئْنَاءُ فِي قَوْلِهِ: {إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} يَرْجِعُ إِلَى مَنْ مَاتَ قَبْلَ النَّفْخَةِ الْأُولَى، أَيْ: فَيَمُوتُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ، وَالْأَرْضِ إِلَّا مَنْ سَبَقَ مَوْتُهُ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ مَاتُوا، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، وَابْنِ مَاجَهْ، وَاللَّفْظُ لَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:» قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ بِسُوقَيِ الْمَدِينَةِ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، فَرَفَعَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يَدَهُ، فَلَطَمَهُ، قَالَ: تَقُولُ هَذَا وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: قَالَ اللَّهُ –عَزَّ وَجَلَّ-: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ، فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى، فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَرَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلِي، أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ، وَمَنْ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى، فَقَدْ كَذَبَ« وَخَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا، وَقَالَ فِيهِ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".
وهو أصح ما في الباب، وهو أصح ما في الباب، وما عداه كلها ضعيفة، ماذا قال عن الأخيرات؟
طالب: أحسن الله إليكم قال في الأول: ضعيف جدًّا ذكره السيوطي، فقال: في الدر: أخرجه الفريابي وعبد الرحمن بن حميد وأبو نصر السجزي.
عبد، عبد بن حميد.
طالب: وعبد بن حميد.
طالب: وأبو نصر السجزي بالإبانة، وابن مردويه من حديث أنس. ا.ه.
وفيه يزيد الرقاشي وهو واهٍ، وابن إسحاق وهو مدلس، وقد عنعن، والخبر منكر.
بلا شك، يعني ما في الباب إلا هذا الحديث الصحيح، كون النبي -عليه الصلاة والسلام- أول من يُبعث، فإذا رفع رأسه «فإذا بموسى آخذ بقائمة العرش» وفي لفظٍ «باطش» يعني آخذ بقوة يقول: «فلا أدري أبُعث قبلي أو جوزي بصعقة الطور» «أو جوزي بصعقة الطور» هذا في حديث البخاري وغيره، وهو ما أصح ما في الباب. ومثل هذا التفضيل لموسى -عليه السلام- يُذكر في مقام يُتنقص فيه، إذا تُنقِّص كما هي الجادة في التفضيل بين الأنبياء، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: »لا تفضلوا بين الأنبياء«، والله -جل وعلا- يقول: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[البقرة:253]، فإذا كان التفضيل يلزم منه التطاول على بعضهم، أو الاستخفاف به، أو تنقصه، فإنه حينئذٍ لا يجوز التفضيل، ولذا قال: »وَمَنْ قَالَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى، فَقَدْ كَذَبَ«، وفي رواية «لا تفضلوني على يونس بن مَتَّى»؛ لأن يونس حصل منه ما حصل مما قصه الله -جل وعلا-، فقد يتطاول عليه بعض السفهاء، ولذا نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن تفضيله، وهو أفضل الخلق، وسيد ولد آدم على يونس بن مَتَّى.
مثل هذا كونه يذكر هذه الخصيصة وهذه المنقبة لموسى -عليه السلام- إنما هو من أجل الدفاع عنه لما تنقَّصه مسلم، لما ضرب اليهودي الذي فضَّل موسى على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذه المشاحنة، وهذه المخاصمة، والمنازعة لا بد أن تجر إلى التنقُّص، إذا استرسلوا فيها فلا بد أن تجر إلى التنقص، فحُسمت المادة بذكر منقبة لموسى -عليه السلام- تجعله لا يُتعرض له، أو ليس هناك مجال لأن يُتنقص، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- أول من يُكسى يوم القيامة إبراهيم، والتفضيل الجزئي لا يقتضي التفضيل الإجمالي الكلي، يعني كون الإنسان يُفضل بخلصة، وغيره يَفْضُلُهُ بخصال كثيرة لا يعني أنه أفضل منه، كما هو الشأن بالنسبة لإبراهيم -عليه السلام-، ومحمد، يُكسى قبله، وكما أن موسى وجده النبي -عليه الصلاة والسلام- آخذًا بقائمة العرش، وهو أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، والله المستعان.
طالب:.........
نعم.
طالب:.........
كيف خبره؟
طالب:........
هذا ما فيه إشكال، لا، ما فيه إشكال، يعني لو أن إنسانًا يعني في أمورنا العادية، في أمورنا العادية، خرجت النتائج فلان هو الأول، ودرجاته الأعلى، لكن إذا نظرت في مفردات المواد وجدت في بعض المواد من هو أقوى منه، لكن في المجموع هو الأعلى، وإذا بعض الخصال مثل أول من يُكسى يوم القيامة لا شك أنه إبراهيم -عليه السلام- هذا في الحديث الصحيح، قبل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكون هذه المنقبة تحصل له لا يعني أنه أفضل من محمد الذي فاقه في جميع الفضائل، والمزايا، ما يمنع، التفضيل الجزئي في جزئية ما لا يعني التفضيل الإجمالي كليًّا.
طالب:........... النقاش عن أنس.
ضعيف ضعيف.
طالب:..........
ضعيف، ضعيف جدًّا.
طالب:............. يعني عن ضعفه.
يزيد، عابد عابد.
طالب: متأخر عن أنس.
لا يضر الانقطاع مع الضعف، ضعف الذات، يعني ضعف الذات مشكلة، وهو عابد، هو غفل عن تحفظ الحديث، ومعرفة الحديث، فوقعت الأوهام في أحاديثه.
"قَالَ الْقُشَيْرِيّ :وَمَنْ حَمَلَ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى مُوسَى، وَالشُّهَدَاءِ، فَهَؤُلَاءِ قَدْ مَاتُوا غَيْرَ أَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ اللَّهِ، فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الصَّعْقَةُ بِزَوَالِ الْعَقْلِ دُونْ زَوَالَ الْحَيَاةِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بِالْمَوْتِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْتُ وَالْحَيَاةُ، فَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يُجَوِّزُهُ الْعَقْلُ، وَالْأَمْرُ فِي وُقُوعِهِ مَوْقُوفٌ عَلَى خَبَرٍ صِدْق".
أما بالنسبة للشهداء، فحياتهم لا شك أنها حياة برزخية، ليست كحياتهم قبل مفارقة أرواحهم لأبدانهم، وليسوا كغيرهم ممن مات وكُتب عليه الفناء، لكن عموم الأرواح، عموم الأرواح مما استُثني من الفناء كبقية الثمانية:
ثمانية حُكم البقاء يعمها من |
الخلق والباقون في حيز العدم |
هي
هي العرش والكرسي نارٌ وجنةٌ |
وعَجْبٌ وأرواحٌ كذا اللوح والقلم |
هذه كلها ما تفنى، يعني مستثنى، جاءت النصوص على استثنائها، فما الذي يخص الشهداء من هذا إذا كانت الروح كلها باقية، نعم أجساد الشهداء تختلف عن أجساد غيرهم، لا تأكلها الأرض، والله -جل وعلا- حرم أجساد الأنبياء على الأرض، فالذي يظهر أن الاستثناء ما دام الحديث الذي فيه ذكر الشهداء الذي خرجه ابن ماجه ضعيف، فالذي يظهر أنهم كغيرهم {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ}[الرحمن:26].
"قُلْتُ: جَاءَ فِي بَعْضِ طُرُقِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَالَ:» لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى فَإِنَّ النَّاسَ يُصْعَقُون، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَمْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ «خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ".
يعني بعض الألفاظ: أم جوزي بصعقة الطور؛ لأنه لما تجلَّى الرب للجبل جعله دكًا خر موسى صعقًا، فجوزي بها، لعله جُوزي بهذه الصعقة.
"وَنَحْوَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَالْإِفَاقَةُ إِنَّمَا تَكُونُ عَنْ غَشْيَةٍ، وَزَوَالِ عَقْلٍ لَا عَنْ مَوْتٍ بِرَدِّ الْحَيَاةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى:} فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} أَيْ فَإِذَا الْأَمْوَاتُ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، وَالسَّمَاءِ أَحْيَاءٌ بُعِثُوا مِنْ قُبُورِهِمْ، وَأُعِيدَتْ إِلَيْهِمْ أَبْدَانُهُمْ، وَأَرْوَاحُهُمْ، فَقَامُوا يَنْظُرُونَ مَاذَا يُؤْمَرُونَ؟ وَقِيلَ: قِيَامٌ عَلَى أَرْجُلِهِمْ يَنْظُرُونَ إِلَى الْبَعْثِ الَّذِي وُعِدُوا بِهِ، وَقِيلَ: هَذَا النَّظَرُ بِمَعْنَى الِانْتِظَارِ، أَيْ: يَنْتَظِرُونَ مَا يُفْعَلُ بِهِمْ، وَأَجَازَ الْكِسَائِيُّ قِيَامًا بِالنَّصْبِ، كَمَا تَقُولُ: خَرَجْتُ فَإِذَا زَيْدٌ جَالِسًا".
يعني من حيث العربية التجويز من حيث العربية، والحَكَمُ في ذلك الرواية.
"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا{ إِشْرَاقُهَا إِضَاءَتُهَا، يُقَالُ: أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ إِذَا أَضَاءَتْ، وَشَرَقَتْ إِذَا طَلَعَتْ، وَمَعْنَى:} بِنُورِ رَبِّهَا{ بِعَدْلِ رَبِّهَا، قَالَهُ الْحَسَنُ، وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ :بِحُكْمِ رَبِّهَا، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، أَيْ: أَنَارَتْ، وَأَضَاءَتْ".
يعني هناك فرق بين الشروق، والإشراق، الشروق، والإشراق؛ لأنه يقول: أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ إِذَا أَضَاءَتْ، وَشَرَقَتْ إِذَا طَلَعَتْ، فالشروق هو البزوغ، والإشراق هو الارتفاع، وعلى هذا ما يُذكر في التقاويم من الشروق يُراد به البزوغ، يعني ما ندري هل لاحظوا هذا المعنى، واختلاف شروق عن إشراق في أثناء وضع التقويم؟ لكنه هو للبزوغ، ولهذا لا تجوز الصلاة على الرقم الموضوع في التقاويم؛ لأنه لبزوغ الشمس لا لارتفاعها، فلتُنْتَظَر بعد ذلك عشر دقائق، أو أكثر لا بد من الانتظار حتى ترتفع.
وهنا يؤخذ من قولهم" أشرقت الشمس إذا أضاءت، ولذا يقال: صلاة الإشراق من إضافة الشيء إلى زمنه، ووقته، ولا يقال: صلاة الشروق، لهذه الدقائق يُنتبه إليها.
طالب:.........
لا لا لا، لا ليس بصحيح، لا.
طالب:........
حتى لو قال: عندي تقويم من سنة واحد هجرية إلى ألف وخمسمائة، إذا طبقته على التقاويم الموجودة وجدته مطابقًا من سنة واحد للهجرة قبل مولد الذي وضعه بألف وثلاثمائة سنة، أو ألف ومئتين وخمسين سنة، تُدرك هذه لأنه إذا ضبط طلوع الشمس، وغروبها في كل يوم بعينه من السنة، فالسنوات التي تليها مثلها؛ لأن هذه أمور مرتبة، وجارية على المطالع، والمشارق، والمغارب على طلوع الشمس، وغروبها، وليس هذا مثل الهلال التي تثبت به الأشهر، لا؛ لأن هذا مضطرد، هذا مضطرد، هذا اليوم من هذه السنة مثل اليوم الذي يليه من السنة التي تليها يعني من السنوات الشمسية لا القمرية، من السنوات الشمسية، ليس المراد بها القمرية.
وأما بالنسبة للأهلة، فقد يكون الشهر كاملًا، وقد يكون ناقصًا، يعني ليس بمضطرد، فلا يقاس هذا على هذا، وأما بالنسبة للتفريق بين الصادق، والكاذب، والتقدم، والتأخر، فمردّ ذلك إلى فهم الصبح، وفهم الفجر، وفهم الخيط، الخيط الدقيق الرفيع الذي لا يُدركه كثير من الناس، هذا هو الذي يكون قبل الفجر الذي هو انفجار الضوء، والأحكام رُتِّبت على الخيط.
"وَقَالَ الضَّحَّاكُ :بِحُكْمِ رَبِّهَا، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، أَيْ: أَنَارَتْ، وَأَضَاءَتْ بِعَدْلِ اللَّهِ، وَقَضَائِهِ بِالْحَقِّ بَيْنَ عِبَادِهِ، وَالظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ، وَالْعَدْلُ نُورٌ، وَقِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلْبِسُهُ وَجْهَ الْأَرْضِ، فَتُشْرِقُ الْأَرْضُ بِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ".
لا داعي إلى هذا كله مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: »حجابه النور«، »حجابه النور«، وفي روايةٍ »النار« لو كشف هؤلاء أحرقت سبحات وجه ما انتهى إليه الخلق.
على كل حال كونهم يفرون من إثبات ما يتعلق بالله -جل وعلا- لا شك أنه حيد عن مذهب سلف هذه الأمة، وأئمتها من الصحابة، ومن تبعهم بإحسان.
طالب:.......
أين؟
طالب:................ليرد ربها مردها يعني يُراد......
لا لا لا، بمعنى من معانيه، بمعنى من معانيه، ليس هو المراد في الآية، في معنى من المعاني يعني النور يحتمل أن يكون كذا، وكذا، وكذا العدل نور، والظلم جهل، والجهل ظلام، والعلم نور، وكذا هذه معانٍ متعددة، فهم يحملونه على ما يوافق مذاهبهم.
طالب: يعني ما يقصد المؤلف هو أنه يعني يبتعد عن أن يثبت النور إلى الله -عز وجل-.
ألا يبتعد.
طالب: يقصد.
يقصد هذا نعم، ولذلك أوَّله بعدله أوَّله بالعدل، العدل لا يثبت فيه نور، والعدل نور صحيح، لكنه ليس بنور حسي، نور معنوي، وحقيقة نور الله -جل وعلا-، وكيفيته الله أعلم بها، لكنه ثابت {اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ، وَالأَرْضِ}[النور:35] »حجابه النور« أمور ثابتة بالنصوص القطعية.
"وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ النُّورُ الْمَذْكُورُ هَاهُنَا لَيْسَ مِنْ نُورِ الشَّمْسِ، وَالْقَمَرِ، بَلْ هُوَ نُورٌ يَخْلُقُهُ اللَّهُ، فَيُضِيءُ بِهِ الْأَرْضَ، وَرُوِيَ أَنَّ الْأَرْضَ يَوْمَئِذٍ مِنْ فِضَّةٍ تُشْرِقُ بِنُورِ اللَّهِ تَعَالَى حِينَ يَأْتِي لِفَصْلِ الْقَضَاءِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهَا أَشْرَقَتْ بِنُورٍ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَأَضَافَ النُّورَ إِلَيْهِ عَلَى حَدِّ إِضَافَةِ الْمِلْكِ إِلَى الْمَالِكِ.
وَقِيلَ: إِنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي يَقْضِي فِيهِ بَيْنَ خَلْقِهِ؛ لِأَنَّهُ نَهَارٌ لَا لَيْلَ مَعَهُ، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْر: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ{ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَهِيَ قِرَاءَةٌ عَلَى التَّفْسِيرِ. وَقَدْ ضَلَّ قَوْمٌ هَاهُنَا، فَتَوَهَّمُوا أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ جِنْسِ النُّورِ، وَالضِّيَاءِ الْمَحْسُوسِ، وَهُوَ مُتَعَالٍ عَنْ مُشَابَهَةِ الْمَحْسُوسَاتِ، بَلْ هُوَ مُنَوِّرُ السَّمَاوَاتِ، وَالْأَرْضِ، فَمِنْهُ كُلُّ نُورٍ خَلْقًا، وَإِنْشَاءً، وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاس: وَقَوْلُهُ -عَزَّ وَجَلَّ-} :وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} يُبَيِّنُ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَرْفُوعَ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ صِحَاحٍ» تَنْظُرُونَ إِلَى اللَّهِ –عَزَّ وَجَلَّ- لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِه«، وَهُوَ يُرْوَى عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: لَا تُضَامُونَ، وَلَا تُضَارُونَ، وَلَا تضَامُّونَ، وَلَا تضَارُّونَ، فَمَعْنَى "لَا تُضَامُونَ": لَا {يَلْحَقُكُمْ} ضَيْمٌ كَمَا يَلْحَقُكُمْ فِي الدُّنْيَا فِي النَّظَرِ إِلَى الْمُلُوكِ،وَ "لَا تُضَارُونَ": لَا يَلْحَقُكُمْ ضَيْرٌ، وَ"لَا تُضَامُّونَ": لَا يَنْضَمُّ بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ لِيَسْأَلَهُ أَنْ يُرِيَهُ، وَ"لَا تُضَارُّونَ" لَا يُخَالِفُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا. يُقَالُ: ضَارَّهُ مُضَارَّةً، وَضِرَارًا أَيْ: خَالَفَهُ" .
وقد يحتمل أن يقول: لا يحصل لكم ضرر؛ بسبب هذا الزحام من أجل أن تروا ربكم، فهو يُرى كما يُرى القمر ليلة البدر بدون مُضارة، ولا مُضامة، ولا غيرها.
"قَوْلُهُ تَعَالَى:} وَوُضِعَ الْكِتَابُ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :يُرِيدُ اللَّوْحَ الْمَحْفُوظ، وَقَالَ قَتَادَةُ :يُرِيدُ الْكِتَابَ، وَالصُّحُفَ الَّتِي فِيهَا أَعْمَالُ بَنِي آدَمَ، فَآخِذٌ بِيَمِينِهِ، وَآخِذٌ بِشِمَالِهِ،} وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ}".
فالمؤمن آخذ بيمينه، والكافر آخذ بشماله، أو من وراء ظهره، وابن حزم في مقدمة المُحلى يقول: إن المؤمن يأخذ بيمينه، والكافر بشماله، والفاسق من وراء ظهره، الفاسق الذي لا يصل إلى الكفر من وراء ظهره، يعني لأن الظهر بين اليمين والشمال، والله المستعان.
طالب:............كونه يأخذ الكتاب............
لا، كونه يأخذ الكتاب لا يعني أنه يُحاسب، لا يعني أنه يُحاسب.
}"وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ} أَيْ جِيءَ بِهِمْ، فَسَأَلَهُمْ عَمَّا أَجَابَتْهُمْ بِهِ أُمَمُهُمْ، وَالشُّهَدَاءُ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْأُمَمِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}[البقرة:143]، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالشُّهَدَاءِ الَّذِينَ اسْتُشْهِدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَيَشْهَدُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمَنْ ذَبَّ عَنْ دِينِ اللَّهِ، قَالَهُ السُّدِّيُّ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هُمُ الْحَفَظَةُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ عَلَى النَّاسِ بِأَعْمَالِهِمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:} وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ}[ق:21]، فَالسَّائِقُ يَسُوقُهَا إِلَى الْحِسَابِ، وَالشَّهِيدُ يَشْهَدُ عَلَيْهَا، وَهُوَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِالْإِنْسَانِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي] ق[، }وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ {أَيْ؛ بِالصِّدْقِ، وَالْعَدْلِ،} وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ :لَا يُنْقَصُ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ، وَلَا يُزَادُ عَلَى سَيِّئَاتِهِمْ،} وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ{ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ،} وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ} فِي الدُّنْيَا، وَلَا حَاجَةَ بِهِ -عَزَّ وَجَلَّ- إِلَى كِتَابٍ، وَلَا إِلَى شَاهِدٍ، وَمَعَ ذَلِكَ، فَتَشْهَدُ الْكُتُبُ، وَالشُّهُودُ إِلْزَامًا لِلْحُجَّةِ ."
كما أنها توضع الموازين، والله -جل وعلا- ليس بحاجة ليعرف مآل المخلوقين إلى ميزانٍ، ولا لغيره، ولكن من أجل قيام الحجة؛ ليرى الإنسان نتيجة عمله بنفسه.
"قَوْلُهُ تَعَالَى:} وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا} هَذَا بَيَانُ تَوْفِيَةِ كُلِّ نَفْسٍ عَمَلَهَا، فَيُسَاقُ الْكَافِرُ إِلَى النَّارِ، وَالْمُؤْمِنُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَالزُّمَرُ: الْجَمَاعَاتُ وَاحِدَتُهَا زُمْرَةٌ كَظُلْمَةٍ، وَغُرْفَةٍ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ: زُمَرًا: جَمَاعَاتٌ مُتَفَرِّقَةٌ بَعْضُهَا إِثْرَ بَعْضٍ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَتَرَى النَّاسَ إِلَى مَنْزِلِهِ زُمَرًا تَنْتَابُهُ بَعْدَ زُمَرْ
وَقَالَ آخَرُ:
حَتَّى احْزَأَلَّتْ زُمَرٌ بَعْدَ زُمَرْ
وَقِيلَ:
دَفْعًا وَزَجْرًا بِصَوْتٍ كَصَوْتِ الْمِزْمَارِ
}حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} جَوَابُ إِذَا، وَهِيَ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ، وَقَدْ مَضَى فِي [الْحِجْرِ[،} وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا{وَاحِدُهُمْ خَازِنٌ نَحْوَ سَدَنَةٌ، وَسَادِنٌ، يَقُولُونَ لَهُمْ تَقْرِيعًا، وَتَوْبِيخًا،} أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ} أَيِ؛ الْكُتُبُ الْمُنَزَّلَةُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَيُنْذِرُونَكُمْ أَيْ؛ {يُخَوِّفُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى{ أَيْ؛ قَدْ جَاءَتْنَا، وَهَذَا اعْتِرَافٌ مِنْهُمْ بِقِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِم، }وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ}، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى:} لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}[هود:119]،} قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا {أَيْ؛ يُقَالُ لَهُمُ: ادْخُلُوا جَهَنَّمَ، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي أَبْوَابِهَا قَالَ وَهْبٌ: تَسْتَقْبِلُهُمُ الزَّبَانِيَةُ بِمَقَامِعَ مِنْ نَار،ٍ فَيَدْفَعُونَهُمْ بِمَقَامِعِهِمْ، فَإِنَّهُ لَيَقَعُ فِي الدَّفْعَةِ الْوَاحِدَةِ إِلَى النَّارِ بِعَدَدِ رَبِيعَةَ، وَمُضَرَ،} فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} يَعْنِي مِنَ الشُّهَدَاءِ، وَالزُّهَّادِ، وَالْعُلَمَاءِ، وَالْقُرَّاءِ، وَغَيْرِهِمْ، مِمَّنِ اتَّقَى اللَّهَ تَعَالَى، وَعَمِلَ بِطَاعَتِهِ،َ قَالَ فِي حَقِّ الْفَرِيقَيْنِ: وَسِيقَ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، فَسَوْقُ أَهْلِ النَّارِ طَرْدُهُمْ إِلَيْهَا بِالْخِزْيِ، وَالْهَوَانِ، كَمَا يُفْعَلُ بِالْأُسَارَى، وَالْخَارِجِينَ عَلَى السُّلْطَانِ إِذَا سِيقُوا إِلَى حَبْسٍ، أَوْ قَتْلٍ، وَسَوْقُ أَهْلِ الْجِنَانِ سَوْقُ مَرَاكِبِهِمْ إِلَى دَارِ الْكَرَامَةِ، وَالرِّضْوَانِ; لِأَنَّهُ لَا يُذْهَبُ بِهِمْ إِلَّا رَاكِبِينَ كَمَا".
{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا}[مريم:85]، {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ}[مريم:86] يعني فرق بين هذا، وهذا مع أنه جاء سوقهم هنا للذين اتقوا، والذين كفروا، لكن فرق بين سوقٍ، وسوق، هذا السوق سوف يفسِّره ما جاء في الآية الأخرى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا]85[، وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا}[مريم:86] يعني كالإبل عند ورود الماء بعضها يقبل، وبعضها لا يقبل، فتُضرب حتى ترد، تورد البقر، ولا تقبل الورود، فلا تُضرب، إنما يُضرب الثور.
كالثور يُضرب لما عافت البقر
البقر فيها الحليب، فيها ما ينفع الناس، فالثور هو الذي يُضرب، وهؤلاء يُدفعون دفعًا، يُدعون دعًا يعني يُدفعون بقوة وبشدة، -نسأل الله العافية-.
طالب:.......
نعم.
طالب:.......
ما رأيت من سبقه، ولا دليل يعتمد عليه، لكنه أراد التنويع فقط.
طالب:........
أين؟
طالب:........
نعم، لكن حتى من أوتي الكتاب، وهو دارٍ متوعد بالعذاب.
على كل حال يريد التنويع، وأن الناس أنواع، وجاء فيه حديث »العصاة مسكوت عنهم« مثل السؤال في القبر، فأما المؤمن، فيقول كذا، وأما المنافق والمرتاب، فيقول: كذا، طيب ماذا عن العاصي؟ هل يكون ممن يجيب، أو ممن لا يجيب؟ هذه أمور سُكت عنها، ولا داعي إلى تفصيلها.
"لِأَنَّهُ لَا يُذْهَبُ بِهِمْ إِلَّا رَاكِبِينَ كَمَا يُفْعَلُ بِمَنْ يُشَرَّفُ، وَيُكَرَّمُ مِنَ الْوَافِدِينَ عَلَى بَعْضِ الْمُلُوكِ، فَشَتَّانَ مَا بَيْنِ السَّوْقَيْنِ.
طالب: شيخ ما يكون معافًى من عقاب الذين أنكروا وجه الله، وأنكروا بعد صفة رؤية الله كل عقابهم حرمانهم يوم القيامة من رؤية الله -جل وعلا-، والنظر إليه؟
الجزاء من جنس العمل، الجزاء من جنس، وأَخْوَف ما يُخاف على منكر الصفات مثل حديث «إذا جاءهم بصورته التي يعرفونها» يعني التي جاءت في النصوص سجدوا له، ماذا عن الذين ينكرون هذه الصفات؟ هم يعرفون هذه الصفات؟ ما يعرفونها؛ لأنهم ينكرونها.
"{حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا{ قِيلَ: الْوَاوُ هُنَا لِلْعَطْفِ عَطْفٍ عَلَى جُمْلَةٍ، وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: أَيْ: سُعِدُوا، وَفُتِحَتْ، وَحَذْفُ الْجَوَابِ بَلِيغٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَأَنْشَدَ:
فَلَوْ أَنَّهَا نَفْسٌ تَمُوتُ جَمِيعَةً |
وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ تَسَاقَطُ أَنْفُسَا |
فَحَذَفَ جَوَابَ لَوْ، وَالتَّقْدِيرُ: لَكَانَ أَرْوَحَ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ".
يعني لو كانت نفسًا واحدة تموت، وتنتهي، كان الأمر أسهل، وأروح، لكنها أنفس متعددة مثل قوله: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا}[الزمر:73]، حُذف الجواب؛ ليكون أبلغ، ويسرح معه الذهن كل مسرح، وكل احتمال يورده هنا.
"وَقَالَ الزَّجَّاج: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا} دَخَلُوهَا، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ: الْوَاوُ زَائِدَةٌ، قَاله الْكُوفِيُّونَ، وَهُوَ خَطَأٌ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ زِيَادَةَ الْوَاوِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَبْوَابَ فُتِحَتْ لَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا لِكَرَامَتِهِمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّقْدِيرُ: حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا، وَأَبْوَابُهَا مُفَتَّحَةٌ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأَبْوَابُ}[ص:50]، وَحَذْفُ الْوَاوِ فِي قِصَّةِ أَهْلِ النَّارِ؛ لِأَنَّهُمْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ، وَفُتِحَتْ بَعْدَ وُقُوفِهِمْ إِذْلَالًا، وَتَرْوِيعًا لَهُمْ. ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيُّ، وَحَكَى مَعْنَاهُ النَّحَّاسُ قَبْلَهُ".
وقيل: يُفاجؤون بهول الموقف، يُفاجؤون بهول الموقف، يعني لا يدرون ما وراء هذه الأبواب، فإذا فُتِحَت تفاجؤوا من شدة ما فيها من عذاب -نسأل الله العافية-.
قَالَ النَّحَّاسُ: فَأَمَّا الْحِكْمَةُ فِي إِثْبَاتِ الْوَاوِ فِي الثَّانِي، وَحَذْفِهَا فِي الْأَوَّلِ، فَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِقَوْلٍ لَا أَعْلَمُ أَنَّهُ سَبَقَهُ إِلَيْهِ أَحَدٌ، وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ اللَّهُ –عَزَّ وَجَلَّ- فِي أَهْلِ النَّارِ: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} دَلَّ بِهَذَا عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُغْلَقَةً، وَلَمَّا قَالَ فِي أَهْلِ الْجَنَّةِ: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} دَلَّ بِهَذَا عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُفَتَّحَةً قَبْلَ أَنْ يَجِيئُوهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقِيلَ: إِنَّهَا وَاوُ الثَّمَانِيَةِ، وَذَلِكَ مِنْ عَادَة ِقُرَيْشٍ أَنَّهُمْ يَعُدُّونَ مِنَ الْوَاحِدِ، فَيَقُولُونَ: خَمْسَةٌ، سِتَّةٌ، سَبْعَةٌ، وَثَمَانِيَّةٌ.
وهذا له أمثلة من القرآن سيذكر المؤلف بعضها، وتقدم الكلام في بعضها، وأنكر كثير من النُحاة وجود هذه الواو في كلام العرب، وأنها وقعت في هذه الأمثلة اتفاقًا من غير قصد، التائبون، العابدون إلى أن قال: الآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر؛ لأن النهي وقع ثامنًا، ثيبات، وأبكارًا؛ لأن الأبكار ثامنة، ويقولون سبعة، وثامنهم هذه الواو يقولون: إنها واو الثمانية كما هنا، نعم.
"فَإِذَا بَلَغُوا السَّبْعَةَ قَالُوا: وَثَمَانِيَّةٌ، قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ}[الحاقة:7]، وَقَالَ: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ}[التوبة:112]، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّامِنِ:} وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ}[التوبة:112]، وَقَالَ} :وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ}[الكهف:22]، وَقَالَ: {ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا}[التحريم:5]، وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا فِي [بَرَاءَةَ] مُسْتَوْفًى، وَفِي [الْكَهْفِ] أَيْضًا.
قُلْتُ: وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا مَنْ قَالَ: إِنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةٌ، وَذَكَرُوا حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
عمر، عمر هل مصروف، أو ممنوع؟
طالب: ممنوع.
ممنوع، لماذا؟
طالب:.............
لا العلمية، وماذا؟
العدل معدول عن عامر يكون، ومنهم من يقول: هو مصروف، لأن عُمَرَ جمع عمرة، كم عُمَر النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ أربع، فهو جمع عُمْرَة، وعلى هذا يكون مصروفًا، والأكثر على أنه ممنوع للعلمية، والعدل.
"وَذَكَرُوا حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:» مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ، فَيُبْلِغُ أَوْ فَيُسْبِغُ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ، وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ «خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ، وَغَيْرُهُ، وَقَدْ خَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ عُمَرَ هَذَا، وَقَالَ فِيهِ: فُتِحَ لَهُ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِزِيَادَةٍ مِنْ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ".
لأن (من) تبعيضية، فتكون هذه الثمانية بعض أبواب الجنة.
"وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي كِتَابِ التَّذْكِرَةِ، وَانْتَهَى عَدَدُهَا إِلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ بَابًا، وَذَكَرْنَا هُنَاكَ عِظَمَ أَبْوَابِهَا وَسَعَتَهَا حَسَبَ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ ذَلِكَ، فَمَنْ أَرَادَهُ وَقَفَ عَلَيْهِ هُنَاكَ. {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا} قِيلَ: الْوَاوُ مُلْغَاةٌ تَقْدِيرُهُ: حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا قَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ أَيْ: فِي الدُّنْيَا، قَالَ مُجَاهِدٌ: بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَقِيلَ: بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ، حَكَاهُ النَّقَّاشُ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: إِذَا قَطَعُوا جِسْرَ جَهَنَّمَ حُبِسُوا عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيُقَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا، وَطُيِّبُوا قَالَ لَهُمْ رِضْوَانُ، وَأَصْحَابُه: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ{ بِمَعْنَى التَّحِيَّةِ} طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}.
قُلْتُ: خَرَّجَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ الْقَنْطَرَةِ هَذَا فِي جَامِعِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: »يَخْلُصُ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّار،ِ فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ، وَالنَّار،ِ فَيُقَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضِ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا، وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَأَحَدُهُمْ أَهْدَى بِمَنْزِلِهِ فِي الْجَنَّةِ مِنْهُ بِمَنْزِلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا، وَحَكَى النَّقَّاشُ: إِنَّ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَنْبُعُ مِنْ سَاقِهَا عَيْنَانِ يَشْرَبُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ إِحْدَاهُمَا، فَتُطَهِّرُ أَجْوَافَهُمْ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:} وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا}[الإنسان:21]، ثُمَّ يَغْتَسِلُونَ مِنَ الْأُخْرَى، فَتَطِيبُ أَبْشَارُهُمْ، فَعِنْدَهَا يَقُولُ لَهُمْ خَزَنَتُهَا {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}، وَهَذَا يُرْوَى مَعْنَاهُ عَنْ عَلِيّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، }وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ} أَيْ؛ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ قَالُوا هَذَا، {وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ{ أَيْ؛ أَرْضُ الْجَنَّةِ، قِيلَ: إِنَّهُمْ وَرِثُوا الْأَرْضَ الَّتِي كَانَتْ تَكُونُ لِأَهْلِ النَّارِ لَوْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ، قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَأَبُو صَالِحٍ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِين، وَقِيلَ: إِنَّهَا أَرْضُ الدُّنْيَا عَلَى التَّقْدِيمِ، وَالتَّأْخِيرِ. قوله تعالى: {فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} قِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ أَيْ: نِعْمَ الثَّوَابُ هَذَا، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى، أَيْ : نِعْمَ ثَوَابُ الْمُحْسِنِينَ هَذَا الَّذِي أَعْطَيْتُهُمْ، قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ} يَا مُحَمَّدُ !حَافِّينَ أَيْ؛ مُحْدِقِينَ} مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ} يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} مُتَلَذِّذِينَ بِذَلِكَ لَا مُتَعَبِّدِينَ بِهِ، أَيْ: يُصَلُّونَ حَوْلَ الْعَرْشِ شُكْرًا لِرَبِّهِمْ، وَالْحَافُّونَ؛ أُخِذَ مِنْ حَافَّاتِ الشَّيْءِ، وَنَوَاحِيهِ، قَالَ الْأَخْفَشُ: وَاحِدُهُمْ حَافٌّ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَا وَاحِدَ لَهُ إِذْ لَا يَقَعُ لَهُمُ الِاسْمُ إِلَّا مُجْتَمِعِينَ".
بعض المترجمين طُلبت منه ترجمة من باب الاختبار بعض الآيات، وبعض الأحاديث، فكان مما طُلب منه ترجمة هذه الآية، وترجم حافين قال: غير منتعلين، ترجمها على معنى أنهم غير منتعلين من الحفا يعني حافين، وهذا لا شك أن هذا جهل، والمترجم لا بد أن يكون عنده إضافة للثقة، والأمانة يكون عنده علم بما يترجم، كما قال بعض المستشرقين حينما ترجم بعض النصوص، وقال: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُم،ْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}[البقرة:187] ترجم على أنه بنطلون لها، وهي بنطلون له، كلام يعني دخول الإنسان فيما لا يُحسنه لا شك أنه كارثة، فيُترك كل شيء لمن يُحسنه، والترجمة لا بد أن يكون المترجم ثقة، والثقة في هذا الباب تجمع بين العدالة، والتدين، والضبط، والإتقان، ومعرفة ما هو بصدده، هذا من تمام الثقة، لذلك كم وقع من التحريف بسبب الترجمة؟ يتكلم العالم، ويفتي، ويدرس، ثم يأتي من يترجم قد يُحرف كلامه عن مواضعه بقصد، أو بغير قصد، فهذا أمر في غاية الأهمية، ولذلك يشترطون الثقة في المترجم.
"وَدَخَلَتْ "مِنْ" عَلَى "حَوْلِ"؛ لِأَنَّهُ ظَرْفٌ، وَالْفِعْلُ يَتَعَدَّى إِلَى الظَّرْفِ بِحَرْفٍ، وَبِغَيْرِ حَرْفٍ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ:" مِنْ" زَائِدَةٌ أَيْ: حَافِّينَ حَوْلَ الْعَرْشِ، وَهُوَ كَقَوْلِكَ: مَا جَاءَنِي مِنْ أَحَدٍ، فَمِنْ تَوْكِيدٌ.
قال الثَّعْلَبِيُّ :وَالْعَرَبُ تُدْخِلُ الْبَاءَ أَحْيَانًا فِي التَّسْبِيحِ، وَتَحْذِفُهَا أَحْيَانًا، فَيَقُولُونَ: سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ، وَسَبِّحْ حَمْدًا لِلَّهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}[الأعلى:1]، وَقَالَ: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}[الواقعة:74]،} وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ} أي بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَالنَّارِ، وَقِيلَ: قُضِيَ بَيْنَ النَّبِيِّينَ الَّذِينَ جِيءَ بِهِمْ مَعَ الشُّهَدَاءِ، وَبَيْنَ أُمَمِهِمْ بِالْحَقِّ، وَالْعَدْلِ، }وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أَيْ يَقُولُ الْمُؤْمِنُونَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَثَابَنَا مِنْ نِعَمِهِ، وَإِحْسَانِهِ، وَنَصَرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَقَالَ قَتَادَةُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: افْتَتَحَ اللَّهُ أَوَّلَ الْخَلْقِ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ، فَقَالَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ، وَالنُّورَ}[الأنعام:1]، وَخَتَمَ بِالْحَمْدِ، فَقَالَ: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، فَلَزِمَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَالْأَخْذُ فِي ابْتِدَاءِ كُلِّ أَمْرٍ بِحَمْدِهِ، وَخَاتِمَتِهِ بِحَمْدِهِ، وَقِيلَ: إِنَّ قَوْلَ:} الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} مِنْ قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ حَمْدُهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى عَدْلِهِ، وَقَضَائِهِ، وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ آخِرَ سُورَةِ "الزُّمَرِ" فَتَحَرَّكَ الْمِنْبَرُ مَرَّتَيْنِ«".
ماذا قال عنه؟
طالب: أحسن الله إليكم، قال: جعله المصنف من حديث ابن عمر، ورواه الطبراني في الأوسط كما في المجمع من حديث جابر، وقال: مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَحْرٍ الْبَكْرَاوِيِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَيْسَرَةَ الْمِنْقَرِيِّ وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ، وقال المحقق: والحديث في الأهوال لابن أبي الدنيا من حديث ابن عمر، وذُكر في ترجمة عباد بن ميسرة المنقري عند الكامل لابن عدي، والميزان للذهبي، والضعفاء للعقيلي...
في أول السورة يقول: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا ينام حتى يقرأ الزمر، وبني إسرائيل أول السورة.
ماذا يقول؟
طالب: قال: أخرجه الترمذي من حديث عائشة، ورجاله كلهم ثقات، وورد من وجه آخر. انظر تفسير الشوكاني.
كيف؟
طالب: ...........
يعني صححه الشيخ.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلم تسليمًا.
تَمَّ تَفْسِيرُ سُورَةِ (الزُّمُر).