التعليق على تفسير القرطبي - سورة الأحقاف (02)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في الدرس السابق في حديث الخط « كان نبي من الأنبياء يخط، فمن وافق خطه فذاك» يقول النووي في شرح مسلم قوله: « ومنا رجال يخطون» قال: كان نبي من الأنبياء –عليهم السلام- يخط فمن وافق خطه فذاك، اختلف العلماء في معناه، والصحيح أن معناه: من وافق خطه فهو مباح له، ولكن لا طريقة لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة فلا يباح، والمقصود أنه حرام؛ لأنه لا يباح إلا بيقين الموافقة، وليس لنا يقين بها، وإنما قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «فمن وافق خطه فذاك»، ولم يقل هذا حرام بغير تعليق على الموافقة؛ لئلا يتوهم المتوهم أن هذا النهي يدخل فيه ذاك النبي الذي كان يخط، فحافظ النبي –صلي الله عليه وسلم- على حرمة ذلك النبي، مع بيان الحكم في حقنا، فالمعنى أن ذلك النبي لا منع في حقه، وكذا لو علمتم الموافقة، ولكن لا علم لكم بها.
وقال الخطابي: هذا الحديث يحتمل النهي عن هذا الخط؛ إذ كان علمًا لنبوة هذا النبي، وقد انقطعت، فنهينا عن تعاطي ذلك.
وقال القاضي عياض: المختار أن من وافق خطه فذاك الذي يجوزون إصابته فيما يقول، لا أنه أباح ذلك لفاعله، قال: ويحتمل أن هذا نسخ بشرعنا، فحصل بمجموع كلام العلماء الاتفاق على النهي عنه الآن.
من الذي أحضر الورقة؟
طالب: ............
يعني بدأ الكلام، يعني كلام النووي وكلام القاضي والخطابي وغيرهم، هذا يقول مقدم الورقة: أولاً كما هو مقرر لا يجوز الخط بالرمل مثل ما يفعله الرمالون العرافون والمنجمون، لا يجوز؛ لأنه من ادعاء الغيب، والله تعالى يقول: { قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله}، فلا يجوز للإنسان أن يدعى علم الغيب بسب من الأسباب، أو بوسيلة من الوسائل، لا عن طريق الخط، ولا قراءة الكف، ولا قراءة الفنجان، ولا غير ذلك من الطرق التي يسلكها المشعوذون، الذي يضحكون على الناس، ويأخذون أموالهم، ويستخفون بعقولهم، أما الحديث فظاهره- والله أعلم- أن النبي –صلى الله عليه وسلم قال: « كان نبي من الأنبياء يخط» فيكون هذا طريقة من طرائق الوحي لذلك النبي سواء كان إدريس أو غيره، والوحي له طرق كثيرة مختلفة من نبي إلى آخر، وقد ذكر ابن القيم في طرق الوحي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- أنها ثمانية أضرب، منها الرؤيا الصالحة، ومنها الإلهام، إلى آخره، فيكون هذا نوعًا من الإلهام لذلك النبي، أما غير النبي فليس له شيء من ذلك، أما قول النبي –عليه الصلاة والسلام-: «إنه كان نبي من الأنبياء يخط، فمن وافق خطه فذاك»، فهذا على سبيل التعجيز كما في القرآن في مواضع كثيرة: { أعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير}، وكما في قول النبي –عليه الصلاة والسلام-: « إذا لم تستحي فاصنع ما شئت »، ليس هذا معناه الإذن للإنسان أن يصنع ما يشاء، لكن على سبيل التعجيز، وبيان أن الأمر واضح، ولا إشكال فيه هنا، قال: «كان نبي من الأنبياء يخط، فمن وافق خطه فذاك» كأن الحديث يقول للسائل: هل أنت نبي؟ سيقول السائل: كلا، فسوف يقول له: هل تعرف أنت الطريقة التي كان يخط بها ذلك النبي؟ فسوف يقول: لا، فيكون الجواب: إذن لا سبيل لك إلى ذلك.
أما السؤال الأول كأن الحديث يقول للسائل هل أنت نبي؟ فيقول: كلا، هذا معلوم، لكن قد يقول: أنا لست بنبي، لكني أقتدي بنبي، أقتدي بهذا النبي، لكن التعليق الأمر على أمر مستحيل يجعل الأمر المعلق مستحيلًا، لا علم لأحد كائنًا من كان بكيفية خط ذاك النبي، فلا تُمْكِن موافقته، فالتعليق على المستحيل مستحيل، هذا خلاصة ما يمكن أن يقال، وأما ما يقال أو ما يتعلق بكيفية الخط أو أنه مباح، فهو مباح في حق ذلك النبي، في حق ذلك النبي مباح، لكن هل هو على طريقة العرافين؟ أو طريقة قد تكون طريقة معجزة لهذا النبي، وإن كانت ممنوعة محظورة في حقه إلا من وافق خطه كذلك، لكن عرفنا أن الموافقة مستحيلة؛ لأنه لا يمكن الاطلاع عليها، بعد وفاته مستحيلة.
قد يقول قائل: إن هذه الخطوط مصورة، وفيه كتاب مصنف مطبوع قديمًا جدًّا بخط إدريس، لكنه كتاب باطل؛ لأنه لا يمكن الاطلاع على خط إدريس، الأسانيد لا يمكن أن تتصل بنبي من الأنبياء غير محمد- عليه الصلاة والسلام-، مستحيل أن تتصل الأسانيد إلى نبي من الأنبياء، فاتصال الأسانيد من خصائص هذه الأمة، فكونه يكتب في هذا لا شك أنه ضرب من الكهانة، ضرب من الكهانة، يزعم أنه يعلم ذلك الخط، ولا علم له به، كما يزعم الكهان ما يدعونه، وكذلك العرافون والمنجمون.
طالب: خاتم سليمان..
ماذا؟
طالب: مثل خاتم سليمان..
يعني هل يدعي أحد أنه وجده؟
طالب: أنه وجده والرسم الذي عليه، يستخدمونه، يبيعون الخاتم..
كم لسليمان من خاتم؟
طالب:....
الله المستعان.
طالب: يا شيخ فيه قول أنه قد يكون من الوحي، أين الدلالة على ذلك عليه؟
لا، ما فيه ما يدل، لكن إذا أبيح لأحد، قد يباح لنبي ما لا يباح لغيره، فيكون هذا من خصائصه، يكون من خصائصه.
نعم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.
قال الإمام القرطبي –رحمه الله تعالى-:
قوله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ}.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ أَضَلُّ} أَيْ لَا أَحَدَ أضل وأجهل {مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ} وَهِيَ الْأَوْثَانُ. {وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ} يَعْنِي لَا يَسْمَعُونَ وَلَا يَفْهَمُونَ، فَأَخْرَجَهَا وَهِيَ جَمَادٌ مَخْرَجَ ذُكُورِ بَنِي آدَمَ، إِذْ قَدْ مَثَّلَهَا عَبَدَتُهَا بِالْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ الَّتِي تخدم."
يعني الأصل في جمع المذكر السالم أن يكون للعاقل، وهؤلاء جمادات، فكيف جمع غافلون على جمع المذكر السالم وهم جمادات؟ على حد زعم عابديهم، هم يرون أنها تعقل، وأنها تنفعهم، وأنها تضرهم، فعلى حد زعمهم جاء الجمع.
"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ} يُرِيدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ."
مع أنه يوجد فيمن يعبد من دون الله من هو عاقل، من هو عاقل، لكن إن كان بغير علمه فهو عن دعائه غافل، وإن كان بعلمه فهو طاغوت، إذا عبد بعلمه ورضي بذلك فهو طاغوت.
"{ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً} أَيْ هَؤُلَاءِ الْمَعْبُودُونَ أَعْدَاءُ الْكُفَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَالْمَلَائِكَةُ أَعْدَاءُ الْكُفَّارِ، وَالْجِنُّ وَالشَّيَاطِينُ يتبرؤون غَدًا مِنْ عَبَدَتْهُمْ، وَيَلْعَنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْأَصْنَامُ لِلْكُفَّارِ الَّذِينَ عَبَدُوهَا أَعْدَاءً، عَلَى تَقْدِيرِ خَلْقِ الْحَيَاةِ لَهَا، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ} [القصص: 63]. وَقِيلَ: عَادَوْا مَعْبُودَاتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا سَبَبُ هَلَاكِهِمْ، وَجَحَدَ الْمَعْبُودُونَ عِبَادَتَهُمْ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ}".
كانوا لهم أعداءً، وكانوا بعبادتهم كافرين، الضمير في كانوا الأولى، وكانوا الثانية يعود إلى شيء واحد؟ طالب: ............
نعم؟
طالب:.....
كانوا لهم أعداءً، وكانوا بعبادتهم كافرين، ظاهر السياق أنه يعود إلى المعبودين، المعبودون أعداء لمن عبدوهم، وهم أيضًا يجحدون هذه العبادة، لكن هل يتصور أن العابدين يجحدون هذه العبادة وقد وقعت منهم؟
طالب: لا.
لا.
طالب:.....
نعم
طالب: يمكن أنهم يجحدون، تنطق....
وكانوا بعبادتهم كافرين، إذا حشر الناس كانوا لهم أعداءً، حشر الناس كانوا... الأصل أنهم هم المعبودون، المعبودون يتبرأون ممن عبدهم، ويعادونهم، والعداوة من الطرفين، عداوة من الطرفين كل ٌيعادي الآخر، لماذا؟
لأن هذا عبده من دون الله، من دون الله، فينقلب عدوًا له بدلاً من أن يتوقع نفعه يكون عدوًا له في القيامة، والعابد أيضًا يزعم أن هذا هو الذي أضله وصده عن دين الله، فيكون عدوًا له، وعموم أهل النار بعضهم أعداء لبعض؛ {كلما دخلت أمة لعنت أختها}، نسأل الله السلامة والعافية.
"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ} يَعْنِي الْقُرْآنَ {قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُبِينٌ} قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ} الْمِيمُ صِلَةٌ."
يعني يمكن حذفها والاستغناء عنها من حيث المعنى، كما قدر المؤلف: أيقولون افتراه، والأصل عدم هذه الزيادة، وأنها لها معناها، وأم تأتي للإضراب، وتكون بمعنى بل، فهو إضراب عن قولهم الأول: هذا سحر، إلى قولهم الثاني: إن النبي-عليه الصلاة والسلام- افتراه واختلقه من تلقاء نفسه.
" والتَّقْدِيرُ: أَيَقُولُونَ افْتَرَاهُ، أَيْ تَقَوَّلَهُ مُحَمَّدٌ. وَهُوَ إِضْرَابٌ عَنْ ذِكْرِ تَسْمِيَتِهِمُ الْآيَاتِ سِحْرًا. وَمَعْنَى الْهَمْزَةِ فِي " أَمِ" الْإِنْكَارُ وَالتَّعَجُّبُ، كَأَنَّهُ قَالَ: دَعْ هَذَا وَاسْمَعْ قَوْلَهُمُ الْمُسْتَنْكَرَ الْمَقْضِيُّ مِنْهُ الْعَجَبُ. وَذَلِكَ أَنَّ مُحَمَّدًا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ حَتَّى يَقُولَهُ وَيَفْتَرِيَهُ عَلَى اللَّهِ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ دُونَ أُمَّةِ الْعَرَبِ لَكَانَتْ قُدْرَتُهُ عَلَيْهِ مُعْجِزَةٌ لِخَرْقِهَا الْعَادَةَ."
يعني على سبيل التنزل، حتى لو قدر أن النبي –عليه الصلاة والسلام-افتراه واختلقه من تلقاء نفسه من بين هذه الأمة الموصوفة بالبلاغة والفصاحة، وقد عجزوا مجتمعين عن الإتيان بمثله أو بشيء منه، يكون هذا معجزة، والمعجزة إذا اقترنت بدعوة النبوة دلت على أنها مؤيدة من الله –جل وعلا-؛ إذ لا يمكن أن يدعي ويظهر على يديه شيء يخرق العادة، ويكون كاذبًا يدعى النبوة، أما إذا لم يدع وظهر على يديه ما يخرق العادة فهذه إما كرامة إن كان على منهج صحيح، وإما من خوارق الشيطان وإعانة الشياطين له إذا كان على المنهج الباطل.
"وَإِذَا كَانَتْ مُعْجِزَةً كَانَتْ تَصْدِيقًا مِنَ اللَّهِ لَهُ، وَالْحَكِيمُ لَا يُصَدِّقُ الْكَاذِبَ، فَلَا يَكُونُ مُفْتَرِيًا، وَالضَّمِيرُ لِلْحَقِّ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْآيَات".
للحق المذكور في الآيات قبلها، قال الذين كفروا للحق.
"{ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ} عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ، {فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً} أَيْ لَا تَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ تَرُدُّوا عَنِّي عَذَابَ اللَّهِ، فَكَيْفَ أَفْتَرِي عَلَى اللَّهِ لِأَجْلِكُمْ؟
{هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ} أَيْ تَقُولُونَهُ، عَنْ مُجَاهِدٍ. وَقِيلَ: تَخُوضُونَ فِيهِ مِنَ التَّكْذِيبِ. وَالْإِفَاضَةُ فِي الشَّيْءِ: الْخَوْضُ فِيهِ وَالِانْدِفَاعُ. أَفَاضُوا فِي الْحَدِيثِ أَيِ انْدَفَعُوا فِيهِ. وَأَفَاضَ الْبَعِيرُ أَيْ دَفَعَ جِرَّتَهُ مِنْ كِرْشِهِ فَأَخْرَجَهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
"وأفضن بعد كظومهن بجرة"
وَأَفَاضَ النَّاسُ مِنْ عَرَفَاتَ إِلَى مِنًى أَيْ دُفِعُوا، وَكُلُّ دَفْعَةٍ إِفَاضَةٌ."
ويفهم من الإفاضة أنها تقال في الشيء الذي يكثر، يعني أكثر فيه من الكلام؛ لأن مثله إذا قيل: فاض الماء يعني كثر على ظرفه فيفيض منه.
"{ كَفى بِهِ شَهِيداً} نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ، {بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} أَيْ هُوَ يَعْلَمُ صِدْقِي وَأَنَّكُمْ مُبْطِلُونَ، {وَهُوَ الْغَفُورُ} لِمَنْ تاب، {الرَّحِيمُ} بعباده المؤمنين.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ} أَيْ أَوَّلُ مَنْ أُرْسِلَ، قَدْ كَانَ قَبْلِي رُسُلٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ. وَالْبِدْعُ: الْأَوَّلُ. وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ وَغَيْرُهُ: " بِدَعًا" بِفَتْحِ الدَّالِ، عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ الْمُضَافِ، وَالْمَعْنَى: مَا كُنْتُ صَاحِبَ بِدَعٍ. وَقِيلَ: بِدْعٌ وَبَدِيعٌ بِمَعْنًى، مِثْلُ نِصْفٍ وَنَصِيفٍ. وَأَبْدَعَ الشَّاعِرُ: جاء بالبديع. وشيء بِدْعٌ (بِالْكَسْرِ) أَيْ مُبْتَدَعٌ. وَفُلَانٌ بِدْعٌ فِي هَذَا الْأَمْرِ أَيْ بَدِيعٌ. وَقَوْمٌ أَبْدَاعٌ، عَنِ الْأَخْفَشِ. وَأَنْشَدَ قُطْرُبٌ قَوْلَ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
فَلَا أَنَا بِدْعٌ مِنْ حَوَادِثَ تَعْتَرِي ... رِجَالًا غدت من بعد بؤسى بأسعد "
أصل المادة البدع والابتداع هو الاختراع، فما كنت بدعًا يعني مبتدعًا لا غير مثال سبق، بل لأمثلة سابقة، وهم الأنبياء والرسل الذي جاء في عددهم حديث أبي ذر على كلام فيه عند أهل العلم، وأن الرسل ثلاثمائة وبضعة عشر، وأما الأنبياء فجمع غفير، فهو مسبوق.
"{ وَما أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} يُرِيدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَلَمَّا نَزَلَتْ فَرِحَ الْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ وَالْمُنَافِقُونَ وَقَالُوا: كَيْفَ نَتَّبِعُ نَبِيًّا لَا يَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِهِ وَلَا بِنَا، وَأَنَّهُ لَا فَضْلَ لَهُ عَلَيْنَا، وَلَوْلَا أَنَّهُ ابْتَدَعَ الَّذِي يَقُولُهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ لَأَخْبَرَهُ الَّذِي بَعَثَهُ بِمَا يَفْعَلُ بِهِ، فَنَزَلَتْ {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ} [الفتح: 2]، فَنَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةَ، وَأَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَ الْكُفَّارِ. وَقَالَتِ الصَّحَابَةُ: هَنِيئًا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَكَ مَا يَفْعَلُ بِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَيْتَ شِعْرَنَا مَا هُوَ فَاعِلٌ بِنَا؟ فَنَزَلَتْ: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} [الفتح: 5] الْآيَةَ. وَنَزَلَتْ: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيراً} [الأحزاب: 47]."
يعني هذا القول مفاده الشك منه –عليه الصلاة والسلام-في مآله ومآلهم، ولكن هذا الكلام ليس بصحيح، هذا الكلام ليس بصحيح، في مآلهم إذا كان القصد في الدنيا وما يحصل له وما يحصل لهم من أمور الدنيا فهذا كلام صحيح، أما مآلهم في الآخرة إن ماتوا على كفرهم فمقطوع به أنهم في النار ومآله –عليه الصلاة والسلام- ومن تبعه فالمجزوم به أنه في الجنة.
" قَالَهُ أَنَسٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ. وَقَالَتْ أُمُّ الْعَلَاءِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: اقتسمنا المهاجرين فطار لنا عثمان بن مَظْعُونِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحٍ، فَأَنْزَلْنَاهُ أَبْيَاتَنَا فَتُوُفِّيَ، فَقُلْتُ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ! إِنَّ اللَّهَ أَكْرَمَكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ؟» فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَمَنْ؟ قَالَ: «أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ، وَمَا رَأَيْنَا إِلَّا خَيْرًا، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْجَنَّةَ، وَوَاللَّهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ، وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ» قَالَتْ: فَوَاللَّهِ لَا أُزَكِّي بَعْدَهُ أَحَدًا أَبَدًا. ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ."
هذا من أجل حسم المادة، مادة الجزم بمصائر الناس من قبل أحد لم يؤيد بوحي؛ لأن هذا غيب، ولا يدرى بما ختم للإنسان، هذا الجزم ممنوع حتى من يقتل في سبيل الله جاء النهي عن تسميته والجزم له بالشهادة، لكن ترجى، والمعتمد عند أهل السنة والجماعة أنه لا يُجزم لأحد لا بجنة ولا بنار إلا من شهد له النبي-عليه الصلاة والسلام- يرجى للمحسن، ويخشى على المسيء.
طالب: في الكتابة الأولى على ذكر فلان –رحمه الله-.
نعم.
طالب: من باب الرجاء.
دعاء، دعاء
طالب: رحمة الله عليك يا أستاذ ..الدعاء..
إن الله أكرمك هذا الإشكال، إن الله أكرمك.
طالب: ............
نعم.
طالب: يقول إنه من ...نزلت فيه أنتم شهداء الله في أرضه حينما قال: «وجبت له الجنة».
نعم.
طالب: نعم.
أنتم شهداء، لكن الواحد ما يجزم، إذا شهد الناس كلهم، ولا يجزم أيضًا أنه من أهل الجنة إلا من باب الرجاء، إنما يرجى له أنه من أهل الجنة، والناس شهود، لكن لا يقطع بذلك، نعم القول عند أهل السنة أن من اتفقت ألسنة الناس على مدحه والثناء عليه أنه من أهل الجنة كما قالوا في مالك وأحمد والسفيانين وغيرهم قالوا هذا، عند قول من أهل العلم، ومن اتفقوا على ذمه والنيل منه أنه من أهل النار، لكن الجزم هذا بغير ما جزم به النبي –عليه الصلاة والسلام – دونه ما دونه، فالمرجح عند أهل العلم أنه لا يجزم بأحد، أما الكافر الذي مات على كفره فمقطوع أنه من أهل النار، وإذا مر أحدكم بقبر كافر فليبشره بالنار، هذا ما فيه إشكال، يعني ما يدخل في كلام أهل العلم هذا.
طالب: الرسول –عليه الصلاة والسلام- شهدلأصحابه «أبوبكر في الجنة وعمر في الجنة... ».
نعم شهد للعشرة، وشهد للحسن والحسين، وشهد لثابت بن قيس، وشهد لجمع من الصحابة، هؤلاء شهد لهم بالجنة؛ لأنه يتكلم بوحي الرسول –عليه الصلاة والسلام-.
طالب: ما رأيك لمن يرى من الكفار في الوقت الحالي الذين لا يسمعون النبي -عليه الصلاة والسلام- عدد كبير جدًّا منهم يقول: حكمهم في الآخرة حكم أهل الفترة...
ما أظن ما هنا أحد لم يبلغه الدين، يعني مع الوسائل الحديثة، ومع انتشار الإسلام في جميع الأصقاع، ما أظن أحدًا، قد يتصور في عصورٍ مضت في قرون مضت، يتصور في بعض الجهات، أما الآن فما يتصور، وأما من لم تبلغه الدعوة فحكمه حكم أهل الفترة، وهذا ما فيه إشكال، {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً}.
طالب: يكون بالمخالطة لهم يقول: لا يعرفون شيئًا عن الإسلام أبدًا، ولا سبق أن سمعوا فيه .... الجامع.
الذي لم تبلغه الدعوة هذا يمتحن في الآخرة.
طالب: ............
هو ما يعاقب إلا على ما بلغه، {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً}.
طالب: قد ينتشرون في أمريكا، في أوروبا يدعى أن هذا هو الإسلام.
كيف؟
طالب: ............
هذا معروف حتى الرافضة ونشاطهم معروف تأثيرهم على الناس، لكن العبرة بالدين الصحيح.
" ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ وَقَالَ: وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا حِينَ لَمْ يَعْلَمْ بِغُفْرَانِ ذَنْبِهِ، وَإِنَّمَا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذَنْبَهُ فِي غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ.
قُلْتُ: حَدِيثُ أُمِّ الْعَلَاءِ خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَرِوَايَتِي فِيهِ: " وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِهِ" لَيْسَ فِيهِ " بِي وَلا بِكُمْ" وَهُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ."
انظر يا أبا عبد الله في فتح الباري، كم رقمه؟
طالب:....
طالب: المحقق يجزم أنه في البخاري..
ماذا؟
طالب: المحقق يجزم أنه في البخاري..
هو في البخاري، لكن رواية المؤلف، رواية القرطبي، الرواية التي اعتمدها القرطبي ليس فيها: ما أدري ما يفعل بي ولا بكم، إنما فيها: ما أدري ما يفعل به.
طالب: به أي بأبي السائب؟
نعم؟
طالب:.....
يعني قبله في موضع ثانٍ قبله.
طالب:.....
طالب: كأن المؤلف علم أنه في رواية أخرى في ...بي ولا بكم، فرجح رواية على ما ذهب إليه ابن هشام..
لا هو قالها عن الثعلبي، مختصرة هذه الراوية.
طالب: ذكره البخاري رقم ألف ومائتين وثلاث وسبعين، وألفين وستمائة وسبعة وثمانين ........
وما أدري والله وأنا رسول الله ما يفعل بي، انظر الحديث الذي قبله.
طالب: ............
نعم.
طالب: قل ليس بي ولا بكم في مقام المحقق بل هو في رواية البخاري..
هو ما ينازع، ما ينازع القرطبي هل هي موجودة أو غير موجودة، لكن الراوية التي اعتمد عليها من البخاري ليس بها؛ لأنه قال: وروايتي فيه: وما أدري ما يفعل به، ومع أنه هنا في هذه الرواية قال: "قلت: لا أدري "، وما أدري والله وأنا رسول الله ما يفعل بي، ما فيه: به.
طالب: ............
نعم، ألف ومائتين؟
طالب: سبعة آلاف وثلاثة..
هات هذا الذي معك. شف فيه ألف ومائتين قبله، أول موضع..
طالب: ألف ومائتين وثلاثة وأربعين.
هات الذي معك، هات ألف ومائتين.
طالب: ............
هذا ما فيه شيء.
فقال الرسول –عليه الصلاة والسلام- « وما يدريك أن الله أكرمه؟» فقلت: بأبي أنت وأمي فقال الرسول –عليه الصلاة والسلام-: « وما هو فوالله لقد جاءه اليقين، وإني أرجو له الخير، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي».
طالب: نفسه هذه ما يفعل به.
ماذا؟
طالب: ............
هذا نفس الرواية.
طالب: ما يفعل بي..
ما يفعل بيَ.
طالب: ...
الذي معك، الموضع الأول، يمكن، هاته، مثل الشرح هل أشار إلى روايات أم ما أشار.
قال قوله: "ما يفعل بي" في رواية الكشميهني: به، التي هي رواية القرطبي، القرطبي اعتمد على رواية الكشميهني. ما يفعل بي، في رواية الكشميهني: به، وهو غلط منه، فإن المحفوظ في رواية الليث هذا، ولذا عاقبه المصنف براوية نافع بن يزيد عن عقيل التي لفظها: " ما يفعل به "، وعلق منها هذا القدر فقط، إشارة إلى أن باقي الحديث لم يُختلف فيه، ورواية نافع المذكورة، وصلها الإسماعيلي، وأما متابعة شعيب فستأتي...
ثم قال: قال عبد الرزاق ولفظه: « والله ما أدري وأنا رسول الله مايفعل بي ولا بكم » وإنما قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم- ذلك موافقة لقول الله تعالى في سورة الأحقاف: { قل ما كنت بدعًا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم}، وكان ذلك قبل نزول قوله تعالى: { ليغفرلك الله ما تقدم } إلى آخره... لأن الأحقاف مكية، وسورة الفتح مدنية بلا خلاف فيهما، وقد ثبت أنه –عليه الصلاة والسلام- قال: «أنا أول من يدخل الجنة» إلى غير ذلك من الأخبار الصحيحة فمعناه أن يحمل الإثبات في ذلك على العلم المجمل، والنفي على الإحاطة من حيث التفصيل.
المقصود أن رواية القرطبي التي أشار إليها باعتبار أنها روايته، يعني اعتمادًا على رواية الكشميهني التي ضعفها، بل حكم الحافظ ابن حجر بغلطها.
طالب:...ما في قوله: وأنا رسول الله، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي فقالوا..
الرسول –عليه الصلاة والسلام- كأنه أراد بذلك حسم المادة لمن أراد أن يتكلم، فإذا كان الرسول –عليه الصلاة والسلام- لا يدري، وأشار ابن حجر أنه من حيث الإجمال قد يكون يدري، ويجزم أنه في الجنة، لكن من حيث التفصيل ما يدري ما يفعل به، والمقصود من ذلك كله حسم المادة على من أراد أن يتكلم فيما لا علم له به من غير توقيف.
" وَالْآيَةُ ليست بمنسوخة؛ لِأَنَّهَا خَبَرٌ. قَالَ النَّحَّاسُ: مُحَالٌ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا نَاسِخٌ وَلَا مَنْسُوخٌ مِنْ جِهَتَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ خَبَرٌ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ خِطَابٌ لِلْمُشْرِكِينَ وَاحْتِجَاجٌ عَلَيْهِمْ وَتَوْبِيخٌ لَهُمْ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَيْضًا خِطَابًا لِلْمُشْرِكِينَ كَمَا كَانَ قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ، وَمُحَالٌ أَنْ يَقُولَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْمُشْرِكِين: { مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} فِي الْآخِرَةِ، وَلَمْ يَزَلْ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَوَّلِ مَبْعَثِهِ إِلَى مَمَاتِهِ يُخْبِرُ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ، وَمَنْ مَاتَ عَلَى الْإِيمَانِ وَاتَّبَعَهُ وَأَطَاعَهُ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، فَقَدْ رَأَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا يُفْعَلُ بِهِ وَبِهِمْ فِي الْآخِرَةِ. وَلَيْسَ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ :مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ فِي الْآخِرَةِ، فَيَقُولُونَ: كَيْفَ نَتَّبِعُكَ وَأَنْتَ لَا تَدْرِي أَتَصِيرُ إِلَى خَفْضٍ وَدَعَةٍ أَمْ إِلَى عَذَابٍ وَعِقَابٍ. وَالصَّحِيحُ فِي الْآيَةِ قَوْلُ الْحَسَنِ، كَمَا قَرَأَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ عَنِ الْحَسَنَ: " وَما أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ فِي الدُّنْيَا" قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا أَصَحُّ قَوْلٍ وَأَحْسَنُهُ، لَا يَدْرِي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-مَا يَلْحَقُهُ وَإِيَّاهُمْ مِنْ مَرَضٍ وَصِحَّةٍ وَرُخْصٍ وَغَلَاءٍ وَغِنًى وَفَقْرٍ."
لكن السبب، سبب الورود، الذي هو قول المرأة لعثمان بن مظعون: إن الله أكرمك، إن الله أكرمك، تريد الكرامة في الدنيا أو في الآخرة؟
طالب: الآخرة.
تريد الكرامة في الآخرة، وهذا الذي أراد النبي–عليه الصلاة والسلام- نفي الجزم به، فالحديث كله يدور على المآل في الآخرة وما رتب عليه في قوله –عليه الصلاة والسلام-: ما أدري ما يفعل بي ولا بكم، نعم..
طالب: يدخل فيه.
هو مرتب على ما تقدم، فالإشكال مازال باقيًا.
طالب: شيخ، أحسن الله إليك، قول ابن حجر السابق إشارة إلى التفضيل في الآخرة طلب النبي –عليه الصلاة والسلام- الوسيلة..
نعم.
طالب: وهي منزلة ........
لا، هو الرسول –عليه الصلاة والسلام- يجزم، ويجزم كل أحد أن الرسول –عليه الصلاة والسلام- في الجنة، يعني ما في ذلك أدنى شك أو ريب، لكن من حيث التفصيل..
طالب:....
هذا من حيث الإجمال، لكن من حيث التفصيل قد يخفى.
طالب: كالوسيلة يا شيخ؟
كالوسيلة نعم، أما قول الحسن مع أنه ظاهر ويرتفع به الإشكال أنه لا يدري ما يفعل به ولا بهم في الدنيا فهذا صحيح، لكن يضعف هذا القول السبب، ودخول السبب في النص قطعي، دخول السبب في النص قطعي عند أهل العلم.
"وَمِثْلُهُ: {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} [الأعراف: 188]. وذكر الواحدي وغيره عن الكلبي عن أبي صالح عن ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمَّا اشْتَدَّ الْبَلَاءُ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-رَأَى فِي الْمَنَامِ أَنَّهُ يُهَاجِرُ إِلَى أَرْضٍ ذَاتِ نَخْلٍ وَشَجَرٍ وَمَاءٍ، فَقَصَّهَا عَلَى أَصْحَابِهِ فَاسْتَبْشَرُوا بِذَلِكَ، وَرَأَوْا فِيهَا فَرَجًا مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ إِنَّهُمْ مَكَثُوا بُرْهَةً لَا يَرَوْنَ ذَلِكَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى نُهَاجِرُ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي رَأَيْتَ؟ فَسَكَتَ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَما أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} أَيْ لَا أَدْرِي أَأَخْرُجُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي رَأَيْتُهُ فِي مَنَامِي أَمْ لَا. ثُمَّ قَالَ: « إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ رَأَيْتُهُ فِي مَنَامِي، مَا أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ» أَيْ لَمْ يُوحَ إِلَيَّ مَا أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ.
قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: فَعَلَى هَذَا لَا نَسْخَ فِي الْآيَةِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَا أَدْرِي مَا يُفْرَضُ عَلَيَّ وَعَلَيْكُمْ مِنَ الْفَرَائِضِ. وَاخْتَارَ الطَّبَرِيُّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: مَا أَدْرِي مَا يَصِيرُ إِلَيْهِ أَمْرِي وَأَمْرُكُمْ فِي الدُّنْيَا، أَتُؤْمِنُونَ أَمْ تَكْفُرُونَ، أَمْ تُعَاجَلُونَ بِالْعَذَابِ أَمْ تُؤَخَّرُونَ.
قُلْتُ: وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْحَسَنِ وَالسُّدِّيِّ وَغَيْرِهِمَا. قَالَ الْحَسَنُ: مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ فِي الدُّنْيَا، أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَمَعَاذَ اللَّهِ! قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ حِينَ أَخَذَ مِيثَاقَهُ فِي الرُّسُلِ، وَلَكِنْ قَال: مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي فِي الدُّنْيَا أَأَخْرُجُ كَمَا أُخْرِجَتِ الْأَنْبِيَاءُ قَبْلِي، أَوْ أُقْتَلُ كَمَا قُتِلَتِ الْأَنْبِيَاءُ قَبْلِي، وَلَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِكُمْ، أَأُمَّتِي الْمُصَدِّقَةُ أَمِ الْمُكَذِّبَةُ، أَمْ أُمَّتِي الْمَرْمِيَّةُ بِالْحِجَارَةِ مِنَ السَّمَاءِ قَذْفًا، أَوْ مَخْسُوفٌ بِهَا خَسْفًا، ثُمَّ نَزَلَتْ: { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [التوبة: 33]."
يعني كونه –عليه الصلاة والسلام- يدري ما يُفعل بأبي بكر وعمر وعثمان وعلى يعني في الآخرة يدري ما يفعل بالعشرة وغيرهم ممن شهد لهم النبي –عليه الصلاة والسلام-، ويدري –عليه الصلاة والسلام- ما يفعل بمن مات من الكفار والمشركين حينما بشرهم بالنار، فكيف يخفى عليه حاله؟ هذا بالنسبة للآخرة، أما للدنيا فلا يعلم الغيب إلا الله –جل وعلا- في أمور الدنيا.
يبقى أن السبب سبب ورود الحديث في قصة عثمان بن مظعون لا شك أن مراد المرأة أكرمه في الآخرة، وأهل العلم يقولون: إن مثل هذا قطعي في النص، فيشمل الآخرة، ولم يبق وجه يمكن أن يوجه به إلا المبالغة في تقرير ما يريده النبي –عليه الصلاة والسلام-، الرسول –عليه الصلاة والسلام- يريد من أمته أن لا تجزم بشيء إلا بنص، ولذلك نهى عن الشهادة للشهيد الذي يقتل في سبيل الله مقبلاً غير مدبر، نهى أن يشهد له أو يوصف بالشهادة، إنما يرجى له ذلك، النبي –عليه الصلاة والسلام- نهى عن التفضيل بين الأنبياء، «لا تفضلوا بين الأنبياء»، مع أن النص المقطوع به في قوله تعالى: {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض}، «ولا تفضلوني على يونس»، كل هذا من باب حسم المادة مادة من يجرؤ على الخوض فيما لا علم له به، المبالغة في حسم المادة قد تقتضي هذا، وإن كانت حقيقة الأمر معلومة لدى النبي –عليه الصلاة والسلام-، كما أن الأنبياء فضل الله بعضهم على بعض، ونهى النبي –عليه الصلاة والسلام- عن التفضيل، كل هذا من باب حسم المادة؛ لئلا يتطاول أحد على المفضل عليه، ولذا قال: « لا تفضلوني على يونس بن متى»، والنبي –عليه الصلاة والسلام-النصوص القطعية أفضل الخلق، سيد ولد آدم.
طالب: في إطلاق على قتل غزة- رحمهم الله- شهداء.
هذا كله رجاء، رجاء، يعني في الجملة، رجاء، أما أفرادهم فالله أعلم بهم، يعني كما تقول: شهداء أحد، لكن ما تقول: فلان منهم بعينه شهيد.
طالب: يقال مثلاً: خمسمائة وعشرون شهيدًا حتى الآن..
يعني من حيث الإجمال لا على التعيين.
طالب: أحسن الله إليك، أثر الواحدي الذي هو الرؤيا، رؤيا الهجرة ما يرد عليها أن رؤيا الأنبياء حق وأنه وحي؟
لكن أولاً تخريجه؟
طالب: نسبه الواحدي للكلبي..
طالب: ذكر الواحدي معلقًا عن الكلبي عن ..
هالك الإسناد.
طالب: ومع كونه معلقًا فيه انقطاع.
هالك تالف.
طالب: .....
تالف الإسناد.
" ثُمَّ نَزَلَتْ {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} يَقُولُ: سَيُظْهِرُ دِينهُ عَلَى الْأَدْيَانِ. ثُمَّ قَالَ فِي أُمَّتِهِ: {وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال: 33]، فَأَخْبَرَهُ تَعَالَى بِمَا يَصْنَعُ بِهِ وَبِأُمَّتِهِ، وَلَا نَسْخَ عَلَى هَذَا كُلِّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ."
لأن الإشكال في ادعاء النسخ في مثل هذا أن هذه أخبار، والأخبار لا يدخلها النسخ.
" وَقَالَ الضَّحَّاكُ أَيْضًا: {مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} أَيْ مَا تُؤْمَرُونَ بِهِ وَتُنْهَوْنَ عَنْهُ. وَقِيلَ: أَمَرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَقُولَ لِلْمُؤْمِنِينَ: مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ فِي الْقِيَامَةِ، ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ} [الفتح: 2]، وَبَيَّنَ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ حَالَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ بَيَّنَ حَالَ الْكَافِرِينَ."
هذا نفس القول الأول الذي تقدم، ثم قال المؤلف: إنه قولٌ مرجوح وضعيف.
" قُلْتُ: وَهَذَا مَعْنَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، إِلَّا أَنَّهُ أُطْلِقَ فِيهِ النَّسْخُ بِمَعْنَى الْبَيَانِ، وَأَنَّهُ أُمِرَ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِينَ، والصحيح ما ذكرناه عن الحسن وغيره. و"ما" في " ما يُفْعَلُ" يجوز أن تَكُونَ مَوْصُولَةً، وَأَنْ تَكُونَ اسْتِفْهَامِيَّةً مَرْفُوعَةً.
{إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحى إِلَيَّ وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ} وقرئ" يُوحِي" أَيِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. تَقَدَّمَ فِي غير موضع.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ" يَعْنِي الْقُرْآنَ} وَكَفَرْتُمْ بِهِ" قال الشَّعْبِيُّ: الْمُرَادُ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
{وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، شَهِدَ عَلَى الْيَهُودِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-مَذْكُورٌ فِي التَّوْرَاةِ، وَأَنَّهُ نَبِيٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْهُ: وَنَزَلَتْ فِيَّ آيَاتٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، نَزَلَتْ فِيَّ: {وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين}."
يرد على هذا أن السورة مكية، وأن إسلام عبد الله بن سلام بالمدينة.
"وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ سُورَةِ " الرَّعْدِ" وَقَالَ مَسْرُوقٌ: هُوَ مُوسَى وَالتَّوْرَاةُ، لَا ابْنُ سَلَامٍ؛ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ بِالْمَدِينَةِ وَالسُّورَةُ مَكِّيَّةٌ".
لكن ما يمنع أن تكون الآية مدنية، تكتب أو تلحق بسورة مكية؛ لأنه إذا نزلت الآية ولو كانت متأخرة قال: اكتبوها في الموقع كذا بسورة كذا.
طالب:...يمكن ما يمنع أنها معلقة على الشرط إن كان من عند الله وكفرتم به، وشهد يعني وشهد شاهد.
لكن الكلام في كون الشاهد عبد الله بن سلام
طالب: يقول أرأيتم إن كانت ..
يعني وشهد فيما بعد.. وشهد فيما بعد، لا يلزم أن يكون وقت نزول الآية، شهد فيما بعد، يعني إذا أسلم عبد الله بن سلام شهد يكون تحقق هذا الشرط.
وَقَالَ: وَقَوْلُهُ: " وَكَفَرْتُمْ بِهِ" مُخَاطَبَةٌ لِقُرَيْشٍ. الشَّعْبِيُّ: هُوَ مَنْ آمَنَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمُوسَى وَالتَّوْرَاةِ؛ لِأَنَّ ابْنَ سَلَامٍ إِنَّمَا أَسْلَمَ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَامَيْنِ، وَالسُّورَةُ مَكِّيَّةٌ. قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَمَنْ قَالَ الشَّاهِدُ مُوسَى قَالَ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ، وَأَسْلَمَ ابْنُ سَلَامٍ قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَامَيْنِ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ وَتُوضَعُ فِي سُورَةٍ مَكِّيَّةٍ، فَإِنَّ الْآيَةَ كَانَتْ تَنْزِلُ فَيَقُولُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ضَعُوهَا فِي سُورَةِ كَذَا. وَالْآيَةُ فِي مُحَاجَّةِ الْمُشْرِكِينَ، وَوَجْهُ الْحُجَّةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُرَاجِعُونَ الْيَهُودَ فِي أَشْيَاءٍ، أَيْ شَهَادَتُهُمْ لَهُمْ وَشَهَادَةُ نَبِيِّهِمْ لِي مِنْ أَوْضَحِ الْحُجَجِ. وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ السُّورَةُ فِي مُحَاجَّةِ الْيَهُودِ، وَلَمَّا جَاءَ ابْنُ سَلَامٍ مُسْلِمًا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَعْلَمَ الْيَهُودَ بِإِسْلَامِهِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اجْعَلْنِي حَكَمًا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْيَهُودِ، فَسَأَلَهُمْ عَنْهُ «أَيُّ رَجُلٍ هُوَ فِيكُمْ» قَالُوا: سَيِّدُنَا وَعَالِمُنَا. فَقَالَ: «إِنَّهُ قَدْ آمَنَ بِي»، فأساءوا القول فيه ... الحديث، وَقَدْ تَقَدَّمَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَضِيَتِ الْيَهُودُ بِحُكْمِ ابْنِ سَلَامٍ، وَقَالَتْ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنْ يَشْهَدْ لَكَ آمَنَّا بِكَ، فَسُئِلَ فَشَهِدَ ثُمَّ أَسْلَمَ.
"عَلى مِثْلِهِ" أَيْ عَلَى مِثْلِ مَا جِئْتُكُمْ بِهِ، فَشَهِدَ مُوسَى عَلَى التَّوْرَاةِ وَمُحَمَّدٌ عَلَى الْقُرْآنِ. وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ." مِثْلِ" صِلَةٌ، أَيْ وَشَهِدَ شَاهِدٌ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.
"فَآمَنَ" أَيْ هَذَا الشَّاهِدُ."
صلة يعني زائدة، شهد شاهد من بني إسرائيل عليه؛ لأنه يقول: مثل صلة، والشهادة على المثل شهادة على الشيء نفسه، يعني هي أبلغ من الشهادة على الشيء نفسه، ليس كمثله شيء، وذكرنا مرارًا أن رجلاً بيده ثوب يعرضه للبيع، فرأه شخص فقال: اشترِ لي مثل هذا الثوب فاشترى له الثوب نفسه، اشترِ لي مثل هذا الثوب، فاشترى له الثوب نفسه، فتخاصموا عند شريح القاضي، فألزمه بأخذ الثوب وأثبت البيع وقال: لا شيء أشبه بالشيء من الشيء نفسه، وهنا المثل إذا شُهد على المثل فقد شُهد على الشيء نفسه؛ لأن الشيء نفسه مطابقته تامة، والمثل قد تكون مطابقته قريبة من التمام، وقد تبعد شيئًا عنه، فإذا شهدنا على أن هذا الشيء شيءٌ طيب ونافع فإن شهادتنا على مثله أو على ما هو أفضل منه من باب أولى.
"فَآمَنَ" أَيْ هَذَا الشَّاهِدُ، { وَاسْتَكْبَرْتُمْ} أَنْتُمْ عَنِ الْإِيمَانِ. وَجَوَابُ " إِنْ كانَ" محذوف تقديره: فآمن أتؤمنون، قاله الزَّجَّاجُ. وَقِيلَ: { فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} أَلَيْسَ قَدْ ظَلَمْتُمْ، يُبَيِّنُهُ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} وقيل: { فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} أفتأمنون عذاب الله. و" أَرَأَيْتُمْ" لَفْظٌ مَوْضُوعٌ لِلسُّؤَالِ وَالِاسْتِفْهَامِ، وَلِذَلِكَ لَا يَقْتَضِي مَفْعُولًا."
كأن معناه أخبروني، أرأيت الذي أخبرني.
وَحَكَى النَّقَّاشُ وَغَيْرُهُ: أَنَّ فِي الْآيَةِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا، وَتَقْدِيرُهُ: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَآمَنَ هُوَ وَكَفَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يهدي القوم الظالمين.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً مَا سَبَقُونا إِلَيْهِ} ".
يعني التقدير في أسلوب التقديم والتأخير كأنه ألغي فيه واستكبرتم، يعني وضع وكفرتم بدل واستكبرتم، قل أرأيتم إن كان من عند الله وشهد شاهدٌ من بني إسرائيل فآمن هو وكفرتم، يعني استكبرتم، وكفرتم، نعم.
"اخْتُلِفَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا عَلَى سِتَّةِ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ أَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِيَّ دَعَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْإِسْلَامِ بِمَكَّةَ فَأَجَابَ، وَاسْتَجَارَ بِهِ قَوْمُهُ فَأَتَاهُ زَعِيمُهُمْ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ دَعَاهُمُ الزَّعِيمُ فَأَسْلَمُوا، فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا فَقَالُوا: غِفَارٌ الْحُلَفَاءُ لَوْ كَانَ هَذَا خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، قَالَهُ أَبُو الْمُتَوَكِّلِ."
لأن قريشًا تزعم أنهم أشرف من هؤلاء من غفار ومن غير غفار، ولا يمكن أن يتقدم عليهم أحد إلى الخير، لو كان خيرًا ما سبقونا إليه، وهذا سببه الكبر والترفع على الناس واحتقار الناس وازدراؤهم.
طالب: أبو المتوكل.
أبو المتوكل الناجي، مترجم عندكم؟
طالب: ............
التخريج قريب يا أبا عبد الله؟
طالب: ............
أبو المتوكل أليس هو الناجي؟
طالب: ...
اسمه..
شف ترجمته يا أبا عبد الله.
طالب:....
عندك مصحح؟
طالب: ......
يتابع، الكنى.
طالب:.....المتوكل الناجي هو على بن داود.
طالب:.....
ماذا؟
طالب: ما فيه المتوكل غيره.
ارجع لعلي ...
طالب: على بن داود ويقال: ابن داود بضم الدال بعده مهموز
دُؤاد نعم.
طالب: مات سنة ثمان ومائة وقيل قبل ذلك
تابعي.
طالب: الدولة الرابعة.
الناجي من بني ناجية قال هذا؛ لأن فيها الناجي، هل من بني الناجية معلوم نعم هو من بني ناجية، لكن الناجي صاحب الحاشية على الترغيب..
طالب: ما قال من بني ناجية.
هو منهم معروف.
طالب: المتوكل الناجي فقط..
هذا منهم، لكن الناجي صاحب الحاشية على الترغيب، وإنما انتقل من مذهب الحنابلة إلى مذهب الشافعية فقيل النجاة، فسمي الناجي؛ لأن مذهب الحنابلة متهم بالتشدد عند كثير من المجتمعات، وإذا أرادوا أن يصفوا الشخص بالتشديد قالوا: حنبلي.
طالب: أما الثالثة ...
هي خلاص هي معروفة الثلاثة.
" الثَّانِي-أَنَّ زنيرة أَسْلَمَتْ فَأُصِيبَ بَصَرُهَا فَقَالُوا لَهَا: أَصَابَكِ اللَّاتُ وَالْعُزَّى، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهَا بَصَرَهَا. فَقَالَ عُظَمَاءُ قُرَيْشٍ: لَوْ كَانَ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ خَيْرًا مَا سَبَقَتْنَا إِلَيْهِ زِنِّيرَةُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، قَالَهُ عُرْوَةُ بن الزبير.
الثَّالِثُ- أَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا هُمْ بَنُو عَامِرٍ وَغَطَفَانُ وَتَمِيمٌ وَأَسَدٌ وَحَنْظَلَةُ وَأَشْجَعُ، قَالُوا لِمَنْ أَسْلَمَ مِنْ غِفَارٍ وَأَسْلَمَ وَجُهَيْنَةَ وَمُزَيْنَةَ وَخُزَاعَةَ: لَوْ كَانَ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ خَيْرًا مَا سَبَقَتْنَا إِلَيْهِ رُعَاةُ الْبُهْمِ؛ إِذْ نَحْنُ أَعَزُّ مِنْهُمْ، قَالَهُ الْكَلْبِيُّ وَالزَّجَّاجُ، وَحَكَاهُ الْقُشَيْرِيُّ عن ابن عباس. وَقَالَ قَتَادَةُ: نَزَلَتْ فِي مُشْرِكِي قُرَيْشٍ، قَالُوا: لَوْ كَانَ مَا يَدْعُونَا إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ خَيْرًا مَا سَبَقَنَا إِلَيْهِ بِلَالٌ وَصُهَيْبٌ وَعَمَّارٌ وَفُلَانٌ وفلان. وهو القول الرابع.
القول الْخَامِسُ: أَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ الْيَهُودِ قَالُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا، يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ وَأَصْحَابَهُ: لَوْ كَانَ دِينُ مُحَمَّدٍ حَقًّا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ، قَالَهُ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ، حَكَاهُ الثَّعْلَبِيُّ. وَقَالَ مَسْرُوقٌ: إِنَّ الْكُفَّارَ قَالُوا: لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقَتْنَا إِلَيْهِ الْيَهُودُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
وَهَذِهِ الْمُعَارَضَةُ مِنَ الْكُفَّارِ فِي قَوْلِهِمْ: لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ مِنْ أَكْبَرِ الْمُعَارَضَاتِ بِانْقِلَابِهَا عَلَيْهِمْ لِكُلِّ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يُقَالَ لَهُمْ: لَوْ كَانَ مَا أَنْتُمْ عليه خيرًا ما عدلنا عنه، لو كَانَ تَكْذِيبُكُمْ لِلرَّسُولِ خَيْرًا مَا سَبَقْتُمُونَا إِلَيْهِ، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ."
ثم في مقابل هذا ما يردده أهل العلم إذا كان في أمر مبتدع لم يفعله الصحابة ولا التابعون، كثيرًا ما يقولون: لو كان خيرًا لسبقونا إليه، لو كان خيرًا لسبقونا إليه.
طالب: القول السادس قول مسروق.
لا، ظاهر ما ذكر إلا خمسة؛ لأن الكفار قالوا: لو كان خيرًا ما سبقتنا اليهود. والله ممكن يمكن أن ينفصل عن الخامس.
" ثُمَّ قِيلَ: قَوْلُهُ: {مَا سَبَقُونا إِلَيْهِ} يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ الْكُفَّارِ لِبَعْضِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخُرُوجِ مِنَ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ"} [يونس: 22]، { وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ} يَعْنِي الْإِيمَان".
يعني ولا في الأصل لو كان خيرًا ما سبقتمونا.
"وَقِيلَ: الْقُرْآنُ. وَقِيلَ: مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. {فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} أَيْ لَمَّا لَمْ يُصِيبُوا الْهُدَى بِالْقُرْآنِ وَلَا بِمَنْ جَاءَ بِهِ عَادَوْهُ وَنَسَبُوهُ إِلَى الْكَذِبِ، وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ، كَمَا قَالُوا: أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ. وَقِيلَ لِبَعْضِهِمْ: هَلْ فِي الْقُرْآنِ: مَنْ جَهِلَ شَيْئًا عَادَاهُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} وَمِثْلُهُ {بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ}".
نعم الناس أعداء لما يجهلون.
"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنْ قَبْلِهِ} أَيْ وَمِنْ قَبْلِ الْقُرْآنِ" كِتابُ مُوسى " أَيِ التَّوْرَاةَ" إِماماً" يُقْتَدَى بما فيه و" وَرَحْمَةً" من الله. وفي الكلام حذف، أي فلم تهتدوا به. وذلك أنه كان في التوراة نعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والايمان به فتركوا ذلك. و" إِماماً" نُصِبَ عَلَى الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى: وَتَقَدَّمَهُ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا." وَرَحْمَةً" مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: انْتَصَبَ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ، أَيْ أَنْزَلْنَاهُ إِمَامًا وَرَحْمَةً. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: عَلَى الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ كِتَابَ مُوسَى مَعْرِفَةٌ بِالْإِضَافَةِ؛ لِأَنَّ النَّكِرَةَ إِذَا أُعِيدَتْ أَوْ أُضِيفَتْ أَوْ أُدْخِلَ عَلَيْهَا أَلِفٌ وَلَامٌ صَارَتْ مَعْرِفَةً."
يعني إمامًا ورحمة على القطع، العطف على ما تقدم.
" {وَهذا كِتابٌ} يَعْنِي الْقُرْآنَ، " مُصَدِّقٌ" يَعْنِي لِلتَّوْرَاةِ وَلِمَا قَبْلَهُ مِنَ الْكُتُبِ. وَقِيلَ: مُصَدِّقٌ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. " لِساناً عَرَبِيًّا" مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ، أَيْ مُصَدِّقٌ لِمَا قَبْلَهُ عَرَبِيًّا، و"لِساناً" تَوْطِئَةٌ لِلْحَالِ أَيْ تَأْكِيدٌ، كَقَوْلِهِمْ: جَاءَنِي زَيْدٌ رَجُلًا صَالِحًا، فَتَذْكُرُ رَجُلًا تَوْكِيدًا".
يعني جاء زيد صالحًا يعني حال كونه صالحًا، فذكر الرجل لا يحتاج إليه بقدر ما هو مجرد توطئة للحال، جاءني زيد يمكن أن يكون رجلًا حالًا، وصالحًا حالًا ثانية؛ لأنه قال: فتذكر رجلاً توكيدًا، فتذكر رجلاً توكيدًا؛ لأنك لو قلت: جاءنا زيدٌ صالحًا أكملت الجملة، بينت هيئة زيد بكونه صالحًا، وهذا حال.
طالب: التوكيدات تتبع....
ما هو من باب التوكيد الاصطلاحي، إنما توطئة يعني توطئة للحال.
" وَقِيلَ: نُصِبَ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ تَقْدِيرُهُ: وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ أَعْنِي لِسَانًا عَرَبِيًّا. وَقِيلَ: نُصِبَ بِإِسْقَاطِ حَرْفِ الْخَفْضِ تَقْدِيرُهُ: بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ. وَقِيلَ: إِنَّ لِسَانًا مَفْعُولٌ، وَالْمُرَادُ بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَيْ وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لِأَنَّهُ مُعْجِزَتُهُ، وَالتَّقْدِيرُ: مُصَدِّقٌ ذَا لِسَانٍ عَرَبِيٍّ. فَاللِّسَانُ مَنْصُوبٌ بِمُصَدِّقٍ، وَهُوَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ اللِّسَانُ الْقُرْآنَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَكُونُ يُصَدِّقُ نَفْسَهُ.
{لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا} قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ: " لِيُنْذِرَ" بِالْيَاءِ خبرًا عَنِ الْكِتَابِ، أَيْ لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْكُفْرِ وَالْمَعْصِيَةِ. وَقِيلَ: هُوَ خَبَرٌ عَنِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَالْبَزِّيُّ بِالتَّاءِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ، عَلَى خِطَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ} [الرعد: 7]، {وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ} بُشْرى " فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، أَيْ وَهُوَ بُشْرَى. وَقِيلَ: عَطْفًا عَلَى الْكِتَابِ، أَيْ وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ وَبُشْرَى. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا بِإِسْقَاطِ حَرْفِ الْخَفْضِ، أَيْ لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَلِلْبُشْرَى، فَلَمَّا حُذِفَ الْخَافِضُ نُصِبَ. وَقِيلَ: عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيْ وَتُبَشِّرُ الْمُحْسِنِينَ بُشْرَى، فَلَمَّا جُعِلَ مَكَانٌ وَتُبَشِّرُ بُشْرَى أَوْ بِشَارَةً نُصِبَ، كَمَا تَقُولُ: أَتَيْتُكَ لِأَزُورَكَ، وَكَرَامَةً لَكَ وَقَضَاءً لِحَقِّكَ، يَعْنِي لِأَزُورَكَ وَأُكْرِمَكَ وَأَقْضِيَ حَقَّكَ، فَنَصَبَ الكرامة بفعل مضمر.
لأنه بشرى ما تظهر عليها العلامات، فجوزوا فيها ما جوزوا، ولا يظهر عليها علامات، آخرها ألف، والألف لا تظهر عليها العلامات، فجوزوا أن يكون مرفوعًا وجوزوا أن يكون منصوبًا.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وصحبه.
"