بلوغ المرام - كتاب الحج (7)
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:
فيقول الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر -رحمه الله- في بلوغ المرام، ضمن باب صفة الحج، ودخول مكة:
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يرمل في السبع الذي أفاض فيه رواه الخمسة إلا الترمذي وصححه الحاكم.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يرمل في" ضبطها سَبع ولا سُبع؟
طالب: السبع.
سبع إيش؟
طالب: السبع الذي أفاض فيها، السبع الأشواط.
أفاض فيها يصير.
طالب:........
فيه، السين وش عليها عندك؟
طالب: فتح يا شيخ.
السبع لا بد أن يكون أفاض فيها، على كل حال هو سبعة أشواط، الطواف هو سبعة أشواط، وكل شيء يتركب من سبعة فهو أسبوع، وسبوع بدون همز، وقد يقول بعضهم: سُبع، وهكذا جاء ضبطها في بعض المصادر التي أُحيل إليها، أما إذا قلنا: سَبع يعني سبع أشواط الذي أفاض فيها، لا بد أن نقول: فيها، على كل حال المعنى واضح، وهذا الذي أفاض فيه، ومثله طواف الإفاضة، وطواف الوداع، وطواف النفل كله لا رمل فيه، إنما الرمل في أول طواف، طواف القدوم، طواف العمرة، يرمل فيه، طواف الحج بالنسبة للمفرد إذا لم يطف للقدوم أو القارن، المقصود أن أول طواف يرمل فيه، وما عداه فلا.
وهذا الحديث كما يقول الحافظ: رواه الخمسة إلا الترمذي وصححه الحاكم، ففيه دليل على أنه لا يشرع الرمل في الطواف إلا في أول طواف يؤديه الإنسان بعد قدومه، واجباً كان أو مسنوناً، في الحديث السابق يقول: وروي بألفاظ متعددة منها: رخص للرعاء أن يرموا يوماً ويدعوا يوماً، إلا أن ابن ماجه قال، المقصود يقول: رخص للرعاء الإبل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد، أو من بعد الغد ليومين، ثم يرمون يوم النفر، يرمون الغد أو من بعد الغد، الذي عندنا: يرمون الغد، ثم يرمون الغد ليومين، ثم يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد، ثم يرمون يوم النفر، وفي الشرح يقول: ثم يرمون الغد، ومن بعد الغد ليومين، لأن الذي في الأصل يقول: أو بعد الغد، وهنا ينحل الإشكال إذا كانت (أو).
ولفظ أبي داود: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رخص لرعاء الإبل بالبيتوتة يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد ومن بعد الغد بيومين، ويرمون يوم النفر.
ولفظ النسائي.. على هذا اللفظ، لفظ أبي داود: يرمون النحر، ثم يرمون الغد، ومن بعد الغد بيومين، ويرمون يوم النفر، كم يوم هذه صارت؟ كم صارت؟ يوم النحر والغد ومن بعد الغد بيومين ويوم النفر، النحر من الغد ويومين ويوم النفر خمسة، النحر ثم يرمون الغد، ثم من بعد الغد بيومين كم هذه؟ أربعة، ثم يرمون يوم النفر.
وللنسائي: "رخص للرعاء في البيتوتة يرمون يوم النحر واليومين اللذين بعده، يجمعونهما في أحدهما" هذا ظاهر، إما تقديم أو تأخير في الأول أو في الثاني، وفي لفظ آخر من طريق مالك إلى آخره.. قال: "أرخص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرعاء الإبل في البيتوتة أن يرموا يوم النحر، ثم يجمعوا رمي يومين" يعني سواء كانت في الحادي عشر أو في الثاني عشر، ثم بعد ذلك يرمون يوم النفر الي هو الثالث عشر، وهنا يقول: أرخص للرعاء أن يتعاقبوا فيرموا يوم النحر، ثم يدعوا يوماً وليلة، ثم يرمون الغد، المقصود أنه لوحظت حاجتهم إلى الرخصة، وأنه لا يلزم أن يترددوا إلى منى في كل يوم، ما دام رخص لهم بترك المبيت، فلهم أن يجمعوا الرمي تقديماً أو تأخيراً.
وعن أنس -رضي الله عنه-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم رقد رقدة بالمحصب، ثم ركب إلى البيت فطاف به" رواه البخاري.
وعن عائشة -رضي الله عنها- أنها لم تكن تفعل ذلك -أي النزول بالأبطح- وتقول: "إنما نزله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنه كان منزلاً أسمح لخروجه" رواه مسلم.
نعم مثل هذه الأمور التي يفعلها النبي -عليه الصلاة والسلام- من الوقوف بمكان معين، أو النزول به، أو المبيت به تختلف وتتباين الأنظار في أنه -عليه الصلاة والسلام- تعبد بقصد هذا الموضع أو أنه حصل اتفاقاً؛ لأنه على طريقه، أو لأنه أرفق به، ولكل وجه، وابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- يقصد المواضع التي نزلها النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويبالغ في ذلك، حتى ذكر عنه أنه يكفكف دابته لتقع أخفافها على مواطئ أخفاف دابة النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لكن ما وافقه أحد على هذا، النزول بالمحصب، والصلاة فيه، الظهر والعصر والمغرب والعشاء، صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم رقد رقدة في المحصب، ثم ركب إلى البيت فطاف به، هل هذا مقصود؟ منهم من يرى أنه مقصود، لا سيما إذا قلنا: أن المحصب وهو الأبطح، وهو المحل الذي تقاسمت به قريش على قطيعة بني هاشم، وكتبوا فيه الصحيفة الجائرة، فيمكث فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- إغاظة لهم، هكذا قال بعضهم، وإذا كان هذا الأمر ملحوظاً فما يفعله النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذا القصد تفعله أمته، فيكون المكث فيه هذه المدة سنة؛ لكن ماذا فهمت عائشة؟ عائشة -رضي الله تعالى عنها- لم تكن تفعل ذلك، وهو النزول بالأبطح، وتقول: إنما نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنه كان منزلاً أسمح لخروجه، طيب المدة التي مكثها وصلى فيها أربع صلوات؟ قد تقول: هو بحاجة إلى هذه الراحة، مثل نومه بذي طوى، هو محتاج إلى الراحة بعد السفر، هو محتاج إلى الراحة بالأبطح من أجل عناء الحج، ومناسك الحج، يرتاح قبل أن ينتقل إذا كانت الحاجة هي الداعي لذلك فلا يقال: بسنيته؛ لكن ماذا عن النزول بالأبطح؟ تقول عائشة -رضي الله تعالى عنها-: إنما نزله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنه كان منزلاً أسمح لخروجه، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يريد الرجوع إلى المدينة، والطريق إلى المدينة غير الطريق إلى نجد، فهل نقول لأهل نجد: اذهبوا مع الطريق الذي ذهب معه النبي -عليه الصلاة والسلام- ومكث فيه، ثم بعد ذلك انتقلوا إلى طريقكم؟ عائشة ترى أنه لا يلزم هذا، ولا يتعبد بمثل هذا، كونه -عليه الصلاة والسلام- يبيت بذي طوى، ذو طوى على طريق الداخل من المدينة، هل يقال لأهل نجد: اذهبوا ودوروا على مكة حتى تنزلوا بذي طوى؟ دخوله مع الثنية العليا، وخروجه مع السفلى محل خلاف بين أهل العلم، وتقدم الكلام فيه، لا شك أن النزول طريق المدينة يرد هكذا، والنزول مع الثنية العليا سهل؛ لكن الطلوع إليها لو أراد أن يرجع معها صعب، فيخرج من السفلى لأنها أسمح له وأسهل، قد يقصد الإنسان تطبيق بعض هذه الأشياء؛ لكن قد يحال دونه ودونه، المرور يمنعه من النزول مع هذا الشارع، فهذا يتبع حكم المسألة، فإن كان النزول مقصود في هذه الأماكن وقلنا بشرعيته اقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- فإذا قصده الإنسان ومنع منه ثبت أجره، وإذا كان السبب في بقائه ومكثه -عليه الصلاة والسلام- هذه المدة في هذا المكان هو إغاظة المشركين يكون حينئذ مقصود للأمة وتمكث فيه، وإن لم يكن على سبيل الوجوب، وظروف الحج في السنوات الأخيرة اختلفت كثيراً، يعني قد يقصد الإنسان تطبيق جميع ما بلغه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذا الباب؛ لكن لا يقدر على ذلك، يُمنع من ذلك، يعني ظروف السير مع كثرة الناس قد تضطر كثير من الناس إلى أن يفرط ببعض الواجبات، قد، الزحام يمسكه عن دخول مزدلفة إلى أن ينتهي الوقت، عن المبيت بمنى إلى أن يطلع الصبح، احتمال، فمن قصد الشيء ومُنع منه ثبت له أجره ولا يعاب عليه، اللهم إلا الأركان التي لا بد من الإتيان بها، أراد أن يدخل عرفة فمسكه السير إلى أن طلع الصبح نقول: هذا حكمه حكم من أراد مزدلفة أو أراد منى؟ لا، فاته الحج هذا؛ لأنه ركن، أما من قصد مزدلفة والمبيت بها واجب، أو قصد منى والمبيت بها واجب، ثم صده عن ذلك صاد، لا يلزمه شيء، اتقى الله ما استطاع؛ لكن لا يفرط، لا يفرط، فإذا اتقى الله ما استطاع لا يلام.
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض" متفق عليه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض" والحديث في الصحيحين، وهذا الحديث دليل على طواف الوداع، وأنه واجب، وأنه واجب، وأنه ليس بركن، وجوبه يؤخذ من التخفيف عن الحائض، والأمر أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت مع التخفيف؛ لأن المستحب ما يحتاج إلى تخفيف، هو خفيف من الأصل، فلا يحتاج إلى تخفيف، ولو كان ركناً ما احتمل التخفيف، ولا خُفف فيه، المقصود أنه واجب، ويقول به: جمهور العلماء، ويذكر عن مالك -رحمه الله تعالى- أنه ليس بواجب؛ لأنه لو كان واجباً لما خُفف عن الحائض، أحياناً المأخذ يكون الدليل واحد؛ لكن مآخذ ومسالك..... في طريقة الاستدلال تتباين، الجمهور أخذوا الوجوب من التخفيف، يعني نظير ما جاء في الترخيص بالانصراف للضعفة من مزدلفة، ونظير ما جاء للترخيص للعباس والرعاة بمنى، منهم من يقول: المبيت بمزدلفة ومنى سنة؛ لأنه رخص لهؤلاء، والأكثر يقول: أنه واجب؛ لأن هؤلاء احتاجوا إلى الرخصة؛ لأنه لو كان سنة ما احتاجوا إلى الرخصة، ومثله ما عندنا، طواف الوداع واجب لأنه رخص فيه، فليس بركن، وليس بسنة لأن السنة لا تحتاج إلى تخفيف، وهذا هو القول المحقق.
"أُمر الناس" والآمر هنا هو النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو المخفف؛ لأنه هو المبلغ عن الله -جل وعلا- الأحكام، فهو الآمر، وهو المخفف، ومتى كان الأمر؟ في حجة الوداع، أما جميع العمر التي حصلت منه -عليه الصلاة والسلام- ليس فيها أمر بالوداع، ولذا يرى أكثر أهل العلم على أن الوداع خاص بالحج، خاص بالحج، فالعمرة لا وداع لها، وقد يستدل لهم بأن عائشة لما طافت وسعت للعمرة ما أمرت بوداع، وليس آخر عهدها بالبيت، إنما آخر عهدها بالمسعى، والمسعى ليس من البيت، المقصود أن العمرة في قول الأكثر لا وداع له، ومنهم من يرى أن هذا الأمر شامل لكل من أراد الانصراف من مكة، "أمر الناس" جنس الناس، الحجاج والعمار والزوار وغيرهم، كل من أراد أن يخرج من مكة يلزمه أن يكون آخر عهده بالبيت، طيب آخر عهده بالبيت الصلاة؟ يعني لو صلى ومشى يكفي؟ لا جاء في رواية عند البيهقي وغيره: "أمر على الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف" الطواف، المقصود أن الطواف واجب، طواف الوداع، وهو للحج على قول الأكثر، ويرى بعضهم أن العمرة لها طواف وداع لعموم الحديث؛ لكن يستشف من عمره -عليه الصلاة والسلام- المتكررة التي لم يأمر فيها بمثل هذا أن العمرة ليس لها طواف وداع، إضافة إلى أن عائشة لما طافت وسعت ما أمرت بوداع.
إذا طاف للوداع ثم مكث بعده، الأصل في الوداع أن يكون عند السفر، يعني كما يودع الإنسان أهله إذا أراد أن يسافر يودع البيت، إذا أراد أن يسافر، فهل يودع أهله ويبيت عندهم أو يحتاج إنه يودعهم مرة ثانية من الغد؟ يحتاج، فإذا طاف للوداع ثم بات بمكة يقولون: لا يكفي هذا الوداع؛ لأنه لم يكن آخر عهده بالبيت، لا بد أن يعيده، أما إذا مكث بعد الطواف مكثاً غير مقصود، نزلوا الرفقة وقالوا: ترى الموعد السيارة، من طاف يجي، جاء الأول ومكث ساعة وما جاء الثاني، زحام، جاء الثاني ومكثوا ساعة وما جاء الثالث، وهكذا، زحام شديد، نقول للأول: أعد طوافك؟ لا، هذا المكث غير مقصود، هو ينتظر الرفقة، ومثل هذا لو اشترى أشياء خفيفة من متطلبات السفر؛ لكن لو اشترى تجارة وبضاعة، وما أشبه ذلك، ما كان آخر عهده بالبيت، الحنفية يقولون: إذا طاف بنية الوداع انتهى، هذا طواف الوداع ولو مكث شهر أو شهرين، خلاص عليه طواف وطاف، أكثر من هذا ما فيه، عليه طواف للوداع وطافه، ولا يوجب عليه ثاني؛ لكنه في الحقيقة ليس بوداع، هذا ليس بوداع، طواف الوداع يحصل بسبعة أشواط على سبيل الاستقلال بنية الوداع عند الخروج من مكة بعد أداء النسك ويحصل أيضاً بأي طواف كان، المقصود أن يكون آخر عهد للإنسان بالبيت، فلو أخر طواف الإفاضة يكفي وإلا ما يكفي؟ يكفي لأن آخر عهده بالبيت؛ لكن لو كان طواف الإفاضة بعده سعي؟
طالب: يكفي لفعل عائشة.
عائشة عمرة.
طالب:.......
العمرة انتهينا منها، الأكثر أن العمرة ما لها طواف.
طالب: يعني بعد أن يسعى يعود ويطوف؟
هذا الأصل؛ لأنه إذا سعى ما كان آخر عهده بالبيت، آخر عهده بالمسعى؛ لكن من أهل العلم من يرى أن المدة يسيرة، مدة السعي لا تزيد عن مدة انتظار الرفقة، فيتسامح في مثل هذا، لا سيما عند الحاجة إلى مثل هذا في شدة الزحام؛ لأنه لو كلف الناس بعد أن يطوفوا للإفاضة، ثم يسعون، ثم يؤمرون بطواف الوداع، لا شك أن في هذا مشقة شديدة، فمن رأى أن الزحام شديد، ويشق عليه مشقة شديدة أن يعيد الطواف، من أهل العلم من يرخص له، وله وجه؛ لأنه ما جعل علينا في الدين من حرج، الآن طواف الفرض يؤدى بكل مشقة، وبكل صعوبة، فإذا أمر بإعادته لا شك أنه يتضرر بهذا، المقصود أن منهم من يخفف ولو كان بعده سعي، كما لو كان بعده صلاة، طاف للوداع ثم أقيمت الصلاة وصلى، نعم، يتسامح في مثل هذا -إن شاء الله تعالى-.
طالب:.......
يجوز له ذلك؛ لكن الترتيب أفضل من.. يعني سلوك الرخصة هذه وكونه يكتفي به أفضل من تقديم السعي على الطواف.
وعن ابن الزبير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة)) رواه أحمد وصححه ابن حبان.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن ابن الزبير، هو عبد الله عند الإطلاق، ابن الزبير بن العوام، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلاة في مسجدي)) نكرة؛ لكنها في سياق النفي؟ وفي سياق الشرط؟ نعم، في سياق الامتنان؟ نعم، النكرة في سياق الامتنان تقتضي العموم عند أهل العلم، من صيغ العموم النكرة في سياق الشرط، في سياق النفي، في سياق الامتنان، تقتضي العموم، ونحتاج إلى مثل هذا في تفصيل المسألة، ((صلاة في مسجدي هذا)) بالإشارة في مسجده -عليه الصلاة والسلام-، والإشارة تقتضي المسجد القائم في وقته الذي يمكن الإشارة إليه، وما كان خارج أسواره لا يدخل في الإشارة، ولذا قال بعض العلماء: أن الزيادات في مسجده -عليه الصلاة والسلام- والتوسيعات لا تدخل في المضاعفة، ما تدخل في المضاعفة؛ لأنه أشار إليه: ((صلاة في مسجدي هذا)) فالتوسعات كلها، لا التي أمام المسجد، يعني فيه توسعة أمام المسجد -المسجد النبوي- مقدار كم؟ خمسة صفوف يمكن، لا تدخل، وأيضاً فيه توسعة من الجهة الشمالية، وفيه أيضاً توسعة من الجهات الأخرى، المقصود أن هذه على مقتضى الإشارة لا تدخل في المضاعفة، شأنها كشأن سائر المدينة، والمدينة وغيرها في هذا سواء، ليس فيها مضاعفة، إذا أقيمت الصلاة فهل نصلي في مسجده الذي أشير إليه، أو نتقدم للصف الأول والثاني والثالث والرابع والخامس؟ وهل نصلي في يسار الصف ونترك يمين الصف إذا كان خارج مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ أو نقول: أن المسجد مهما بلغ في توسعته من رأوه قال: هذا المسجد النبوي، جاءت أحاديث؛ لكنها ضعيفة تدل على شمول الخبر التوسعات، ولو بلغ ما بلغ، فهو مسجده ولو بلغ صنعاء، كما جاء في بعض الروايات؛ لكنها ضعيفة، فأيها أفضل أن يصلي الإنسان في مسجده الذي أشار إليه، أو يتقدم إلى الصف الأول؟
طالب:........
ولو كانت صلاته واحد من ألف؟
طالب: فضل الصفوف الأولى أفضل يا شيخ.
أفضل؟
طالب: لأن النبي شدد لأتيته ولو حبواً.
إيه لكنها ألف صلاة ما هي بسهلة، أنت لو تقعد ببيتك وتصلي ببيتك ما فاتك إلا سبعة وعشرين درجة، وتصلي في الصف الأول يفوتك تسعمائة وتسع وتسعين صلاة.
هاه، وش تقول؟ وراك وقفت؟
طالب: أنا ما وقفت، لكن أقول: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما بين الفضل.
شوف يا أخي أنا أقول: إن كانت الإشارة مقصودة، والفضل في مسجده فقط، فالمضاعفة في مسجده لا غير، فيكون الصلاة في آخر صف في مسجده أفضل من أول الصف في التوسعة؛ لأنه أشار: ((صلاة في مسجدي هذا)) وتكون الصلاة في يسار الصف أفضل من الصلاة في يمين الصف الذي هو خارج مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن يسار الصف كله داخل في مسجده -عليه الصلاة والسلام-، إلى حدوده من الجهة الخلفية.
طالب:.......
وين ما يسع؟
طالب:.......
سهل، ما يسع صلاة الجماعة صحيحة، ولهم فضلها؛ لكن يبقى ألف ما له ألف، كالمساجد الأخرى، وعلى هذا فبقية مساجد المدينة فيها مضاعفة وإلا ما فيها؟ ما فيها مضاعفة، ليس فيها مضاعفة، فيحرص الإنسان أن يصلي في مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-، في مناسبة، مناسبة الصلاة في مسجده، يعني ما أثير حول القبر من كلام كثير، وتشبث به بعض المبتدعة، والمسألة هذه سبق أن بُحثت مراراً؛ لكن يبقى مسألة الروضة ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)) يعني هل يحرص على هذه البقعة أكثر من يمين الصف لأنها روضة من رياض الجنة، أو نقول: هذا مجرد خبر؟ نعم، إحنا بحثنا هذا سابقاً وإلا ما بُحث؟ ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)) هل نقول: أن هذا مجرد خبر، أو نقول: لا بد أن يكون له أثر في الحكم الشرعي وإلا لكان عاري عن الفائدة يكون لغو؟ قد يقول قائل: النيل والفرات من أنهار الجنة، فهل الانغماس في هذين النهرين أفضل من الانغماس في غيرهما، أو هو مجرد خبر يدل على فضل هذه؛ لكن ما النتيجة المترتبة على هذا التفضيل؟ كون هذه البقعة روضة من رياض الجنة هل يعني أن هي كغيرها، أو لها مزية؟ لها مزية بلا شك، وكونها من رياض الجنة تكون رياض الجنة إلا أن لها مزية، ومزيد فضل في لزومها كحلق الذكر، نعم رياض الجنة ما هي؟ حلق الذكر، وهذه لها حكمها، ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)) قيل: يا رسول وما رياض الجنة؟ قال: ((حلق الذكر)) فقط؟ لا؛ لأن تفسير العام بفرد من أفراده لا يعني قصره على هذا الفرد، مثل تفسير القوة بالرمي، وغيرها من الأمثلة، المقصود أن هذه البقعة لها مزية؛ لأنها روضة من رياض الجنة، وقد أمرنا بأن نرتع في رياض الجنة.
((صلاة في مسجدي هذا)) عرفنا أن التفضيل لا يشمل بقية مساجد المدينة، أفضل من ألف صلاة فيما سواه من مساجد الدنيا إلا المسجد الحرام، صلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة، إذاً صلاة في المسجد الحرام أفضل من سائر المساجد سوى مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- بكم؟ بمائة ألف صلاة، ولا يرد فيه الكلام السابق، يعني التوسعات ما التوسعات هذه كلها داخلة؛ لأنه ما أشير إليه، الأمر الثاني: أن مكة كلها مسجد، وكلها محل للتضعيف، الأدلة على هذا هو قول الجمهور على كل حال، والأدلة عليه كثيرة، من أصحها وأوضحها قول الله -جل وعلا- ها؟
طالب:.......
لا، لا، كونه أسري به من بيت أم هاني فيه كلام، {وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ} [(217) سورة البقرة] المشركون أخرجوا النبي وأصحابه من المسجد وإلا من مكة؟ من مكة، فدل على أن المسجد يراد به مكة، المقصود أن هناك أدلة يستدل بها الجمهور، أيضاً فهم الصحابة، وأنهم تفرقوا في الأمصار خشية الوقوع في الإثم؛ لأن مكة حكمها واحد، وكلها حرم ومحرم، وحكمها في التضعيف واحد، وفي تعظيم الإثم واحد، أيضاً يذكر عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه لما أحصر في الحديبية أنه كان يصلي في الحرم؛ لأن محل الحصر قريب جداً من الحرم، هذا جاء من طرق، وغير ذلك من الأدلة التي يستدل بها الجمهور، {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(1) سورة الإسراء] يقولون: إنه أسري به من بيت أم هاني، ويستدلون به لكن فيه ضعف، على كل حال هو قول الجمهور أن مكة كلها حرم، كلها مضاعفة، جاء في خبر أن الصلاة في مسجد القدس، في بيت المقدس بخمسمائة صلاة، قال ابن عبد البر: إسناده حسن، قد يقول قائل: ما دامت الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصحابة سمعوا هذا الكلام، ومع ذلك تفرقوا في الأمصار، وأهل العلم أيضاً من بعدهم جلهم في الأمصار، في مصر والشام والعراق والمشرق والمغرب، يعني كيف يفرط الصحابة بهذا الفضل العظيم ويتفرقون؟ كيف يفرط أهل العلم يعيش خيار الأمة في العراق وفي مصر وفي الشام ويتركون هذا الفضل العظيم؟
طالب: من أجل الدعوة.
الدعوة، وبث العلم، وتبليغ الدين والجهاد، كلها أفضل من مجرد المكث من أجل هذه المضاعفة، وفيه تعظيم الإثم، وفيه ترتيب الإثم على مجرد الإرادة، فهي ليست كغيرها، الغنم مع الغرم؛ لكن لا شك أن الذي بيجلس؛ لكن الآن في ظروفنا التي نعيشها شخص متردد هل يسكن في الشرقية، أو في الرياض، أو في مكة؟ مسألة تردد، على حد سواء، عمله في بلده مثل عمله في مكة، إن كان مدرس راح مدرس، إن كان موظف راح موظف، ما الأفضل له؟
طالب:........
ترى البلد الذي يختلط فيه الناس من أقطار متباينة، وعادات متنافرة، يعني حتى في عصر السلف وجد من يتعرض للنساء في المطاف، ووجد من النساء من يفتن الناس في ذلك الوقت، فكيف بعصرنا هذا؟ فبعض الناس يترك هذه الأماكن خشية الفتنة؛ لأن الناس يجتمعون من بلدان متباينة، وأعراف متباعدة، وعند بعض الأقاليم فيها تساهل أكثر من غيره، فتجده يقول: لا في بلدي أسلم لي، هذا حاصل الآن وإلا مو بحاصل؟ كثير من الناس ما يصدق أنه ينتهي
من العمرة ليعود إلى بلده، أقول: لوجود مثل هذه المناظر التي ألفها أصحابها في بلادهم لا تثيرهم مثل هذه المناظر؛ لكن من بلد آخر تثيرهم، تجد مثلاً الشامي أو المصري يفتتن بالمرأة من هذه البلاد لأنه ما ألف هذا المنظر، ومثلاً من أهل هذه البلاد يفتتنون بالبلاد الأخرى؛ لأن عندهم شيء من التسامح أكثر مما عندنا، وفي بلادنا، على حد نظرنا، المقصود أنهم قد تترك هذه المضاعفات إذا خشي الإنسان على دينه، هناك أمور أخرى في ليالي العشر التي ترجى فيها ليلة القدر بعض الناس، من خيار الناس، يقول: أنا سأصلي في مسجدي، وعند بيتي، ويجتمع قلبي، وأعقل صلاتي، أفضل مما أتعرض لزحام الملايين، ولا أدرك من صلاتي شيء، هذا أيضاً له وجه، المحافظة على أصل الصلاة، أولى من المحافظ على ما يزيد في فضلها؛ لأن الآن التجار يحافظون على رأس المال أكثر، أو المكاسب أكثر؟ عندهم رأس المال هو الأصل، فالمحافظة على أصل الصلاة أولى من المحافظة على ما يحتف بها من زيادة الفضل.
((صلاة في مسجدي)) قلنا: هذا أسلوب امتنان فتعم الصلوات، فالصلاة بمائة ألف صلاة، الفريضة لا إشكال فيها، ولم يخالف فيها أحد، النافلة وهذا الكلام قيل: في المسجد النبوي، يعني قيل بالمدينة، فهل صلاة الرجل الساكن المدينة النافلة في بيته أفضل وإلا يصليها في مسجده -عليه الصلاة والسلام- ليحصل على ألف صلاة؟
طالب: في بيته أفضل.
نعم؛ لأن الحديث قيل في المدينة ((صلاة الرجل في بيته أفضل إلا المكتوبة)) فصلاته النافلة في بيته أفضل من صلاته في المسجد تحصل المضاعفة وإلا ما تحصل؟ الصلاة في البيت؟
طالب: ما تحصل.
ما تحصل، هذا ما جعل بعض أهل العلم يقول: الحديث هذا خاص بالفرائض ولا يتناول النوافل، مكة ما فيها إشكال باعتبار أنها حرم، وفيها مضاعفة، الصلاة في البيت ما فيها إشكال أنها أفضل.
غير الصلاة من أنواع الطاعات، الصيام في مكة أفضل وإلا ما هو بأفضل؟ الصدقة في مكة؟ الجمعة في مكة؟ رمضان في مكة أفضل وإلا ما هو بأفضل؟ بهذا المقدار أو مجرد فضل المكان المستفيض ولو لم يقدر بمائة ألف؟ يعني رمضان بمائة ألف رمضان، ليلة القدر بمائة ألف ليلة قدر، أو هذا خاص بالصلاة؟
طالب:.......
دعنا من المسجد والخلاف فيه، الكلام على المسجد الحرام، ومسجده -عليه الصلاة والسلام- بحسبه؛ لكن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف مسجد بالدمام، فهل نقول: رمضان في مكة أفضل من رمضان....؟ نعم.
طالب:........
الحديث نص في الصلاة؛ لكن جمع من أهل العلم يرون أن العبادات كلها بهذه المثابة؛ لكن هل نستشف من الحديث ارتباطه بالمسجد، وأن العبادة التي لا تؤدى إلا بالمسجد لها هذا التفضيل، وأن العبادات التي يمكن أن تؤدى خارج المسجد كالصيام والصدقة وغيرها لا ارتباط لها بالمسجد، بينما الصلاة قل مثل هذا في صلاة الجنازة، يمكن أن تحصل، على كل حال الحديث نص في الصلاة، ويقول بعض أهل العلم: أنه يتناول جميع العبادات؛ لكن يحتاج هذا إلى دليل.
سم.
طالب: بالنسبة للمرأة يا شيخ هل تدخل في هذا الأمر؟
إيش فيها؟ في البيوت أفضل، وبيتها خير لها.
قال المصنف -رحمه الله-: باب الفوات والإحصار:
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قد أحصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحلق، وجامع نساءه، ونحر هديه، حتى اعتمر عاماً قابلاً" [رواه البخاري].
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب الفوات والإحصار: الفوات فوات الحج بأن يطلع الفجر من يوم النحر قبل التمكن من الوقوف بعرفة، فمن طلع عليه الفجر قبل أن يقف بعرفة ولو لحظة فاته الحج، فإذا أحرم بالحج قبيل طلوع الفجر قال: أسرع بالسيارة، وعلى عرفة على طول، وأمكث فيها مدة يسيرة، وأنزل لمزدلفة إلى منى، ثم بنشرت السيارة، أو مسكوه تفتيش وإلا شيء، وعاقه شيء، عاقه عائق، فطلع عليه الفجر قبل أن يدخل عرفة، مثل هذا ماذا يصنع؟ فاته الحج؛ لكن ماذا يصنع؟ يتحلل بعمرة، طيب إن اشترط قال: إن أدركت الحج فبها ونعمة، وإلا فمحلي، هذا ما عليه شيء، هذا يتحلل ما عليه شيء؛ لكن من لم يشترط يتحلل بعمرة، طيب الإحصار أصله المنع، منع، ويختلف أهل العلم، ويفرقون بين الحصر والإحصار، فيجعلون الإحصار هو الذي يكون بالمرض، الحصر يكون بالمرض والعجز والخوف، الإحصار هو الذي يكون بماذا؟ بالمرض والخوف ونحوهما، وإن كان المنع بسبب العدو قيل له: حصر، الآن في قوله -جل وعلا-: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] هذا متى نزل؟ أحصرتم نزل بشأن إيش؟
طالب: الحديبية.
الحديبية، أحصرتم، والآن أحصر مصدره: إحصار، ومنعهم يوم الحديبية بسبب مرض وإلا عدو؟ عدو، إذاً الإحصار يكون بسبب العدو أيضاً، ولذا قال جمع من أهل العلم: أن الحصر والإحصار كله المنع بأي سبب كان؛ لكنه سبب يمنع، ما هو بأدنى سبب، يتصل عليه ويقال له: ارجع عندنا مناسبة، وإلا عندنا كذا، وإلا أخوك يبي يتزوج، وإلا..، لا، لا بد أن يكون سبب يمنعه من أداء نسكه، هذا يكون بالمرض، كما سيأتي من كسر أو عرج، ويكون بالعدو الذي لا يمكنه من دخول المشاعر.
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قد أحصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحلق رأسه، وجامع نساءه، ونحر هديه، حتى اعتمر عاماً قابلاً".
طالب:........
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قد أحصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" حصره العدو، لما أراد أن يعتمر في السنة السادسة في الحديبية حصره العدو، الحديبية قريبة على الحد بين الحل والحرم، ويسمونها الآن هي قريبة من إيش؟ من إي شيء؟ ما في مكان يقال له: الشميسي، نعم قريبة من الشميسي، فحلق رأسه لما قال لأصحابه: تحللوا ترددوا، فغضب النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأسف لأنهم ترددوا في قبول أمره -عليه الصلاة والسلام-، فأشارت إليه أم سلمة أن يحلق شعره، لما حلق شعره عرفوا أن المسألة جد، فهم ترددوا في قبول الأمر في بداية الأمر، لماذا؟ رجاء أن يتم لهم ما أرادوا من العمرة، فلما حلق رأسه -عليه الصلاة والسلام-، ونحر هديه انتهى، وبهذا يتبين أن الاقتداء بالفعل أقوى من الاقتداء بالقول، ولذ إذا أراد المسئول أن يمتثل أمره يكون قدوة، لا يخالف هو هذا الأمر، ثم يطلب من الناس أن يقتدوا به، بل عليه أن يبادر، إذا طلب من الناس أن يتبرعوا، إذا طلب من الناس أن يبذلوا في العمل، وأن يحتسبوا، ويصبروا لا بد أن يكون قدوة، يكون أول من يحضر هو؛ لأن بعض الناس عنده استعداد يحزم غيره؛ لكن ما يحزم نفسه، هذا ما يطاع أمره، فإذا كان قدوة أول من يحضر هو، ما رأوا عنده شيء من التساهل، جاد في عمله، اقتدى، استطاع أن يحزم الناس، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- حلق شعر رأسه، ونحر هديه، فكادوا أن يقتتلوا على الحلق، اقتداء به -عليه الصلاة والسلام-، حلق رأسه، وجامع نساءه، ونحر هديه، ثم بعد ذلك اعتمر عاماً قابلاً، وعمرة الحديبية حسبت من عمره -عليه الصلاة والسلام-، اعتمر عاماً قابلاً، هل هي قضاء لهذه العمرة، أو عمرة مستقلة منشأة جديدة؟ يسمونها عمرة القضاء؛ لكن لو احتاجت هذه العمرة إلى قضاء تحسب عمرة؟ العمرة الأولى التي حبسوا عنها حسبت وإلا ما حسبت؟ حسبت من عمره -عليه الصلاة والسلام-، ونزل فيها سورة الفتح، نعم، فهل عمرة القضاء لأن العمرة الأولى لاغية لم تحسب، أو هي عمرة ثانية حسبت له -عليه الصلاة والسلام-، ولمن معه؟ هي عمرة ثانية، ما الذي يدعونا إلى مثل هذا الكلام؟ إلى أن المحصر هل يلزمه أن يأتي ببدل أو لا يلزمه؟ ما يلزمه {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] نأتي إلى الهدي، هل الهدي واجب وإلا ليس بواجب؟ {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] يعني هل نقول: فالواجب ما استيسر من الهدي، كما قلنا: {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [(185) سورة البقرة] يعني فالواجب عدة من أيام أخر، ما استيسر هذه لا تعود إلى أصل الهدي، إنما تعود إلى نوعه، هي تعود ما استيسر هذه تعود إلى نوع الهدي، يعني أنت مخير إن كان عندك بدنة اذبح بدنة، ما عندك عندك بقرة اذبح بقرة، ما استيسر لك إلا شاة اذبح شاة، من أهل العلم من يرى لزوم الهدي للمحصر، ومنهم من يقول: أبداً لا يلزم ولا شيء إلا إذا ألزم....، الصحابة جاؤوا بسبعين بدنة من المدينة، أولاً: بالنسبة للقضاء هل الألف واربعمائة الذين مع النبي -عليه الصلاة والسلام- عام الحديبية كلهم تمكنوا من أداء عمرة القضاء؟ ما يلزم، ولا فيما يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرهم بذلك؛ لكن هذا تنفيذ للشروط التي بينه -عليه الصلاة والسلام- وبين قريش، ما استيسر من الهدي، هم جاؤوا بسبعين بدنة، وهم ألف وأربعمائة، واشترك كل سبعة في بدنة تكفيهم سبعين؟ ما يكفيهم سبعين، سبعين في سبعة؟ أربعمائة وتسعين، يعني باقي أكثر من تسعمائة، هذا يقول بعض أهل العلم: أنه ليس عليهم شيء، أحصرهم عدو، واتقوا الله ما استطاعوا، أرادوا الخير ولم يتمكنوا منه، ما عليهم شيء، لا عليهم قضاء، ولا عليهم هدي؛ لكن لفظ الآية {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [(196) سورة البقرة] هذا شرط {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [(196) سورة البقرة] ولذا الجمهور على أن عليه دم، يتحلل بهدي.
طالب:........
لا، لا، ما يسقط، يبقى كل شيء على ما هو عليه، إذا كان عليه حجة الإسلام لا بد أن يأتي بها، إذا كان عليه العمرة الواجبة لا بد أن يأتي بها، أما إذا أحرم بحج نفل أو عمرة نفل، ثم أحصر ما عليه إلا أن يتحلل بدم، منهم من يرى أن الإحصار خاص به -عليه الصلاة والسلام-؛ لكن لا وجه له، القول بالخصوصية لا وجه له؛ لأن الأصل الاقتداء، على كل حال الجمهور على وجوب الهدي، وأنه يجزيه شاة، إن كانت هي المستيسرة له، والإمام مالك يرى أنه لا شيء عليه، ولا هدي، ومن تأمل الواقعة التي حصلت لهم، وما جاؤوا به من الهدي وعددهم، رأى أن الهدي الذي معهم لا يفي بالعدد، وما حفظ أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرهم أن يبحثوا عن هدي، أو أمرهم..، ما عرف أنهم أيضاً؛ لكن الآية كالصريحة في لزوم الهدي، منهم من أخذ من قوله: "حتى اعتمر عاماً قابلاً" ومن تسميتهم العمرة التي تليها بعمرة القضاء أنه يدل على وجوب القضاء، يدل على إيجاب القضاء؛ لكن ما عرف أن الألف والأربعمائة الذين كانوا معه في الحديبية كلهم أدى هذه العمرة، يعني أصلاً تسميتها القضاء والقضية من مقاضاة قريش في صدهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإتيانه ببدلها، ومثله ما في الحديث، فلا يوجد ما يدل على أنه يلزمه عمرة ثانية إلا إذا كان عليه عمرة الإسلام الواجبة، ولا يلزمه أن يأتي بحج صد عنه إلا أن تكون عليه حجة الإسلام، وأما الهدي فالمتجه وجوبه.
طالب:........
ما عليه شيء، نعم.
طالب:........
يعني أحرم بالحج منعوه قالوا له: ارجع، هذا إحصار وإلا لا؟
طالب:........
مثل هذا لو اشترط، لو اشترط نفعه -إن شاء الله-.
طالب:........
على كل حال الحج مطلوب فرضه ونفله، فإذا رأى الإمام بالاتفاق مع أهل العلم أن هذا الزحام لا يحله إلا التحديد، فالعلماء يفتون بهذا؛ لكن إن حصل للإنسان أن يحج من غير حيلة ومن غير كذب، فالحج فرضه ونفله مطلوب.
النحر في الحديبية هل كان في الحل أو في الحرم؟ يعني حتى يبلغ الهدي محله، الحل وإلا الحرم؟ نعم، الحنفية يرون أن محله الحرم، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما نحر في الحرم؛ لكن ظاهر قوله -جل وعلا-: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [(25) سورة الفتح] يعني ممنوع من أن يبلغ محله، ظاهره أنه نحر في الحل، ولا شك أنه لو كلف المحصر بأن ينحر في الحرم لشق عليه، هو بنفسه ما يتيسر له يروح إلى الحرم فضلاً عن الهدي، ولذا الجمهور على أن المحصر له أن يذبح هديه حيث يحل في حل أو حرم؛ لكن إن كان يستطيع أن يبعث به إلى الحرم، وهذا قول وسط لبعض العلماء فيبعثه إلى الحرم، وإن لم يستطع فيذبحه حيث أحصر.
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب -رضي الله عنها- فقالت: يا رسول الله إن أريد الحج، وأنا شاكية، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((حجي واشترطي: أن محلي حيث حبستني)) [متفق عليه].
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ابنة عم النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل عليها فقالت: "يا رسول الله إن أريد الحج، وأنا شاكية" يعني مريضة، وتخشى أن يزداد المرض فلا تتمكن من أداء الحج الذي أرادته، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((حجي واشترطي: أن محلي حيث حبستني)) هذا الاشتراط، أولاً: هذا الحديث خرجه الإمام البخاري في أي كتاب؟ في كتاب النكاح، ما خرجه لا في كتاب الحج، ولا في كتاب الإحصار في كتاب النكاح؛ لأن ضباعة هذه كانت تحت المقداد، باب الأكفاء في الدين، المقداد مولى وهي قرشية، بنت عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذا جزم بعض المحققين، الذين يحققون الكتب أن الحديث لا يوجد في البخاري، ما خرجه البخاري، أين سيذهب به البخاري إذا ما وجد في كتاب الحج بكامله؟ تقول: أريد الحج وأنا شاكية، والبخاري ما خرجه في الحج، إنما خرجه في النكاح.
يقول: "دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، فقالت: يا رسول الله إني أريد الحج، وأنا شاكية، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((حجي واشترطي: أن محلي حيث حبستني)) فإذا اشترط الحاج نفعه هذا الاشتراط، مطلقاً كل حاج يشترط؟ كل معتمر يشترط؟ ثم إذا حصل له ما حصل ينفع؟ أو لا يشترط إلا من ظهرت عليه البوادر؟ بوادر مرض، بوادر خوف من عدو أو شبهه، أو غلب على ظنه أنه لا يستطيع، ولا يتمكن، غلب على المرأة أنها لن تتمكن من أداء العمرة لنزول دورة، أو ما أشبه ذلك عادة، منهم من يقول: الاشتراط ينفع من كانت حاله مثل حال ضباعة، شاكي، ويخاف أنه يزداد عليه المرض فلا يتمكن فينفعه، ومن عداه لا ينفعه، ومنهم من يقول: ينفعه مطلقاً، ومنهم من قال: أنه خاص بضباعة، لا ينفع غيرها الاشتراط؛ لكن الخصوصية تحتاج إلى دليل، فالذي يغلب على ظنه أنه لا يتمكن من أداء حجه أو عمرته ثم اشترط نفعه ذلك، ويبقى من عداهم على الأصل؛ لأنه لا يعرف الاشتراط إلا في هذا الحديث، وظاهر هذا الحديث أن من اشترط لظهور الأمارات والعلامات كضباعة، ثم حصل له ما يعوقه، أنه لا شيء عليه البتة، خلاص يلبس ثيابه ويرجع، ما عليه شيء.
طالب:.......
المهم أنه اشترط.
طالب:.......
اشترط هو؟
طالب:.......
وفيه بوادر وإلا ما فيه؟ يعني تقصد أنه حصر بمرض، كسر أو عرج كما هنا، هذا يأتي في الحديث هذا الي معنا، سم.
وعن عكرمة عن الحجاج بن عمرو الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من كسر أو عرج فقد حل، وعليه الحج من قابل)) قال عكرمة: "فسألت ابن عباس وأبا هريرة عن ذلك فقالا: صدق" [رواه الخمسة وحسنه الترمذي].
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن عكرمة مولى ابن عباس" أصله من البربر، فيه كلام لبعض العلماء، وأنه يرى رأي الخوارج؛ لكن الذي حققه الذهبي وابن حجر براءته من هذا القول، ولذا خرج له الإمام البخاري.
ففي البخاري احتجاجاً عكرمة |
| مع ابن مرزوق وغير ترجمة |
هو تُعرِض له بالجرح؛ لكنه لم يثبت، عن الحجاج بن عمرو الأنصاري، صحابي مقل، لا يروي إلا حديثين، كما قال ابن عبد البر وغيره -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من كسر)) مبني المجهول، مغير الصيغة، ((من كسر أو عرج فقد حل، وعليه حج من قابل)) يعني حصره المرض، وقل مثل هذا فيمن لم يتمكن، داخل بسيارته فدهس إنسان فأودع السجن إلى أن انتهى الحج، يقول: ((فقد حل، وعليه حج من قابل)) قال عكرمة: "فسألت ابن عباس وأبا هريرة عن ذلك فقالا: "صدق" الحديث حسنه الترمذي، وفي بعض النسخ قال: حديث حسن صحيح، يعني في بعض النسخ، ونسخ الترمذي من القدم، تتباين في أحكامها، تتباين في أحكامها، ولذا الكتاب بحاجة إلى عناية تامة، في مقابلة نسخه الأصلية؛ لأنك تجد عند المتقدمين من أهل العلم، هذا يقول: حسنه، وهذا يقول: صححه، هذا يقول: قال الترمذي: حسن غريب، وذاك يقول: حسن صحيح، وسببه تباين النسخ من القدم؛ لكن الحديث له طرق غير ما معنا، فإذا أصيب بمثل ما ذكر، وقع فانكسرت رجله، وأصيب بكسر في رجله، أو في غيرها من مواضع بدنه، بحيث لا يستطيع من أداء نسكه، فإنه يصير حلالاً؛ لأنه يقول: ((فقد حل، وعليه الحج من قابل)) في الإحصار السابق هل ترجح أنه يأتي بعمرة بدل، أو بحج بدل عما أحرم به؟ يعني في حصر العدو، كما في حصر الحديبية بدون قضاء، وهنا يقول: ((وعليه حج من قابل)) فهل نقول: أن هناك فرق بين المرض وبين العدو كما قال بعضهم؟ أو نقول: أنه إذا منع بمانع لا مدخل له فيه، واتقى الله ما استطاع، جاء ناوياً النسك، وقاصداً رضا الله -جل وعلا-، ثم منع من ذلك، والله -جل وعلا- لا يكلف نفساً إلا وسعها، يحل، كما لو حصر بعدو، وحديث الباب يقول: ((فقد حل، وعليه الحج من قابل)) يعني لو كان هذا الحديث بمثابة الحديث السابق، يعني في قوته، الحديث السابق ما فيه ما يدل على أنه يلزم أن يعتمر أو يحج من قابل، وإن سمى أهل العلم العمرة التي تليها عمرة القضاء، لكن هل نقول: هناك فرق بين أن يحصر بعدو وبين أن يحصر بمرض، فمن حصر بالعدو لا يلزمه قضاء، ومن حصر بالمرض يلزمه أن يحج من قابل؟ لأن المريض يتمكن من الوصول إلى المشاعر، يتمكن من أن يمكث للعلاج في مكة، ثم يتحلل بعمرة، بخلاف المحصور بعدو لا يتمكن، فإن أراد أن يتحلل المحصور بمرض، فإذا عوفي أتى بنسك آخر كما هو مقتضى هذا الحديث، وإن أراد أن يبقى على إحرامه حتى يشفى، ثم يأتي بما شرع فيه، فهو مخير، كما أنه يمكن أن يحج أو يعتمر بأي طريقة كانت، يُحمل وإلا..، ليس مثل الحصر بالمرض لا يساوي الحصر بالعدو؛ لأن العدو يصد، لا يمكنك من الوصول إلى تلك الأماكن، والمرض يتصور الوصول، يعني الآلة التي تعيدك إلى بلدك هي الآلة التي توصلك إلى تلك المشاعر، ولذا بعض أهل العلم يفرق بين الإحصار والحصر، يفرق بين ما كان بعدو، وبين ما كان بمرض، على كل حال الحديث وإن كان فيه كلام، بعضهم يضعفه، أقول: بعضهم يضعف هذا الحديث، يقول الشارح، الشارح طعنه في عكرمة؛ لكن لا وجه له، فعكرمة مبرأ مما نسب إليه من رأي الخوارج.
طالب: ألهذا قال: -رضي الله عنه-.
أيه؟
طالب: "وعنه" في سياق الحديث تعود إلى عكرمة أم على الحجاج؟
لا، الحجاج، الحجاج صحابي
طالب: وعكرمة؟
لا، لا، تابعي، عكرمة تابعي، لو كان صحابي ما قُبل فيه كلام أحد.
هنا يقول: الحديث التاسع أن الذين صدروا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحديبية كانوا ألفاً وأربعمائة، والذين اعتمروا معه في عمرة القضاء كانوا نفراً يسيراً، ولم يأمر الناس بالقضاء.
اللهم صل وسلم ..
"ثبت النهي عنه، والأصل في النهي التحريم، وحقيقته حلق بعض الشعر وترك البعض.
يقول: وهل يختلف الحكم إذا كان تشبه بالكفار أم لا؟
هذا ثبت فيه النهي، ولو لم يكن فيه تشبه.
إذا حاذيتم أول ميقات تمرون به.
يبدأ برمضان، يبرأ من عهدة الواجب، ثم بعد ذلك يصوم الست.
عرفنا أن عائشة -رضي الله عنها- لما حاضت أدخلت الحج على العمرة، فصارت قارنة، فطافت طوافاً واحداً، ولم تتمكن من الطواف طواف العمرة؛ لأنها كانت حائض، فطوافها هذا وسعيها واحد لحجها وعمرتها، ثم بعد ذلك جاءت بعمرة مستقلة.
أنت راجعت القاعدة وكلام ابن رجب في مثل هذا؟ إيه ابن رجب ذكر مثل هذا الكلام؛ لكن قال: يبعد أن عائشة لا تتنفل بشيء، هو ثبت أنها كانت، لا يكون عليها القضاء من رمضان فلا تتمكن لمكان النبي -عليه الصلاة والسلام- منها أن تقضي إلا في شعبان، الذين يقولون بجواز تقديم النفل على القضاء يقولون: يبعد أن تسمع عائشة الحث على الصيام والتنفل فيه، ثم تترك الست، وتترك يوم عرفة، وتترك عاشوراء؛ لأن عليها قضاء، ثم ما تصوم إلا في شعبان، القول الثاني المرجح: وهو أنها لا تتنفل حتى تقضي نعم أن العلة الموجودة التي تمنعها من القضاء تمنعها من التنفل، فهمت العلة التي منعتها من القضاء إلا في شعبان تمنعها من التنفل وإلا إيش معنى أنها تمنع من الفرض ولا تمنع من النفل؟ هذه حجة من يقول: بأنه لا يجوز، مع أدلة أخرى أن يتنفل الإنسان وفي ذمته فريضة؛ لأن البراءة من عهدة الواجب بلا شك أهم، والله تعالى أعلم.
هذا يقول: ما ذكرتم في شأن مقام إبراهيم -عليه السلام- لا شك أن الأحوط اعتبار البقعة والحجر معاً؛ لكن لو قال قائل: أننا نقيس المقام وحجارته على البيت وحجارته، فلو أزيل الحجارة في البيت، ووضعت في مكان آخر، فهل نستقبل الحجارة أم موضع البيت الأصلي؟ المعروف أننا نستقبل الموضع، فلو قال قائل: بذلك هل لقوله وجه؟
الصيغة، صيغة المقام، صيغة تشمل المكان الذي قام فيه، والحجر الذي قام عليه، فبينهما ارتباط، يعني لو ألغينا الحجر، واعتبرنا المكان فقط للزم علينا أن نصلي الآن مستدبرين المقام؛ لأن المقام ليس في مكانه، ولم يقل بذلك أحد؛ لكن الصيغة تقتضي الجمع بينهما، ولذا يمنع بعض أهل العلم من أن يحرك المقام من مكانه؛ لأنه مقصود، والمكان مقصود.