عليك أنْ تُحِبَّ العُلماء والمُتعلِّمين؛ لأنَّ المرء مع من أحب، فإنْ لم تُحِبَّهُم، الإنسان قد يحصُل لهُ ما يَعُوقُهُ عن تحصيل هذهِ المحبَّة؛ لأنَّ المحبَّة عِبَادة وطاعة لله -جل وعلا-؛ لكنْ قد لا يُوفَّق الإنسان لأنَّ هذه أمُور قلبيَّة، قد يكُون عندهُ من الأعمال ما يحُولُ دُونهُ ودُون هذه المحبَّة، لأنَّهُ قد يقول قائل: الإنسان وش اللي يمنعهُ من أنْ يُحب أهل الخير؟ وهل كلُّ شخص يُوفَّق لحُبِّ أهل الخير؟ قد يكون عندهُ من الأعمال ما يحُولُ دُونهُ ودُونَ هذا العمل الفاضل الخَيِّر {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ}[(54) سورة سبأ] فإنَّ الله -جل وعلا- يحُولُ بين المرءِ وقلبه لماذا؟ ظُلماً، لا والله {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}[(46) سورة فصلت] وإنَّما لوُجُود بعض الأعمال التِّي تجعل هذا الشَّخص يُحال بينهُ وبين قلبِهِ، وبينهُ وبين مُرادِهِ، قد يُحب الإنسان، يَوَد الإنسان أنْ يكُون ذاكراً شاكراً لِمَا يسمع من فضل الذِّكر؛ لكنْ تجِد من أيْسَر الأُمُور عليهِ الكلام الكثير القيل والقال؛ لكنْ سُبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر أثقل من الجبال عندهُ لماذا؟ هل هي بالفِعل ثقيلة؟ ليست ثقيلة؛ لكنْ عندهُ من الأعمال ما يحُولُ بينهُ وبين تسهيل هذه الأُمُور وتيسيرها، فإنْ لم تكُن مُتعلِّماً فَأَحِبَّهُم لماذا؟ لأنَّ المرء مع من أحب، فإنْ لم تُحِبَّهُم فلا تُبغِضُهم أقل الأحوال عالج قلبك لا تُبغِضهُم؛ لأنَّ بعض النَّاس ما يكفيه ما يُحب أهل العلم؛ بل إذا رآهُم يكاد يتميَّز من الغيظ -نسأل الله السَّلامة والعافية- لِما جُبِل عليهِ من خُبْث الطَّوِيَّة، وسُوء النِّيَّة، وكُلُّ هذا سَبَبُهُ التَّساهُل بالأُمُور اليسيرة من فُضُول الكلام، و فُضُول الأكل، و فُضُول النَّظر، وفُضُول النُّوم، هذهِ الفُضُول تتراكم على القلب وهي الرَّانْ، ثُمَّ بعد ذلك تسهُل عليه مُزاولة المكروهات، ثُمَّ بعد ذلك يَجْرُؤ على المُحرَّمات، ثُمَّ بعد يُطْبَع على قلبِهِ -نسأل الله السَّلامة والعافية- فمثل هذهِ الأُمُور ينبغي أنْ يَتَنبَّه لها الإنسان.