للنهار وظائفه ولليل وظائفه، فهناك عبادات فعلها في الليل أفضل كالصلاة، وعبادات فعلها في النهار أفضل كالصوم وغيره من العبادات النهارية، لا شك أن لكل وقتٍ وظائفه ، ينام بالليل والنهار نصف الوقت، وقد ينام منه ما ينام، وقد ينشغل بأعمال دنياه بقدر ما يحتاج إليه فلا يبقى له إلا النزر اليسير؛ لكن إذا كان ممن ابتلي بالسهر، والليل يذهب جله في القيل والقال ثم ينام النهار ماذا بقي له؟ لا يبقى شيء؟! وإن كان ممن ابتلي بالوظائف من غير نيةٍ صالحة فذهب عمره سدىً، ثلث المدة في الوظيفة فإن خليت عن نيةٍ صالحة، وعملٍ متقن تبرأ به الذمة وإلا فقد خاب وخسر؛ لأنه ما يبقى له شيء، يذهب عمره سدى، وذكر عن سلف هذه الأمة أنهم يستغلون الأنفاس، منهم من يستغل الوقت بالصلاة فيصلي ثلاثمائة ركعة متواصلة، عرف عن الإمام أحمد –رحمه الله- أنه يصلي باليوم والليل ثلاثمائة ركعة، الحافظ عبد الغني بين طلوع الشمس وارتفاعها إلى الزوال ثلاثمائة ركعة، الحافظ شرف الدين الطيبي يجلس من صلاة الصبح إلى أذان الظهر في التفسير، يفسر القرآن للطلاب، وبعد صلاة الظهر إلى أذان العصر في صحيح البخاري، وبعد صلاة العصر إلى صلاة المغرب في كتابٍ ثالث، هذا ديدنه، جل عمره على هذا، في يومٍ من الأيام أنهى التفسير وجلس ينتظر صلاة الظهر ففاضت روحه وهو ينتظر الصلاة.