جاء التشهُّدُ على صِيَغٍ متعدِّدة من رواية عُمَرَ، وابنِ مسعودٍ، وابن عبَّاسٍ، وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم، وكلُّها مضافةٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعندما يقول أهل العلم: تشهُّدُ عمرَ رضي الله عنه، أو تشهُّدُ ابن مسعود رضي الله عنه، أو تشهُّدُ ابن عباس رضي الله عنهما، فليس معنى هذا: أن هذه الصيغ من التشهُّد موقوفةٌ عليهم، وإنما هو إضافةُ الصيغِ إلى رواتها تمييزًا لكل صيغة عن غيرها.
وقد اختار كلَّ واحدةٍ من هذه الصيغ جمعٌ من أهل العلم؛ فتشهُّدُ عمرَ رضي الله عنه اختاره جمع من أهل العلم، وتشهد ابن مسعود رضي الله عنه اختاره الحنابلة وجمع من أهل العلم، وتشهد ابن عباس رضي الله عنهما: اختاره الشافعيَّة وآخرون، ومَنْ حَفِظَ هذه التشهُّدات كلَّها، وراوح بينها: بأن أتى مرَّةً بتشهد عمر رضي الله عنه، ومرةً بتشهد ابن مسعود رضي الله عنه، ومرةً بتشهد ابن عباس رضي الله عنهما كان أولى؛ لأنها كلَّها ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والاختلاف بينها اختلاف تنوُّع، وليس اختلافَ تضادٍّ حتى يُرجَّح بينها، كما يقال ذلك - أيضًا - في الاستفتاح؛ فقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم في الاستفتاح أكثرُ من ذِكْرٍ؛ فعلى الإنسان أن يعتني بتطبيق جميعِ ما جاء عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.