الكنى مما ينبغي أن يهتم به طالب العلم؛ لأنها تأتي في بعض الأسانيد الكنية مقتصرًا عليه -عن أبي عبد الرحمن مثلاً-، فإذا عرفت أن كنية ابن مسعود هذه، أو كنية ابن عمر، أو كنية ابن عباس، أو كنية فلان أو علان سهل عليك تمييز المهمل. والعلماء ألفوا في الكنى كتباً كثيرة، فلابن عبد البر كتاب: "الاستغناء في معرفة المشهورين بالكنى" في ثلاث مجلدات، هناك كتب أخرى: "الكنى والأسماء" للدولابي وغيرهما. المقصود أن هذا محل عناية عند أهل العلم، وعلى طالب العلم أن يعنى به ويهتم به؛ لأن هذه الكنى قد تأتي من غير ذكر للاسم. فإذا جاء الخبر عن أبي عبد الرحمن عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأنت إذا كنت تعرف مَنْ مِن الصحابة يكنى بأبي عبد الرحمن ضاق الأمر عليك جداً، يعني تبحث هل هو من حديث ابن عمر أو حديث ابن مسعود؟ وقد تأتي هذه الكنية في أثناء الإسناد، في الطبقة الثانية، أو الثالثة، أو الرابعة، فإذا عرفت من يكنى بهذه الكنية لا شك أنه يسهل عليك الأمر؛ لأن البحث يكون متردداً بين أشخاص معدودين.
ومن الرواة من اشتهر بكنيته حتى ضاع اسمه، كالخلاف في اسم أبي هريرة قد اختلف في اسمه على أكثر من ثلاثين قولاً!! سبب ذلك شهرته بالكنية، وقد تكون الشهرة بالاسم حتى تضيع الكنية، فقتادة -مثلاً- اختلف في كنيته لكن المرجح أنه كنيته أبو الخطاب.
من الرواة من ضاع اسمه، ولا يعرف لشهرته بالكنية حتى قال بعض المترجمين: "إن اسمه كنيته"، فأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، اسمه كنيته على ما قالوه، ويختلفون عادة بما قيل في اسمه.
فمعرفة الكنى من الأهمية بمكان لطالب العلم، وأهل العلم إذا ترجموا ذكروا الخلاف في الكنية، وإذا كان من المشهورين بالكنى ذكروا الخلاف في الاسم، ما تركوا شيئاً، وألفوا كتباً خاصة في الكنى، وفي الألقاب.