وعن جابر -رضي الله تعالى عنهما-، جابر بن عبد الله بن حرام الأنصاري -رضي الله تعالى عنهما-: ((أنَّ رسُول الله -صلَّى الله عليهِ وسلَّم- حجَّ))، يعني أَذَّنَ بالحج، وأمَر بتبليغ النَّاس أنَّ النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- عازمٌ على الحج، ((فاجتمعَ في المدينةٍ خَلْقٍ كثير))، كُلُّهُم يُريد أنْ يَأْتَم ويقتدي بالنَّبي -عليهِ الصَّلاة والسَّلام-؛ لِيُؤَدِّي هذهِ الفريضة العظيمة، والرُّكن من أركان الإسلام على مُرَادِ الله -جلَّ وعلا- على وَجْهٍ مُرْضِي لله تعالى، ((فَخَرجنا معهُ))، يعني من كان من أهلِ المدينة، ومنْ وَفِدَ إليها من الأطراف ((حتَّى أتينا ذا الحُليفة)) المِيقات، ((فَولَدَت أسماءُ بنتُ عُميس)) زوجة أبي بكر الصِّدِّيق، وكانت قَبْلَهُ تحت جعفر بن أبي طالب، وبعد أبي بكر تزوَّجها علي بن أبي طالب، ((فَولَدَت أسماءُ بنتُ عُميس)) خَرَجُوا من المدينة مسافة يسيرة وقصيرة، فَوَلَدَت هذهِ المرأة، والذِّي يَغْلِبُ على الظَّن أنَّ مُقدِّمات الولادة بَدَأت قبل خُرُوجِها من بيتها، ومع ذلك من حِرْصِها، وهي تُمَثِّل النِّساء في زمنِهِ -عليه الصَّلاة والسَّلام- في حِرْصِها على دِينِها، وعلى الإقْتِدَاء والائتِّسَاء بالنَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-، خرجت وهي في الطَّلْق، والنَّاس اليوم يُسَوِّفُون، ويَتَعَلَّلُون، ويَعْتَذِرُون، تقول للواحد، أو للواحِدَة، حِجّ هذا العام ما تَدْرِي ماذا يَعْرِضُ لك، ومع ذلك يقول: مِثل ما ذكرنا سابقاً، تسليم البحث في أوَّل يوم من الدِّراسة! هذهِ امرأة في الطَّلْق تَخْرُج عَشْرَة كيلُو ثُمَّ تَلِد، كثير من النَّاس مُجَرَّد ما يعرف إنَّ المرأة حامل، مُجَرَّد ما يخرج التَّحليل يقول: خلاص ما فيه،امكثي في المكان، لا رُوحة ولا جيَّة، لا حجّ ولا غيرُهُ! وكُل هذا يُعبِّر عن الاهتمام والتَّساهُل، فالذِّي يهتمّ بالأُمُور الدُّنيَويَّة تَجِدُهُ يحتاط لها أشدَّ الاحتياط، وأُمُور العِبادات على التَّراخي، وذكرنا إنَّ بعض النَّاس يتعذَّر بالبحث، وبعضُهُم يقول: السَّنة ربيع، أعْذَار واهِيَة! وأسماء بنت عُمَيْس بعدَ أنْ أخَذَها الطَّلْق تَمْشِي للحج، ولا شكَّ أنَّ الاعتماد على الله -جلَّ وعلا- والارْتِباط بِهِ لَهُ أثَر كبير في حياةِ النَّاس. يَذْكُر الجِيل الذِّي قَبْلَنا أنَّ المراة في الشَّهر التَّاسع وقُبَيْل الوِلادَة تُزَاوِل من الأعمال ما لا يَسْتَطِيعُهُ كثير من الرِّجال في هذا الوقت!!! تَجِذُّ النَّخل الطِّوال وهي في التَّاسع من الحمل، وتَجْلِب الماء من الأماكن البعيدة، وتحملُ الثِّياب لِغَسْلِها في مَوارِدِ المِيَاه، وتَخْدِمُ زوجها وضيوفه، ومع ذلك هي على هذهِ الحال، ومع ذلك لما فُتِحَت الدُّنيا واسترخى النَّاس صار أدْنَى شيء يُؤثِّر، فاللهُ المُستعان.