قد يقول الإنسان: أنا -والله- جُبِلْتُ، على أن أثور لأدنى سبب، يعني كما جُبِل الأحنف بن قيس على الحلم والأناة يقول: جبلت على سرعة الغضب، وأثور لأدنى سبب، وقد أغضب لغير سبب، قد يخيل لي أن هذا أخطأ علي، أو قال كذا، ثم أغضب عليه. فالحلم بالتحلم، كما أن العلم بالتعلم، عوِّد نفسك الحلم، ثم تكون حليمًا، ولو أقل الأحوال أن يخف عندك هذا الغضب، ثم إذا حصل عندك هذا الغضب اكظم هذا الغيظ، ولا ترتب الآثار على هذا الغضب.
فالوصية النبوية على كل مسلم أن يعض عليها بالنواجذ، إن تيسر ألا يغضب فهذا هو الأصل، لكن إن غلبه الطبع وغضب، فمن جبل على الغضب، عليه أن يكثر من الاستغفار، وعليه أن يتصبر ويتحلم، ويتأنى في أموره ولا يستعجل، ويزيله الاستعاذة بالله من الشيطان، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم))، ثم بعد ذلك هذه الحرارة الغضبية التي تحمل على الانتقام تبرد بالماء، فيتوضأ ويذهب عنه ما يجد، ويغير وضعه: إن كان قائمًا فليجلس، وإن كان جالسًا فليضطجع، وإن كان في مكان يخرج إلى غيره، وإن كان في الخارج فليدخل وهكذا، المقصود أنه إذا تغير الوضع عنده فإنه يخف عنده الغضب، وقد يزول بالكلية.