فهم القرآن إنما ينشأ عن التدبر المبني على مراجعة ما يشكل من مفرداته، ومشكل جمله وآياته، فطالب العلم المبتدئ إنما يوصى بمراجعة كتب غريب القرآن أثناء حفظه، لأن مراجعة كتب التفسير قد تأخذ عليه وقتًا قد يعوقه دون حفظ القرآن في أقصر مدة، وإلا فالأصل مراجعة كتب التفسير الموثوقة لفهم القرآن، إذ لا يتم فهمه إلا من خلال كلام أهل العلم الموثوقين المعروفين بسلامة المعتقد، وبإمكان طالب العلم في المرحلة الأولى أو في العرضة الأولى للقرآن أن يراجع كتب الغريب، وإن رجع إلى تفاسير مختصرة يفيد منها ما يخفى عليه من غريب ألفاظه فجيد، ومن أنفع ما كتب في غريب القرآن كتاب: (غريب القرآن) للسجستاني، كتاب مختصر جدًّا في جزء صغير يفيد طالب العلم، وكتب الغريب كثيرة لكن منها المطوَّل ومنها المختصَر، وهذا مختصر، وأطول منه كتاب: (غريب القرآن) لابن قتيبة.
ومع الأسف بسبب إهمال هذا الجانب -أعني معرفة الغريب- من قِبَل بعض طلاب العلم صرنا نجد منهم من هو في مرحلة متقدمة يُسأل عن كلمة غريبة في القرآن لا يجد لها جوابًا؛ لأنه لم يهتم بهذا الباب، وقد يكون قد قرأ في كتب التفسير وراجع التفاسير لكنها ليست على طريقة مرتبة منظمة متدرجة، والتدرج في التحصيل مهم في التفسير وغيره من الفنون التي ينبغي لطالب العلم أن يعنى بها، فالتفسير علم من العلوم، بل هو أهم العلوم؛ لارتباطه بأهم كلام وهو كلام الله -جل وعلا-.
وبعد أن نعرف الغريب من كتب الغريب، ننتقل إلى معرفة المشكل في جمل وآيات القرآن، ومما أُلِّف في ذلك كتاب مشكل القرآن لابن قتيبة، وأيضًا يوجد كتاب مغمور قد لا يعرفه كثير من طلاب العلم اسمه: (درة التنزيل وغرة التأويل) للخطيب الإسكافي، وهذا كتاب نفيس في بابه؛ لأن طالب العلم تمر عليه إشكالات لا يلتفت لها حتى إذا سئل عنها وقف لا يجد لها جوابًا، فهذه الكتب ينتبه لها.