((للصَّائم فرحتان)) وكُل صَائم يُدرك هذا من نفسِهِ، ((للصَّائم فرحتان: فرحة عند فِطْرِهِ)) ولولا هذا النَّص، فرحة عند فِطْرِهِ يعني في الإنسان جِبِلَّة خِلْقَة إذا قُدِّم الفُطُور ينتظر أذان المغرب، ويبدأ، يفرح هذا موجُود عند النَّاس كُلِّهم، ولولا مثل هذا النَّص لقُلنا إنَّ هذا الفرح فرح بالفراغ من العِبادة وهذا ليس بطيِّب بالشُّعُور بهذا؛ لكنَّهُ ما دام ثبتَ في الشَّرع أنَّ الصَّائم لهُ أنْ يفرح، فليُوجِّه هذا الفرح بأنَّهُ فرحٌ باستكمال هذهِ العِبادة، الحمدُ لله أنَّهُ أكمل هذا اليوم من غير أنْ يَعْرِضَ لهُ شيءٌ يضطرُّهُ إلى الفِطر، ومُباشرة ما امتنَّ الله بِهِ -جلَّ وعلا- عليهِ وأبَاحهُ لهُ ((للصائم فرحتان: فرحةٌ عند فِطْرِهِ)) إذا افترضنا أنَّ هُناك اثنين كِلاهُما صائم، واحد ينتظر كل شوي ينتظر متى يؤذِّن، والثَّاني غافِل عن هذا الأمر يذكر الله ويتلو القرآن والحمدُ لله هُو في عِبادة... هل نقُول إنَّ الذِّي يفرح بقُرب الفُطُور أفضل من هذا الذِّي ينشغل من هذا الأمر بعبادةٍ أُخرى؟! أو على الأقل ما يخطر على بالِهِ إنَّهُ يعني يستوي عنده يُؤذِّن أو ما يُؤذِّن، يستوي عندهُ الأذان وعدمُهُ كُلُّه واحد، لو استمر النَّهار ساعتين ثلاث ما يضُر، في الحديث يقول: ((للصائم فرحتان)) لهُ ذلك؛ لكن هل معنى ذلك أنَّهُ يُؤجر على هذه الفرحة أو لا يُؤجر؟! بحسب ما يَقر في قلبِهِ من هذا الفرح إنْ كان متضايق من الصِّيام لا شكَّ أنَّ هذا لا يُؤجر عليهِ البَتَّه، هذا خلل؛ لأنَّ هذهِ عِبَادة، نعم قد يحتاج إلى الأكل في شِدَّة أيَّام الحر ومثل هذا لا يُؤاخَذ، أمَّا من لم يخطُر الفُطُور والفِطْر على بالِهِ هذا لا شكَّ أنَّهُ مُنْسَجِم مع هذهِ العِبَادة، وإنْ شَغَل وقتُهُ فيما يُرضي الله -جلَّ وعلا- لا شكَّ أنَّهُ أكمل، وأمَّا الفرحةُ هذهِ فرحةٌ جِبِلِّيَّة، الفرحة الثَّانية، ((عند لقاء ربِّه)) إذا رأَى ما وَعَد الله بِهِ عِبَادَهُ الصَّائِمِينْ، وفي الجَنَّة باب يُقال لهُ الرَّيَّان لا يَدْخُل معهُ إلا الصَّائِمُونْ لا شكَّ أنَّ مثل هذا يَبْعَثْ على الفَرَح ويَحُثُّ على العَمَل.