اللهُ -جلَّ وعلا- أخَذَ العهد والمِيثاق على منْ أُوتِيَ العِلم من هذه الأُمَّة ومن الأُمَم السَّابقة، مِمَّن أُوتِيَ العِلم من أهل الكتاب وهذه الأُمَّة، وجاء في ذلك آيات {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} [البقرة/159]، وهي التِّي تجعل الإنْسان يُقْدِم على التَّحديث، وإلاّ فالتَّحديثُ مَزِلَّةُ قَدَم، قَدْ يُخطِئُ الإنسان فَيَقَع في حديث: ((من كَذَب)) ولو لمْ يَقْصِد، وأبُو هُريرة وهُو رَاوٍ في الإسلام، وأَحْفَظ الأُمَّة على الإطْلاق تَرَدَّد ولولا هاتان الآيتان الَّلتان أشار إليهما ما حَدَّث، وعلى كُلِّ حال على الإنْسان أنْ يَتَحرَّى، ولا يُحدِّث إلاَّ بما يعرف، ولا يجُوزُ لهُ أنْ يكتُم بحال ما يعرِفُهُ إذا سُئِلَ عنهُ وتَعَيَّنَ عليهِ، أمَّا إذا كان في البلد من يقُومُ بالواجب وأحَالَ إليهِ، فالسَّلفُ كثيراً ما يَتَدَافعُون الفَتْوى، فقد يدفع المُسْتَفْتِي إلى عشرة كُلٌّ يقُول اذهب إلى فُلان طَلَباً للسَّلامة وإيثاراً للعَافِيَة؛ لأنَّ الفَتْوى لها تَبِعات؛ لكنْ إذا تَعيَّن عليهِ وسُئِل عنْ علمٍ يَعْلَمُهُ فَكَتَمَهُ اسْتَحَقَّ الوَعِيد.