((تَعِسَ عبدُ الدِّينار والدِّرهم))، وفي بعضِ الرِّوايات: ((تَعِسَ وانْتَكَسْ)) يعني انْقَلَبَ على وَجْهِهِ وخَرَّ على رَأْسِهِ ((وإذا شِيكَ فلا انْتَقَشْ)) لا يَسْتَطِيع أنْ يُخْرِج الشَّوْكَة من يَدِهِ أو منْ رِجْلِهِ، معَ أنَّ الآلة التِّي تُخْرَج بها موجُودة، والبَصَر موجُودْ، وهذا دُعاءٌ عليهِ، وقَدْ رَأَيْتُ شاهِداً لهُ بِنَفْسِي، شخص مُكْتَمِل القُوَى، بَصَرُهُ حاد، والآلة بِيَدِهِ، وفي إصبعه شوكة، حَاول ما اسْتَطَاع! وهذا أعرِفُهُ مَعْرِفة تَامَّة، يعني عَمَلُهُ كُلُّهُ مُسْتَغْرَق في دُنْيَاهُ، حتَّى إذا تَرَكَ تِجَارَتَهُ تَفْكِيرُهُ حتَّى يَعُود إليها فيه، فهذا الحاصل، ولم يَسْتَطِع أنْ يُخْرِج الشَّوكة من يَدِهِ معَ أنَّ لها رأس بارِز يُمْكِن إخْرَاجُها، مُجَرَّد ما أَمْسَكْتُها بظفري خَرَجَتْ، قَد حاولَ فيها مِراراً وعَجِز! عِبَر، المسألة ما هي بأُمُور نَظَرِيَّة، أُمُور مَحْسُوسة، مُعْجِزَاتْ نَبَوِيَّة ((تَعِسَ وانْتَكَسْ وإذا شِيكَ فلا انْتَقَشْ)) ((تَعِسَ عبدُ الدِّينار والدِّرهم)) إيش معنى العُبُودِيَّة هنا؟! إذا صَرَفَ هَمَّهُ وجُهْدَهُ وتَفْكِيرَهُ هذه هي العِبادة، وعلى هذا يُخْشَى على بعضِ النَّاس الذِّينَ يكُون هَمَّهُم وتَفْكِيرَهُم وقُلُوبُهُم مُعَلَّقة ببعضِ الآلات، وبعض القنوات، وبعضِ المواد التِّي تكونُ في هذهِ الوسائل من صُور وأغَانِي ويَعْكُفُونَ عليها ليل نهار! وإذا خَرَج إلى دِرَاسَتِهِ أو تَدْرِيسِهِ أو دَوَامِهِ، القَلْب مُعلَّق هُناك! وإذا صَفّ ومَثُلَ بين يديّ ربِّه القَلْب مُعلَّق هُناك، هذهِ هي العِبادة - نَسْأل الله السَّلامةَ والعَافِيَة- ((تَعِسَ عبدُ الدِّينار والدِّرهم)) الدِّينار والدِّرهم في الأصل من الأُمُور المُبَاحَة فكيفَ بِمن عَبَدَ الأُمُور المُحَرَّمة، وصَرَفَ هَمَّهُ وجُهْدَهُ وَوَالَى وَعَادَى على ذلك؟! يعني تَشْجِيع بعضِ الألْعَاب فيها وَلاء، وفيها بَرَاء، وفيها مُعَادَة، وفيها كَيْد، وفيها إيصَال الضَّرر لِبَعضِ النَّاس هذهِ هي العِبادة، يعني إذا كانَ المُتَعَبِّد للهِ -جلَّ وعلا- الذِّي ارْتَبَطَ قَلْبُهُ بِهِ لا يَصْرِف منْ يَوْمِهِ ولَيْلَتِهِ إلاَّ مُعَدَّل سَاعة للصَّلاة والباقي ارْتِباط قَلْبِي، ولُجُوء إلى الله عند الشَّدائد، وطَلَب من الله -جلَّ وعلا- في قَضاء الحَاجَات هذهِ عِبادتُهُ، فكيفَ بِمَنْ يَصْرِف السَّاعَاتْ لِهذا المَعْبُود منْ دُون الله -جلَّ وعلا-؟! فَيُنْتَبَه لِمِثْلِ هذا، النَّبيُّ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- يقول: ((تَعِسَ)) هذا دُعاءٌ عليهِ، والتَّعَاسَة والشَّقَاوَة ضِد السَّعَادة؛ ولِذا تَجِدُونْ أَثَر هذهِ الدَّعْوَة فِي حَيَاتِهِم التَّعِيسَة الشَّقِيَّة؛ لأنَّهُم عَبَدُوا هذهِ الأشْيَاء منْ دُونِ الله -جلَّ وعلا- ((تَعِسَ عبدُ الدِّينار)) وهو من الذَّهب ((والدِّرهم)) من الفِضَّة، وفي حُكْمِها الأَوْرَاق، وَوُجِد في الأيَّام التِّي مَضَتْ أيَّام نَشْوَة الأسْهُم، وُجِدْ منْ هذا النَّوْع، وُجِدْ، تَرَكُوا العِلْم! تَرَكُوا الدُّرُوس! تُرِكَتْ الوَظَائِف وإنْ حَضَرَ بِجِسْمِهِ تَجِدْ آلَتهُ مَعَهُ يبيع ويَشتَرِي! الصَّلَواتْ يَدْخُلُونها على غَفْلَة! وذُكِرَتْ قِصَّة حَقِيقَةً مُحْزِنَة، مَجمُوعة صَفُّوا في صلاةِ الظُّهُر في صَالَة من الصَّالاتْ، وصَلَّى بِهِم الإمام وجَهَر بالقِرَاءَة وأَمَّنُوا! وسُمِع منْ يَقُول آمِينْ وهُو سَاجِد! هذهِ هي العِبَادة يا الأُخُوان - نَسْأل الله السَّلامةَ والعَافِيَة – هذهِ هي العِبادة، فَيَنْبَغِي أنْ يَكُون القَلْب مُعَلَّق بالله -جلَّ وعلا-؛ ولِذا من السَّبعة الذِّين يُضِلُّهُم اللهُ في ظِلِّه ((رَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بالمَسَاجِد)).