فعلى المسلم أن يُعنى بإصلاح قلبه، وأن يكون همه بإصلاح قلبه أكثر من همه بإصلاح بدنه، فصلاح القلب لابد أن يكون الاهتمام به أكثر من الاهتمام بصلاح العمل، وللقلب آفات، أوصلها بعضهم إلى نحو من الأربعين فعلى الإنسان أن يعرفها، وأن يعرف كيف يعالج قلبه منها؛ ليبرأ منها، ومن تبعاتها، قال الله -تعالى-: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [سورة الشعراء:88-89]. فسلامة القلب هي محط النجاة، وهي السبب في نجاة الإنسان يوم لا ينفعه ماله ولا بنون.
فلماذا يغفل كثير من الناس عن إصلاح قلبه؟ وتجد كثيرًا من الأمراض المتعلقة بالقلب مستعصية لدى كثير من المسلمين حتى من بعض من ينتسب إلى العلم وطلبه، تجده يقول: "حاولنا إصلاح النية، وعجزنا"، أو "حاولنا الإقبال على الله والخشوع في الصلاة عجزنا"، أو "حاولنا ترك الحسد عجزنا"، أو "حاولنا محاربة العجب عجزنا"، وتجده يسعى جاهداً لمعرفة أحكام الصلاة، وأحكام الصيام وهذا مطلوب، قال -عليه الصلاة والسلام-: ((من يرد الله به خيراً يفقه في الدين)) لكن المدار على القلب. لماذا لا نسعى في إصلاحه؟ ونحن بحاجة إلى إصلاح الباطن؛ لأن المدار على هذا الباطن، والنبي - عليه الصلاة والسلام- يقول: ((التقوى هاهنا)). نعم التقوى خفية محلها القلب لكن علامتها، وعلامات صدق هذه الدعوى تظهر على الجوارح؛ ولذا يخطئ كثير من يقول: التقوى هاهنا، والأمارات والعلامات عليه ظاهرة بضد ما ادعى. تجده يرتكب المحرم ويقول: "هذا أمور ظاهرة لا مشكلة فيها، التقوى هاهنا، كما قال النبي - عليه الصلاة والسلام-". يا أخي لو اتقيت لما فعلت، كما قال النبي - عليه الصلاة والسلام- لابن مظعون لما تأول وشرب الخمر قال: ((لو اتقى الله ما شرب الخمر))، فكيف تعصي الرب بالمعاصي الظاهرةِ وتزعم التقوى وحقيقة التقوى: فعل الأوامر، واجتناب النواهي؟ نعم، محلها القلب لكن آثارها تظهر على الجوارح كالشهود للدعوة فإذا كان على الجوارح ما يناقض التقوى فأنت كاذب في دعواك، وإذا ظهر على جوارحك ما يوافق التقوى من فعل الأوامر واجتناب النواهي فدعواك صادقة.