تأويل كلام الله يطلق ثلاثة إطلاقات، هي:
الإطلاق الأول: التفسير، وكثيرًا ما يقول ابن جرير الطبري: «القول في تأويل قول الله جل جلاله كذا»، ويريد بذلك التفسير.
الإطلاق الثاني: ما يؤول إليه حقيقة الكلام، وقد ثبت في السنة من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي» يتأول القرآن [البخاري (817) واللفظ له، ومسلم (484)].
الإطلاق الثالث: صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى معنى مرجوح، وهذا يكون في اللفظ المحتمل لأكثر من معنى.
أما النص، وهو الذي لا يحتمل غير معنى واحد فلا إشكال فيه، لكن ما احتمل أكثر من معنى، وأحد المعنيين هو الظاهر، لكن منع من إرادته مانع، فيُلجأ حينئذ إلى الاحتمال المرجوح، فالراجح ظاهر والمرجوح مُؤوَّل، مثل قوله تعالى: {لا تحزن إن الله معنا} [التوبة: 40]، فالاحتمال الراجح في استعمال العرب لهذا اللفظ: «معهم» أنه سبحانه بينهم، مختلط بهم بذاته، والاحتمال المرجوح: أنه معهم بحفظه ورعايته وعنايته، أي: المعية الخاصة، ومنع من الاحتمال الراجح أدلة تمنع من الحلول والمخالطة والممازجة، وهذا النوع هو المقصود في قول الناظم، وهو إنما يكون عند الحاجة.
فالأصل في هذه المسائل العمل بالراجح أولًا إلا إذا كان هذا الراجح تمنع النصوص من إرادته فنعمل بالمرجوح المقبول في لغة العرب، ولا نأتي بلفظ مبتكر لا سلف لنا به ونقول: هذا احتمال مرجوح؛ لأن هذا مسلك سلكه المبتدعة في إثبات أهوائهم، ونفي ما خالفها، وكل هذا كان من خلال تمسكهم بما لا يقتضي ذلك النفي أو الإثبات.