ما يروى عن الصحابي من أسباب النزول فهو مرفوع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم طرف في التنزيل سواءٌ ذُكِر أو لم يُذكَر، فكيف يروى عن جمع من الصحابة أسباب مختلفة لنازل واحد؟ يذكر -مثلاً- عن ابن عباس سبب نزول، ويذكر عن ابن عمر سبب نزول آخر، الجواب: أنه قد يتعدد سبب النزول لنازل واحد، فتنزل الآية مرتين مثلًا في قصتين متوافقتين يشملهما حكمها، وهذا يسلكه بعض العلماء صيانة للرواة الأثبات عن التوهيم، فقد ورد أن آيات اللعان نزلت في عويمر العجلاني في «الصحيح» [البخاري (4745)، ومسلم (1492)]، وورد أنها نزلت في هلال بن أمية [البخاري (2671)]، ويقول بعض أهل العلم: إن النازل نزل بسبب أحدهما، فعندما حصلت القصة نزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم مبينًا الحكم، فتلاه على الصحابة، فسمعه من سمعه، ونقل السبب والمسبب، ثم حصلت قصة ثانية؛ فتلا النبي صلى الله عليه وسلم الآية وسمِعها من لم يسمعها قبل، فقال: «فأنزل الله جل جلاله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ...} [النور: 6]» إلى آخره، فيظن السامع الثاني أنها نزلت لأول مرة، وبعض العلماء يحكم بالترجيح فيقول: الراجح هو المحفوظ وما عداه شاذ، لكن إذا أمكن صيانة الرواة بقدر الإمكان فلا يعدل إلى الترجيح.