بعضُ الكتَّابِ يستدلون بأشياء متشابهة، ولا يجمعون أطراف الأدلة في المسألة الواحدة، كما كان يفعل أهل البدع كالمرجئة، حيث اعتمدوا على نصوص الوعد وأهملوا نصوص الوعيد، وكالخوارج حيث عملوا بنصوص الوعيد وتركوا نصوص الوعد، ووفَّق الله أهل السنة أن جمعوا بين نصوص الوعد والوعيد وتوسطوا وهذه سِمَتُهُم، فهؤلاء الكتَّاب تجدهم يتشبثون ببعض المتشابه من النصوص، ويتركون المحْكَم.
ومن ذلك ما قيل حول قصة تولية الفرس ابنة كسرى أمرهم، فعندما هلك كسرى ملَّك الفرسُ ابنته من بعده، فقال صلى الله عليه وسلم: «لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة» [البخاري (4425)]، فلم يلبثوا إلا يسيرًا حتى زال ملكهم، ويأتي بعض من ينتسبُ إلى العلم والدعوة ويزعم ضعف هذا الحديث؛ لكون واقع بعض النساء اللاتي استلمن مناصب قيادية في هذا العصر قُدْنَ أقوامهنَّ إلى التقدم -بزعمهم- مثل (أنديرا غاندي) التي شغلت منصب رئيس وزراء الهند لسنوات، و(مارجريت تاتشر) التي تولت رئاسة وزراء بريطانيا، و(جولدا مائير) التي هزمت العرب في حرب مضت قبل سنين، أتُرَدُّ سنةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الكلام؟ ومن قال: إن أولئك الأقوام قد أفلحوا؟! وما تحرير معنى الفلاح؟! القائل بمثل هذا التأويل مفتون لا ريب.