أما البقاء بدار الكفر، والإقامة بدار الكفر فلا تجوز بحال ولا يعفى عن أحد مستطيع، أما الذي لا يستطيع الحيلة فإنه معذور؛ لقول الله -تعالى -: {إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلًا} [(98) سورة النساء]، فنص على الذي لا يستطيع، فمثله {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة]. لكن المستطيع القادر على الهجرة يجب عليه أن يهاجر، وذلك لعظم أمر البقاء بين ظهراني الكفار. كم من إنسان انحرف؟ كم من شخص ارتد؟ كم من إنسان ابتلي وامتحن حتى صرف عن دينه؟ وأما ما يحصل لذراري المسلمين في بلاد الكفر فحَدِّثْ ولا حرج، والوقائع التي تنقل عنهم يندى لها الجبين، ويعتصر لها القلب ألمًا.
شخص من أصل لبناني مسلم يعرض بنته الوحيدة الصغيرة على شيخ كبير زائر، يريد أن يزوجه إياها، فقال له: ما الذي دعاك إلى أن تعرض هذه البنت في سن ما قبل العشرين على شخص يقرب من الستين، ما الذي حملك على ذلك؟ قال: أنت تسافر إلى بلاد المسلمين، وتعيش بنتي في بلاد المسلمين؛ وذلك أني جئت ومعي خمسة من الزملاء وسكنا في هذه البلاد، قبل خمسين سنة، فمات أولئك، وارتد أولادهم، وبناتهم تنصروا، وأنا خائف على هذه البنت.
مسائل التربية والتعليم في بلاد الكفر كارثة يعني فيما يذكر، ولذلك عظم أمر الهجرة وشأنها في الإسلام.
وقد برأ المعصوم من كل مسلم
يقيم بدار الكفر غير مصارم