إذا ذكر في المقدمة أن (جميع ما أوردته في كتابي هذا كله منقول من كتب أهل العلم) تَخِف المسؤولية، لكن من بركة العلم إضافة القول إلى قائله، لا سيما إذا كان هذا العلم يشترك فيه أكثر من عالم، يعني ليس هو من ابتكارات عالمٍ معيَّن، أما إذا كان من ابتكارات عالِم معيَّن بعينه فلا بد من إضافته إليه؛ لأن نسبته إلى نفسه هذه تسمى سرقة عند أهل العلم، وعلى كل حال المسألة مسألة ثقة، ففي السابق يتناقلون كل واحد ينقل من الثاني، والقصد من ذلك نشر العلم وتوصيل العلم بأي طريقة، فقد يكون هذا الكتاب يصل إلى هذا البلد، أو إلى هذا الشخص، والكتاب الثاني يصل إلى بلد آخر، وهذا يستفيد من هذا، وهذا نقل من هذا، القصد نشر العلم، لكن الآن إذا كان القصد بذلك –مثلًا- التجارة بالعلم الشرعي -نسأل الله العافية-، أو صار القصد من ذلك التهيئة لمراتب عليا كالشهادات –مثلًا- فلا بد من إضافة القول إلى قائله، وليس من الأمانة أن ينقل عن غيره ولا يشير إليه؛ لأنها ليست المسألة مسألة نفع من دون انتفاع، بل المقصود الأول الانتفاع، فلا ينتفع بكلام غيره على حسابهم، بخلاف ما كانوا في السابق: المسألة ثقة، والقصد بذلك نشر العلم على أي وجهٍ وعلى أي وسيلة، وقد تدعو الحاجة إلى عدم النسبة، كأن يكون المنقول عنه غير مرغوب في هذا البلد، وكلامه مهم ويُحتاج إليه، كما فعل شارح (الطحاوية)، حيث نقل عن شيخ الإسلام كثيرًا وعن ابن القيم وعن كثير من أهل العلم بدون نسبة؛ لأنه لو صرَّح بذكر شيخ الإسلام أو بابن القيم أو غيرهما ممن هو غير مرغوب في بلاده لما انتُفع بالكتاب ولأُحرق الكتاب كما أُحرقتْ كتب شيخ الإسلام في وقت من الأوقات، المقصود أن السياسة في مثل هذا والنظر إلى المصلحة يُحدد، ولكن الأصل إضافة القول إلى قائله.
Question
ما الضابط فيما يذكر المؤلف أو المتحدث أنه نقله عن غيره إذا كان كل ما لديه من معلومات هو في الأصل مُتَلقَّىً عن غيره؟
Answer