الإمام أحمد -رحمه الله- يقول: ما نقول لفظي بالقرآن مخلوق ولا غير مخلوق، ما نقول هذا، هل معنى هذا أنَّهُ تَوقُّفٌ في أفعال العِباد أنَّها مخلُوقة لله -جل وعلا-؟! لا؛ إنَّما هو حَسْم للمادَّة، وسَدّ للباب، واحْتِياط للاعتقاد الصَّحيح؛ لأنَّك إذا قلت لفظي بالقرآن مخلوق، واللَّفظ مُحتمل، قد يَسْمَعُها شخص فيُلقيها على إطْلَاقِها؛ لكنَّ البُخاري صَرَّح بأنَّ لفظي بالقرآن مخلُوق باعتبار أنَّهُ كلامي، والإمام أحمد -رحمه الله- سَدَّ الباب باعتبار أنَّهُ يحتمل أنَّ اللَّفظ الذي هو صوت القاري، ويحتمل أنَّهُ المَلْفُوظ المقرُوء، المتلوّ، وهو كلامُ الله -جل وعلا-، وما دام الاحتمالُ قائماً يُسَدَّ الباب كغيرها من الألفاظ المُجملة التِّي تحتاج إلى بيان، والتَّلفُّظ لا يحتمل الملفُوظ
فاللَّفظ يصلح مصدراً هو فِعْلُنا وكذلك يصلُح نفس لفظُ ملفُوظٍ به فلذاك أنكر أحمد الإطلاق في
|
|
كتلَفُّظٍ بتلاوة القرآن وهو القرآن فذك مُحتملان نفيٍ وإثباتٍ بلا فُرقانِ
|
مسألة اللَّفظ التي امْتُحِنَ من أجْلِها الإمامُ البُخاري لَمَّا دَخَل نيسابُور، واسْتَقْبَلَهُ أهلها بقضهم وقضيضهم، وغارَ منهُ بعض أهلِ الحديث الذِّين كانت لهم حظوة عند قومهم! لاشكَّ أنَّ مثل هذا يُثير الغَيْرة في نُفوس بعض النَّاس، وهو في نُفُوسِ الأتْبَاعِ أشدّ، يعني قد تجد الإمام الكبير يأتي عالم، ويجتمع النَّاس حوله، ويُتْرَك هذا العالم بُرهة حتى يَنْصَرِف هذا الطَّارئ، ولا يُؤثِّر في نفسِهِ بقدر ما يُؤثِّر في نُفُوس الأتْبَاع! وجُلّ هذه الأُمُور والتَّحرُّشات والمشاكل التِّي حصلت، إنَّما هي من الأتْبَاع! يعني في قِصَّة الإفْك على سبيل المِثال زينب بنت جحش هل دخلت في الإفك؟! وهي التِّي تسامي عائشة، ما دخلت وإنَّما دخلت أُختها حمنة انتصاراً لها! فالإشكال أكثر مما يأتي من الأتباع، وتَجد الخلاف في القديم والحديث، الرُّؤوس الكِبار هذولا ما بينهم إشكال! لاسِيَّما في المسائل التِّي لا يُضلل القارئ بها، ما بينهم مُشكلة؛ لكن هؤلاء الأتباع يَغارُون على شيخهم، ويَرَوْنَ أنَّهُ غُمر، ويُخْشَى أنْ يُسْحَبْ البِسَاط من تحته كما يقولون! ثُمَّ يغارُون عليه ويأخُذُون في الكلام الذِّي يُثير ما في كوامِن النُّفُوس، فلذلك الذُهلي وهو إمام أهل نيسابور، إمام عالم جليل، مِنْ كِبار المُحدِّثِين، إمام من أئِمَّة المُسلمين، لمَّا البُخاري قال لفظي بالقرآن مخلوق، والإمام الذُّهلي -رحمه الله- يحتاط لهذه المسألة مثل ما يحتاط الإمام أحمد فصار بينهما من العداوة ما صار، والأتْبَاع أيضاً اسْتَغَلُّوا مثل هذا الخلاف وهذا الظَّرف الذِّي سحب الأنظار عن شيخهم، فحصل ما حصل، وامْتُحِن البُخاري، وطُرِد من نيسابُور، على كُلِّ حال مثل هذه الأُمُور تحصُل قديماً وحديثاً؛ لكنْ الرَّاسِخ يرجع إلى ما في الكتاب والسُّنَّة، ويجعل قائده وسائِقَهُ النَّصّ، ولا يَنْظُر إلى الأتباع؛ لأنَّ الأتباع يأتُون، وما زالُوا يأتُون إلى الشيوخ قال فُلان، وفعل فلان، ترك فُلان! ويغرونهم ويأثرُون عليهم، ويَبْقَى الكِبار كالجِبال الرَّواسي، وإنْ حَصَل ما حصل من الأتباع،
فلذاك أنكر أحمد إطلاق في
|
|
نفي وإثباتٍ بلا فُرقَانِ
|