الحسد مذموم، وجاءت النصوص الكثيرة في ذمه، وأنه «يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب» [أبو داود: 4903]، وهو من أدواء القلوب التي جاء الشرع بذمها والتحذير منها، وهو في عموم الناس مذموم، وعليه تتنزَّل الأحاديث، ولكنه بين أهل العلم وطلابه أشد وأشنع، فعلى طالب العلم أن يجرِّد نفسه ويفرِّغ قلبه من هذه الأحقاد والأضغان؛ لأنه يطلب العلم لله، ويرجو ثوابه من الله، ويأمل أن يقربه من الله، فكيف يخلطه بما يبعده من الله وما جاء ذمُّه على لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-؟! وإذا عَرف ماذا يطلب وعِظَم المهمة التي هو بصددها فكيف يُنقض ما يطلبه بشيء لا يفيده بل يضره؟! فالحاسد ضرره على نفسه، والمحسود لن يتأثر بذلك، فإذا راجع العاقل نفسه رأى أنه في خسار من كل وجه ولم يربح شيئًا، وبعض طلاب العلم لا سيما في الدراسات النظامية في الكليات الشرعية تجد الواحد منهم يبخل على زميله، وإذا كان عنده معرفة وفهم لبعض المسائل لا ينصح أخاه ويوجهه إلى معرفتها على الوجه المطلوب؛ خشيةَ أن ينافسه في الدرجات! وهذا لا شك أنه داء، والعلم أشرف مِن أن يُرصد لمجرد الدرجات التي هي مجرد قياس يَتوصل بها مَن وُكل له هذا الأمر للموازنة بين الطلاب، لكن الكلام في درجات الآخرة {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11]، بين كل درجة والأخرى مثل ما بين السماء والأرض، فإذا أَخلص وعَرف قدر ما يطلبه هانت عنده جميع هذه الأمور، وبَذَل العلم لمن يطلبه، وبَذَله قبل أن يُطلَب فضلًا عن أن ينتظر أن يُطلَب منه، أو يبخل به إذا طُلِب. والعلم الشرعي من أمور الآخرة المحضة التي لا يجوز التشريك فيها، وهو مما يبتغى به وجه الله وليس للدنيا ولا ليقال، ومَن طلبه للدنيا فكما جاء في قوله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ . أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ} [هود: 15-16]، وأما إذا طلبه ليقال، كان أحد الثلاثة الذين هم أول من تُسعَّر بهم النار يوم القيامة، فعلى طالب العلم أن يخلص في طلبه ويبذله لغيره، ومع ذلك يُعان ويُسدد ويُوفق ويُسهَّل له أمر العلم، والله المستعان.
Question
أود منكم توجيه نصيحة حول الحسد في طلب العلم، وما الأشياء التي تعيننا على التخلص منه؟
Answer