الأُمَّة إنَّما فُضِّلت على غيرها بالأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنكر، الأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنكر شأنُهُ عظيم، لماذا لُعن لأيِّ شيءٍ لُعن بنو إسرائيل: {كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ}[(79) سورة المائدة] هذا السَّبب، فإذا وجدنا المُنكر ولا نُنكِرُهُ، ولا يعني هذا إنَّ الواحد يأخذ عصا ويطلع يضرب هذا وهذا، لا لا أبداً، الشَّرع -ولله الحمد- جعل لك فُسحة، لا تستطيع أنْ تُغيِّر بيدك، وكُلُّ إنسان في بيتِهِ يستطيع التَّغيير بيدِهِ، ومن لهُ ولاية على شيء يستطيع التَّغيير بيدِهِ؛ لكنْ إذا لم يستطع فالخِيَار الثَّاني التَّغيير باللِّسان، وهذا مقدُورٌ عليه في بلادنا -ولله الحمد- ولا يُوجد من يمنع من التَّغيير باللِّسان إذا لم يُوجد هُناك مُشكلة أو مَفسدة أعظم من هذا التَّغيير.
المقصُود أنَّ علينا أنْ نتكاتف على هذا المرفق العظيم، وننُوء بالحمل مع إخواننا الرَّسميين، ولعلَّ الله -جل وعلا- أنْ يدفع عنَّا، فالمُنكرات لاشكَّ أنَّها سبب لمَقْتِ الله وغَضَبِهِ، ففي الحديث الصَّحيح: "أنهلكُ وفينا الصَّالحُون؟ قال: ((نعم، إذا كَثُر الخبث)) يعني عندنا صالحُون كُثُر -ولله الحمد- عندنا عُلماء عاملُون، عندنا دُعاة و قُضاة، وعندنا أخيار، عندنا زُهَّاد عندنا عُبَّاد؛ لكنْ الخَبُث كَثُر فيُخْشَى علينا، ولا نستطيع أنْ نَرُد هذا الخبث إلاَّ بالأمرِ بالمعرُوف والنَّهي عن المُنكر، ولذلك قُدِّم على الإيمان {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}[(110) سورة آل عمران] فقُدِّم الأمر بالمعرُوف والنَّهي عن المُنكر على الإيمان، و الأمر بالمعرُوف والنَّهي عن المُنكر لا يصِحُّ بُدون إيمان إلاّ أنَّهُ من أجل أنَّنا فُضِّلنا بِهِ على سائر الأُمَم قُدِّم؛ و إلاَّ فالأُمَم السَّابقة كُلُّهُم يُؤمنُون بأنبيائِهِم، يعني من كُتِبَ لهُ إتِّباع الأنبياء يُؤمنُون.