- في الفقه: هل أختار (دليل الطالب)، أم (الزاد)، أم (الخرقي)؟
- وفي أصول الفقه: (وسيلة الحصول)، أو (مذكرة الشنقيطي)؟
- وفي الحديث: (البلوغ)، أم (المحرر)؟
- وفي علوم الحديث: (ألفية العراقي)، أم (ألفية السيوطي)؟
وهل هذه الكتب مشروحة؟ وما أفضل شروحها؟
هذه الكتب التي ذكرها السائل وعلى سبيل المثال ذكر (دليل الطالب) و(زاد المستقنع) و(مختصر الخرقي)، وأقدم متنٍ للحنابلة هو (مختصر الخرقي)، ومع ذلك باعتباره اللبنة الأولى في هذا المجال ففيه إعوازٌ كبير ونقصٌ كثير في المسائل، ولا شك أن (دليل الطالب) أسهل وأيسر من (الزاد)، و(الزاد) أكثر مسائل وأمتن، فعلى حسب مستوى الطالب، فالسائل إن كان مستواه يستوعب مسائل (الزاد)، ويستطيع أن يُحلل عبارته ولو بالاستعانة بالشروح المطبوعة أو المسموعة فـ(الزاد) أنفع له؛ لأنه أكثر مسائل، وأما (دليل الطالب) فهو أسهل وأيسر لطالب العلم، لكنه أقل مسائل.
وذكر ابن بدران في (المدخل) أن (دليل الطالب) أشهر عند حنابلة الشام، و(الزاد) لا شك أن له حظْوَة وشهرة عند حنابلة نجد، وعلى كل حال كلاهما فيه خير، وإذا قُرئ (الدليل) مع شرحه (منار السبيل) واعتُني بأحاديثه وتخريجها للشيخ الألباني انتفع الطالب كثيرًا، ولكن يبقى أن المسائل إذا استطاع الطالب أن يتصوَّرها تصوُّرًا صحيحًا من (زاد المستقنع) فهو أنفع له؛ لأنه أكثر مسائل من (الدليل)، وكلا الكتابين مخدوم وفي كلٍّ خير.
وأما تردُّده في أصول الفقه بين (وسيلة الحصول من علم الأصول) للشيخ حافظ الحكمي أو (مذكرة الشنقيطي)، فـ(وسيلة الحصول) نظم، و(المذكرة للشنقيطي) نثر، وعلى كل حال في كتب المتقدمين وما رسموه للمتعلمين ما يُغني عن هذا، فالمتقدمون ألَّفوا للمبتدئين (الورقات) لإمام الحرمين، ولمن أنهى (الورقات) مع شروحها وضَبَطها وأتقنها أن ينتقل إما لمختصر الروضة المعروف بـ(البلبل) أو لـ(مختصر التحرير) وكلاهما مشروح ومتداول. أما (مذكرة الشنقيطي) فهي تعليقات على (روضة الناظر)، فهي تابعة لـها، فمن يقرأ أو يعتني بـ(روضة الناظر) يُراجع (مذكرة الشنقيطي)، وليست كتابًا مستقلًّا يُعتمد عليه بذاته.
وتردُّده في الحديث بين حفظ (بلوغ المرام) للحافظ ابن حجر أو (المحرر) لابن عبد الهادي، فكلاهما نافع، وكلٌّ منهما له ميزة ينفرد بها عن الآخر، فـ(البلوغ) فيه أحاديث زائدة، و(المحرر) كاسمه مُحرر في ألفاظه وفي أحكامه على الأحاديث، ومع طول باع الحافظ ابن حجر في الحديث إلا أن (المحرر) في بيان العلل وتوضيحها أجود، ولا مانع من أن يعتني بـ(المحرر) ويأخذ الزوائد من (البلوغ) ويحفظها في أماكنها.
وأما قوله في علوم الحديث: هل يحفظ (ألفية العراقي) أو (ألفية السيوطي)؟ لا شك أن قبل (ألفية العراقي) و(ألفية السيوطي) كتبًا ينبغي لطالب العلم أن يعتني بها، فيبدأ بـ(النخبة) للحافظ ابن حجر وشروحها، ثم يقرأ بعدها (اختصار علوم الحديث) للحافظ ابن كثير، وما عُلِّق عليه، وما كُتب عليه، وما سُجِل عليه، ثم بعد ذلك يرتقي إلى (الألفية).
وهناك موازنات بين (ألفية العراقي) و(ألفية السيوطي)، لا شك أن (ألفية السيوطي) زاد فيها ناظمها بعض المباحث، يقول:
|
فائقةٌ ألفيةَ العراقي |
|
في الجمعِ والإيجازِ واتِّسَاقِ
|
"في الجمع": فهي أكثر، "والإيجاز": لأن من مقتضى الزيادة في المباحث أن تزيد الأبيات، فلما تساوت الأبيات مع (ألفية العراقي) صار فيها نوع إيجاز، "والاتساق": الذي هو التنظيم، لكن يبقى أن المرجَّح عندي (ألفية العراقي)؛ لأنها هي الأصل لـ(ألفية السيوطي)، وإمامة العراقي تجعل طالب العلم يعتني به وبكتبه أكثر من غيره، فالعلم دين فانظر عمن تأخذ دينك، والزيادات التي في (ألفية السيوطي) يمكن أن يستدركها الطالب، وقد ميَّزها الشيخ أحمد شاكر بأقواس، فيستفيد طالب العلم من تمييزه، و(ألفية العراقي) أصل (ألفية السيوطي)؛ ولذا يقول السيوطي في آداب طالب علم الحديث:
|
وَاْقْرَأْ كِتَابًا تَدْرِ مِنْهُ الاِصْطِلاحْ . |
|
كَهَذِهِ وَأَصْلِهَا وَابْنِ الصَّلاحْ
|
"كهذه": يعني ألفيته، "وأصلها": (ألفية العراقي)، "وابن الصلاح"، رحم الله الجميع.
وعلى كل حال المقارنة من وجوهٍ كثيرة مُبيَّنة في مقدمة تحقيقنا لـ(فتح المغيث)، والله أعلم.
وقول السائل: (هل هذه الكتب مشروحة؟ وما أفضل شروحها؟)
الشروح موجودة وكثيرة:
(دليل الطالب) قلنا: من شروحه: (منار السبيل)، أو (نيل المآرب على دليل الطالب).
و(الزاد) من شروحه: (الروض المُربع) وحواشيه، وشروح المعاصرين كثيرة منها المطبوع ومنها المسموع.
و(مختصر الخرقي) قالوا: عليه أكثر من ثلاثمائة شرح، وعلى رأسها (المغني) للموفق ابن قدامة، و(الزركشي) وغيرهم.
أما (وسيلة الحصول) للحافظ الحكمي فما أعرف لها شرحًا، لكن أنا أقول: العناية بها تأتي متأخرة، يعني بعد الطريق المرسوم لطلاب العلم: للمبتدئين، والمتوسطين، والمنتهين، يطَّلع على (وسيلة الحصول) ويأخذ إن كان فيها شيء زائد.
و(مذكرة الشنقيطي) معروف أنها تعليق على (روضة الناظر).
و(البلوغ) شروحه كثيرةٌ جدًّا منها شرح المغربي (البدر التمام)، ومختصره للصنعاني، وللشيوخ المعاصرين نصيب الأسد في شرح (البلوغ)، وكذلك (الزاد)، شَرحوهما بشروحٍ كثيرة جدًّا.
أما (المحرر) فليس له شرح مطبوع وإنما أُعتني به أخيرًا وكثرتْ شروحه المسموعة.
و(ألفية العراقي) شرحها المؤلف نفسه –العراقي-، كما أن السيوطي شرح ألفيته، والسخاوي شرح (ألفية العراقي) في كتابٍ أسماه (فتح المغيث) يُعتبر موسوعة في علوم الحديث، والترمسي شرح (ألفية السيوطي)، وشيخ الإسلام زكريا الأنصاري شرح (ألفية العراقي)، وهكذا.
فالشروح كثيرة وموجودة، والأشرطة والتسجيلات زاخرة في شروح هذه المتون المذكورة في السؤال.