أولًا: التلبية سُنَّة، وأوجبها الحنفية، لكنها سُنَّة عند عامة أهل العلم، والاشتراط جاء في حديث ضباعة بنت الزبير –رضي الله عنها- «أن حجي واشترطي» [البخاري: 5089] «فإن لكِ على ربكِ ما استثنيتِ» [النسائي: 2766]، ولكن الاشتراط إنما ينفع قبل الدخول في النُّسك أو مع نية الدخول في النسك لا بعد ذلك، فلو دخل في النُّسك ووصل إلى مكة فلا ينفع الاشتراط الآن.
وعمومًا الاشتراط منهم مَن يراه نافعًا مطلقًا، فإذا اشترط فله أن يحل متى شاء. ومنهم مَن يرى أنه لا ينفع إلا فيمن كان حاله وظرفه مثل ظرف ضباعة بنت الزبير، بأن تبدو عليه آثار التعب أو عدم القدرة على تكميل النُّسك، فمثل هذا له أن يشترط كما وجَّه النبي -عليه الصلاة والسلام- ضباعة بنت عمه الزبير بن عبد المطلب، فهذا ينفع -بإذن الله-. ومنهم مَن يقول: إن الاشتراط خاص بها ولا ينفع غيرها، ولكن الأصل أن ما ثبت في حقِّ واحد من المسلمين ثبت في غيره، لكن هل الظرف والوصف الذي تلبَّستْ به ضباعة يُستصحب في غيرها أو أنه يُقبل الاشتراط مطلقًا كما قاله جمعٌ من أهل العلم؟ وشيخ الإسلام كأنه يميل إلى أنه لا ينفع إلا إذا وُجدت الأمارات والعلامات التي قد تعوق من إتمام النُّسك.
أما وقد وصلوا إلى مكة ثم اشترطوا فهذا لا ينفع باتفاق، لكن العمرة صحيحة؛ لأنهم أتموها كما يقول: (أتممنا عمرتنا)، فليس فيها شيء، والله أعلم.