المأموم سترته سترة إمامه، ولكن إذا سلَّم الإمام فما يقضيه المأموم حكمه فيه حكم المنفرد، والمنفرد السترة بالنسبة له مطلوبة لا سيما وأنه إذا سلَّم الإمام وقام السرعان ومرُّوا من بين يديه وشوَّشوا عليه، فإن كانت السترة قريبة ولا تحتاج إلى عملٍ كثير بأن تقدَّم يسيرًا: يمينًا أو شمالًا أو أمامًا، فينبغي له أن يفعل ذلك، وإلا المعروف أن المأموم لا يتَّخذ سترة، والمسبوق إذا ترتَّب على ذلك عملٌ كثير فلا، لكن إذا كانت المسألة بأن تقدَّم يسيرًا أو انحرف يمينًا أو شمالًا بشيءٍ يسير لا يُخل بصلاته ولا يكثر فيه العمل فمن باب المحافظة على صلاته وحفظها من مرور من أراد أن يمر بين يديه لا سيما وأن المعروف أنه إذا سلَّم الإمام فالسرعان يُبادرون بالقيام، ومنهم الذي يمشي يمينًا، ومنهم الذي يذهب للباب الشمالي، والذي يذهب للجنوبي، ويتخاطبون بين يديه، ويُشوِّشون عليه، فإذا أمكن أن يتَّخذ سترة من غير عملٍ كثير فذلك المطلوب، وإلَّا فلا مانع أن يُصلي من غير سترة، فإذا كان بين المصلي وبين المار ثلاثة أذرع فأكثر فلا يؤثِّر، وإن كان أقل من ذلك فالخطوط الموجودة عند جمع من أهل العلم سُترة، لا سيما إذا صح حديث الخط «فإن لم يجد فَلْيَخُطَّ خَطًّا» [أبو داود: 689 / وابن ماجه: 943]، فالخط هذا الموجود والمرصوف المبلَّط حكمه حكم الخط، وطرف السجادة كذلك عند مَن يرى أن الخطَّ كافٍ. وحديث الخط مثَّل به ابن الصلاح للحديث المضطرب؛ لأنه رُوي على أوجه متعددة ومتساوية، وينطبق عليه حدُّ الاضطراب، لكن ابن حجر في (بلوغ المرام) قال: (ولم يُصب من زعم أنه مضطرب، بل هو حسن)، ومردُّ ذلك إلى أن الحافظ ابن حجر أمكنه الترجيح بين هذه الأوجه، فإذا أمكن الترجيح انتفى الاضطراب، وابن الصلاح ساق الأوجه على أنها متساوية؛ ولذلك أثبتَ فيه الاضطراب.
وعلى كل حال وجود هذا الخط واعتماده من قِبل المصلي أفضل من عدمه، والله أعلم.