الأصل في العقود في تمامها الإيجاب والقبول، فإذا قال البائع: (بعت)، وقال المشتري: (اشتريت)، وتفرقوا من مكان العقد فإنه حينئذٍ يلزم البيع، ولا يحق للبائع أن يرجع، ولا للمشتري أن يرجع، إلا بالخيار، فإذا لم يُوجد خيار للطرفين أو لأحدهما فالعقد حينئذٍ لازم، إذا تمَّ الإيجاب والقبول، وتفرقوا على ذلك.
وهذا الزوج ليس من حقه أن يُلزم زوجته أو يُشير عليها بأن تُلغي البيع وقد ثبت بالإيجاب والقبول، وأما توثيقه وكتابته -أعني البيع- من خلال العقد فهذا من تمام التوثيق، والكتابةُ مأمورٌ بها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282]، وهذا الأمر أمر إرشاد وليس بأمر وجوب، فلو لم يُكتب لنفذ البيع وتمَّ، وقد تمَّت العقود في عهده –عليه الصلاة والسلام- منه ومن أصحابه بالإيجاب والقبول بدون كتابة، مما جعل العلماء يحملون الأمر في قوله: {فَاكْتُبُوهُ} على الاستحباب لا على الوجوب، فلا يجوز إلغاء البيع بعد تمامه بالإيجاب والقبول ولو كانت القيمة أقل مما تستحقه السلعة إذا لم يكن هناك غبن، وإذا وُجِد الغبن أي: النقص الفاحش في قيمة السلعة، فخيار الغبن معروفٌ عند أهل العلم.
وأما بالنسبة للعربون الذي دفعه المشتري فهو من أجل أن يحجز السلعة، وقبول العربون من البائع فيه دلالةٌ على أن هذا المشتري له نوع خيار، وإذا رجع المشتري فاته العربون ويكون من حق البائع، وأما إذا نفذ البيع فالعربون جزءٌ من قيمة السلعة، والله أعلم.