الأشهر الحرم أربعة، قال الله فيها: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36]، الأربعة: ثلاث سرد: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، والرابع فرد: وهو رجب، بمعنى أن الثلاثة متواصلة، ورجب منفرد عنها، فهي ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب.
هذه الأشهر لا شك أنها أشهر معظَّمة، ومما يُمنَع فيها ما نُصَّ عليه في الآية: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}، والمعاصي ظلم للنفس فتُمنَع، وإذا مُنِع ظلم النفس فظلم الغير من باب أولى، فلا يجوز الظلم بجميع أنواعه.
يقول الطبري: (وأما قوله: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} فإن معناه: فلا تعصوا الله فيها، ولا تُحِلُّوا فيهن ما حرم الله عليكم، فتُكسبوا أنفسكم ما لا قِبل لها به من سخط الله وعقابه).
على كل حال الأربعة الحرم التي ذكرناها: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب. والمحرم فيها المنصوص عليه في الآية: ظلم النفس بالمعاصي، سواء كانت بارتكاب المحرمات أو بالتفريط بالواجبات، وظلمُ العباد لا شك أنه مبنيٌّ على المشاحة فهو أولى بالترك، والله أعلم.