إذا سافر الإنسان سفرًا مباحًا فإن له أن يترخَّص إذا وُجدت المسافة وهي ثمانون كيلًا فأكثر، ووُجدتْ أيضًا المدة: أربعة أيام فأقل، فإنه يترخَّص برخص السفر، فيجمع بين الصلاتين، ويقصر الرباعية إلى ركعتين، مع أنه إذا كان باقيًا في مكانه فإنه يقصر ويُوقِّت الصلوات في وقتها، ولو جمع فلا حرج.
وأما بالنسبة للجمعة فإنهم يَمنعون من السفر يوم الجمعة بعد الزوال، وقبل ذلك لا مانع منه، وإن كان على المسلم أن يتحرَّى ويحتاط لدينه ويحرص على الخير ودعوة المسلمين في الخطبة ونحو ذلك، ولا يغيب عن حضور الجمعة ويُكرِّر ذلك، فإنه جاء حديث «مَن ترك ثلاث جمع متواليات، طبع الله على قلبه» [أبو داود: 1052/ ومسند أبي داود الطيالسي: 2557]، ويُخشى أن يدخل في هذا، لا سيما إذا كان الدافع للسفر ترك الجمعة.
فعلى المسلم أن يحتاط لدينه ويهتم لصلاته لا سيما الجمعة، لكنه إن كان مسافرًا وأدركتْه الجمعة ويبعد عن البلد أكثر من فرسخ بحيث يشق عليه الإتيان إلى البلد لحضور الجمعة، فعلى كل حال إذا كان بعيدًا ولا يسمع النداء فإنه حينئذٍ لا تلزمه.
وإن كان مسافرًا إلى بلدٍ وهو داخل المدينة ويَسمع النداء فعموم حديث ابن أم مكتوم –رضي الله عنه- «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم، قال: «فأجب» [مسلم: 653] «لا أجد لك رخصة» [أبو داود: 552] هذا يُلزمه بالحضور في الجمعة وفي غيرها، والفقهاء يقولون: المسافر لا تلزمه الجمعة، فإما أن يُحمَل هذا على حديث ابن أم مكتوم، ويُقال: هذا في حق مسافرٍ لا يَسمع النداء، أو يُقال: إن المسافر يخرج من حديث ابن أم مكتوم بأن له أن يترخَّص، وابن أم مكتوم حاضر وليس بمسافر، لكن الأحوط إذا كان يسمع النداء أن يُجيب، والله أعلم.