تعجيل الزكاة عن وقتها جائز ولا إشكال فيه، وقد جاء في الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «وأما العباس فهي عليَّ ومثلها معها» [مسلم: 983]، «فهي عليَّ» يعني: زكاة هذه السنة، «ومثلها معها» يعني: زكاة السنة القادمة، واستدل به أهل العلم على أنه يجوز تعجيل الزكاة بخلاف تأخيرها، ولذا قال النووي في (شرحه على صحيح مسلم): (والصواب أن معناه -يعني: معنى حديث أبي هريرة في قصة العباس- تعجلتُها منه، وقد جاء في حديث آخر في غير صحيح مسلم «إنا تعجَّلنا منه صدقة عامين»)، وعلى كل حال فلا مانع من تعجيل الزكاة بعد انعقاد سبب الوجوب؛ لأن عندك سبب وجوب، ووقت وجوب:
أما قبل سبب الوجوب فلا تصح ولا تجزئ، يعني: لو أن شخصًا بيده ألف ريال، وقال: (سأدفع هذا الألف زكاة أربعين ألفًا قبل أن أملك النصاب، بحيث إذا وُجد النصاب أكون قد تعجَّلتُ)، وهو ما عنده شيء غير هذا الألف، نقول له: هذا لا يجزئ؛ لأنه قبل سبب الوجوب؛ لأن العبادة والعقد الذي له سبب وجوب، ووقت وجوب، لا يجوز فعلها قبل السبب بالاتفاق، ويجوز فعلها بعد السبب وقبل الوقت، على خلاف بين أهل العلم، لكن هذا المعتمد، ويجوز فعلها بعد وقت الوجوب، يعني: ليس بعد خروجه، بل بعد دخوله، وحينئذٍ إذا ملك النصاب وتعجَّل الزكاة لسنةٍ أو سنتين والنصاب موجود فلا بأس بذلك عند أهل العلم؛ لقصة العباس –رضي الله عنه-.
ولا يلزم أن يكون هنالك حاجة للتعجُّل، فالأمر في هذا سهل، لكن إذا قدَّم من أجل سبب لحاجةٍ طرأتْ على أحد، وأراد أن يرفع هذه الحاجة لا شك أن هذا سبب، وعلى كل حال الأصل الجواز بسببٍ أو بدون سبب، فإذا عجَّل من باب {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 84] فهو مأجور على كل حال، وإن وُجد ما يجعل الإنسان يتشجَّع ويدفع ويبذل؛ خشيةَ أن يأتي يوم ولا يجد ما يبذله، أو لا يجد مَن يبذل له، فلا شك أن أجره عظيم -إن شاء الله تعالى-.