أولًا: العمل ليس بصحيح؛ لأن مَن صلَّى خلف مقيم لزمه الإتمام، فإذا صلى الإمام أربعًا يصلي خلفه أربعًا، وفيما روى موسى بن سلمة قال: كنا مع ابن عباس بمكة، فقلت: إنا إذا كنا معكم صلينا أربعًا، وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين، فقال: "تلك سُنَّة أبي القاسم -صلى الله عليه وسلم-"، رواه مسلم [688]، والإمام أحمد [1862] وغيرهما بألفاظ متقاربة، وبناءً على ذلك فإنه يلزم المسافر إذا صلى خلف المقيم أن يُتم، وقول الصحابي: "سُنَّة أبي القاسم"، أو "من السُّنَّة" حكمه الرفع؛ لأن الصحابي إذا أطلق السُّنَّة لا يريد إلا سُنَّة النبي -عليه الصلاة والسلام-.
قَوْلُ الصَّحَابيِّ (مِنَ السُّنَّةِ) أوْ |
|
نَحْوَ (أُمِرْنَا) حُكْمُهُ الرَّفْعُ، وَلَوْ |
بَعدَ النَّبِيِّ قالَهُ بِأَعْصُرِ |
|
عَلى الصَّحِيْحِ، وهوَ قَوْلُ الأكْثَرِ |
وهنا قال: (سُنَّة أبي القاسم)، وصرَّح بذكره، ولم يقل: (من السُّنَّة) فقط، فإذا قال: (سُنَّة أبي القاسم) فهو مرفوع قطعًا، كما في نصِّ ابن عباس -رضي الله عنهما-.
واختلاف النية هنا إذا دخل بنية الظهر والإمام يصلي العصر لا يؤثِّر، وبعض العلماء وهو المعروف عند الحنابلة أن الصلاة لا تصح؛ لاختلاف النية؛ لحديث: «إنما جُعل الإمام ليُؤتم به» [البخاري: 378]، ولكن أكثر أهل العلم على جواز وصحة الصلاة مع اختلاف النية، وعندهم أيضًا أنه لا يقتدي المفترض بالمتنفِّل؛ لاختلاف النية، وهذا فيه قصة معاذ بن جبل –رضي الله عنه- حيث يصلي مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم يصلي بجماعته، هم متفرضون وهو متنفِّل، واختلفت النية ولم يؤثِّر ذلك، ولم يختلف مع حديث: «إنما جُعل الإمام ليُؤتم به»، ويقول ناظم (الاختيارات) في صلاة المفترض خلف المتنفِّل:
وقالَ أَبو العبَّاس: بل ذاكَ جائزٌ |
|
لفعلِ معاذٍ معْ صحابةِ أحمدِ |
يصلي بهمْ فرضًا وهم ذو فريضةٍ |
|
وقدْ كانَ صلى الفرضَ خلفَ محمدِ |
والله أعلم.