هذا الأب إنما أقسم على ولده من باب إكرامه والشفقة عليه، فالابن عليه أن يبرَّ بقسم أبيه، ما لم يصل امتناعه عن لحم البطِّ إلى الكره الذي لا يطيقه، فحينئذٍ تكون الطاعة في المعروف، فلا يلزمه أن يطيعه، فإذا كان لا يطيق أكل هذا النوع من الطعام فلا يلزمه إبرار قسمه ولا إجابته إلى ما طلب؛ لأن الطاعة بالمعروف، لكن إذا كان يطيق ذلك فالمطلوب من الولد أن يبرَّ بقسم أبيه، وأن يلاحظ أن هذه شفقة من الوالد فيأكل، ولو كان لا يحتاجه في هذا الوقت، أو يكرهه كراهية لا تصل إلى حدِّ أنه لا يطيقه.
وبالنسبة ليمين الأب هذه يُكفِّر عنها عند أكثر أهل العلم بالكفارة المعروفة: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام. وقال بعضهم: إن مثل هذه اليمين التي تُسمَّى يمين الإكرام لا كفارة فيها، فإن أبا بكر –رضي الله عنه- حلف ألَّا يأكل مع أضيافه، وحلفوا ألَّا يأكلوا حتى يأكل، ففعل [البخاري: 602]، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- عرف ذلك فلم يأمره بكفارةٍ ولا غيرها.
وعلى كل حال مثل هذا إن كفَّر احتياطًا فحسن، وإن ترك لقصة أبي بكرٍ –رضي الله عنه- إذا كان قصده إكرام ولده، فلا مانع من ذلك، والله أعلم.