جاء في الحديث عند (البخاري) وغيره عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تلبسوا من الثياب شيئًا مسَّه زعفران ولا الورس» [البخاري: 1838]، وهما نوعان من الطيب، وهذا يدل على منع تطييب الثياب ولو كانت قبل الإحرام؛ لأن النهي هنا عن لبسها بعد الإحرام وقد طُيِّبت قبل ذلك، فهذا نص في الموضوع. والعجب أن بعض أهل العلم يقيس الثوب على البدن، وفي (المغني) يقول: (وإن طيَّب ثوبه فله استدامة لبسه ما لم ينزعه)، وعرفنا أن الحديث: «لا يلبس المحرم ثوبًا مسَّه زعفران ولا ورس» [البخاري: 5806] وفي حكمهما جميع أنواع الطيب، «لا يلبس» منهي عنه أن يلبس، فكلامهم في قول صاحب (المغني) وغيره: (وإن طيَّب ثوبه فله استدامة لبسه ما لم ينزعه)، بمعنى أنه طيَّب ثوبه، ثم أحرم، ثم لبسه، فله أن يستديمه ولا ينزعه، لكن لماذا يلبسه وقد طيَّبه والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: لا يلبس المحرم كذا وكذا؟ قالوا: (فإن نزعه فلا يجوز له لبسه)، له الاستدامة ولا يجوز له اللبس، فالتصوُّر في مثل هذا: أن هذا رجل عنده ثوب طيَّبه، ثم بعد ذلك أحرم فلبسه، وإن كان قصدهم أنه لبسه قبل الإحرام، ثم طيَّبه، وهذا هو الذي يمكن أن يُخرَّج عليه كلام صاحب (المغني)، فما يقال: إنه لبس ثوبًا فيه زعفران، بل هو لابسٌ له من قبل وليس فيه زعفران، ثم بعد ذلك أحرم، فيكون حكمه حكم الطيب للمحرم قبل إحرامه، وهذا لبس الثوب قبل إحرامه، ولكن الإشكال قائم، والحديث واضح، ويقول أهل العلم: لا تُطيَّب ثياب الإحرام؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا يلبس المحرم ثوبًا مسَّه الزعفران»، والزعفران نوع من الطيب، قال بعض أهل العلم: إنه يُكره للإنسان أن يطيِّب ثياب الإحرام قبل عقد الإحرام، وقال بعضهم: إنه يحرم أن يطيِّب ثياب الإحرام قبل عقد الإحرام، لكن إذا طيَّبها قبل عقد الإحرام، ثم لبسها، صدق عليه أنه لبس ثوبًا مسَّه هذا الطيب الذي هو مثل الزعفران والورس، والله أعلم.
Question
إذا جاز الطيب في البدن قبل الإحرام في الميقات، فهل يجوز في ثياب الإحرام من باب أولى؟
Answer