العامي لا يُمكن أن يُكلَّف ما لا يُطيق، فهو لا يعرف إلا هذا، فيدعو على ما يفهمه، ولا يُكلَّف أيضًا أن يُعرِب، فيدعو على طريقته وسجيَّته ولا يتكلَّف، بل يدعو خالصًا من قلبه بما يَعلمه الله –جلَّ وعلا- من نيَّته وصلاح قلبه، فيُجيبه على ضوء هذا، والأمر عند الله –جلَّ وعلا-، لكن الكلام على تكليف الناس ما لا يُطيقون، فالعامي لا يستطيع أن يَعمد إلى الألفاظ الفصيحة التي لا تحتمل معانٍ أخرى، ويُعرِب الكلمات إعرابًا تامًّا، فهذا تكليفٌ بما لا يُطاق، ولا يُطلَب من الشخص فوق طاقته، فالمدار على صلاح القلب.
وقد يدعو العامي بلهجته العامية على معنىً يُريده ويفهمه هو وجميع مَن في طبقته من العوام، لكن إذا عرضتَه على القواميس والمعاجم والألفاظ العربية الفصيحة فقد تجد أنه يحمل معنىً غير ما يُريده هذا العامي، وهذا لا يضيره، وقد سُمِع مَن يقول: (يا الله أن تاوي لي)، وقصده: ترحمني وتعطف عليَّ، والذي يقرأها من طلاب العلم بما يفهمه من ألفاظ العربية يفهمها: (تأوي إليَّ)، وهذا ليس بصحيح، والعامي لا يقصد هذا بحال، وقُل مثل هذا في كثيرٍ من الألفاظ العامية التي يتداولونها. فلا ضير ولا يُطلَب من العامي ولا يُكلَّف أن يدعو بألفاظٍ عربيةٍ فصيحة، ولا أن يُعرِب إعرابًا تامًّا، وتكليفه بذلك تكليفٌ بما لا يُطاق، والله يعلم السر وأخفى، ويُحاسبه على ما في قلبه، فإذا صدر الدعاء من قلبٍ مخلصٍ صادق إلى الله –جلَّ وعلا- فالله لا يُخيِّبه –إن شاء الله تعالى-، بتوافر أسبابه وانتفاء موانعه.
وينطبق هذا كذلك على غير الناطق باللغة العربية، فالذي لا يعرف من اللغة العربية شيئًا ويدعو بلغته فهذا {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، والله المستعان.