أما مَن يقع في رجال الحسبة لأنهم قاموا بهذه الشعيرة فعلى خطرٍ عظيم -نسأل الله العافية-؛ لأنه ناتجٌ عن كرهٍ لهذه الشعيرة لا لذواتهم، فالذي يكره ما أنزل الله، أو بعض ما أُنزل على محمد -عليه الصلاة والسلام- من الشعائر كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا شك أن هذا خطر، وهذا من سيما المنافقين -نسأل الله السلامة والعافية-.
أما من يكره زيدًا من الناس -ولو كان من أهل الحسبة- لمشاحَّة دنيوية فيما بينه وبينه، فمثل هذا يكون كالشخص العادي، لكن أذية الآمرين بالمعروف ورجال الحسبة بدءًا من الكلام في أعراضهم، والتفكُّه بهم في مجالسهم، إلى أن يصل الأمر إلى حد القتل، فهو مقرونٌ بأذية الأنبياء، {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ} [آل عمران: 21]، هذا مقرونٌ بقتل الأنبياء، فالأمر شأنه عظيم، والكلام فيهم أعظم من الكلام في غيرهم؛ لأن الكلام في الإنسان المجرَّد عن الصفات الشرعية أمره أخف، وإن كانت غيبة المسلم حرام، والوقوع في عرضه من الكبائر، لكن يبقى أنه إذا تكلم فيه بحسب ما يحمله أو يدعو إليه من علمٍ أو أمرٍ بمعروف ونهي عن منكر، فمثل هذا شأنه عظيم.
وعلى طالب العلم ومريد النجاة أن يسعى بجهده أن يدافع عن هذه الثلَّة وهذه الفئة؛ ليدخل في زمرتهم، فيكون محبًّا لهم، فيكون في الآخرة مع من أحب، وهذا أقل ما يقدَّم لهم، أعني: الدفاع عنهم.