أولًا: (موطأ الإمام مالك) الأحاديث المرفوعة فيه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- قليلة، حتى إنهم قالوا: إنها بين الخمسمائة والستمائة، وأكثرها مراسيل وبلاغات، لكنها موصولة، وصلها ابن عبد البر -رحمه الله تعالى- في (التمهيد) سوى أربعة أحاديث، وهي معروفة عند أهل العلم، أما كونه أفضل وأهم من غيره من الكتب فهو جاء في وقت مبكِّر تُقبل فيه المراسيل، ولذلك تجد الإمام مالك -رحمه الله تعالى- يروي الحديث مرسلًا، وهذا كثير في موطئه، مع أن الحديث مروي من طريقه في (البخاري) و(مسلم) موصولًا! فهو يُؤْثِر المرسل؛ لأنه يحتج بالمراسيل.
واحتجَّ مالكٌ كذا النعمانُ . |
|
وتابعوهما بهِ ودانُوا . |
وردَّهُ جماهِرُ النُّقَّادِ . |
|
للجهلِ بالساقطِ في الإسنادِ . |
فهذا لا شك أنه خلل، أعني: كثرة البلاغات والمراسيل، وأيضًا كثرة كلام الإمام مالك، وكثرة الآثار، لا شك أنها على حساب المرفوعات إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، والمرفوع هو الأصل، نعم طالب العلم يقرأ (موطأ الإمام مالك) ويستفيد منه، وما زلنا منذ ثلاث سنين نشرح في (موطأ الإمام مالك)، وكثير منه من كلامه -رحمه الله-، لكن مع ذلك إذا قارناه بالصحيحين فمنزلته دونهما بمراحل، فطالب العلم الذي تجاوز مرحلة المتون المختصرة عليه أن يُعنى بـ(البخاري) قبل كل شيء، ويجعله محور عمله العلمي، ومدار بحثه، في طريقةٍ شرحناها بالأمثلة في مناسبات كثيرة، بحيث يجمع إلى (البخاري) بقية الكتب الستة، ويتفقَّه في السنة من خلال (صحيح البخاري) وما يوافقه وما يخالفه، في مدة لا تزيد على خمس سنوات، يظفر فيها طالب العلم بحصيلةٍ علميةٍ تجمع له بين الفقه والحديث.