أولًا: في بداية القراءة لا يُنصح بقراءة الكتب المطوَّلة طولًا يشقُّ على الطالب، بل يبدأ بالأسهل، وأول ما قرأنا في التفسير (تفسير الشيخ فيصل بن مبارك) -رحمه الله-، وهذا يمكن أن يُقرأ في شهر، ثم تدَّرج إلى ما فوقه، فهذا يعينك، فإنك إذا انتهيتَ تجد قوَّة وهمَّة ونشاطًا أن تقرأ ما هو أطول منه، لكن لو بدأتَ بـ(تفسير ابن كثير) لأول مرة، والصفحة تحتاج إلى وقت، أو بدأت بـ(فتح الباري)، فحريٌّ أن تملَّ وتنقطع، فمثلًا: شخص له عناية بـ(صحيح البخاري)، وهو طالب علم ليس بالمتمكِّن، فيقال له: اقرأ الجَوارِش والكَوامِخ المُشهيَّات، فاقرأ في (شرح النووي) الذي يمكن أن ينتهي في شهرين أو ثلاثة، لكن (فتح الباري) يحتاج إلى سنتين، أو اقرأ في (شرح الكرماني)، وفيه من اللطائف والطرائف ما يَشحذ همَّتك، ويحثك على مواصلة القراءة، ثم بعد ذلك تفرَّغ لما هو أصعب منها.
ومثلًا: طالب علم متوسِّط يسمع المدح للكتب، ويبادر إلى اقتنائها وقراءتها من غير أن يستشير، فيسمع المدح من الحافظ ابن كثير -رحمه الله- لـ(علل الدارقطني)، ثم يذهب إلى المكتبة ويشتريه، ويبدأ يُطالع، وهو ما تأهَّل، فمِن أول جلسة سيُقرِّر ترك القراءة. أو يسمع كلام ابن القيم -رحمه الله-:
واقرأْ كتابَ (العقلِ والنقل)ِ الذي |
|
ما في الوجودِ لهُ نظيرٌ ثاني |
فيذهب ويشتري (درء تعارض العقل والنقل)، ويبدأ به، ثم يُصدَم عن القراءة، ويَعزف عنها، وفيه مواطن بعشرات الصفحات، وفي المجلد الأول من (منهاج السنة) ثلاثمائة صفحة قرأتُها وخرجتُ بخُفي حُنين، وفي المجلد السادس مثلها؛ لأنها بحوث ما تأهَّلنا لها، فلا بد أن يستشير طالب العلم فيما يَقرأ وفيما يَبدأ به.