محبكم في الله: أبو موسى من المغرب.
العذر بالجهل أمر معروف مُقرَّر عند أهل العلم، لكن يختلفون في كيفية بلوغ الحُجَّة، وفهم الحُجَّة، وزوال المانع من قبولها.
فمنهم مَن يقول: إذا بلغت الحُجَّة زال الجهل، ولا يشترط زوال المانع من قبولها، حتى ولا فهمها.
والصواب: أنه إن كان هذا الجاهل الذي لم تبلغه الحُجَّة بمنزلة الأعاجم الذين لا يفهمون النصوص -وإن كان عربيًّا-؛ فلا بد من بيانها له وتوضيحها، فكثير من المسلمين مع الأسف الشديد يقول: (لا إله إلا الله)، وهو مع ذلك مُصرٌّ على ما ينقض كلمة التوحيد جهلًا منه بأن هذا الأمر ناقض لها، فمثل هذا يُبيَّن له أن دعاء غير الله، وطلب الحوائج من المخلوقين ممَّا لا يَقدر عليه إلا الله شركٌ مُخرِج عن الملَّة، ولا يُحكم بكفر مثل هذا إلا بعد البيان والتوضيح، هذا بالنسبة للأفراد.
وأما بالنسبة للفعل؛ فيُقرَّر أنه شرك، وأن مَن فعل هذا فقد أشرك، لكن الحكم على المعيَّن يتوقَّف على البيان المناسب له، ولذا تجد في أجوبة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- أنه مرَّة يَعذر بالجهل في هذا، ومرَّة لا يَعذر، ولا شك أن هذا ليس بتناقض ولا اضطراب في الفتوى، بل هو راجع إلى اختلاف الأحوال والظروف بالنسبة للمستفتين. هذا كلُّه بالنسبة لمدَّعي الإسلام ممَّن يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وأما مَن يتديَّن بغير الإسلام كاليهود والنصارى؛ فلا شك في كفرهم وخلودهم في النار -نسأل الله العافية-، والله المستعان.