شرح الموطأ - كتاب الصلاة (3)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
سم.
باب: القراءة في الصبح:
أحسن الله إليكم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء.
قال الإمام يحيى -رحمه الله-:
باب: القراءة في الصبح:
عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- صلى الصبح فقرأ فيها سورة البقرة في الركعتين كلتيهما.
عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه سمع عبد الله بن عامر بن ربيعة يقول: صلينا وراء عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- الصبح فقرأ فيها بسورة يوسف وسورة الحج قراءة بطيئة" فقلت: "والله إذًا لقد كان يقوم حين يطلع الفجر؟" قال: "أجل".
عن مالك عن يحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم بن محمد أن الفرافصة بن عمير الحنفي قال: "ما أخذت سورة يوسف إلا من قراءة عثمان بن عفان إياها في الصبح من كثرة ما كان يرددها لنا".
عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- كان يقرأ في الصبح في السفر بالعشر السور الأول من المفصل في كل ركعة بأم القرآن وسورة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: القراءة في الصبح" يعني في صلاة الصبح.
"حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر الصديق" هذا منقطع؛ لأن عروة إنما ولد في أوائل خلافة عثمان، فعروة يحكي قصة لم يشهدها، هو منقطع، لكنه ورد عن أنس وغيره، فعلل عروة حمله عن بعض الصحابة الذين تأخرت وفاتهم كأنس، "أن أبا بكر الصديق صلى الصبح فقرأ فيها سورة البقرة في الركعتين كلتيهما" فقيل له حين سلم: كادت الشمس أن تطلع؟ فقال: "لو طلعت لم تجدنا غافلين" كما في حديث أنس، لكن هو صلى الصلاة في وقتها، نهاية الصلاة، هذا الكلام المقصود أنه يدرك ركعة قبل أن تطلع الشمس، وقد صلاها في أول وقتها، وقد قرأ سورة البقرة احتمال تطلع الشمس؛ لأن سورة البقرة جزأين ونصف تحتاج إلى رجل أسيف، نعم، أدركنا أناس يبكون في القرآن، ما تأخذ عليهم البقرة نصف ساعة، ما فيه تلازم أبد.
على كل حال الترتيل الجزء يحتاج إلى ثلث ساعة على الأقل، أو نصف إلا خمس، مع المد قليلًا يحتاج إلى نصف، البقرة تحتاج إلى أكثر من ساعة، ولا بد في مثل هذا أن يعرف الإمام رضا المأمومين، رضا مَن خلفه، أما أن يصلي بهم بسورة البقرة وهم لا يرضون، جاء النهي عن ذلك، ((أفتان يا معاذ؟)) ((إذا أمَّ أحدكم الناس فليخفف))، ولا بد في مثل هذا من العلم برضا المأمومين، استدل به مالك على طول القراءة في صلاة الصبح، وبمثل هذا تجتمع أحاديث التغليس والإسفار؛ لأنه يفتتحها أو يبدأ بالصلاة بغلس، ويفرغ منها -إذا أطال كما فعل أبو بكر- في الإسفار.
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه سمع عبد الله بن عامر" عن أبيه، هذه زيادة خالف فيها مالك -رحمه الله- أصحاب هشام، فكلهم لم يقولوا: عن أبيه إلا مالك، عن هشام بن عروة أنه سمع عبد الله بن عامر، وهذا ممكن، فيكون قوله: عن أبيه من أي نوع من أنواع علوم الحديث؟ من المزيد في متصل الأسانيد، يعني المزيد يطلق على ما يزاد خطأ؟ مزيد؟ نعم؟ إذًا من أي نوع هذا؟ متى؟ أين الصورة الصحيحة للمزيد في متصل الأسانيد؟ نعم؟
طالب:.......
نعم، أن تصح الصورتان، والآن هذه الصورة التي معنا نعم، فيها مخالفة، خالف فيها الإمام مالك أصحاب هشام، "أنه سمع عبد الله بن عامر بن ربيعة -العنزي- يقول: "صلينا وراء عمر بن الخطاب الصبح فقرأ فيها بسورة يوسف وسورة الحج" سورة يوسف وسورة الحج، هما مجتمعان يعادلان آل عمران، يعادلان الأعراف أيضًا، "فقرأ فيها بسورة يوسف وسورة الحج قراءة بطيئة" ومعروف أن عمر -رضي الله عنه- كرر قوله تعالى: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ} [(86) سورة يوسف] فعمر يكرر، فإذا كانت قراءته لثلثي جزء ونصف جزء في الركعة الثانية مع التكرير، وقراءة بطيئة لا شك أن هذه إطالة، لكنه كسابقه لا بد من العلم برضا المأمومين.
"قال -عروة-: فقلت: "والله إذًا لقد كان يقوم حين يطلع الفجر؟" يعني يقوم إلى الصلاة فيبتدئها حين يبزغ الفجر في أول الوقت، "قال: "أجل"، (أجل) هذه حرف جواب، هذه جواب كـ(نعم)، (أجل) جواب كـ(نعم)، يعني تأتي، لو قال: نعم هنا نعم، يصح أم لا؟ هي بمثابة (نعم)، "ذلك أن لك أجرين" قال: ((أجل)) "إنك لتوعك كما يوعك الرجلان" قال: ((أجل)) نعم، "ذلك أن لك أجرين" قال: ((أجل)) يقولون: هي كـ(نعم)، جواب كـ(نعم)، إلا أن (أجل) أحسن من (نعم) في التصديق كما هنا، و(نعم) أحسن من (أجل) في الاستفهام، يعني إذا قلت: هل حضر زيد؟ يقول: نعم، أفضل من أجل، نعم، وهنا في الخبر، تصديق الخبر تقول: أجل.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم بن محمد -بن أبي بكر- أن الفرافصة بن عمير الحنفي" نسبة إلى بني حنيفة، "قال: "ما أخذت سورة يوسف إلا من قراءة عثمان بن عفان إياها في الصبح، من كثرة ما كان يرددها لنا"، يكررها عثمان -رضي الله عنه-، يقول الشارح الزرقاني: "يحتمل أن ذلك صنيع عثمان -رضي الله عنه وأرضاه- تكرار سورة يوسف لحديث: ((ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه)) وسورة يوسف فيها بلوى، فعثمان -رضي الله عنه- يتسلى بقراءة هذه السورة، قال ابن عبد البر: لا أشك أن أبا بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم- كانوا يعرفون من حرص من خلفهم، ما يحملهم على التطويل أحيانًا، وجاء الأمر بالتخفيف فيكون هو الأصل، الأصل التخفيف والتطويل عند رغبة المأمومين، ولا شك أن بعض الأئمة يُطلب منه التطويل؛ لأن قراءته موعظة، يعظم الناس بالقرآن، ويؤثر فيهم، تؤثر فيهم قراءته، فمثل هذا إذا رأى الناس يرتاحون لقراءته فلا يبخل عليهم، لكن يبقى أن الأصل هو ((من أم الناس فليخفف)).
"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقرأ في الصبح في السفر بالعشر السور الأول من المفصل في كل ركعة بأم القرآن وسورة" بأم القرآن وسورة، وبهذا يندفع الوهم الذي في أول كلامه أنه يقرأ العشر كلها في صلاة الصبح، يقرأ في الصبح في السفر بالعشر الأول من المفصل، نعم هذا مفهومه أنه يقسم هذه العشر بين الركعتين، لكن قوله: في كل ركعة من ركعتي الصبح بأم القرآن وسورة، والعشر السور هي: ق، والذاريات، والطور، النجم، القمر، الرحمن، الواقعة، الحديد، المجادلة، الحشر، ولم يذكر الإمام مالك -رحمه الله تعالى- في الباب حديثًا مرفوعًا، الأول: من فعل أبي بكر، الثاني: من فعل عمر، الثالث: من فعل عثمان، الرابع: من فعل ابن عمر، ما ذُكِر في الباب حديث مرفوع، وفي البخاري من حديث أبي برزة قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي الصبح ينصرف الرجل فيعرف جليسه، وكان يقرأ في الركعتين أو إحداهما ما بين الستين والمائة، ما بين الستين والمائة، وفي البخاري عن أم سلمة -رضي الله عنها- أنه -صلى الله عليه وسلم- قرأ فيها بالطور، وفي مسلم عن جابر أنه -عليه الصلاة والسلام- قرأ فيها بـ(قاف)، وفي رواية: بالصافات، كل هذا مرفوع.
نعم، فصل بينهم بالعمل بالقراءة، بينما يفترض أن العمل بالقراءة يتقدم على الجميع، هذا الأصل، هذا الأصل أن يتقدم، نعم.
طالب:.......
خواتمها من الآيتين فقط؟
طالب:.......
هذا تقصير، أقول: هذا تخفيف زائد، الأصل أن صلاة الصبح تطول فيها القراءة، وهو طول نسبي لا يشق على المأمومين، طول نسبي، نعم.
طالب:.......
لا أعرف هذا، لكن هو قرأ الزلزلة، نعم، قرأ الزلزلة في الركعتين، نعم.
طالب:.......
ابن القيم أشار إلى أنه في سفر، لكن ما يمنع أن يكون الجميع عند الحاجة نعم.
باب: ما جاء في أم القرآن:
أحسن الله إليك.
باب: ما جاء في أم القرآن:
عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب أن أبا سعيد مولى عامر بن كريز أخبره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نادى أُبَي بن كعب وهو يصلي، فلما فرغ من صلاته لحقه، فوضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده على يده وهو يريد أن يخرج من باب المسجد، فقال: ((إني لأرجو أن لا تخرج من المسجد حتى تعلم سورة ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها)) قال أُبَي: فجعلت أبطئ في المشي رجاء ذلك، ثم قلت: يا رسول الله السورة التي وعدتني. قال: ((كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة؟)) قال: فقرأت: الحمد لله رب العالمين، حتى أتيت على آخرها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هي هذه السورة، وهي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أُعطيت)).
عن مالك عن أبي نعيم وهب بن كيسان أنه سمع جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- يقول: "من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصلّ إلا وراء الإمام".
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في أم القرآن" الفاتحة، أي: أصل القرآن، كما يقال: أم القرى مكة، كره بعضهم أن يقال: أم القرآن، قال ابن عبد البر: لا وجه لكراهتهم لذلك، ما الداعي إلى كراهة قول: أم القرآن؟ لئلا يوهم أنه كالأم، وإن كان هذا فيه بعد.
"حدثني يحيى عن مالك" نعم؟
طالب:.......
لا وجه لكراهتهم ذلك، لكن بعض الناس يصير عنده حساسية زائدة، ويخفى عليه ما ورد في الباب، ثم يكره ذلك.
"حدثني يحيى عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب أن أبا سعيد -وهو تابعي مدني- مولى عامر بن كريز أخبره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نادى أُبَي" وعلى هذا يكون الخبر منقطعًا، في بعض الروايات عن مالك أن أبيًّا أخبره، يعني صاحب القصة، أو عن أُبَي أنه أخبره.
هذا سؤال مهم.
يقول: إمام مسجد منذ خمس عشرة سنة يبدأ بجماعته بالبقرة ويختم بالناس، وهذا غالب فعله، وهو يرى أن ذلك فيه مصلحة له ولجماعة المسجد، بحيث يستمعون كل القرآن، وليصححوا أخطاءهم وغير ذلك؟
لا شك أن إسماع القرآن للناس أمر مهم، ولا مانع أن يقرأ القرآن على ترتيبه في المصحف على ألا يكون ديدنًا لهذا الشخص، بل يخل به أحيانًا، ويقرأ للناس القرآن كله ويسمعهم إياه، لا مانع من ذلك على أن يخل به في بعض الأحيان؛ لأنه بهذه الطريقة إذا لم يخل به مطلقًا، قد يقول قائل: إنه لم يفعله -عليه الصلاة والسلام-، بل النبي -عليه الصلاة والسلام- اختار لصلاته من أوله، من آخره، من أثنائه، لكن إذا كان القصد أن يسمع الناس القرآن من أوله إلى آخره وأخل بهذا الترتيب؛ لئلا يكون شرع شيئًا لا يكون له أصل، يعني لو قدم وأخر أحيانًا لا بأس -إن شاء الله تعالى-.
"أخبره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نادى أُبَي بن كعب وهو يصلي" فقال: أي أُبَي، فالتفت فلم يجبه، التفت أُبَي فلم يجبه -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه كان في صلاة، كان أُبيّ في صلاة، فناداه النبي -عليه الصلاة والسلام- أي أُبَي، يعني: يا أُبَي، التفت لينظر من المنادي فلم يجبه، فخفف صلاته، "فلما فرغ من صلاته لحقه" وزاد في حديث أبي هريرة: "فقال: سلام عليك يا رسول الله، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((ويحك ما منعك إذ دعوتك لم تجبني؟ أوليس تجد فيما أوحى الله إلي: "استجيبوا لله وللرسول"؟)) فقلت: بلى يا رسول الله لا أعود -إن شاء الله-.
قال ابن عبد البر: الإجماع على تحريم الكلام يعني مع ورود هذا الحديث، يعني لو صوت شخص يا فلان، يجيب وإلا ما يجيب؟ يحرم الكلام بالإجماع، يقول ابن عبد البر: الإجماع على تحريم الكلام يدل على اختصاص النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، ولذا النبي -عليه الصلاة والسلام- استدل عليه بآية، ((أوليس تجد فيما أوحى الله إلي استجيبوا لله وللرسول؟)) لكن هل هذا لغيره من البشر؟ هذا ليس لغيره -عليه الصلاة والسلام- من البشر، فلو قدر أن شخصًا يصلي فقال له أبوه: يا محمد، يلتفت أم لا يلتفت؟، يعني كون الصلاة فريضة هذا ما فيه إشكال، لا تقطع الفريضة من أجل أي مخلوق، لكن لو كانت نافلة؟
طالب:.......
الإقرار مع السياق وما يشعر به من مدح، هذا في كل ما جاء عن شرع من قبلنا، نعم، يعني لو اقترضت من شخص مليون ريال، وقلت له: أسددك في يوم ثمانية وعشرين شوال، الذي هو اليوم، ما وجدت من يذهب بالمال، تأتي بخشبة وتنقرها وتذبّها في البحر؟ هذه سيقت مساق المدح في شرعنا، يصلح أو لا يصلح؟ يعني عندك توكل عظيم، ينفع أو لا ينفع؟ شرعنا يختلف، ما يلزم أن يكون مطابقًا، ولو سيقت القصة مساق المدح، علينا العمل بشرعنا، لا سيما إذا جاء في شرعنا ما يخالف، قد يكون في شرعهم الكلام مباحًا في الصلاة، ماذا يقول؟
طالب:.......
نعم، ما يكفيه أنك تسبح، يريدك أن تجيبه، افترض أن الوالد في دورة المياه فانقطع عليه الماء، في مثل هذه الأيام، أما بالنسبة للإنقاذ من هلكة هذا ما فيه إشكال، هذا شيء مفروغ منه، متفق عليه، ولو فريضة، إنقاذ من هلكة ولو فريضة، وجاء الأمر بقتل الأسودين، وليست بأعظم من هذا، نعم؟
طالب:.......
لا، إذا أجاب الوالد، أو أنقذ الغريق، أو الحريق، أو ما أشبه ذلك يستأنف، يستأنف من جديد، لكن بالنسبة لقتل الأسودين إن ترتب عليه عمل كثير ويمين ويسار وتابعهما، هذه يستأنف الصلاة، إذا كان العمل يسيرًا، وتقدم إليهما فقتلهما ثم رجع إلى مكانه لا يحتاج، على ألا ينصرف عن القبلة.
على كل حال مسألة النافلة أمرها أخف من الفريضة من جهة، مع أنه جاء الأمر أو النهي عن إبطال العمل، {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [(33) سورة محمد] الأمور تقدر بقدرها، إذا كانت هناك ضرورة تلحق بالأب أو الأم فهذا يرجح، إن لم يكن هناك ضرورة، وعرف أن المسألة تقبل التأجيل، نعم، فلا شك أن الإقبال على العبادة أولى.
طالب:......
لا، يرد عليه بالإشارة، لا أدري هو يذكر عن علي -رضي الله عنه- أنه تصدق وهو راكع، مر به مسكين فأشار إلى أصبعه وفيها خاتم: أن خُذ هذا الخاتم، لكن ما يثبت هذا الأمر، باطل هذا لا يثبت، علي -رضي الله عنه- من أكرم الناس، وأجود الناس، وأسخى الناس، لكن ما يفعل هذا في صلاته، ويتأول هذا على قوله -جل وعلا-: {وَهُمْ رَاكِعُونَ} [(55) سورة المائدة]
"نادى أُبَي بن كعب وهو يصلي، فلما فرغ من صلاته لحقه، فوضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده على يده" تأنيسًا، يؤنسه، "وهو يريد أن يخرج من باب المسجد، فقال: ((إني لأرجو أن لا تخرج من المسجد حتى تعلم سورة -هو يعلم السورة، لكن يريد أن يعلم فضلها وحالها، مما لم يكن يعلمه قبل ذلك- سورة ما أنزل الله في التوراة، ولا في الإنجيل)) وفي حديث أبي هريرة: ((ولا في الزبور))، ((ولا في القرآن مثلها)) يعني في جمعها لمعاني الخير، "قال أُبَي" من القائل: قال أبي؟ أبو سعيد، مولى عامر بن كريز، يقولون: هذا يشعر أن أبا سعيد حمله عن أُبَي "فجعلت أبطئ في المشي" لئلا يخرج من المسجد قبل أن يخبره بما وعده -عليه الصلاة والسلام-، "رجاء ذلك، ثم قلت: يا رسول الله علمني السورة التي وعدتني. قال: ((كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة؟)) قال أُبَي: فقرأت: الحمد لله رب العالمين، حتى أتيت على آخرها" وهذا يستدل به من يستدل أن البسملة ليست منها، لكن إذا قلنا: الحمد لله رب العالمين اسم للسورة لا يتم الاستدلال، "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هي هذه السورة، وهي السبع المثاني))" يعني المذكورة في سورة الحجر، "((والقرآن العظيم الذي أعطيت))"، السبع المثاني: لأنها سبع آيات، ومثاني: تثنى وتكرر في الصلوات، ((السبع المثاني)) في هذا دليل على أنها سبع آيات، وهذا كالإجماع، وإن نقل شاذًا أنها ست آيات، أو ثمان آيات، ((وهي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أعطيت)) والقرآن العظيم يطلق على الكل، ويطلق على البعض كما هنا، ((الذي أُعطيت)) وفي هذا دليل على أن سورة الفاتحة مكية، من أين؟ لأن سورة الحجر مكية، خلافًا لمن قال: إنها مدنية، وأنها نزلت مرتين، مرة بمكة ومرة بالمدينة، والقصة أخرجها البخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى في كتاب التفسير من صحيحه.
طالب:.......
إلى آخر السورة، حتى آخر السورة، يعني تقصد حتى أتيت على آخر الآية؟
طالب:.......
نعم، هذا لا شك أنه من أدلتهم، من أدلة من يقول: إن البسملة ليست من الفاتحة، فضلًا عن غيرها، مع أن الخلاف في الفاتحة أقوى من غيرها.
وحديث أبي هريرة الذي أشرنا إليه مخرج عند الترمذي والنسائي وابن خزيمة، وحديث أُبَي أخرجه الترمذي وابن خزيمة والحاكم موصولًا، دليل على عظم هذه السورة، وأنها أعظم سورة في القرآن.
وأما أعظم آية فهي آية الكرسي، يعني بيان فضيلة شيء ومزيته، جاءت نصوص ببيان منزلة شيء، ما المقصود منه؟ هل معنى أن هذا لمجرد الإخبار؟ أو لما يترتب عليه من امتثال؟ يعني أقصد ما يتعلق بالمكلف من هذا الخبر كونها أعظم سورة في القرآن، هل يعني هذا أن أجر قراءة سورة الإخلاص أكثر؟ نعم، قد يبين الأجر مع العظم، ويكون العظيم أكثر أجر مما بُين أجره، بدليل الذي يتتعتع بالقرآن مثلًا وهو عليه شاق له أجران، هل هو أفضل من الذي لا يشق عليه القرآن؟ نعم، الذي أعاد الصلاة تيمم وأعاد الصلاة له أجران، والذي لم يعد أصاب السنة؟ أيهما أفضل؟ الذي أصاب السنة بلا شك، فكونه يبين الأجر أنت لك هذا الأجر الذي بُين، لكن كونه يبين العظمة هذا أمر أعظم، هذا عند الله -عز وجل-، وفضل الله لا يحد.
فإذا بين الشرع مزية شيء لا شك أن المكلف له حظ من هذا المبين، أما أن يكون خبرًا عاريًا عن فائدته، يعني نظير ما قيل في ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)) هل هذا مجرد خبر عارٍ عن الفائدة؟ أو نقول: هذا فرع وفرد من أفراد قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)) روضة من رياض الجنة، وقد قال: ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)) وكونه فسر بحلق الذكر تفسير بالفرد، فرد من أفراده لا يعني قصره عليه، كما فسرت القوة بالرمي، فإذا بُين مزية عمل، فضل عمل، أو فضل جهة أو كذا، لا شك أنها لما لها من مزيد الأجر والفضل؛ المشقة إذا كانت من متطلبات العمل يأتي الأجر على قدرها، إذا لم تكن هذه المشقة من متطلبات العمل نقول: لا، ليس فيها أجر البتة؛ لأن المشقة ليست من مقاصد الشرع، يعني تقول: والله أنا أحج ماشيًا؛ لأنه أكثر أجر من الركوب، نعم، أكثر أجر من الركوب؛ لأنه مشقة، والأجر على قدر المشقة، نقول: لا يا أخي، وتقول: أنا بيتي عن المسجد مائة متر، أبحث عن غيره من أجل أن أمشي مائتين متر، نقول: لا يا أخي ما لك أجر؛ لأن العمل لا يتطلب هذه المشقة، مثلما ذكرنا سابقًا، قلنا: كل واحد منهما مرجح، ((بني سلمة دياركم تكتب آثاركم)) هذه مسألة، لكن إذا كان الديار قريبة، ويريد أن يُكتب الآثار واختار الأبعد، ثم ترتب عليه أنه يوم تفوته ركعة، ويوم تفوته الصلاة كاملة، ولو هو أقرب ما فاته شيء، نقول: لا، الأقرب أفضل، نعم، على كل حال فضل الله واسع، يعني لو نظرنا إلى سورة الإخلاص، هل معنى أن من قرأ سورة الإخلاص بمثابة من قرأ عشرة أجزاء، أو كرر الإخلاص ثلاث مرات بمثابة من قرأ القرآن كاملاً؟ نعم، قد يكون هذا في أصل الحسنات، لا يعني أن هذا في المضاعفات، لا يعني هذا هذا، نعم في أصل الحسنات قد يدرك الأجر، الأجر المجرد المرتب على الثلث، لكن المضاعفات الواردة في قراءة الثلث غير، المسائل دقيقة تحتاج إلى بسط، الله المستعان.
يقول: "وحدثني عن مالك عن أبي نعيم وهب بن كيسان أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: "من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصلِّ إلا وراء الإمام" لم يصلِّ؛ لأنها ركن في كل ركعة، والذي صلى وإن كانت الصورة واضحة، الظاهرة واضحة، وقد أخل بركن أو شرط فإنه في الحقيقة لم يصلِّ؛ ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام- للمسيء: ((صلِّ فإنك لم تصلِ)) قد يقول: صليت أتيت بالقراءة وركوع وسجود، لكن مع الإخلال بالركن.
"إلا وراء الإمام" إلا وراء الإمام يعني فقد صلى، "فلم يصلِّ إلا وراء الإمام" فإنه قد صلى، ففيه: أنها لا تجب على المأموم، نقل الترمذي عن الإمام أحمد -رحمه الله- قوله: هذا صحابي، تأول قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) على ما إذا كان وحده، يعني أو كان إمامًا من باب أولى، نعم.
باب: القراءة خلف الإمام فيما لا يجهر فيه بالقراءة:
أحسن الله إليك.
باب: القراءة خلف الإمام فيما لا يجهر فيه بالقراءة:
عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج، هي خداج، هي خداج، غير تمام)) قال: فقلت: يا أبا هريرة إني أحيانًا أكون وراء الإمام، قال: فغمز ذراعي ثم قال: اقرأ بها في نفسك يا فارسي، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((قال الله -تبارك وتعالى-: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل)) قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اقرءوا، يقول العبد: الحمد لله رب العالمين، يقول الله -تبارك وتعالى-: حمدني عبدي، ويقول العبد: الرحمن الرحيم، يقول الله: أثنى علي عبدي، ويقول العبد: مالك يوم الدين، يقول الله: مجدني عبدي، يقول العبد: إياك نعبد وإياك نستعين: فهذه الآية بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، يقول العبد: اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل)).
عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقرأ خلف الإمام فيما لا يجهر فيه الإمام بالقراءة.
عن مالك عن يحيى بن سعيد وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن القاسم بن محمد كان يقرأ خلف الإمام فيما لا يجهر فيه الإمام بالقراءة.
عن مالك عن يزيد بن رومان أن نافع بن جبير بن مطعم كان يقرأ خلف الإمام فيما لا يجهر فيه بالقراءة.
قال مالك -رحمه الله-: "وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك".
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: القراءة خلف الإمام فيما لا يجهر فيه بالقراءة" الترجمة التي تليها باب: ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر فيه، من هذا نأخذ رأي الإمام مالك، وأنه يرى القراءة خلف الإمام في السرية دون الجهرية.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب أنه سمع أبا السائب -الأنصاري المدني يقال: اسمه: عبد الله- مولى هشام بن زهرة يقول: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن -التي هي الفاتحة- فهي خداج)) أي ناقصة، كما يقال: خدجت الناقة إذا ألقت ولدها قبل تمامه، قبل أوان النتاج، ((فهي خداج، هي خداج)) هي خداج تأكيد لفظي، ((غير تمام)) تأكيد معنوي، "قال أبو السائب: فقلت: يا أبا هريرة إني أحيانًا أكون وراء الإمام، قال: فغمز ذراعي" إما على معنى التأنيس، أو شد الانتباه من أجل أن ينتبه "ثم قال: اقرأ بها في نفسك" يعني لا تجهر بها "اقرأ بها في نفسك يا فارسي" لماذا قال له: يا فارسي؟ نعم، كل مولى يكون فارسيًّا؟ نعم، أو شأنه شأن الفرس الذين لا يفهمون الكلام العربي إلا بكل كلفة ومشقة؟ نعم؟ احتمال، "اقرأ بها في نفسك يا فارسي -يعني بينك وبين نفسك- فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((قال الله -تبارك وتعالى-: قسمت الصلاة)) يعني الفاتحة، والصلاة من أسمائها، ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي)) يعني ثلاث آيات ونصف لله -جل وعلا-، وثلاث آيات ونصف للعبد، ((فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل)) قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اقرءوا، يقول العبد: الحمد لله رب العالمين -هذه لله- فيقول الله -تبارك وتعالى-: حمدني عبدي، ويقول العبد: الرحمن الرحيم، يقول الله -جل وعلا-: أثنى علي عبدي)) وبهذا نعرف أن بين الحمد والثناء فرقًا، خلافًا لما يعرف به جمهور العلماء الحمد: بأنه الثناء، قالوا: الحمد هو الثناء على المحمود.. إلى آخره، ولا شك أن الثناء غير الحمد، ابن القيم -رحمه الله- نبه على ذلك في كتابه الوابل الصيب، وعرف الحمد بتعريف، وعرف الثناء بتعريف، فليرجع إليه من أراد ذلك، ((يقول الله: أثنى علي عبدي، ويقول العبد: مالك يوم الدين، يقول الله: مجدني عبدي -يعني عظمني عبدي- يقول العبد: إياك نعبد -هذه لله- وإياك نستعين -هذه للعبد- فهذه الآية بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل)) يعني لي ما يخصني منها وهي العبادة، ولعبدي ما سأل من الإعانة، ((يقول العبد: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين فهؤلاء -الآيات الثلاث- لعبدي ولعبدي ما سأل)) مما ذكر من هداية الصراط المستقيم، ومن اجتناب طريق الذين غضب الله عليهم والضالين.
سؤال الصراط، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ومخالفة طريق المغضوب عليهم والضالين، واستدل بعضهم بهذه الآية على صحة إمامة أبي بكر، من أين؟ أنه منصوص عليه: "من الصديقين" {مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ} [(69) سورة النساء] كل مسلم يسأل الله -جل وعلا- أن يهديه صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، فكيف يطلب الإنسان أن يسلك هذا الصراط الذي يُجزم بأن أبا بكر قد سلكه ولا تصح إمامته، هذا مستحيل، حديث أبي هريرة دليل على أن الفاتحة تقرأ، وحمله الإمام مالك على الصلاة السرية دون الجهرية، وترجم بما لا يجهر فيه بالقراءة، يقصد السرية.
قال: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه -عروة بن الزبير- أنه كان يقرأ خلف الإمام فيما لا يجهر فيه الإمام بالقراءة" يعني في السرية، يعني "ولا يقرأ.." مفهومه أنه لا يقرأ فيما جهر فيه الإمام.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن القاسم بن محمد كان يقرأ خلف الإمام فيما لا يجهر فيه الإمام بالقراءة" يعني كفعل عروة، وهما من الفقهاء.
"وحدثني عن مالك عن يزيد بن رومان أن نافع بن جبير بن مطعم كان يقرأ خلف الإمام فيما لا يجهر فيه بالقراءة" يعني هو لا يقرأ فيما جهر به، "قال مالك: وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك"، يعني موافقة ما ذكر، أو من ذكر، وهو اجتهاده -رحمه الله-، وافق اجتهاد هؤلاء التابعين فيما فعلوه، وترجم بمفهوم ذلك، ترجم بالمنطوق في هذه الترجمة، وترجم بالمفهوم بالترجمة التي تليها، فقراءة الفاتحة جاء فيها حديث عبادة بن الصامت، وهو أصل في الباب: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) هذا دليل على أن الصلاة التي لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب أنها منفية، وإذا تردد النفي ((لا صلاة)) على الصلاة الشرعية وغيرها، فالمفهوم من ألفاظ الشرع الحقائق الشرعية، المنفي الحقيقة الشرعية للصلاة، فدل على أن الصلاة لا تصح إلا بفاتحة الكتاب، وفاتحة الكتاب ركن من أركان الصلاة عند جماهير أهل العلم خلافًا للحنفية الذين يرون أنها لا تتعين قراءة الفاتحة، بل يكفي ما تيسر.
هؤلاء الجمهور الذين يرون أنها ركن لا يختلف في أنها ركن بالنسبة للإمام والمنفرد، والخلاف بينهم بالنسبة للمأموم، فمنهم من يرى أنها تجب على كل مصلٍّ، يعني ركن بالنسبة لكل مصلٍّ؛ إمام ومأموم ومنفرد ومسبوق، في كل ركعة، إمام ومأموم ومنفرد ومسبوق، عندنا أربعة، وهذا معروف من رأي أبي هريرة -رضي الله عنه-، وهو اختيار الإمام البخاري والشوكاني، فعلى هذا إذا جاء والإمام راكع أو قبل الركوع، ولم يدرك قراءة الفاتحة ما أدرك الركعة لحديث: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)).
القول الثاني: قول الإمام الشافعي، وهو أن الفاتحة تلزم كل مصلٍّ عدا المسبوق، تلزم الإمام والمأموم والمسبوق والمنفرد في السرية والجهرية، لحديث عبادة، وأخرج المسبوق بحديث أبي بكرة، منهم من يقول: تلزم الإمام والمنفرد دون المأموم فقراءة الإمام قراءة لمن خلفه، سواءً كان في ذلك صلاة سرية أو جهرية، ومنهم من يفرق بين السرية والجهرية، وهذا قول الإمام مالك، وهو اختيار شيخ الإسلام -رحمه الله-، من حديث أبي هريرة، إضافة إلى ما في قوله -جل وعلا-: {إِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} [(204) سورة الأعراف] يعني استدلالًا بعمومه، وأنه يشمل الصلاة وخارج الصلاة، وفي الحديث أيضًا: ((فإذا قرأ فأنصتوا)) والمسألة ليست من المسائل اليسيرة، بل هي من عضل المسائل، وألف فيها المؤلفات، يعني (جزء القراءة خلف الإمام) للإمام البخاري، وأيضًا (القراءة خلف الإمام) للبيهقي، كتب كثيرة في الباب، وأقوال الأئمة كما سمعتم، وصرف حديث أبي هريرة إنما هو لموافقة المذهب، وإلا: "إني أكون أحيانًا وراء الإمام" ما فيه بيان إنها سرية ولا جهرية، لكن الإمام مالك على حسب مذهبه جعله فيما يسر به، بخلاف ما يجهر به الإمام، وهنا الباب الذي يليه باب: ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر فيه أيضًا بناءً على ما يراه من عدم القراءة في الصلاة الجهرية.
عندنا خدجت الناقة وأخدجت الناقة، نعم، خدجت: أسقطت الجنين قبل أوان ولادته، وأخدجت ما الفرق بينهما؟ ولدته ناقصًا، الأول ولدته قبل أوان ولادته ولو كان تامًّا، والذي معنا (خداج) من الثلاثي أم من الرباعي؟ نعم، من الثلاثي من خدجت أو من أخدجت؟ من الرباعي، لكن مثل هذا ما يحل الإشكال كثيرًا باعتبار أن من أهل العلم من يطلق هذه على هذا، وهذا على هذا، نعم فما يحل الإشكال، يعني وإذا تردد الأمر في اللفظ بين احتمالين إذا تطرقه الاحتمال مشكلة، على كل حال الصلاة التي لا يقرأ فيها بالفاتحة خداج يعني غير تامة، هذا لفظ مفسر، نعم غير تمام، وإذا كانت الصلاة ناقصة، هل يعني أنها باطلة أو غير باطلة؟ لا يعني هذا ولا ذاك، يحتمل أيضًا، نعم.
باب: ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر فيه:
أحسن الله إليك.
باب: ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر فيه:
عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- كان إذا سئل: هل يقرأ أحد خلف الإمام؟ قال: "إذا صلى أحدكم خلف الإمام فحسبه قراءة الإمام، وإذا صلى وحده فليقرأ"، قال: "وكان عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- لا يقرأ خلف الإمام"، قال: سمعت مالكًا -رحمه الله- يقول: "الأمر عندنا أن يقرأ الرجل وراء الإمام فيما لا يجهر فيه الإمام بالقراءة، ويترك فيما يجهر فيه الإمام بالقراءة".
عن مالك عن ابن شهاب عن ابن أكيمة الليثي عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: ((هل قرأ معي منكم أحد آنفًا؟)) فقال رجل: نعم أنا يا رسول الله، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إني أقول: ما لي أنازع القرآن؟!)) فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما جهر فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالقراءة حين سمعوا ذلك من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
يقول الإمام -رحمه الله- تتميمًا للشق الثاني مما اختاره: "باب: ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر فيه"، ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر به، الترجمة الأولى: القراءة فيما لم يجهر به الإمام، وهنا ترك القراءة فيما جهر فيه، دل على أنه يرى القراءة خلف الإمام في الصلاة السرية دون الجهرية.
"حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل هل يقرأ أحد خلف الإمام؟ قال: "إذا صلى أحدكم خلف الإمام فحسبه -أي كافيه- قراءة الإمام" ولا يقرأ المأموم على رأي ابن عمر، ويؤيده قوله: ((إذا قرأ فأنصتوا)) "وإذا صلى وحده فليقرأ" فعلم وجوبها على المنفرد، يعني والإمام في حكمه، "قال: "وكان عبد الله لا يقرأ خلف الإمام" قال ابن عبد البر: ظاهر هذا أنه لا يرى القراءة في سر الإمام ولا في جهره، ولكن قيده مالك في الترجمة أن ذلك فيما جهر فيه الإمام، "قال يحيى: سمعت مالكًا يقول: "الأمر عندنا -يعني بالمدينة- أن يقرأ الرجل وراء الإمام فيما لا يجهر فيه بالقراءة، ويترك القراءة فيما يجهر فيه الإمام بالقراءة" قال ابن عبد البر: "وحجته في ذلك قوله تعالى: {وإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} [(204) سورة الأعراف]؛ ولذا يؤمر بالسجود السامع والمستمع.
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن ابن أكيمة -عمارة أو عمار أو عامر- الليثي -المدني- عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- انصرف من صلاة" الصبح كما في بعض الروايات، "جهر فيها بالقراءة فقال: ((هل قرأ معي أحد منكم آنفًا؟!)) قال رجل: نعم أنا يا رسول الله، قال -أبو هريرة-: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إني أقول: ما لي أنازع القرآن؟)) فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما جهر فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالقراءة" لكن جاء في بعض روايات الخبر: ((ما لي أنازع القرآن؟ لا تفعلوا إلا بأم الكتاب)) أو ((إلا بأم القرآن))، فالإمام مالك -رحمه الله- ما ذكر الرواية التي فيها هذا اللفظ؛ لأنه حجة عليه، نعم، معروف، المقصود أنها لا تؤيد مذهبه على أي تقدير.
"فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما جهر فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالقراءة، حينما سمعوا ذلك من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" عموم الحديث يقتضي أن القراءة لا تجوز مع الإمام إذا جهر بأم القرآن ولا غيرها، قاله ابن عبد البر؛ لأن بعض الناس ينصت لقراءة الإمام الفاتحة ثم يقرأ الفاتحة والإمام يقرأ السورة التي تليها، مقتضى الحديث أنه إذا جهر الإمام، ((إذا قرأ فأنصتوا)) يعني سواءً كان قرأ الفاتحة أو سورة أخرى غير الفاتحة.
وعلى كل حال المسألة مثلما ذكرنا من عضل المسائل، والكلام فيها كثير جدًّا، ليس بالسهل، وفيها حديث عظيم على المسلم أن يكون منه على وجل، حديث عبادة: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) هذا شأنه عظيم، ليس بالسهل أن يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)).
طالب:.......
لا، ما أعله الإمام أحمد، الحديث صحيح، متفق عليه، ولا فيه إشكال، ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) ولا يظن بالأئمة إلا لدفع التعارض بين النصوص، يوجهون بعض الأحاديث؛ لكي يندفع التعارض، وهذا مطلوب، لكن بعض متأخري أتباع الأئمة يجعلون المذاهب توجه النصوص، وهذا تعصب مقيت، كون المذاهب توجه النصوص، تجده يفسر الحديث على مقتضى مذهبه، ويقدر أشياء محذوفة لا ذكر لها في الحديث من أجل أن يمشي ويطرد الحديث مع مذهبه، هذا لا يجوز، بل الحكم هو ما ثبت عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام-، أما أن نجعل المذاهب هي التي تقضي على النصوص ما هو بصحيح، وليس بمنهج سليم، هذا باعثه التعصب.
على كل حال المسألة فيها الحديث العظيم حديث عبادة ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) فالذي لا يقرأ بفاتحة الكتاب من إمام أو مأموم أو منفرد في سرية أو جهرية على خطر من هذا الحديث ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) نكرة في سياق النفي، و(من) من صيغ العموم، تعارضها مع بعض النصوص مثل العموم في قوله: {إِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} [(204) سورة الأعراف] هذا عام يشمل الصلاة، ويشمل خارج الصلاة، وحديث عبادة خاص بالصلاة، هذه وجهة نظر من يقول بلزوم الفاتحة على كل مصلٍّ، لكن إخراج المسبوق بحديث أبي بكرة ظاهر؛ ولذا المتوجه عندي قول الشافعي -رحمه الله تعالى-، نعم.
سم.
باب: ما جاء في التأمين خلف الإمام:
أحسن الله إليك:
قال الإمام يحيى -رحمه الله تعالى-: باب: ما جاء في التأمين خلف الإمام:
عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن أنهما أخبراه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا أمن الإمام فأمنوا؛ فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)).
قال ابن شهاب: "وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((آمين))".
عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)).
عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا قال أحدكم: آمين، وقالت الملائكة في السماء: آمين، فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه)).
عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)).
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في التأمين خلف الإمام" التأمين: مصدر أمّن كالتكبير مصدر كبر، أي قال: آمين، ((فإنه من وافق تأمينه)) المراد به ما جاء في الخبر الذي يليه: ((فإذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا: آمين، فإنه من وافق..)) فالمراد بالتأمين قول: آمين، هذا المراد به ومثل هذا لا يختلف فيه، والنصوص تبينه وتوضحه، أي قال: آمين بالمد والتخفيف، في جميع الروايات: آمين، بمعنى: اللهم استجب، وفيها لغات القصر: آمين، وفيها أيضًا التشديد: آمِّين وهو مروي عن جعفر الصادق؛ لأنه فسرها بقاصدين إليك، قاصدين يعني آمين، قاصدين، آمين يعني قاصدين، لكن عامة أهل العلم على أنه بالمد والتخفيف، وإن قصره بعضهم، وأورد المفسرون شواهد على القصر، لكن التشديد لا شاهد له.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيِب" أو المسيَّب؟ نعم، بالكسر؟ الأشهر المعروف الفتح مسيَّب، لكن بعضهم يتورع خشية أن تصح الدعوة من هذا العبد الصالح الذي قال: "سيّب الله من سيب أبي"، "عن سعيد بن المسيِب -أو المسيَّب- وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنهما أخبراه عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا أمَّن))" إذا أمن، يقولون: بلغ موضع التأمين، بلغ موضع التأمين كما يقال: أنجد إذا بلغ نجدًا، وإن لم يدخلها، أمن، هل المراد به ما قيل: أنه بلغ موضع التأمين؟ أو أنه إذا قال: آمين؟ ((إذا أمن الإمام فأمنوا)) هل ما قاله الشراح: أمن بلغ موضع التأمين، كما يقال: أنجد إذا بلغ نجدًا وإن لم يدخلها، أو إذا قال: آمين؟
طالب:.......
إذا قال: أمين؟ نعم، الحديث الذي يليه: ((إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا: آمين)) ((إذا أمّن الإمام فأمنوا)) هل معناه أنه إذا أمّن وسكت انقطع صوته نقول: آمين؟ نعم، في التأمين، في التأمين فقط، يعني كلهم يقولون: آمين.
طالب:.......
لا، إذا قلنا: إذا بلغ فأمنوا خلاص، وهذا أيضًا يريحنا من إشكال وهو ما إذا لو ترك الإمام التأمين، قال: ولا الضالين ولا أمّن، هل نرتبط به؟ ويدخل هذا فلا تختلفوا عليه، ((إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه)) نعم، إذًا هي الإمام والمأموم سواء الجميع، بدليل ((إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين)) يعني مع الإمام؛ لأن الإمام سوف يقول هذا إذا فرغ من قوله: ولا الضالين، فكلامهم صحيح إذا بلغ موضع التأمين يعني سواءً أمن أو لم يؤمن؟ لأن التعقيب بالفاء هنا: ((إذا أمن فأمنوا)) كما في قوله: ((إذا كبر فكبروا)) معناه إذا فرغ من التكبير فكبروا، لكن ذكرنا مرارًا أن الفعل الماضي يراد به أحيانًا الفراغ من الشيء وهو الأصل، ويراد به الشروع في الشيء، ويراد به أيضًا إرادة الشيء، المقصود أن المعنى واضح، فإذا قال: ولا الضالين الحديث الثاني مفسر، فقولوا: آمين، يعني سواءً أمن الإمام، أقول: الأصل فيه أن يؤمن، لكن لو فرضنا أنه ما أمن، فإننا نؤمن، الأمر الثاني: أن موافقته في هذا، وإن جاء الخبر بصيغة الفاء التي تقتضي التعقيب، موافقته في التأمين لا تعني الاختلاف عليه.
طالب:.......
مع الإمام، معه؛ لأنه قال: وإذا قال: ولا الضالين فقولوا: آمين، يعني الإمام والمأموم سواءً، وهذا ظاهر في أن الإمام يؤمن، لا يأتي من يأتي ويقول: إنهم يقررون جواز التأمين، بل استحباب التأمين، وقيل: بوجوبه، كما فهم بعضهم، بعض المبتدئين من حديث: ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) أن الحائض تصلي، وأنكر على والدته ترك الصلاة في وقت الحيض، يعني يصل الجهل إلى هذا الحد، وبعض الناس يطالب بالاجتهاد من بداية الطلب، فمثل هذه الأمور ترد عليه، أنه في بداية الطلب في حكم العامي فرضه التقليد، ثم إذا تأهل فرضه الاجتهاد، ظاهر في أن الإمام يؤمن، وبه قال الجمهور، وعن مالك أن الإمام لا يؤمن، دليل مالك؟ الحديث دليل للجمهور، دليل مالك؟ الحديث الثاني، الحديث الثاني يقول: ((فإذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين)) يعني مثلما حملنا النص الأول على الثاني نحمل الثاني على الأول، النصوص يفسر بعضها بعضًا.
طالب:.......
لا، هذا لو المسألة متقاربة نحتاج إلى مثل هذا الكلام، يعني لو المسألة في أدلتها متقاربة، يعني لو أن القولين من حيث الاستدلال متقاربان، احتجنا إلى مثل هذه الأمور، لكن المسألة البون شاسع، نص مجمل، ونص مفسر انتهى الإشكال، يعني إذا قال هي نظير مسألة التسميع والتحميد، فإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد، وهذه ستأتي في الرواية الأخيرة، إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، منهم من يرى أن الأمام يقول: سمع الله لمن حمده، ولا يقول: اللهم ربنا ولك الحمد، ومنهم من يقول: الإمام يقول: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، والمأموم لا يقول: إلا ربنا ولك الحمد، ولا يقول: سمع الله لمن حمده، ومنهم من يقول: يجمع بينهما كل مصلٍّ، نعم، ((إذا أمّن الإمام -هذا ظاهر في أن الإمام يؤمن- فأمنوا)) أي: قولوا: آمين، يعني إذا أمن الأمام قال: آمين ((فقولوا: آمين، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)).
تأمين الملائكة في القول، وفي الهيئة، وفي الزمان، الموافقة موافقة المصلي للملائكة في هيئة القول والزمان، ولا يؤمن المأموم حتى ينقطع نفس الإمام من ولا الضالين، فإذا قال: ولا الضالين، انقطع نفسه اشترك مع الإمام في قول آمين، لو أن الإمام مد الضالين أكثر من المد المعتبر عند أهل العلم، على المأموم أيضًا أن ينتظر، على المأموم أن ينتظر حتى ينقطع نفسه، نعم هذه مخالفة من الإمام، لكن لا يرتب عليها مخالفة أخرى، ((غفر له ما تقدم من ذنبه)) يعني من الصغائر، كما في نظائره، الذنب: مفرد مضاف يفيد العموم، لكن هذا العموم مخصوص بما جاء في النصوص الأخرى، وأن مثل هذا محمول على الصغائر عند الجمهور، وإن قال بعضهم بشمول الكبائر، ((غفر له ما تقدم من ذنبه)) البخاري -رحمه الله تعالى- خرّج الحديث في باب الجهر، جهر الإمام بالتأمين، وجمهور أهل العلم على الجهر بالتأمين خلافًا للكوفيين، ورواية أيضًا عن مالك أنه يسر مطلقًا، وجه الدلالة من الحديث على الجهر: ((إذا أمّن فأمنوا)) فكيف يعلق تأمين المأموم على تأمين الإمام وهو لا يسمع تأمينه، التعليق على أمر خفي لا يكون، يعني هذا الأصل لو ترك لا نتابعه على هذا، كيف نجيب عن هذا؟ يقول: آمين، الأدلة على الجهر كثيرة، كان المسجد يرتج من جهرهم بالتأمين، أنت أشكل عليك أننا لو افترضنا أن الإمام ترك، وأنه يمكن أن يعرف موضع التأمين من الفراغ من قوله: ولا الضالين، فلا يتم الاستدلال بهذا الحديث، أما إذا قلنا: وجه الدلالة من الحديث أنه لو لم يكن التأمين مسموعًا للمأموم لم يعلم به، وقد علق تأمينه بتأمينه، علق تأمين المأموم بتأمين الإمام، ((إذا أمن فأمنوا)) يكون هذا هو الأصل، لكن لو خالف، وتفسير الحديث إذا بلغ الموضع يستفاد منه فيما لو خالف، ترك، لكن الأصل أنه يؤمّن، كما تقدم ((إذا أمّن فأمنوا)) هذا الأصل، لكن لو ترك هل الحديث يربطنا بكلامه؟ ما يربطنا بكلامه، لو خالف هذا الأصل، الحديث مخرج عند البخاري عن عبد الله بن يوسف
"قال ابن شهاب: "وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((آمين))"، مرسل، لا شك أن التأمين ورفع الصوت به ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن صلى خلفه، والجهر بذلك ثابت ثبوتًا لا امتراء فيه، يعني قد يستروح من لا يرى التأمين، أو لا يجهر بالتأمين لئلا يلتبس بالقرآن؛ لأنه ليس من القرآن، ليس من الفاتحة، فهذا لئلا يلتبس بالقرآن ما ليس منه، ولا يشبه غير القرآن بالقرآن لا يجهر، أو لا يقوله أيضًا كما زعم بعضهم، لكن إذا ثبت هذا عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو الأسوة والقدوة، وورد الحث عليه منه، من قبله -عليه الصلاة والسلام- فلا كلام لأحد، وهذه الخشية مجرد وسوسة.
الآن التأمين عرفنا أنه مشروع في الصلاة، لكن خارج الصلاة؟ إذا قرأ سورة الفاتحة، ويأتي في الحديث الثالث: ((إذا قال أحدكم: آمين)) يعني سواءً في الصلاة أو في خارجها، فيستحب التأمين حتى خارج الصلاة عند الفراغ من الفاتحة.
يقول: "وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين))" إذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين، وفيه دليل على أنه يتفق الإمام والمأموم في وقت التأمين، ظاهر أم لا؟ نعم، ظاهر.
((فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)) فقولوا: آمين، فقولوا هذا أمر، والأمر الأصل فيه الوجوب، أوجبه الظاهرية، والجمهور على أنه سنة. نعم.
طالب:.......
لا، هو الموافقة تقتضي الموافقة في البداية والنهاية، المقصود إذا فرغ الإمام ومد المد المطلوب منه بقدر ما يقرره أهل التجويد، كم يمدون آمين؟ ست، مثل: الضالين، نعم، على كل حال الست هي المناسبة، الست مثل الضالين هي المناسبة، فإذا حرص على مثل هذا يوفق -إن شاء الله تعالى-؛ لأن هذه الأمور أمور غيبية لو فعل شيئًا يقتضي حرمانه من هذا الوعد، لا شك أنه سوف يغفل عن مثل هذه الأمور، ولا يحضره، لا يوفق لموافقتهم، أقول: لو فعل ما يقتضي حرمانه لن يوفق لموافقة الملائكة، وعلى الإنسان أن يحرص على أداء صلاته على الوجه المشروع.
الأصل في الأمر الوجوب ما الصارف؟ والجماهير يعني؛ ولذلك الأئمة الأربعة كلهم على الاستحباب، والظاهرية قالوا: بالوجوب؛ لأن الأصل في الأمر الوجوب، ما الصارف؟
طالب:.......
حديث المسيء ما فيه؟ لا ما يعرف في حديث المسيء، ما أعرف أنا، هم يستدلون بحديث المسيء على عدمه، لكن لا يتم الاستدلال بمثل هذا؛ لأن حديث المسيء فيه واجبات كثيرة لم تذكر، وفيه أيضًا ما جاء بصيغة الأمر مما لم يوجبه أهل العلم لوجود الصارف، وإن كان حديث المسيء أصل في بيان الصلاة، نعم.
لا يلزم أن يكون الصارف نصًّا، بل العلة، العلة تصرف عند أهل العلم.
طالب:.......
لا، لو فتح الباب وقلنا: السياق كل يفهم على مذهبه، نعم.
طالب:.......
ليس هو في هذا الحديث، أنا أقول: يصرفون بالعلة، هم يصرفون بالعلة بلا شك، لكن الآن ما العلة في هذا؟ الأصل الوجوب في قراءة الفاتحة، لكن عندنا أمر مستقل، (فقولوا) مسائل كثيرة جدًّا ترى لو تتبعتم مسائل الفقه كثيرة جدًّا، الأمر صريح، ولا يوقف على صارف، وعامة أهل العلم على الاستحباب، والظاهرية على الوجوب، كثير كثير، يعني لو استقرأت الفقه خرجت بمسائل كثيرة، يقول فيها الجمهور، يصرفون الأمر ولو لم نقف على صارف، وهذه مسألة ينبغي أن يعنى بها طالب العلم نعم؛ لأن لها نظائر كثيرة جدًّا، فهل اتفاق الأئمة الأربعة مع أتباعهم على أمر من الأمور وصرف النص من الوجوب كما هو أصله -الأصل فيه- إلى الاستحباب، ولو لم يوقف على صارف يكفي أن السواد الأعظم عليه، ولم يقل بالوجوب إلا أهل الظاهر، وأهل الظاهر الاعتداد بقولهم محل خلاف بين أهل العلم، الاعتداد بقول أهل الظاهر خلاف بين أهل العلم، وبعضهم بل كثير من أهل العلم يحكي الإجماع مع وجود خلاف الظاهرية، ولا يعتد بقول داود، كلام النووي: ولا يعتد بقول داود؛ لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد، وكثير قالوا بهذا، فهل نقول: الصارف الاتفاق؟ والاتفاق لا يكفي أن يكون وحده صارفًا، بل يدل على وجود صارف ولو لم نطلع عليه، يعني الإشكال أن طالب العلم قد يقف على مثل هذه المسائل فيتهم نفسه في التقصير، التقصير في البحث عن وجود صارف، لكن إذا استفرغ وسعه، وبلغ الجهد في التتبع عن وجود صارف فلم يقف، وأهل العلم يقررون أن الأصل في الأمر الوجوب، ولو لم يكن في ذلك إلا قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [(63) سورة النــور] نعم.
طالب:.......
لا، لبيان جواز الجهر، قلنا: مذهب مالك، روي عن مالك أنه يسر، الجهر لبيان جواز الجهر بغض النظر عن حكم المسألة، لا أنا أقول: هذه المسألة تحتاج إلى عناية من طالب العلم، كثيرًا ما يمر بطالب العلم الأمر الصريح أو النهي الصريح فالجمهور يحملونه على الاستحباب أو على الكراهة، ويحمله الظاهرية على أصله، من الوجوب والتحريم، فهل نقول بالقاعدة العامة: الأصل الوجوب، إذًا واجب، ونخشى إذا قلنا بعدم الوجوب أن يفرط فيه فيقع المفرط في الوعيد الوارد في قوله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [(63) سورة النــور] لا، إذا قلنا: بالوجوب يأثم، إذا قلنا: بعدم الوجوب لا يأثم، ((إذا أمن فأمنوا)) مع أنه -عليه الصلاة والسلام- واظب عليه، وقال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) ومع هذا فكثير مما واظب عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- محمول على الاستحباب عند عامة أهل العلم.
طالب:.......
إذا وجد إجماع لا تبحث عن صارف أبدًا، إذا وجد إجماع لا تبحث، الإجماع حجة قاطعة بلا شك، يقدمه كثير من أهل العلم على النصوص، على نصوص الكتاب والسنة؛ لأنه لا يحتمل لا نسخ ولا تأويل، ليس معنى هذا أنا إذا أوردنا كلامًا هو المختار عندنا، لكن نبين قوة المسألة، ما هو بمعنى إذا قلنا: ((لا تجتمع أمتي على ضلالة)) أن الضعيف هدم بالإجماع، ما هو بصحيح، الإجماع قائم لن ينهدم.
نعود إلى أصل المسألة قلت: لها نظائر كثيرة في الفقه، وكان الإنسان يتهم نفسه في البحث عن الصارف لعله يوجد صارف لهؤلاء الأئمة، وهم أهل العلم والعمل مع أتباعهم، أهل العلم والعمل، نأتي إلى طائفة مخالفة، جاءت من خلال مذهبها بالمضحكات، وألزمت بلوازم لا يقول بها عاقل، ثم بعد ذلكم هذه وجهة نظر ما هي بإلزام، ونتبع المسألة أيضًا، ثم بعد ذلك نقول: الراجح مذهبهم، وعامة أهل العلم على خلافه، أئمة بأتباعهم، بمذاهبهم، برجالها، بكتبها التي حررت ونقحت ودرست سنين، فلعل الإنسان يتهم نفسه في البحث عن الصارف، أنا شخصيًّا سألت الشيخ ابن باز عن هذه المسألة بعينها، ما هي بمسألة التأمين، مسألة صرف الأئمة للأمر من الوجوب إلى الاستحباب ولم نقف على صارف، أو النهي من التحريم إلى الكراهة ويتفق على ذلك الأئمة الأربعة وأتباعهم، ويخالف الظاهرية قال: الراجح قول الظاهرية في مثل هذا، الشيخ عبد العزيز بن باز، هذا كلامه لي، وفي النفس من ذلك شيء، نعم.
طالب:.......
إذا ذكرت ثواب الصلوات الخمس، وحج الفريضة، والصيام يصرف عن الوجوب؟ لا، هي المسألة مشكلة وتبقى قائمة، إمام من الأئمة يستروح؛ لأنه أحاط بنصوص الشريعة، سبعمائة ألف حديث يحفظ، ومن العلم والدين والورع والعمل والخوف من الله -جل وعلا- بمكان لن يبلغ شأوه إلا من ندر، ويقول: لا، ليس بواجب، وإن كان الأصل أن الرجال يعرفون بالحق، والحق لا يعرف بالرجال، لكن الاتزان لا بد منه، ليس معنى هذا أننا نهدر أئمة الإسلام، لا، إن كان مرد ذلك اتهام النفس -وهذا هو الواقع- أننا يمكن في صارف، احتمال في صارف، هل أحطنا ببحث المسألة من كل وجه، هل جمعنا كل ما ورد فيها من نصوص؟ لا، الدين محفوظ وباقي، والأمة معصومة من أن تفرط بشيء من دينها، هذا أمر مفروغ منه، لكن يبقى أن المتحدث أو الذي يناقش المسألة هل أحاط بما فيها، ولذلكم مسألة الاجتهاد في جميع مسائل الدين لو قيل باستحالتها ما بعد، وإن كان الاجتهاد مفتوحًا، للإنسان أن يدرس مسألة ويجتهد فيها، ما أحد يغلق الاجتهاد، نعم.
طالب:.......
لا، نحن يكفينا رواية واحدة فيها أمر، إذا ثبت هذا الأمر ولو برواية واحدة تقوم به الحجة، نعم.
طالب:.......
الظاهرية مذهبهم مطرد، كل أمر للوجوب، وكل نهي للتحريم، ومبطل للعمل، لو تصلي وبأصبعك خاتم ذهب صلاتك باطلة؛ لأن هذا تناقض، تتقرب بمحرم، نعم؟
طالب:.......
لا، في أصل المسألة التي هي اختلاف الجمهور مع الظاهرية، لا، المسألة الاعتداد بقول الظاهرية، فإذا لم نعتد بقول الظاهرية صارت المسألة إجماعًا وانتهى الإشكال.
ألا يكون الصارف في الصلاة السرية أن المأموم لا يسمع قول الإمام: ولا الضالين؟
قلنا: إن ذلك ليس مرتبطًا بسماع قول الإمام، بل إذا بلغ مكانه ولو لم يؤمن الإمام أخطأ، ترك الإمام التأمين لا نؤمن؟ ترك الإمام رفع اليدين لا نرفع؟ نقول: هذا من ((لا تختلفوا عليه)) لا تختلف عليه فيما شُرع، فيما شرعه الشارع له ولك، لكن أنت أحيانًا مأمور بمخالفته، فيه صور لا بد أن تخالفه، في أشياء، في أمور تخص الإمام، فقوله: ((لا تختلفوا عليه)) ليس على عمومه، مخصوص، نعم.
طالب:.......
هذا الكلام أننا نقول: إن الإنسان يتهم نفسه في الاستقراء والتتبع، يمكن أنه موجود صارف بكتب..، في الكتب التي ما بحثنا فيها، كم كتاب، والله المستعان، نعم؟
طالب:.......
لا، هو يبقى أن من استقرأ وبحث وما وجد يعمل بما يدين الله به، يعمل بما يدين الله، نعم.
طالب:.......
المأموم منهي عن القراءة خلف الإمام، ((ما لي أنازع القرآن)) ثم أمر بعد ذلك، هو منهي عن القراءة، ثم أمر بعد ذلك أن يقول: آمين، بعد ذلك الحظر، وجمع من أهل العلم يطلقون: أن الأمر بعد الحظر للإباحة، نعم، والصواب أن الأمر بعد الحظر يعيد الأمر إلى ما كان عليه قبل الحظر، مثل: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة] و{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا} [(10) سورة الجمعة] إلى غير ذلك من النصوص.
طالب:.......
يا أخي حتى الاستفتاح تستفتح والإمام يجهر بالقراءة؟ الإمام يجهر، نعم الإمام يجهر تجهر بالاستفتاح، الإمام يجهر بآمين اجهر بآمين، قل: آمين، فأنت بعد هذا النهي كله تقول: آمين، يعني ما هي في الوضوح مثل {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة] لكن لها وجه، لكن إذا اجتمع الأربعة كلهم بأتباعهم ماذا تقول؟ أما واحد لا يكفي، أنا أقول: لو وافق الظاهرية لو الحنفية أو المالكية أو الشافعية ليس عندنا أدنى تردد في ترجيحه، هذا منتهٍ، لو خالف الثلاثة، لكن الأربعة كلهم بأتباعهم يرون هذا الرأي ولم يقل به إلا الظاهرية؟ يعني افترض أنه قال: سفيان -مثلًا- وهو إمام متبوع مع الظاهرية اختلف الوضع، إمام متبوع ومعترف و...، ما نقول مثلما نقول في الظاهرية؛ لأن الخلاف في الظاهرية والاعتداد بقولهم معروف عند أهل العلم بخلاف ما لو كان إمامًا معتبرًا.
طالب:.......
كيف؟ نحن معتبرون للنص، لكن أنت بحثت في جميع الكتب ما وجدت صارفًا؟ مسألة لا هي اتهام نفس عندنا، ولا هي بمسألة محسومة الآن، المسألة بحث وعلم الآن، أنت تقول: آمين إذا صرت وراء الإمام أم غير قائل؟ تريد أن تقول -إن شاء الله- سواءً سنة أم واجبة، وليست محسومة، لكن نقرر أصل مسألة عظمى كبرى، بغض النظر عن التأمين، هذا مصدره اتهام النفس، مثلما قال أبو ثور، لو قال أحد برجم الزاني المحصن من الأرقاء لقلت به، لكن ما قال به أحد، مسألة الاعتداد بالظاهرية مسألة بحثناها وطرقناها كثيرًا، وعلة من لا يرى الاعتداد بقولهم أنهم لا يرون القياس، المسألة تحتاج إلى توسط في الأمر، يعني إذا كان عمدة المسألة نصوص من الكتاب والسنة فالظاهرية من أولى من يعتد بقولهم؛ لأنهم ممن يعنى بالنصوص، ويحترم النصوص، ويقدم النصوص، وما دعاهم إلى مذهبهم الذي قالوا به إلا حرصهم على النصوص، وإذا كانت المسألة عمدتها أقيسة وآراء، فوجوده مثل عدمه، لكن أنت تريد أن تتجرد عن جميع أهل العلم وتنظر في النصوص فقط؟ أم تريد أن تفهم النصوص بخلاف فهم من سبق؟ لا بد أن يكون لك سلف في هذا القول، من صحابة، من تابعين، أما أن تأتي بعد أربعة عشر قرنًا وتحدث قولاً ما قال به أحد غيرك، لو اختلفوا ليس فيه إجماع، لو اختلفوا كل واحد عنده قول، وأنت أتيت بالقول الخامس، ماذا تفعل؟ يعني تأتي بقول لم يقل به أحد من أهل العلم، لا شك أن العمدة النصوص، ولا يختلف في هذا لا حنفي ولا مالكي ولا.. كلهم يقولون هذا، العمدة النصوص، لكن هذه النصوص هل يستقل الإنسان في العصور المتأخرة بفهم غير ما فهمه سلف الأمة أو لا يستقل؟ هذا الكلام، وإلا الأصل النصوص، ما عندنا إشكال، ولا نختلف في هذا -إن شاء الله-.
يقول: "وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا قال أحدكم: آمين))"، ((إذا قال أحدكم -غير مرتبط بالصلاة- وقالت الملائكة: آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه)) فيه دليل على مشروعية التأمين للمصلي وغيره ممن يقرأ الفاتحة، واستدل به بعضهم على أن الملائكة أفضل من الآدميين، كلام بعض الإخوة في المسألة، التعليل ((فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له)) ((فقولوا: آمين)) نعم، كأن هذا الأمر للتحريض على هذا الأجر المرتب عليه، كأن هذا الأمر للتحريض لا لذات أمين، والأئمة يصرفون بأقل من هذا.
((إذا قال أحدكم)) فيه دليل على مشروعية التأمين للمصلي وغيره ممن يقرأ الفاتحة، استدل به بعضهم على أن الملائكة أفضل من الآدميين، وجه الاستدلال؟ إذا وافق تأمينه تأمين بشر لم يغفر له، دليل أفضلية، الدليل على أن الملائكة دعوتهم مستجابة، حاجة الآدميين للملائكة، النصوص التي تعضد هذا كثيرة، يعني ((ولك بمثله)) قول الملك: ((ولك بمثله)) نظير هذا {إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ} [(20) سورة الأعراف] دل على أنه يتطلع إلى مرتبة أعلى، إلى مرتبة الملائكة، نعم، على كل حال المفاضلة بين الآدميين، لا شك أن الرسل المرجح أنهم أفضل من الملائكة، وأما آحاد الناس فالمسألة خلافية.
((غفر له ما تقدم من ذنبه)) يعني: لا ما تأخر، وإن كان بعض الخصال تكفر ما تقدم وما تأخر، الحافظ ابن حجر له رسالة جمع فيها الخصال المكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، نحرص على مثل هذه الأعمال التي فيها مغفرة الذنوب، والله المستعان.
يقول: "وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر -بن عبد الرحمن بن الحارث- عن أبي صالح السمان -ذكوان- عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد))، وعرفنا الصيغ الواردة في هذا: (اللهم ربنا ولك الحمد) الجمع بين اللهم والواو، (اللهم ربنا لك الحمد) كما هنا، (ربنا ولك الحمد) بالواو دون اللهم، (ربنا لك الحمد) بدونهما، استدل بهذا الحديث على أن الإمام لا يقول: ربنا ولك الحمد، والمأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده، أما من استدل به على أن المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده فظاهر، وأما العكس فليس بظاهر، وجه ظهور كون المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده، ((فإذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد)) نعم العطف بالفاء التي تقتضي التعقيب؛ لأنها تقتضي أن يقول المأموم: ربنا ولك الحمد عقب قول الإمام مباشرة إذًا فمتى يقول: سمع الله لمن حمده؟ هل نقول: يوافق الإمام مثل ما وافقه في آمين؟ على كل حال مذهب الشافعية أن "سمع الله لمن حمده" يقولها كل مصلٍ، لأنه ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقولها وواظب عليها، وقال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وهو الأصل، وهو القدوة، والمذاهب الأخرى يرون أن هذا مما يختص به الإمام، لكن هل في الحديث ما يشير إلى أن الإمام لا يقول: ربنا ولك الحمد بعد قوله: سمع الله لمن حمده؟ ما فيه ما يدل على ذلك، ليس فيه ما ينفي قول الإمام: اللهم ربنا ولك الحمد، إنما نفي قول المأموم: سمع الله لمن حمده ظاهر.
((فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه)) كما تقدم، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه، والله المستعان، نعم.
طالب:.......
حتى لو في خارج الصلاة يلزمه أن يجهر؟ يقول: آمين سرًّا، ولن يخفى على الملائكة؛ لأنهم يكتبون أعمال القلوب، نعم، الملائكة يكتبون أعمال القلوب، نعم، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
"قرأ بالأعراف ثابت، قرأ بالطور، قرأ بالمرسلات، سور طويلة بلا شك، لكن ليس هو الأصل، وليس ديدنه ذلك -عليه الصلاة والسلام-، والله المستعان.
أرجو الرد الآن خوفًا من انقطاع الإرسال قبل الإجابة فلا أسمعها؟ يقول: هل هذا جارٍ على قاعدة مذهب الأشاعرة في نفي الأسباب؟ لا أدري ما وجه الإشكال في الآية: {قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء} [(40) سورة آل عمران] لا يعجز عنه شيء، ما معنى: لا يعجز عنه شيء؟ أو لا يعجزه شيء؟ ولإظهار هذه القدرة العظيمة ألهمه السؤال، ليجاب بها؟
الإشكال ليس بواضح، لا بد أن تراجع قبل ذلك.
أما بالنسبة للصلوات الخمس فإذا سمع الأذان يلزمه الإجابة، ((أتسمع النداء؟)) قال: نعم، قال: ((أجب، لا أجد لك رخصة)) المسألة مفترضة في الأذان بدون آلات وبدون موانع من سماع الأصوات، يعني افترض المسألة ليس فيه مكبرات، يؤذن المؤذن بدون مكبر، وافترض أيضًا أنه لا يوجد ما يمنع من سماع الصوت من سيارات وغيرها ومكيفات وغير ذلك مما يشوش على السماع، والكيلو والنصف والكيلوين يسمع فيها الأذان، فإذا كان بيته عن المسجد كيلوين فأقل يسمع الأذان غالبًا، أما الجمعة فما دام في مصر مقيم فتلزمه الجمعة سمع الأذان أو لم يؤذن.
يعني طلبوا من أبيهم؟
والأصل أن السحر بسببه، أي بسبب الزوج، فماذا تنصحونها؟
إذا كان السحر بسببه -نسأل الله السلامة والعافية- فلها أن تطلب الفراق منه؛ لأن هذه موبقة من الموبقات، وكبيرة من كبائر الذنوب، لا يجوز لها أن تبقى معه وقد ارتكب هذه الجريمة، فضلًا عن كون هذه الجريمة تمسها وتسيء إليها، وتتضرر بها، يلزمه أولًا: أن يمكنها من الرقية لفك هذا السحر، ثم بعد ذلك لها أن تطلب الفراق منه.
كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يأمر المرأة من نسائه أن تتزر، تضع إزار فوق محل الحرث، وما يقرب منه، فإن كان بين السرة والركبة فهو أحوط، للبعد عن موضع الحمى، وإن باشرها فيما دون الفرج ولو كان فوق الركبة أو تحت السرة، لكن شريطة ألا يكون في موضع الحرث، فالأمر فيه سعة -إن شاء الله-، اصنعوا كل شيء إلا النكاح.
يعني إن كان في الصلاة فيدخل في عموم: "يكبر مع كل خفض ورفع"، وإن كان خارج الصلاة فكلٌّ على مذهبه باعتبار سجود التلاوة صلاة أو ليس بصلاة، إذا قلنا: إنه ليس بصلاة -وهو الظاهر من صنيع ابن عمر وابن عباس وغيرهما- لا يلزم فيه تكبير لا خفض ولا رفع، وإن قلنا: إنه صلاة -كما يقوله جمع من أهل العلم- فيطلب له ما يطلب للصلاة، يكبر للهوي للسجود، ويكبر للرفع منه، ويزيدون أيضًا التسليم.
هذه كل سنة موجودة بعد السيول، تقوم البلدية وبعض المحتسبين بتسويتها من جديد، ولا شك أن هذا عمل خير، من شارك في ذلك لا يحرم الأجر -إن شاء الله تعالى-.
في أي مسألة؟ ما فائدة الخلاف من هو السابق؟ هل يترتب عليه حكم؟ في أي مسألة؟ الخلاف فيمن هو السابق؟
طالب:......
الليل والنهار، نعم.
فائدة الخلاف في السابق أولًا: المقرر عند عامة أهل العلم أن السابق الليل، وأن اليوم يبدأ من غروب الشمس، يترتب على ذلك أحكام، لو ولد مولود بعد غروب الشمس ليلة عيد الفطر، تلزم فطرته أو لا تلزم؟ لا تلزم، باعتبار أنه انتهى رمضان، وهي بسبب الفطر من رمضان، وهو ما أدرك شيئًا من رمضان، مسائل كثيرة تترتب على الخلاف، لكن الخلاف غير معتبر في مسألة السابق من حيث الناحية الشرعية، أما من حيث أهل الهيئة والفلك معروف قولهم في الليل والنهار، لكن السابق واضح، وإن كان في قوله -جل وعلا-: {وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} [(40) سورة يــس] معناه يراد به نفي اضطراب انتظام الكون، لا يعني أنه إذا جاء ليل جاء نهار، ثم جاء نهار قبل الليل، لا، ولا يأتي ليل قبل النهار، ولا نهار قبل الليل، بل هو منتظم، ليل ثم نهار، ثم ليل ثم نهار ثم ليل ثم..، إلى آخره وهكذا.
على كل حال هو يقلد، سواءً كان القائل له بلال أو غيره، فيقال: مبني للمجهول يحتمل أن يكون بلالًا وأن يكون غيره، وهو مقلد في كلا الحالتين؛ لأن رؤية الصبح من شأن المبصرين.
لعله يقصد المغرب، نعم، ذكرنا أنه كما في الخبر: "المغرب وتر النهار" ويكون بعدها راتبة شفع بلا شك، ما المانع من ذلك؟
هذا الأصل إما أن تخرج من عموم النصوص لا بد من دليل يدل على ذلك، دليل شرعي وهو الأصل، أو عقلي بأن يكون هذا مما لا يمكن أن تقوم به المرأة، مما يستحيل عقلًا أن تقوم به المرأة، مما يكلف به الرجال، وإلا فالأصل أن النساء شقائق الرجال، وقد قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه: "وكانت أم الدرداء تجلس في الصلاة جلسة الرجل، وكانت فقيهة".
يعني لو قرأ الطوال أحيانًا يقرأ في المغرب بالطور أو قرأ بالأعراف، أو قرأ بسورة طويلة على ألا يلتزم ذلك ما يكون مخالفًا.
على كل حال لا أعرف خبرًا يدل على أنه يقال بعد قول المؤذن، بعد تثويب المؤذن أن المجيب يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، إنما يقول مثلما يقول المؤذن إلا فيما خص بالدليل من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله في الحيعلتين.
على كل حال إذا صلى لنفسه فليطول ما شاء، إذا صلى الإنسان لنفسه فليطول ما شاء.
لا يجوز، النذر -نذر الطاعة- يجب الوفاء به، وكذلك ((من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)) أما ينذر على نفسه ويلزم نفسه بشيء، هو قبل أن يلزم نفسه منه في سعة، ثم بعد ذلك لا يفي بنذره لا يجوز له ذلك، اللهم إلا إذا كان نذر معصية.
تكفر، إذا كانت لا تستطيع الصيام تكفر عن كل يوم مسكينًا.
نعم لها أن تصلي بعد دخول الوقت قبل الجماعة؛ لأنها ليست ملزمة بجماعة، ليست الجماعة واجبة عليها.