شرح العقيدة الواسطية (23)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طالب:......
ما دام العقد محرمًا وباطلاً كيف يكون ملك؟! ما دام العقد باطلاً، كيف تنعقد الملكية؟ باطل لا تترتب عليها آثار الملكية.
طالب:......
لكن الذي يعرف، لكن ليس لك أن تسأل أنت.
طالب:......
ثم بعد ذلك تاب وأناب وجاء يسأل؟
طالب:......
ما يضر هذا لكن الذنب أعظم، لكن الإشكال فيما إذا تاب وقد سكنت بيتًا اشتراه من المخدرات، أيش يسوي؟ طالب:......
العقد على محرم صحيح وإلا باطل؟ العقد باطل، مخدرات وما في حكمها من خمور وغيرها، فليست بمال أصلاً فعقدها باطل، والآثار المترتبة على هذا العقد كلها باطلة، لكن أن تفترض شخص اشتغل بعملٍ محرم، أما كونه ما تاب وما أناب، هو ما جاء يسأل، المسألة كلها حرام بحرام ما هو بجائي يسأل، لكن الإشكال لو تاب وبنى على ذلك من هذا المال أربع أسر، كل أسرة في بيت، ونبت لحمهم من هذا المال الحرام ثم تاب وأناب والبيوت موجودة، أو مثلاً وظيفته الغناء يأخذ عليها أجرًا ثم تاب بعد ذلك، هل يقال: تخلص من هذا المال بالكلية؛ لأن مالك شرك في مالٍ مباح، كل مالك محرم، أو نقول: مما يعينه على التوبة أن نقول: باعتبار أن هذه الأموال بذلها الناس بطوعهم واختيارهم بخلاف الغصوب والمظالم والسرقات هذه لا بد من ردها، لكن هذا مال بذله صاحبه في مقابل عوض ولو كان محرماً، بذله بطبعه واختياره، ومن تشجيعه على التوبة أن يقال: التوبة تهدم ما كان قبلها؟ وهذا متجه، فرق بين أن يتجر يتعامل بمحرم، وبين أن يسرق أو يغصب أو ينتهب أموالاً معروفًا أصحابها، وأخذت بغير طوعهم واختيارهم هذا مثله.
طالب:........
ومعلوم صاحبه، مسروق.
طالب:........
لا محرم غير المال الذي يبذل بطوع واختيار يختلف عمن عرف صاحبه أنه أخذ المال منه قهراً إما بعلمه أو بغير علمه، هذا لا بد أن يرد عليه، لكن تفترض أن شخصًا اشترى مخدرات بألف ريال، ثم البائع تاب وأناب، نقول: رجع الألف لصاحبها؛ لأن البيع باطل؟ ما يقول بهذا أحد، لا يقول بهذا أحد، هذا بذلها بطوعه واختياره، وأثم في عقده، وأثم باستعمالها، لكن لا يرد عليه المال.
الطالب:........
البيع باطل من الأصل.
الطالب:........
لا لا، هناك أمور، الأمور تتفاوت، يا أخي فرق بين أن ينتهب المال أو يسرق من شخص بعينه لا بد من إعادته ولو ذهبت عينه لا بد من إعادته، وبين شخص بذل ماله ببيع وشراء، هل هذا يستحق رد؟ شخص فجر بامرأة بمقابل، زنى بامرأة بمقابل، نقول: هذا مهر البغي خبيث رجع عليه ماله، ما يقول بهذا أحد من أهل العلم أبداً، نقول: مال كسب خبيث تخلصي منه، لكن تفترض أنه ذهب أنفقه على أولاده أنه اشترى به بيوت وسكنها، من تمام التوبة أن يتخلص، لكن هل معنى هذا أننا إذا رأينا أنه لن يتوب إذا قلنا له تخلص من أربعة بيوت كل بيت مملوء من الناس، يعني مثل ما قلنا مثل التوبة من الربا، لا شك أن الإعانة على التوبة -لا سيما إذا كانت الأموال أخذت من طيب نفس-، أما إذا أخذت قهرًا لا بد من إعادته؛ لأنه يترتب على إعادتها أن نقول: أن من زنا يعاد عليه المهر هذا، ومن اشترى مخدرات يعاد عليه فلوسه ما هو بصحيح، ما يقول بهذا أحد أبداً، الذي بذل بطوعه واختياره يفوت عليه، قررنا في أكثر من مناسبة أن لو وجد شخص غرر بامرأة عفيفة وراودها ورفضت فأغراها، وهي مَدِينة ومحتاجه، وعندها أطفال، المقصود أنها مضطرة لمثل هذا الأمر، كما في قصة الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار، تحت وطأة الضرورة قبلت بمبلغ كبير من المال، وقال لها يريد أن يزني بها بمبلغ مائة ألف مثلاً، ووافقت تحت ضغط الظروف، ثم لما انتهى قال: والله كسب الحجام خبيث، لا يجوز أدفع الخبيث أنا، نقول: أنت الخبيث، ادفعه وأنت باتشوف الجادة، ثم بعد ذلك لا تمكن منه؛ لأنه خبيث، فيؤخذ منهم، يفوت عليهم، أما إذا قلنا على أن العقد باطل ويرجع إلى صاحبه معناه كل الناس يسوون هذا، وهذا يغريهم بالاستمرار بالمعاصي.
الكلام على تنزيل القرآن:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد قال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-:
وقوله: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ}[(155) سورة الأنعام] وقوله: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}[(21) سورة الحشر] وقوله: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ * قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ * وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ}[(101-103) سورة النحل].
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- بعد أن قرّر أن القرآن كلام الله، بين في هذه الآيات أن الله -جل وعلا- قد نزّل القرآن، وأن القرآن منزلٌ من قبل الله -جل وعلا-؛ ولذا في عقيدة أهل السنة والجماعة يقولون: منه بدأ، وإليه يعود {وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ}[(155) سورة الأنعام] هذا إشارة إلى القرآن، {وَهَذَا كِتَابٌ} يعني مكتوب، مكتوبٌ في اللوح المحفوظ، وبالصحف التي بأيدي السفرة، وهو مكتوبٌ أيضاً في المصاحف، فهو كتابٌ، يعني مكتوب {أَنزَلْنَاهُ} أنزله الله -جل وعلا- بواسطة جبريل -عليه السلام- على نبيه محمد -عليه الصلاة والسلام-.
والوحي يأتي للنبي -عليه الصلاة والسلام- على أنحاء كما جاء في الحديث الصحيح في البخاري وغيره، يقول: ((أحياناً يأتي مثل صلصلة الجرس، وأحياناً يتمثل لي المَلَك رجلاً)) وأحياناً -وهذا نادر- يأتي الملك على هيئته، وأحياناً ينفث في روعه -عليه الصلاة والسلام-.
{وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} بركة القرآن لا تنتهي، فهو مبارك من كل وجه، وعلى أي حال، فمجرد قراءته متعبدٌ بها، التي لا تكلف شيئاً، وبكل حرف عشر حسنات، إذا قرئ القرآن يحصل للقارئ على كل حرف في مقابل كل حرف عشر حسنات، هذا أقل تقدير، والله يضاعف لمن يشاء، فأقل ما يحصل للقارئ في الختمة الواحدة قراءة القرآن مرة واحدة على أكثر من ثلاثة ملايين حسنة، هذا إذا قلنا: إن المراد بالحرف حرف المبنى، وإلا فالخلاف موجود: هل المراد بالحرف حرف المعنى أو المبنى؟ لكن المرجح حرف المبنى.
وهذه من بركاته، من بركاته أنه شفاء لأمراض القلوب، ولأمراض الأبدان، فمن قرئت عليه الفاتحة برئ من اللدغة كأنما نشط من عقال، كأنه ما أصيب، فالبركة فيه من كل وجه، من تدبره ورَتَّله وقرأه على وجهٍ مأمور به، هداه الله، من يريد ويروم الهدى فإنه هنا في قراءة القرآن على الوجه المأمور به، من يريد زيادة الإيمان والطمأنينة وانشراح الصدر فعليه بقراءة القرآن، من يريد النور التام في الدنيا والآخرة فعليه أن يتمسك بالقرآن.
{لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ}[(21) سورة الحشر] يعني افترض أن القرآن ما نزل على بني آدم من البشر نزل على جبل من الجبال الصلبة، يقول -جل وعلا-: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا}[(21) سورة الحشر] متشققاً {مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}[(21) سورة الحشر] لكن مع الأسف أن كثيراً من المسلمين لا يحرك فيهم ساكن، لا يحرك فيهم شعرة.
جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((شيبتني هود وأخواتها)) الحديث مختلف فيه، حكمه مثل به كثيرٌ من أهل العلم الحديث المضطرب، وإذا أمكن ترجيح بعض الوجوه انتفى الافتراض كما قرره ابن حجر، فهو حينئذٍ حديث حسن، فمن منا من تؤثر فيه سورة هود؟من منا من تؤثر فيه سورة هود؟
وهذا شيء مرَّ علينا، ومرَّ على غيرنا، أنا بدأت بسورة يونس، ولم أفق إلا وأنا في سورة يوسف، يعني بدون مبالغة يعني، والله -جل وعلا- يقول: عن هذا الكتاب: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}[(21) سورة الحشر] من منا من يؤثر فيه قول الله -جل وعلا-: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ}[(8) سورة المدثر] ولما سمعها زرارة بن أوفى أو قرأها في الصلاة مات، صعق فمات، نحن نقول: هذه أساطير، بعض الناس ينفي مثل هذا، وحجتهم في النفي أن هذا القرآن نزل على قلب محمد -عليه الصلاة والسلام- أتقى الناس، وأخشى الناس، وأورع الناس، ومع ذلك لم يحصل له مثل هذا، صحابته الكرام أبو بكر الذي لا تسمع قراءته من البكاء ما حصل له مثل هذا، وابن سيرين، يقول: ضعوا هؤلاء على جدار، فإن سقطوا من الجدار فهم صادقون، يعني كأنه يقول: إن هؤلاء ممثلون، لا حقيقة لصنيعهم، وجمعٌ من أهل العلم ومنهم شيخ الإسلام يقرر أن هذا حاصل وصحيح، وثابت عمن نسب إليه، إذاً كيف ما حصل للنبي -عليه الصلاة والسلام-؟ ولا لأصحابه الذين هم خيار الأمة؟! يقول: القرآن ثقيل بلا شك، ولو نزل على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً، هذا كلام الله -جل وعلا-، نزل على قلبٍ قوي قلب محمد -عليه الصلاة والسلام- فتحمله، قوي يتحمل هذا القول الثقيل، وقل مثل هذا في أصحابه، أي-هم يستشعرون عظمة هذا القرآن، لكن لقوة قلوبهم ما يحصل لهم هذا الخلل، يعني هذا نقص خلل، يعني ما حصل في عصر التابعين مما ذكر من القصص كثيرٌ منها ثابت لا شك أنه ضعف أمام هذا القوي، يعني القلوب ضعفت عن تحمل هذا القوي فحصل ما حصل، يعني نزل على قلب محمد -عليه الصلاة والسلام- قلب قوي يتحمل هذا الكلام القوي مع الاستشعار، يتحمل مع الاستشعار، وكذلك صحابته الكرام، لكن جاء بعدهم التابعون مع هذا الاستشعار، يستشعرون عظمة القرآن وقوة القرآن مع أن قلوب بعد الصحابة ضعفت، ما حصل التوازن، يعني قوي مع قوي يتحمل، لكن قوي مع ضعيف ما يتحمل، ثم بعد ذلك إذا تجاوزنا القرون المفضلة انقطع هذا الأمر، صار الإنسان يقرأ القرآن، ويسمع القرآن، ولا يؤثر فيه، هل نقول: أن القلوب قويت أو ما زالت ضعيفة؟ القلوب ضعيفة، لكنها ما تستشعر عظمة هذا القرآن، فاستشعار عظمة هذا القرآن ضعف في قلوب الناس، ولذلك لو حصل لمثل هؤلاء أدنى مصيبة في ماله أو في بدنه أو في ولده عرفت كيف ضعف هذه القلوب؟ هو جرى علينا وعلى غيرنا أمور هي محاك واختبارات والنتيجة صفر، وإن كانت الأمة لا تخلو من الكبار من الرجال العظماء الذين يتحملون مثل هذه الامتحانات ويتجاوزونها.
والعام الماضي كان واحد من المشايخ عنده محاضرة بعد صلاة العشاء تنتهي في الحادية عشرة، ولي معه موعد جلسنا معه بعد المحاضرة ساعة، ولم يتغير من وضعه شيء، هو الشيخ الذي عرفناه سابقاً ولاحقاً، ثم لما خرجنا منه وصلنا السكن اتصل علينا أن الشيخ حصل له العصر، يعني قبل المحاضرة، وقبل لقاءنا أن ابنه الأكبر سقط مغمياً عليه، وذهب به إلى المستشفى، ولم يتوصلوا إلى نتيجة، من يتحمل مثل هذا؟ لكنه اليقين، وعموم الناس كل واحدٍ يعرف نفسه، ومقدار قلبه، والله المستعان.
هذا القرآن لو نزل على جبل، لو أنزله الله -جل وعلا- على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً، عجوز في السبعين أو في الثمانين من عمرها، تذهب إلى المستشفى، ويقرر لها عملية، حصوات في المرارة، أو في الكلى، المقصود أنه يقرر لها عملية، فخرجت من المستشفى لتستخير، ثم رجعت إليهم من الغد، فحلل لها، ووجد أن الحصى نزل، طيب ماذا صنعت هي؟! ما هي بعادة ينزل الحصا من هذا المكان الذي هو فيه، لا بد من الاستئصال، قالوا: أيش صنعتِ؟ قالت: والله ما سويت إلا كأس من ماء زمزم نفثت فيه قرأت فيه الفاتحة والمعوذتين، ونزل الحصا، قالوا لها: عجيب، قالت: نعم. والله -جل وعلا- يقول: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا}[(21) سورة الحشر] هذه حصوات صغيرة جداً كيف لا تتفت من القرآن؟ وأيضاً لكنه اليقين والإيمان، والله المستعان.
{لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}[(21) سورة الحشر] والشاهد في قوله: {لَوْ أَنزَلْنَا} لكنه أنزل على هذه القلوب، قلوب أتقى الناس، وأخشاهم، وأعلمهم بالله -جل وعلا-، وأعرفهم به محمد -عليه الصلاة والسلام- وأمته، واعترى الأمة من الضعف ما اعتراها، حتى أن قراءة القرآن، وسماع القرآن، وغير القرآن على حدٍ سواء، وبعض الناس يتأثر من بعض المواعظ، أو بعض القصائد أكثر من تأثره بالقرآن، ورأيتم ماذا يصنع الناس في يوم ختم القرآن؟ تجد القرآن يقرأ على مدى ثلاثين ليلة من ليالي رمضان، ما يؤثر في كثيرٍ من الناس، ثم إذا جاء الختم سمعت البكاء والصراخ من بعض الناس؟ لكن القرآن إنما يؤثر من يخاف الوعيد {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ}[(45) سورة ق].
في هذه السنة في المسجد الحرام، في ليلة من الليالي، هي ليلة سبعة وعشرين، وفي قنوت القنوت بعد التهجد في القنوت، سمعنا صراخاً عالياً، بكاء شديد، ثم بعد أن انتهت الصلاة وسلمنا، قال هذا الذي سمع منه البكاء: ماذا تسمون هذه؟ حافظة الشاي أو القهوة التي تمنعها من البرودة؟ قال: نسميها ثلاجة، قال: يا أخي أنت ما تفهم، ثلاجة وتحفظ الحرارة، قل: ترمس، قال: لا، نحن نسميها ثلاجة، وهذا الاصطلاح ولا مشاحة، قال: ترمس وإلا كذا، وإلى أن صارت شجارًا ونزاعًا بعد البكاء الذي سمعناه قبل ثلاث دقائق.
يا إخوان المسألة تحتاج إلى مراجعة وإلى إعادة نظر، وهل هذا بكاء حقيقي؟ يعني من يقرأ القرآن ويبكي، سمعنا -ولله الحمد- من يبكي في القرآن، لكن هل لهذا البكاء أثر؟ يعني تجده في أول الآية، وفي آخرها الصوت يعني متأثر، لكن الآية التي تليها ما كأنه مرَّ به آية وعد أو وعيد، يعني لا بد من إعادة النظر، السلف إذا بكاء في الليل يعاد في النهار، الواحد منهم.
والله -جل وعلا- يقول: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}[(21) سورة الحشر] فإلى الله المشتكى، يعني نعاني معاناة شديدة من هذا الأمر، يعني لو أن أحداً يقرأ -وأنا أتحد عن نفسي- أقرأ في المصحف، وفي اليمين صفحة وفي اليسار صفحة، يتحرك الباب أو النافذة لا تدري أنت في أعلى الصفحة اليمنى أو في آخر اليسرى. فالمسألة تحتاج إلى علاج ومعاناة، تحتاج إلى إعادة نظر، والله المستعان.
يقول الله -جل علا-: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ}[(101) سورة النحل].
الطالب:........
يقرأ على الماء، ويقرأ على غيره مما يمكن استعماله، والقراءة على الماء.
الطالب:........
هو إذا كان الداء في الجوف، وأريد أن تصل هذه القراءة إلى الجوف، لا مانع أن يقرأ في عسل، أو في زيت أو ما أشبه ذلك.
الطالب:........
الشيخ ابن باز -رحمه الله- سئل عن القراءة في الماء، فقال: تجوز، ومأثور عن عائشة، واستدل له بحديث عند البيهقي وغيره، حديث المعيون، حيث نفث له في الماء.
الطالب:........
فيه نص، لكن نسيته، الآن ما أستحضره.
الطالب:........
ما يمنع أن يكون غيره مثله، الحكم واحد.
الطالب:........
حسي ومعنوي.
الطالب:........
يعني إذا كان المرض عضوي وإلا نفسي؟ لا لا يؤثر في المرض العضوي ما في إشكال أبداً.
الطالب:........
على كل حال، وإيش معنى الاستعداد؟ الاستعداد يعني يستطيع أن يقوي قلبه أكثر؟ لا.
يقول الله -جل وعلا-: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ}[(101) سورة النحل] {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} وهذا الشاهد {قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ} يعني كذّاب، تأتينا اليوم بكذا، وتأتينا غداً بكذا، يزعمون أن التغيير والتبديل من عنده -عليه الصلاة والسلام-، {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}[(101) سورة النحل] حقيقة الأمر، وأنه من عند الله -جل وعلا-.
وأهل العلم يقولون: لو كان مفترياً -وحاشاه من ذلك- ما حصل هذا التبديل، وهذا التغيير؛ لأن هذا التبديل وهذا التغيير مثار تهمة، ومثل هذا المفتري لا يريد أن يتهم، والمفتري لا يريد أن يتهم، يريد أن يسد جميع منافذ الاتهام، فإذا كان يحصل هذا التبديل وهذا التغيير من قبل الله -جل وعلا-، وينزل على نبيه -عليه الصلاة والسلام- ويخبرهم اليوم بشيء، ثم ينسخ بعد ذلك ويغير ويبدل، والمفتري الحقيقي لا يريد أن يتهم بشيء، فهو يسد منافذ الاتهام، فلو كان من عنده ما فعل هذا، فدل على أنه من عند الله -جل وعلا-.
{قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}[(102) سورة النحل] {نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ} نزّله: يعني نزل به، يحمله روح القدس، وهو جبريل عليه السلام، والقدس التطهير؛ لأنه مطهر من أدران الذنوب، {مِن رَّبِّكَ} من الله -جل وعلا-، {بِالْحَقِّ} هذا التنزيل إنما هو بالحق لا بالباطل، والله -جل وعلا- هو الحق وكلامه حق، والتنزيل بالحق {لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}[(102) سورة النحل] يثبت الذين آمنوا، ووجوه التثبيت في القرآن كثيرة جداً، يعني إذا نزل ما يصدقه الواقع، حصل قصة، ثم نزل في هذه القصة من الوحي ما يؤيدها أو ما ينفيها، هذا تثبيت من الله -جل وعلا- لمن حضر هذه القصة، ولمن سمع هذه القصة {لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} يثبتهم؛ لأنه مطابق للواقع، وفي قصة المجادلة فيما تقول عائشة -رضي الله عنها-، لا شك أن هذا تثبيت، وأنه دليل أنه من عند الله -جل وعلا-، يعني عائشة أقرب ما تكون إليهم ما تسمع، ثم ينزل الوحي من فوق سبع سماوات، مبينًا للحكم، ذاكراً أصل القصة، لا شك أن مثل هذا تثبيت.
وفي كل يومٍ يُطّلع على سر من أسرار القرآن التي يثبت الله بها عباده الذين آمنوا، لكن لو قرأنا القرآن على الوجه المأمور به عرفنا هذا، {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } مع الأسف أن أكثر المسلمين، وهم يقرؤون القرآن لا يعلمون وجوه هذا التثبيت، لا يعلمه إلا من عاناه ممن قرأه على الوجه المأمور به، {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}[(102) سورة النحل] هدى لا شك أن فيه الهداية؛ لأنه هو الصراط المستقيم، كما جاء في تفسير السلف أنه القرآن هو الذي يهديهم وهو الذي يدلهم، {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[(9) سورة الإسراء] فالقرآن هدى في مطلع سورة البقرة {ألم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}[(2) سورة البقرة] هدى، فالقرآن هدى.
{وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ * وَلَقَدْ نَعْلَمُ} [(102-103) سورة النحل] قال -جل وعلا-: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} الكفار يعرفون أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يقرأ ولا يكتب، ولم يطلع على كتب الأمم الماضية، إذاً كيف يتهم؟ نقول: لا، يأتيه من يعلمه من البشر، وعينوا شخصاً، قالوا: إنه هو الذي يعلم النبي -عليه الصلاة والسلام-، {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [(103) سورة النحل] لكن الله -جل وعلا- رد عليهم بقوله: { {لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ}[(103) سورة النحل] يعني هذا القرآن النازل على محمد -عليه الصلاة والسلام- الذي يبلغكموه لسانٌ عربيٌ مبين، وهذا الرجل الذي تقولون إنه يعلم النبي -عليه الصلاة والسلام- أعجمي، والأعجمي لا ينطق بالعربية، ولو كان أصله عربياً، بخلاف العجمي المنسوب إلى العجم، فهذا نسبته إلى العجم يعني غير العرب، ولو نطق بالعربية؛ لأنه قد يقول قائل: ثم ماذا إذا كان أعجميًّا؟ سيبويه أعجمي، وإمام من أئمة العربية ما يمكن أن يقال هذا؟ جلُّ أئمة اللغة أعاجم، فهل يكون فيه رد {لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ} أعاجم لكنهم أئمة في العربية، فمن ينطق بالعربية لا يقال له أعجمي، ولو كان من العجم، يقال له: عجمي بدون همز، والذي لا ينطق بالعربية يقال له: أعجمي ولو كان من أصول عربية؛ لئلا يقال: أن هذا لسانه أعجم، هذا أعجم لكن سيبويه أعجم وهو أعرف منا بلغة العرب، نقول: لا، الأعجمي الذي لا يتكلم بالعربية، ولو كان من أصلٍ عربي، بخلاف العجمي.
طالب:..........
المقصود أن بهذا يرد على من يمكن أن يثير مثل هذه الشبهة، ((العجماء جبار)) أيش معنى العجماء؟ البهيمة التي لا تنطق، فهي حينئذٍ تشبه الأعجمي وإلا العجمي؟
طالب:..........
أيش معنى العجماء؟ شوفوا يا إخوان الآن الحديث فيه إشكال على ما قرر وإلا ما فيه إشكال، ((العجماء جبار))، يعني هل نسبتها إلى العجم مثل العجمي أو مثل الأعجمي؟
طالب:..........
لا شك أن واقعها مثل الأعجمي، لا مثل العجمي، هذا الواقع، لكن بناء الكلمة؟ هي أقرب إلى العجمي، في بنائها أقرب إلى العجمي منها إلى الأعجمي، يشكل على ما قرر وإلا ما يشكل؟ يشكل، لكن العجمي الأصل فيه أنه لا يتكلم العربية، لو لم يتعلم لصار عجميًّا أعجمياً، الأصل فيه أنه لا يتكلم العربية إلا إذا تعلم، وهذه العجماء مثل العجمي الذي لم يتعلم؛ لأنها لم تتعلم، فتستمر عجماء، الآن اتضح لنا الفرق، لأنه لما قلنا: العجمي، هم يقولون: العجمي الذي يتكلم العربية؟ لا، المنسوب إلى العجم، فإن كان على أصله ونسبته إلى العجم ولم يتعلم العربية مثل سيبويه لقلنا: عجمي أعجمي، وهذه عجماء، ومع ذلك لا تتكلم مثل العجم، ومثل الأعاجم، مثل العجم الذين لم يتعلموا العربية، ومثل الأعاجم الذي لا ينطقون بالعربية، فلا إشكال حينئذٍ، فيه إشكال وإلا ما فيه إشكال؟ لما قررنا قلنا: الأعجمي الذي لا ينطق العربية لسانه غير عربي، والعجمي المنسوب إلى العجم، ولو نطق بالعربية، وإلا فالأصل فيه أنه منسوب إلى العجم والعجم لا يتكلمون العربية، لكنه تعلم فصار يتكلم بالعربية مثل سيبويه، فصار إمام من أئمة العربية، هذه العجماء منسوبة إلى العجم في الأصل قبل التعلم؛ لأنها ما تعلمت، فهي مثل العجمي الذي لا ينطق العربية بقي على أصله ولم يتعلم؛ لأنه قد يثار في مثل هذا الكلام، ممكن وإلا ما هو ممكن؟.
{لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ}[(103) سورة النحل] يعني نزل بلسان العرب وبلغتهم، مبينٌ بواسطة هذه اللغة التي هي العربية أشرف اللغات، وعلى هذا يقبح بمن يتصدى لتعليم القرآن، أو تفسير القرآن، أو فهم القرآن، ولو لنفسه، وهو لا يتقن العربية، بل معرفة العربية بجميع فروعها خير ما يعين على فهم القرآن، بعد كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو عربي.
الكلام واختلاف الناس فيه:
انتهينا الآن من مسألة القرآن والكلام، وللفرق في مسألة الكلام والناس اختلفوا في هذه المسألة على تسعة أقوال، ذكرها شارح الطحاوية:
يقول شارح الطحاوية -رحمه الله-: اختلف الناس أو افترق الناس في مسألة الكلام على تسعة أقوال:
أحدها: أن كلام الله هو ما يفيض على النفوس من المعاني، إما من العقل الفعّال عند بعضهم، أو من غيره، وهذا قول الصائبة والمتفلسفة.
وثانيها: أنه مخلوق، خلقه الله منفصلاً عنه، وهذا قول المعتزلة.
وثالثها: أنه معنىً واحد، قائمٌ بذات الله، هو الأمر والنهي والخبر والاستخبار، إن عبر عليه بالعربية كان قرآناً، وأن عبر عنه بالعبرانية كان توراةً، إلى آخره، وهذا قول: ابن كلاّب ومن وافقه كالأشعري وغيره. ويقولون حينئذٍ: القرآن عبارة عن المعنى، وابن كلاب يقول: حكاية، والأشاعرة يقولون: عبارة، القرآن عبارة عن كلام الله، وابن كلاب يقول: حكاية عن كلام الله. ويكثر في كلام المتعلمين الآن فيما يقوله الله -جل وعلا- حكاية عن كذا، حكاية عن موسى، يعني أن الله -جل وعلا- قاله على لسان فلان، فهذه الجملة هذه الكلمة تجتنب؛ لئلا نوافق المبتدعة.
الأمر الثاني: كلمة عبارة ابتذلها الناس، واستعملوها في غير موضعها، يقول لك مثلاً: هذا القلم عبارة أو هذا عبارة عن قلم، كيف عبارة؟! هذا قلم، كيف عبارة عن قلم؟ هذا عبارة عن كتاب، وهذه عبارة عن سيارة، وهذه عبارة عن كذا، يعني إقحام للشيء في غير موضعه.
رابعها: أنه حروفٌ وأصوات أزلية مجتمعة في الأزل، وهذا قول طائفة من أهل الكلام.
وخامسها: أنه حروفٌ وأصوات، لكن تكلم الله بها بعد أن لم يكن متكلماً، وهذا قول الكرّامية وغيرهم.
وسادسها: أن كلامه يرجع إلى ما يحدثه من علمه وإرادته القائم بذاته، وهذا يقوله صاحب المعتبر، المعروف: هبة الله بن ملكى، وهو طبيب، المعتبر مطبوع في الهند في مجلدين معروف يعني متداول، وإليه يميل الرازي في المطالب العالية.
وسابعها: أن كلامه يتضمن معنىً قائماً بذاته هو ما خلقه في غيره، وهذا قول: أبي منصور الماتريدي.
وثامنها: أنه مشترك بين المعنى القديم القائم بالذات، وبين ما يخلقه في غيره من الأصوات، وهذا قول: أبي المعالي ومن تبعه.
وتاسعها: أنه تعالى لم يزل متكلماً إذا شاء، ومتى شاء، وكيف شاء، ويتكلم به بصوت يسمع، وأن نوع الكلام قديم، وإن لم يكن الصوت المعين قديماً، وهذا هو المأثور عن أئمة الحديث والسنة، أنه تعالى لم يزل متكلماً إذا شاء، ومتى شاء، وكيف شاء، ويتكلم به بصوت يسمع، يعني بصوت حرف، وأن نوع الكلام قديم، وإن لم يكن الصوت المعين قديماً، وهذا المأثور عن أئمة الحديث والسنة.
يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى- في النونية في كلام طويل جداً حول مسألة الكلام، يقول -رحمه الله تعالى-:
والله ربي لم يزل متكلماً صدقاً وعدلاً أحكمت كلماته ورسوله قد عاذ بالكلمات مِن
|
| وكلامه المسموع بالآذانِ طلباً وإخباراً بلا نقصانِ لدغٍ ومن عينٍ ومن شيطانِ |
((أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)) ((أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة)) فاستعاذ النبي -عليه الصلاة والسلام- بكلمات الله.
ورسوله قد عاذ بالكلمات من |
| لدغٍ ومن عينٍ ومن شيطانِ |
أيعاذ بالمخلوق؟! يعني لو كان القرآن مخلوقًا يستعاذ به؟ لا.
أيعاذ بالمخلوق حاشاه من الـ بل عاذ بالكلمات وهي صفاته وكذلك القرآن عين كلام الـ هو قول ربي كله لا بعضه تنزيلُ ربِّ العالمين وقوله لكنَّ أصوات العباد وفعلهم فالصوت للقاري ولكن الكلام هذا إذا ما كان ثم وساطة فإذا انتفت تلك الوساطة فهناك المخلوق نفس السمع لا هذه مقالة أحمدَ ومحمدٍ |
| إشراك وهو معلم الإيمانِ سبحانه ليست من الأكوانِ مسموع منه حقيقة ببيانِ لفظاً ومعنىً ما هما خلقانِ اللفظ والمعنى بلا روغانِ كمدادهم والرق مخلوقانِ كلام رب العرش ذي الإحسانِ كقراءة المخلوق للقرآنِ مثلما قد كلم المولود من عمرانِ شيء من المسموع ففهم ذانِِ وخصومهم من بعد طائفتانِ |
الإمام أحمد ومحمد بن إسماعيل البخاري ... إلى أن قال بعد أن جاء الكلام النفسي:
ودليلهم في ذاك بيتٌ قاله يا قوم قد غلط النصارى قبل في ولأجل ذا جعلوا المسيح إلههم ولأجل ذا جعلوه ناسوتاً |
| فيما يقال الأخطل النصراني معنى الكلام وما اهتدوا لبيانِ إذ قيل كلمة خالق رحمنِ ولاهوتاً قديماً بعد متحدانِ
|
في كلام كثيرٍ جداً...
من الطرائف أن بعضهم يقول: بقدم الجلد والغلاف، كتب المصحف في الورق قال: حتى الورق قديم والجلد قديم، والغلاف قديم كل شيء قديم. ثم تهكم –شيخ الإسلام- بقوله: ما لهم لم يقولوا بقدم الكاتب والمجلِّد؟! إذا كان الجلد والغلاف كله قديم، فلماذا المجلد ما يصير قديمًا؟
على كل حال هذه المسألة عظيمة، وفيها مباحث طويلة، وضل فيها طوائف ممن ينتسب إلى الدين، ولا فرق بين من يقول: إن الله -جل وعلا- خلق الكلام في الشجرة حينما كلم موسى وأخبره بأنه رب، فإذا قلنا: أنه خلق الكلام في الشجرة، فكلام الشجرة المخلوق فيها ككلام فرعون المخلوق فيه {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}[(24) سورة النازعات] ولا فرق، إذا قالت الشجرة: {أَنَا رَبُّكُمُ} على قول المعتزلة القرآن مخلوق، أن الله خلقه في الشجرة، فالشجرة هي التي قالت: {أَنَا رَبُّكُمُ} فما الفرق بين قول الشجرة وبين قول فرعون {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} في فرق وإلا ما في فرق؟ ما في فرق، لكن الضلال حاصل، نسأل الله السلامة والعافية.
هنا مذهب السالمية الذي يعبر عنهم بالاقترانية يقول:
والفرقة الأخرى فقالت إنه واللفظ كالمعنى قديمٌ قائمٌ |
| لفظٌ ومعنى ليس ينفصلانِ بالنفس ليس يقابل الحدثانِ |
فالسين عند الباء لا مسبوقة
يعني لو قلت: بسم الله، خرجت الباء والسين في آنٍ واحد، يعني ما في باء تسبق السين أو سين تسبق الباء، الكلام كله مقترن بعضه ببعض.
فالسين عند الباء لا مسبوقة |
| لكن هما حرفان مقترانِ |
إلى آخره...
والقائلون بذا يقولوا إنما |
| ترتيبها في السمع بالآذانِ |
يعني أن الله -جل وعلا- على حد زعمهم تلفظ بالحروف دفعة واحدة، -تعالى الله عما يقولون-، لكن جبريل رتب هذه الحروف، يعني من باب التصوير والتمثيل -تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً-، يعني كأن هذه الحروف مطبعة، الذي جمع حرف حرف أعطيت للطابع، وقيل: يا لله رتب هذه الحروف وأطبعها، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. الله المستعان.
يا إخوان: هذا كلام قد يقول قائل: كيف يصدر مثل هذا الكلام عن عاقل، هذه البدع تنشأ شيئاً فشيئاً، تبدأ بمخالفة يسيرة للوحيين، مخالفة يسيرة، ثم هذا المخالف يصر على هذه المخالفة، ثم يورد له من الأدلة ما لو كان متصفاً بالورع لرجع، ولكن تأخذه العزة بالإثم فيصر، ثم يُلزم بلوازم لكلامه، ثم يلتزم بهذه اللوازم، وإلا ابتداءً ما يمكن أن يقول مثل هذا الكلام، هل يتصور أن الله -جل وعلا- نطق بهذا الكلام كله دفعةً واحدة، بسم الله الباء ليست قبل السين ولا السين قبل الباء، يعني دفعة واحدة، وجبريل هو الذي تولى، الملك الذي نزل به، هو الذي تولى الترتيب، يعني نظير قول الناس أو نظير ما هو الواقع، الحروف حروف المطابع يعني لما كانت المطابع حروف يعني رص، ما هي بكمبيوتر يمشي بطريقة الكترونية لا، الحروف كانت تأتي من رصاص حرف، حرف، هذا حرف يصلح في أول الكلمة ونفس الحرف إذا كان في وسطها، ونفس الحرف إذا كان في آخرها، تجمع الحروف حوالي مائة قطعة، إذا نظرنا إلى تغير صورة الحرف من كونه في أول الكلمة أو في أثنائها أو في آخرها، فيؤتى بها في كيس أو في علبة، هذه الحروف دفعة واحدة تسلم لصاحب المطبعة من المصنع الذي يصنعها، ثم صاحب المطبعة يرتب هذه الحروف، يعني ما في هذا الكيس من هذه الحروف هل يستفاد منه؟ إذاً كلام الله -جل وعلا- لا يستفاد منه، إنما الكلام المفيد في ترتيب من رتب هذا الكلام، هذا غاية في الضلال، نسأل الله السلامة والعافية.
والقائلون بأنه بمشيئة إحداهما جعلته مبدوءاً به فيسد ذاك عليهمُ في زعمهم |
| في ذاته أيضاً فهم نوعانِ نوعاً حذارِ تسلسل الأعيانِ إثبات خالق هذه الأكوانِ
|
يعني أن كلامه حادث، ويبدؤه بمشيئة لكنه حادث؛ لئلا يلزم أن يورث قديم مع الله -جل وعلا-، فعلى هذا تتسلسل الحوادث في القدم، وهذا ممنوع، هذا قول الكرّامية.
والآخرون أولوا الحديث قالوا بأن الله حقاً لم يزل |
| كأحمدٍ ومحمدٍ وأئمة الإيمانِ متكلماً بمشيئة وبيانِ |
إلى آخره...، ثم مذهب قول ابن حزم في القرآن، وهو كلام شنيعٌ قبيح:
وأتى ابن حزمٍ بعد ذاك فقال بل أربعٌ كلٌ يسمى بالقرآن |
| ما للناس قرآنٌ ولا اثنانِ وذاك قولٌ بين البطلانِ |
يقول: ما عندنا قرآن واحد، عندنا أربعة قرآنات.
وأتى ابن حزمٍ بعد ذاك فقال بل أربعٌ كلٌ يسمى بالقرآن هذا الذي يتلى وآخرُ ثابتٌ
|
| ما للناس قرآنٌ ولا اثنانِ وذاك قولٌ بين البطلانِ في الرسمِ يدعى المصحف العثماني |
يعني: ما ينطق به قرآن، والذي في المصحف قرآن غير الذي ينطق به.
والثالث المحفوظ بين صدورنا..
الذي لا ينطق به المحفوظ في الصدور.
هذه الثلاثة خليقة الرحمن.. هذه مخلوقة
هذا الذي يتلى وآخرُ ثابتٌ والثالث المحفوظ بين صدورنا والرابع المعنى القديم كعلمه |
| في الرسمِ يدعى المصحف العثماني هذه الثلاث خليقة الرحمنِ كلٌ يعبرُ عنه بالقرآنِ |
فقول ابن حزم لا شك أنه ضلال، ثم قال هنا الشارح -بعد أن ترجم له بترجمة مطولة- يقول: فلا بد من بيان معناه، فقوله: "بل أربعٌ كلٌ يسمى بالقرآن" هذا الذي يتلى، والثاني: المكتوب في المصاحف، والثالث: المحفوظ في الصدور، والمراد بالرسم الخط، وقوله: "هذه الثلاث خليقة الرحمن" وهذا القول من أبطل الأقوال التي قيلت في القرآن، ولذلك قال الناظم: "وذلك قولٌ بينُ البطلان" وقوله: "والرابع المعنى القديم" إلى آخره كأنه -والله أعلم- وافق الأشاعرة والكلابية في إثبات المعنى النفسي، وقد تقدم القول في المعنى النفسي بما أغناه عن الإعادة، يعني أنه يوافق المعتزلة في الثلاثة، ويوافق الأشعرية في المعنى النفسي، وقول الناظم: "وأظنه قد رام شيئاً لم يجد ... إلى قوله: أن المعين ذو مراتبَ أربعٍ" أن المعين كزيد مثلاً، له أربع وجودات، وجوده الخارجي: يعني المكون من جسده المحسوس المرئي، هذا وجوده الخارجي.
ووجودٌ ذهني: يعني أنت في ذهنك تتصور أن زيد من البشر، وأنه من الذكور، تتصوره ذكر وتتصوره من بني آدم، وتتصوره ذا طول وعرض، ووجودٌ ذهني.
ووجودٌ لفظي، لفظت بهذه الحروف الزاي والياء والدال، أي في اللفظي إذا تلفظت بلفظ زيد.
ووجودٌ رسمي: أي خطي.
هذه المراتب الأربع، يعني لما تقول: زيد، أمامك زيد ماثل هذا وجود خارجي، وأنت تتصور هذا المسمى بهذا الاسم من بني آدم تتصوره ذكر، وتتصوره له طول وعرض ولون هذا وجود ذهني، ووجود لفظي أنت لفظت قلت: هذا زيد، أنت تلفظت بالحروف الثلاثة، ثم بعد ذلك وجودٌ رسمي كتبت زيد، فهذه الوجودات الأربعة، وهي التي ذكرها الله تعالى في قوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ}[(1-4) سورة العلق] فذكر المراتب الأربعة، وهي الوجود العيني الخارجي الذي هو خلقه، وذكر الوجود الرسمي المطابق للفظي الدال على العلمي، فمذهب ابن حزم أن القرآن في المراتب الثلاث مخلوق، وهو وجوده العيني واللفظي والرسمي، ولكن الأولى بالتسمية بالقرآن هو وجوده العيني، بقي عنده "والمعنى القديم" فهو غير مخلوق، -نسأل الله السلامة والعافية-.
فمن أراد النجاة، وأراد العصمة، فعليه بالكتاب والسنة، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"على كل حال هذا أبوه يذكر عنه الولد أنه يتاجر في المخدرات وماله حرام، وإذا كان لا كسب له سوى هذا المال، فإنه لا يجوز لولده أن يأكل من هذا المال؛ لأنه حرام بعينه، -نسأل الله السلامة والعافية-، على هذا يتكفف الناس، ويأخذون من الزكوات، ولا يأكل من هذا المال، وعليه أن يناصح أباه، ولا يفتر عن بذل النصيحة له، وإن اقتضى الأمر أن يخبر عنه إذا أصر وعاند، أن يخبر عنه من يستطيع ردعه، كف شره عن الناس فهذا متعين أيضاً.
طالب:........
يبلغ عنه الجهات الرسمية يمنعونه، يكف شره عن الناس؛ لأن هذه المخدرات لا يقتصر ضررها على صاحبها، نسأل الله السلامة والعافية.
رأيتها مطبوعة مراراً، لكن منها ما طبع ضمن مجموع المتون، مجموع المتون المجموعة التي يشتمل عليها 66 متن هي موجودة فيه.
لا شك أن حضور الدروس وسماع الدروس وسماع الأشرطة المسجلة مع قراءة الشروح المطبوعة يعين على فهم المراد، وإذا استغلق مسألة في شرح من الشروح وضحها الشارح الآخر، كم من مسألة يعني ما تفهم من خلال المتن أو من شرح أو من شرحين حتى يقرأ شروح أخرى فتنحل؛ لأن تصور المسائل، وتصوير المسائل للآخرين قدرات عند الناس، يعني يستطيع بعض الناس من خلال شرحه أن يصور المسائل بعد أن تصورها، وبعضهم ينقل ما في الشروح، ويسمي كلامه شرحاً، هذا قد يكون هو بنفسه ما تصور المسألة تصور دقيق، بحيث يستطيع تصويرها وتقليبها على أكثر من وجه، فإذا قرئ أكثر من شرح لا شك أنه أفضل.
لا شك أن الظلم ذنبٌ عظيم، وعواقبه وخيمة، ((واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) ويقول الرسول -عليه الصلاة والسلام- في الحديث القدسي عن ربه -جل علا-: ((يا عبادي: إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا)) فالظلم شأنه عظيم، والنصوص في تحريمه نصوص الكتاب والسنة مستفيضة.
أولاً: مسألة هجر القرآن، سواء هجر التلاوة، أو هجر التعلم، أو هجر العمل، هذا كله لا يجوز {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا}[(30) سورة الفرقان] فالهجر أصناف، وأقل ما يكون بالنسبة للقرآن تلاوته، ومع ذلك تلاوته على الوجه المأمور به، فإذا كان أهلاً ليستنبط منه الأحكام ليعمل بها، وإلا قرأ في الكتب التي تعينه على هذا الأمر، فيقرأ حزبه اليومي، يخصص له من القرآن جزءًا يقرأ سواءٌ كان جزء اصطلاحي عشر ورقات أو أقل أو أكثر، المقصود أنه لا يخل بشيء من القرآن يقرأه يومياً، وإن شغل عنه قضاه من الغد أو بالليل، وإن كان يقرأ بالليل وشغل عنه يقرأ بالنهار، المقصود أنه لا يترك يوماً يمر بدون أن ينظر في كلام ربه -جل وعلا-، أما كونه يأثم أو لا يأثم؟ لا يأثم، لكنه مع ذلك هذا حرمانٌ شديد حتى يدخل في مسمى الهجر، ومعلومٌ أن كثير من طلاب العلم يحصل لهم شيء من هذا، ولو حفظ القرآن، بعض الناس يحفظ القرآن يحرص على حفظ القرآن، ثم بعد ذلك يتركه، ما يقرأ إلا في مناسبات، تقدم إلى الصلاة أو جاء رمضان، أو ما أشبه ذلك، فلا بد أن تفرض للقرآن من وقتك ما يكفي لقراءة الحزب اليومي، والمجرب عند كثير من طلاب العلم أن قراءة القرآن في سبع لا تشق على الناس، لا تشق لا سيما على طالب العلم، إذا جلس من صلاة الصبح إلى أن تنتشر الشمس قرأ حزبه اليومي الذي هو سبع القرآن، وامتثل قول النبي -عليه الصلاة والسلام- لعبد الله بن عمرو: ((اقرأ القرآن في سبع، ولا تزد)).
هذا الكلام ليس بصحيح، الأنبياء أفضل من غيرهم على الإطلاق، بل أفضل من الملائكة كما هو مقرر، فعيسى -عليه السلام- نبي من أولي العزم، من الخمسة الذين هم أولوا العزم، وفضلهم معروف، فلا يجوز أن يفضل عليه غيره ممن هو دونه.
طالب:........
على كل حال عيسى نبي من الله -جل وعلا-، وله قوم، وله أتباع، وله كتاب، من أولي العزم فهو نبيٌ مستقل، لكن إذا نزل في آخر الزمان، لا شك أنه يحكم بشريعة محمد، ولا يقال: إنه من أمة محمد إلا بهذا الاعتبار، وإلا فهو نبيٌ على جهة الاستقلال.
إذا أمكن أن تحضر آلة تسجيل، وتضمن تسجيل الدرس كاملاً، وتتفرغ أثناء الدرس للإنصات وفهم ما يقال في الدرس هذا أكمل، لكن إذا لم تتمكن من إحضار آلة تسجيل، ولا تدري هل ينشر مسجلاً فيما بعد أو لا، فاحرص على تدوين أهم المسائل.
قديم النوع: إن الله -جل وعلا- لم يزل متكلماً في القدم، في الأزل، وأنه -جل وعلا- بالنسبة لآحاده هذا نوعه قديم، في الأزل، وما زال يتكلم متى شاء، وإذا شاء، فآحاد الكلام متجدد، بمعنى أنه يتكلم بمشيئته وإرادته، فنوعه قديم يتكلم في الأزل، ثم إن الله -جل وعلا- ما يزال متكلماً، متى شاء إذا شاء، فالنوع قديم، والآحاد يعني أفراد الكلام متجددة، يعني أنه يتكلم، يتكلم في الأزل، ويتكلم في الماضي والحاضر والمستقبل، متى شاء، إذا شاء.
نعم، القيل هو القول {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً}[(122) سورة النساء] يعني قولاً، فالقرآن قول الله، وقيل الله، وحديث الله {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا}[(23) سورة الزمر] والقرآن يقال له: حديث من هذه الحيثية، فهو حديث الله، يعني أن الله هو المتحدث به، والمتكلم به.
إما هذا وإلا هذا.
طالب: نقش –يمكن-.
يقول: نبش قبورهم.
أما مسألة الأولياء، فالحديث الصحيح: ((من عادى لي ولياً)) الحديث القدسي: ((من عادى لي ولياً)) والأدلة من نصوص الكتاب والسنة تدل على أن المؤمنين أولياء الله، ومنهم من هو أخص بهذه الولاية بحسب ما في قلبه من إيمان، وما يزاوله من عمل مرضي لله -جل وعلا-، فالولاية لله ثابتة، من المؤمنين من هم أولياء، بل المؤمنين كلهم أولياء لكنهم يتفاوتون فيها بقدر إيمانهم، وأما الكرامات فهي ثابتة لهؤلاء الأولياء، كما أن للأنبياء معجزات، وكلها خارقة للعادة، لكن المعجزة مقرونة بالتحدي، وادعاء النبوة، مقرونة بادعاء النبوة، أما الكرامة فلا تقترن بادعاء النبوة؛ لأنها لغير الأنبياء للأولياء، فهذا الفرق بينهما، وما يخرق العادة إن كان على يد نبي صار معجزة، وإن كان على يد وليٍ متبع فهي كرامة، وإن كانت على يد غير متبع فهي ابتلاء من الله –جل وعلا- له ولغيره به؛ لأنه قد يحدث ما يخرق العادة من خوارق على أيدي بعض المخالفين من المبتدعة، بل بعضهم ممن يستعين بالشياطين، -نسأل الله السلامة والعافية-، فتخرق له العادة من أجل الابتلاء، ابتلاءه هو وابتلاء غيره به، فلا ينبغي أن يكون لهذا الخارق أثر في نفس الشخص، أو في نفوس غيره ممن يراه، ويطلع عليه، ويسمع عنه، إلا إذا عرض عمله على الكتاب والسنة، فإن وجد عمله مطابقاً للكتاب والسنة قلنا: كرامة، وإلا فهي من تضليل الشيطان، نسأل الله السلامة والعافية.
قد يقول قائل: إنا رأينا بعض الناس حصل لهم كرامات، وبعض الناس وهم أفضل منهم لم يحصل لهم شيء، فهل وجود الكرامة دلالة على أن هذا أفضل من غيره؟
لا؛ لأن هذا قد يحتاج لهذه الكرامة لتثبيته من جهة، أو من أجل يثبت أتباعه، أو تنتصر دعوته إلى الحق بهذه الكرامة، وبينما غيره قد لا يحتاج إلى هذه، فلا تجري على يديه.
يقول: نبش قبورهم؟
نبش القبور حرام لا يجوز إلا لمصلحة راجحة، إذا ترجحت المصلحة في معرفة سبب وفاته مثلاً إذا اتهم به أحد، أو شك بالسبب هل هو طبيعي، أو بفعل فاعل، مثل هذا المصلحة راجحة في نبشه، وإجراء الاختبارات عليه، فمثل هذه ينبش، وكذلك إذا كان في طريق الناس، وصار الناس يطئونه بأقدامهم؛ لأنه في طريقهم، فنبشه لا شك أنه مصلحة راجحة مراعاة للمصلحة العامة، ومراعاة لحرمته هو، وما عدا ذلك لا يجوز نبشه؛ لأن له حرمة.
أو زيارتها؟
نعم تزار القبور، قبور المسلمين تزار؛ لنفع الميت، ولانتفاع الزائر، فالزائر يتذكر بها الآخرة، ويعالج بها قلبه، وجاء الأمر بزيارة القبور، ((كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها)) ولنفع الميت بالدعاء له، وهذا يتحقق بالزيارة الشرعية، لا بالزيارة البدعية التي يطلب فيها من الميت المدد، أو يتبرك به، أو يستعان به، أو .. كل هذا لا يجوز، هذا من الشرك.