هذا كأنه أراد جمع العصر إلى الظهر في وقت الظهر قبل دخول وقت العصر، مع أن الذي يبدو من السؤال أنه صلى الظهر في الرياض في وقتها وأتمَّها، ثم لما خَشي على صلاة العصر ووصل المطار صلاها قبل وقتها بنية الجمع؛ لأنه لا يجوز أن يصليها قبل وقتها إلا في حال الجمع، وعلى كل حال مطار الرياض من الرياض، ولا يجوز الترخص برخص السفر حتى يُباشر السبب الذي هو السفر، وما دام في المطار فإنه لم يُغادر الرياض، فلا يجوز له أن يجمع، على أن أهل العلم يقولون في جمع التقديم: لا بد أن تلي الثانيةُ الأولى مباشرة بدون فاصل، بخلاف جمع التأخير، فإنه لا مانع من الفاصل بينهما، وشيخ الإسلام -رحمه الله- لا يرى الفرق بين جمع التقديم والتأخير بوجود الفاصل، وأن الصلاتين في وقت إحداهما جمعٌ ولو لم تلِ الثانيةُ الأولى، وعلى كل حال مثل هذا عليه أن يعيد العصر.
والمقصود بمباشرة السبب هنا: السفر، فهو السبب المقتضي للترخُّص المؤثِّر، ولا يمكن أن يَنطبق هذا الوصف حتى يتحقق بمفارقة عامر البلد، وما دام في المطار فإنه لم يُفارق عامر الرياض، بدليل أنه لم يُباشر السبب إلا بإقلاع الطائرة، فما دامت الطائرة على الأرض فالسبب ما بوشِر، وإذا رجع إلى هذا المطار وهو من أهل الرياض يقولون: (وصلنا الرياض)، فالمطار من الرياض، وهكذا كلُّ مطارٍ في بلدٍ يُنسب إليه فهو منه، وإن بَعُد فما دام يُنسب إليه فهو جزء منه.