شرح مختصر الخرقي - كتاب الصلاة (09)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بعد تكبيرة الإحرام المقرونة برفع اليدين على ما تقدم، ودعاء الاستفتاح، والتعوذ والبسملة، وقراءة الفاتحة قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"فإذا قال: ولا الضالين، قال: آمين، ثم يقرأ سورة في ابتدائها بسم الله الرحمن الرحيم" وعرفنا فيما تقدم أن الفاتحة ركن من أركان الصلاة، لا تصح إلا بها، في جميع الركعات، وقد وجه العاجز عن الفاتحة أن يذكر الله -جل وعلا- قائلاً: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، لا حول ولا قوة إلا بالله كما ذكر ذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- للذي قال: إنه لا يستطيع أن يأخذ الفاتحة، يعني يحفظ الفاتحة، يذكر، هذا لا يستطيع حقيقة، فماذا عن الذي لا يستطيع حكماً؟ ذكرنا هذا في الدرس الماضي أولا؟
طالب: لا يا يشيخ.
الذي لا يستطيع حكماً، بعض الناس لا يستطيع أن يقرأ وبجواره شخص يرفع صوته أحياناً، أو يتحرك أي حركة، بعض الناس لأدنى شيء يرتج عليه، ويستغلق ذهنه، وينغلق، ولا يستطيع أن يقرأ سواءً كان في الصلاة أو في خارج الصلاة، وبعض الناس إذا كان خلف الإمام فميئوس من كونه يقرأ شيئا إذا كان الإمام يجهر، فإذا قال الإمام: ولا الضالين، قال: آمين، شرع في الفاتحة، ثم إذا شرع في سورة نسي ما قرأ، ولا يدري أين وقف؟ وهذا موجود، حيث إذا تحرك شيء أدنى حركة انتهت قراءته، ولا يدري هل هو في الصفحة اليمنى أو في اليسرى؟ هذا عاجز عن قراءة الفاتحة حكماً، فهل يوجه إلى قول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر؟ والعاجز سواءً كان حقيقة أو حكماً هل يقرأ أو يذكر هذه الأذكار خلف الإمام مع أنه جاء: ((لا تفعلوا إلا بأم الكتاب))؟ أو نقول: البدل له حكم المبدل؟ هل نقول: البدل له حكم المبدل فيذكر هذه الأذكار خلف الإمام؟ أو نقول: لا تفعلوا إلا بأم الكتاب؟ نعم؟
العلماء يطلقون أن البدل له حكم المبدل، يعني هل نستطيع أن نقول: إنه إذا عجز عن الفاتحة حكماً فهو عن هذه الأذكار أعجز؟ أو نقول: إن هذه يمكن إدراكها خلف الإمام؟ بدليل أنه يستطيع أن يدعو إذا مر بآية رحمة، ويستعيذ إذا مر بآية عذاب، جمل منفصلة منفكة بعضها من بعض، يعني مقدرو على قولها، بينما الفاتحة مترابطة.
طالب:.......
هذه انتهينا منها، المسألة على قول من يقول: إن المأموم لا تلزمه قراءة هذا لا فاتحة ولا غير الفاتحة، إذا كان العاجز حقيقة وجه إلى التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والحوقلة، وجه إلى هذا، فهل يقرأ أو يقول هذه الأذكار خلف الإمام باعتبار أن البدل له حكم المبدل؟ أو نقول: لا تفعل إلا بأم الكتاب؟
طالب:.......
إذاً قولهم: البدل له حكم المبدل أغلبي أو كلي؟ نعم؟
طالب:.......
نعم الذي يظهر أنه أغلبي وليس بكلي، ولا يلزم أن يكون له حكم المبدل من كل وجه، فالتيمم لا يقوم مقام الوضوء من كل وجه، فعلى هذا العاجز عن قراءة الفاتحة على القول أن المأموم يقرأ خلف الإمام وهو المرجح، لا يأتي بهذه الأذكار خلف الإمام، لا سيما إذا كان الإمام يقرأ، إذا قرأ فأنصتوا، يشمله هذا، ولا تفعلوا إلا بأم الكتاب، نعم؟
طالب:.......
إذا غلب على ظنه أنه يتعلم الفاتحة قبل خروج الوقت تعين عليه.
طالب:.......
نعم هذا يقول: الجماعة واجبة، ولا تسقط إلا مع العذر فهل من الأعذار في ترك الجماعة عدم قدرة المأموم على قراءة الفاتحة وهي ركن؟ نعم؟
طالب:.......
نعم بسبب الجماعة معروف، بمعنى أنه إذا صلى وحده يقرأ الفاتحة وهي ركن من أركان الصلاة، وإذا صلى خلف الإمام لا سيما في الجهرية ما استطاع أن يقرأ الفاتحة، نعم؟ صحيح أو لا؟
طالب:.......
المسألة يعتريها الاهتمام بشأن الجماعة، وأنه إذا فتح المجال لمثل هذه الأمور تسامح الناس فيها، مع استحضار الخلاف القوي في القراءة خلف الإمام، يعني إذا نظرنا هذا مع هذا قد يكون هناك شيء من التكافؤ، ويصعب الترجيح حينئذٍ، أما من يجزم ويقطع بأن الفاتحة ركن لكل مصلٍ سواءً قال بأنها ركن بالنسبة للمسبوق أو لم يقل، فإن هذا لا شك أنه يضحي بالجماعة من أجل الفاتحة، وكل على مذهبه في مثل هذا.
قال: "ثم يقرأ سورة في ابتدائها بسم الله الرحمن الرحيم" مفهوم هذا أنه لا يقرأ سورة لا يبتدأ فيها ببسم الله الرحمن الرحيم كبراءة مثلاً، وهل هذا الكلام صحيح أو ليس بصحيح؟ هل هو مقصود للمؤلف أو غير مقصود؟ نعم؟
طالب: ليس مقصود.
"ثم يقرأ سورة في ابتدائها بسم الله الرحمن الرحيم، ولا يجهر بها" ويعني بذلك البسملة، وأما السورة فحكمها حكم الفاتحة، إن جهر بالفاتحة جهر بالسورة، إن لم يجهر بالفاتحة لم يجهر بالسورة، وأما البسملة فحكمها حكم البسملة في افتتاح الفاتحة، في ابتدائها بسم الله الرحمن الرحيم، عرفنا أن حقيقة هذا المنطوق يعني مفهومه ليس بمراد، ولا يعني هذا أنه لا يقرأ براءة، ولا يقرأ من أثناء السور، ولا من أواخر السور التي ليس فيها بسملة، لا، ليس هذا مقصودا، لا شك أن قراءة السورة كاملة من أولها إلى آخرها في ركعة أولى من قراءة بعض سورة أو من أثناء السورة أو من آخر السورة، مع أن القراءة في أثناء السورة ثابت، لا سيما في الركعة الثانية.
"ولا يجهر بها، فإذا فرغ" يعني من قراءته "كبر للركوع" قراءة السورة في الركعتين الأوليين في صلاة الصبح في الأولى والثانية، في صلاة الظهر في الأولى والثانية، في صلاة العصر في الأولى والثانية، في صلاة المغرب في الأولى والثانية، في صلاة العشاء في الأولى والثانية، يقرأ بعد الفاتحة بما يتيسر، وإن كانت سورة كانت أكمل، أو قدر سورة؛ لأن المطلوب ما تيسر، {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [(20) سورة المزمل] وأمر المسيء بأن يقرأ بما تيسر إضافة إلى الفاتحة.
هذه السورة جاءت القاعدة المطردة قاعدة يعني أغلبية ليست كلية بأن القراءة في صلاة الصبح من طوال المفصل، وفي صلاة المغرب من قصار المفصل، وفيما عداهما من أوساطه، مع أنه جاء التخفيف في صلاة الصبح، والتطويل في صلاة المغرب، وجاء ما يدل على أنه كان -عليه الصلاة والسلام- يقرأ في صلاة الظهر بمقدار ثلاثين آية في الركعة الأولى والثانية، وعلى النصف من ذلك في الركعتين الأخريين، والعصر على النصف من الأوليين، وعلى النصف من الأوليين في العصر في الركعتين الأخريين، وجاء اقتصاره -عليه الصلاة والسلام- على الفاتحة في الركعتين، فالأمر في هذا فيه سعة، إن قرأ فلا بأس، وإن ترك في الركعتين الأخريين فلا بأس، مع أن قراءة ما زاد على الفاتحة سنة في قول جمهور أهل العلم.
ثبت عن أبي بكر -رضي الله تعالى عنه- أنه يقرأ في صلاة المغرب في الركعة الثالثة {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [(8) سورة آل عمران] الآية، ذكره الإمام مالك في الموطأ بإسناد صحيح عن أبي بكر، ولعل هذا ينزل منزلة القنوت في الوتر؛ لأنه دعاء، وفي الركعة الأخيرة والصلاة وتر، وجاء تسميتها في حديث عائشة عند أحمد وغيره ((وإلا المغرب فإنها وتر النهار)) وما ذكر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يفعل ذلك، اللهم إلا إذا قيل: إن أبا بكر لن يفعل هذا من تلقاء نفسه، وإنما الاحتمال القوي أنه سمعه من النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن العبادات توقيفية، ولا يظن بأبي بكر أنه فعل ذلك من تلقاء نفسه، مع أن جميع من وصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يذكر هذا، فهل يشرع قراءة هذه الآية في الركعة الثالثة من صلاة المغرب أو لا تشرع؟
في الحديث: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي)) ((اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر)) فهل يكفي مثل هذه العمومات في تشريع مثل هذا العمل أو لا؟ يكفي؟ يعني جميع من وصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يذكر هذا، فهل نقول: إن هذه مخالفة أو ليست مخالفة؟ أنتم تعرفون كلام الأئمة الكبار فيما إذا ذكر راوٍ من الرواة الثقات أهل الضبط والحفظ والإتقان ما لم يذكره غيره ممن يشاركه في رواية الحديث، بعضهم يحكم بالشذوذ والوهم على هذا الراوي، إذ لو كانت محفوظة لوافقه غيره، معروف هذا عند أهل العلم، ومنهم من يطرد يقول: زيادة من ثقة، وزيادة الثقة مقبولة، نعم؟
طالب:.......
أقول: اتفاق من وصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- على عدم ذكرها، هل تعد مخالفة أو ليست مخالفة؟ نعم؟
طالب: الظاهر أنها مخالفة، زيادة.
هي زيادة، لكن هل نقول: إن عدم الذكر ليس بذكر وزيادة الثقة مقبولة وبعضهم ينقل عليها الاتفاق؟ نعم؟
طالب:.......
نعم، لكن هذا معروف فيما إذا لم يكن في المسألة نص مرفوع، هذا نحتاج إلى هذا العموم إذا وجدنا عمل خليفة راشد وليس في المسألة نص مرفوع، أما إذا وجدنا مرفوعا فالعبرة بالمرفوع، معروف هذا عند أهل العلم، يعني يتضافر على مثل هذا أنه خليفة راشد، وأمرنا بالاقتداء به، والمظنون به أنه سمعه من النبي -عليه الصلاة والسلام- لا من تلقاء نفسه، إضافة إلى كونه ليس فيه مخالفة، فيستروح إلى مثل هذا، أحياناً لا يلزم أن يكون دائماً؛ لأنه لو كان من الأمور التي يداوم عليها لنقلت وحفظت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فلعل أبا بكر سمعها من النبي -عليه الصلاة والسلام- أحياناً، وخفيت على غيره.
"فإذا فرغ كبر للركوع" وهذه تكبيرة انتقال، وهي واجبة عند الحنابلة كسائر تكبيرات الانتقال، وقول سمع الله لمن حمده، والتسبيح في الركوع والسجود، والدعاء بين السجدتين، والتشهد الأول، هذه كلها واجبة عند الحنابلة، والجمهور يرون أن هذه كلها سنن، لماذا؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- داوم عليها، كل من وصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- كأبي حميد وغيره ذكروا هذه الأشياء، وجاء الأمر بالتسبيح في الركوع والسجود ((اجعلوها في ركوعكم)) ((اجعلوها في سجودكم)) ((أما الركوع فعظموا فيه الرب)) إلى آخره، المقصود أن هذه داوم عليها النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)).
دليل القول الآخر، وهو دليل أكثر العلماء، وأنها أمور مستحبة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يأمر بها المسيء، وعُرف من الخلفاء من يتركها بمحضر من الصحابة وكبار التابعين، فلو كانت واجبة ما تركت، أما بالنسبة لحديث المسيء فالجواب عنه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- علمه ما أساء فيه، أما ما ضبطه من صلاته ما يحتاج إلى تعليم، فيحتمل أنه كان يكبر ويسبح، لكنه مع ذلك يستعجل في صلاته، ولذا أكد على الطمأنينة.
وأما صنيع الخلفاء فالاحتمالات واردة، مع أن هذا الصنيع نعم قد يحتاج إليه مع خلو المسألة عن الدليل، يعني إذا قيل: إن بعض الخلفاء تركه بمحضر من كذا وكذا، هذا يستدل به عند العدم، أما إذا وجدنا الدليل المرفوع فلا شك أنه ألزم، وأقوى في الاستدلال، العبرة بالاقتداء والائتساء ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وكان يفعل هذا -عليه الصلاة والسلام-، ولم يحفظ عنه أنه تركه، كان يكبر مع كل خفض ورفع، وقال أيضاً: ((وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا)) هذه تدل على أن هذه التكبيرات، وما ذكر معها واجبة، وهذا هو المعروف في مذهب الحنابلة.
"وإذا فرغ كبر للركوع" إذا جاء والإمام راكع وخشي أن تفوته الركعة لو كبر مرتين، الأصل أن يكبر للإحرام وهو قائم، ثم بعد ذلك يكبر تكبيرة الانتقال، فإذا خشي من فوات الركعة، واقتصر على تكبيرة الإحرام أجزأه ذلك، وإن نوى بها التكبيرتين معاً فمحل خلاف، وإن نوى تكبيرة الانتقال فقط لم تنعقد صلاته، وعلى هذا ينوي بالتكبيرة تكبيرة الإحرام، وتدخل فيها تكبيرة الانتقال؛ لأن التداخل في مثل هذا معروف، تدخل الصغرى في الكبرى، والقاعدة معروفة: إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد ليست إحداهما مؤداة والأخرى مقضية فإن الصغرى تدخل في الكبرى، وهذا مقرر عند أهل العلم، إذا كبر للإحرام فقط أجزأته عن تكبيرة الانتقال، وإذا كبر للانتقال فقط لم تنعقد صلاته، وإذا نوى بها التكبيرتين معاً هذا محل خلاف، منهم من يقول: إن هذا تشريك، ولم يتحرر الركن من غيره، والشتريك فيه إضعاف، وتكبيرة الإحرام ركن وهذا يضعفها.
وعلى كل حال إذا كانت تكبيرة الإحرام على باله، وعلى ذكر منه أجزأته، ولو شرك بها غيرها، كما لو طاف طواف الزيارة وهو ركن من أركان الحج ونوى به الزيارة والوداع.
طالب: لكن عفا الله عنك كثير منهم يكبر أثناء هويه للركوع؟
لا، لا ما يجزئ، ما يجزئ؛ لأن تكبيرة الإحرام فرض القيام، يعني مع القيام أثناء القيام، لا تجزئ أثناء الهوي، وإن كان من مقتضى قول ابن حزم أنه لا بد أن يكبر أثناء الهوي ((إذا جاء أحدكم والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام)) ولكن هذا معروف أن تكبيرة الإحرام لا تجزئ إلا حال القيام.
"فإذا فرغ كبر للركوع، ورفع يديه كرفعه الأول" حذو منكبيه أو إلى فروع أذنيه، وهذا هو الموضع الثاني من مواضع رفع اليدين، وهذا سنة عند الأئمة الثلاثة خلافاً للحنفية الذين لا يرون شرعيته، فيما عدا تكبيرة الإحرام.
"كرفعه الأول، ثم يضع يديه على ركبتيه، ويفرج أصابعه، ويمد ظهره" يضع يديه على ركبتيه كأنه قابضهما "ويفرج أصابعه" وهذه صفة القبض "ويمد ظهره" ولا يقوس ظهره لا إلى أعلى ولا إلى أسفل، بل يمده، كان النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا ركع هصر ظهره، يعني حناه وثناه، وجاء في وصف ركوعه -عليه الصلاة والسلام- أنه لو صب الماء على ظهره لاستقر، وهذا يدل على أنه لا انحدار فيه ولا ارتفاع، هذا بالنسبة للظهر.
"ولا يرفع رأسه ولا يخفضه" لا يرفع رأسه كما جاء في وصفه أنه لا يشخص رأسه ولا يصوبه، يشخص يرفع، إن الروح إذا خرجت شخص البصر، يعني ارتفع {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ} [(42) سورة إبراهيم] يعني ترتفع، ولا يصوبه يعني لا يخفضه، ومنه: ((اللهم اجعله صيباً نافعاً)) والصيب المطر الذي ينزل في جوف الأرض.
"ولا يرفع رأسه ولا يخفضه، ويقول في ركوعه" ثم يضع يديه على ركبتيه ويفرج أصابعه، قالوا: ويوتر يديه، يجعلهما كالوتر، بمعنى أنه يمدهما باستواء، كالوتر في القوس، ولا يثنيهما، ولا يدخلهما إلى صدره، ولا يبرزهما، يجعلهما كالوتر.
"ويقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاثاً" نعم؟
طالب:.......
إيش؟
طالب:.......
إيش؟
طالب:.......
لا لا، إذا كانت اليدان معتدلتين ما يخالف، لكن إذا كانت اليد طويلة يخالف، إذا كانت اليد قصيرة يخالف، لكن مع ذلك العبرة بالرجل متوسط الخلقة، معتدل الخلقة، أما بالنسبة لمن خلقته من الخلقة النادرة بأن يكون قصير اليدين أو طويل اليدين لا بد أن يكون ركوعه باعتدال، ولو ترتب بالنسبة ليديه أنه لا يمس بهما ركبتيه، بل يقصر دونهما، أو لا يلزم من ذلك أن تكون يداه كالوترين، ما يلزم، العبرة بالظهر، هو الذي فيه الركوع، فالمنظور والمعول عليه.
"ولا يرفع رأسه ولا يخفضه، ويقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم" وهذا محفوظ من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((اجعلوها في ركوعكم)) وأيضاً محفوظ من لفظه -عليه الصلاة والسلام-، وأنه كان يقول في ركوعه: ((سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم)) وجاء في سنن أبي داود زيادة: ((وبحمده)) ((سبحان ربي العظيم وبحمده))، ((سبحان ربي الأعلى وبحمده)) لكنها لفظة لا يثبتها أهل الحديث، حتى إن أبا داود استنكرها، فلا تقال، وإن جاءت في نصوص أخرى في غير هذا الموضع؛ لأن الذكر إنما ينظر إليه في موضعه، يعني وإن جاء وبحمده في أذكار أخرى، لكن المعول على المكان، والموضع الذي تقال فيه.
"سبحان ربي العظيم ثلاثاً، وهو أدنى الكمال، وإن -اقتصر على واحدة- أجزأه" وإن زاد فهو أفضل إن كان منفرداً، أو إماما لا يشق على المأمومين، لا شك أنه أفضل، إلى العشر، والعشر هي الغاية ((أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم)) هذا التقسيم وهذا التفصيل هل معناه أن الركوع ليس فيه دعاء، والسجود ليس فيه تعظيم؟ أو نقول: هذا أغلبي؟ بدليل أنه ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يقول في ركوعه: ((سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي)) هذا دعاء، لكن التعظيم في الركوع أفضل، والدعاء في السجود أكثر، نعم؟
طالب:.......
الحد الذي يتحقق فيه الركوع أن يهصر ظهره، ويستقيم ظهره، ويقول ولو مرة: "سبحان ربي العظيم".
طالب:.......
على كل حال إذا كانت يداه معتدلتي الخلقة، ويمكن مع ركوعه هذا أن يمس بهما ركبتيه، يقولون: يجزئ، مع أنه خلاف السنة.
"سبحان ربي العظيم ثلاثاً، وهو أدنى الكمال" أدنى الكمال، الكمال له أعلى وله أدنى، والإجزاء له حد، يعني نظير ما قالوا في الوتر، أعلاه إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، وأدنى الكمال ثلاث، ويجزئ بواحدة، وهنا الكمال أعلاه العشر، وأدناه الثلاث، والإجزاء بالمرة الواحدة "وإن قال مرة أجزأه".
طالب: وإن زاد على العشر.
إن زاد على العشر إن كان منفرداً فلا مانع؛ لأنه جاء في وصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يطيل الركوع، وأيضاً في صلاة الكسوف يطال الركوع إطالة تحتمل الأكثر من عشر، وهذا تسبيح مشروع جنسه في الصلاة فلا حد له.
طالب: إذا دخل داخل والإمام راكع هل يشرع للإمام أن ينتظر الداخل ليدرك الركعة؟
نعم إذا دخل المسبوق والإمام راكع أكثر أهل العلم يقولون: إنه إن أطال الركوع من أجل أن يدرك الداخل الركوع.
طالب: التشريك.
نعم شرع له ذلك، من باب الإحسان إلى هذا الداخل، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كثيراً ما يطيل الركعة الأولى من كل صلاة من أجل أن تدرك الركعة الأولى، وجاء في وصف صلاته أنه يطيل الركعة الأولى أطول من الثانية، إذا قرر في نفسه أنه يسبح ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أكثر أو أقل، ثم سمع الداخل فزاد من أجله، يقول الأكثر: إن هذا مشروع، ولا يخل في صلاته.
وذكر القرطبي في تفسيره عن المالكية أن هذا تشريك، يعني إطالة الركوع ليست من أجل الصلاة، ولا من أجل الله -جل وعلا-، إنما هو من أجل هذا الداخل، فهذا تشريك في العبادة فلا يصح، لكن ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يدخل في الصلاة، ويريد إطالتها فيخفف من أجل ما يسمع من بكاء الصبي، فإذا ثبت هذا في التخفيف يثبت نظيره في التطويل، والنقص كالزيادة، وهل يستقيم مثل هذا؟ هل يستقيم مثل هذا التنظير ويتم به الاستدلال أو لا؟
طالب: فيها زيادة عمل يا شيخ.
أقول: هل يستقيم التنظير وقياس الزيادة على النقص؟ نعم الزيادة لا تقاس على النقص.
طالب: هي زيادة عمل، ولكن ليس فيها...
لأن العبرة في شرعية هذا العمل المزيد، مما لا يوجد نظيره في النقص، مسائل التشريك في العبادات مسائل شائكة ومتنوعة، فمنها ما يجوز اتفاقاً، ومنها ما يختلف فيه، ومنها ما لا يجوز اتفاقاً، عمر -رضي الله تعالى عنه- ثبت عنه أنه يجهز الجيش وهو يصلي، وهذا تشريك عبادة بعبادة، التشريك بالنسبة للداخل فرق بين أن يكون من باب الإحسان إليه، مما يرجى ثوابه عند الله -جل وعلا-، وبين أن يراءى فيه هذا الداخل، لو أن الإمام سمع داخلا، وعرف أن فلاناً من علية القوم، وما أشبه ذلك سوف يأتي، ثم أطال الركوع من أجله لا بالنظر إلى الإحسان إليه، هذا لا شك أن مثل هذا التشريك حرام، بل قد يبطل الصلاة، تشريك عبادة بمحظور، بينما الصورة التي معنا تشريك عبادة بعبادة؛ لأن الإحسان عبادة، هناك تشريك عبادة بمباح، تشريك عبادة بمكروه، وتشريك عبادة بمحظور، وذكرت مثالا في أكثر من مناسبة، ولعلي ذكرته في هذا الدرس، أن شخصاً من الناس يصلي في المسجد الحرام في ليالي العشر صلاة التهجد في الدور الثاني، ويطل على المطاف، وينظر إلى الناس يموجون، فيبكي لهذا المنظر، لا يبكي لقراءة الإمام، الذي بجواره يبكي لقراءة الإمام، وهو يبكي لهذا المنظر، ماذا عن صلاته؟ هل نقول: إن هذا تشريك عبادة بعبادة؛ لأنه تصور موجان الناس في هذا الموقف مما ذكره بالموقف الأعظم؟ هذا لا شك أنه تشريك عبادة بعبادة، فهل لمثل هذا من أثر على الصلاة؟ يؤثر في الصلاة أو ما يؤثر؟ لا يؤثر، لكن إن بكى لا من خشية الله -جل وعلا-، تذكر مصيبة مثلاً، بكى أو انتحب، أو حصل له شيء من ذلك لا من خشية الله -جل وعلا-، أهل العلم يقولون: إن مثل هذا البكاء يؤثر في الصلاة.
هذه المسائل الدقيقة التي تحتاج إلى تحرير، لو أن الإخوان راجعوا فيها مسائل التشريك في الفروق للقرافي وجدوا بعض التفصيلات التي تعينهم على فهم هذه المسألة.
على كل حال انتظار الداخل من باب الإحسان إليه لا إشكال فيه، إذا لم يشق على المأمومين؛ لأن مراعاة السابق المدرك للصلاة أولى من مراعاة المفرط اللاحق الذي فاته شيء منها بلا إشكال، فإذا شق على المأمومين مُنع.
"وإن قال مرة: أجزأه" لأنه يتم بها الامتثال، وإن قاله مرة واحدة أجزأه؛ لأنه يتم بذلك امتثاله، نعم؟
طالب:.......
ما الدليل على أن أدنى الكمال ثلاث؟ الدليل على مشروعيته؟ أما بالنسبة للوتر ففيه أنه صلى أربعاً ثم أربعاً ثم أوتر بثلاث، وهنا ما الدليل على أن أدنى الكمال ثلاث؟
طالب:.......
قياسا على ماذا؟
طالب:.......
قياسا على الوتر؟ يعني الإيتار بواحدة، أدنى الكمال ثلاث هل يقال: لأن أدنى الكمال في الوتر ثلاث؟ وهل يصلح أن يكون عدد الركعات أصلاً يقاس عليه عدد التسبيحات؟ يصلح أن يكون أصلا؟، لا يصلح أن يكون أصلاً، أحد يستحضر دليلا على...؟ نعم؟
طالب:.......
نعم لكن دليل على أنه أدنى الكمال، نعم؟
طالب:.......
نعم.
طالب:.......
هذا نص من رواه؟
طالب:.......
راجع تخريجه؟
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
ماذا يقول؟
طالب:.......
إيه.
طالب:.......
أصلاً.
طالب:.......
نعم الدلالة على أن للحديث أصلاً إذا وجد ما يشهد له، أما بتفردهم يصير هو محل الدعوى، يوجد تعليق ثاني في الكتاب؟
طالب: وروى حذيفة أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول إذا ركع: ((سبحان ربي العظيم)) ثلاث مرات رواه الأثرم، ورواه أبو داود، ولم يقل: ثلاث مرات.
إذا كان حديث ابن مسعود... نعم؟
طالب: قال أحمد في رسالته: جاء الحديث عن الحسن البصري أنه قال: التسبيح التام سبع، والوسط خمس، وأدناه ثلاث.
هذه الأخبار والآثار بمجموعها عند الحنابلة تصلح أن تكون أصلاً، لكن من يتطلب لمثل هذه الأحكام الصحيح فإنه لا يثبت مثل هذا الحكم بمثل هذه الأدلة، وعلى كل حال الأمر فيه سعة، نعم؟
طالب: تجزئ المرة؟
نعم، معروف الواحدة تجزئ بلا إشكال، المرة الواحدة يجزئ بها الامتثال، لكن ما الدليل على أن أدنى الكمال ثلاث؟ ما ذكر من خبر ابن مسعود ومن معه، فنقف على قوله: "ثم يرفع رأسه".
هذا يقول: ألا يمكن الاستدلال بحديث تطويل النبي -عليه الصلاة والسلام- في السجود، وذلك لركوب الحسن أو الحسين على ظهره على جواز تطويل الركوع لانتظار الداخل؟
لا، هذا دليل قوي في المسألة، جزاه الله خيرا.
لفظة التشريك غريبة علينا، فهل تتفضل علينا بإعطاء مفهوم شامل لها، وإعطاء صور عليها؟
ذكرنا بعض الصور، ومن رجع إلى الفروق للقرافي وجد أشياء من هذا.
طالب:.......
سبق أن ذكرنا في تكبيرة الإحرام أنه يكبر رافعاً، وفي الركوع يكبر رافعاً، فعلى هذا يكون اقتران التكبير في الرفع في ابتدائه وانتهائه، ومنهم لا سيما في تكبيرة الركوع أو الرفع منه، الرفع منه يجعل التكبير يسبق الرفع، فيرفع إذا استتم قائماً، وجاء ما يدل عليه، لكن الأصل في الرفع أنه للدلالة على القول فيكون مقترناً معه، ويدل على ذلك أنه يكبر رافعاً في المواضع كلها، قول أهل العلم، ورفع يديه حذو منكبيه مقترناً بتكبيره، والحكم التي أبداها أهل العلم في رفع اليدين مع التكبير، والرفع من الركوع، والرفع والقيام كل هذا للدلالة على الانتقال بالنسبة للذي لا يسمع، وهو أيضاً فعل بين أركان، فرفع اليدين بعد الرفع من الركوع إنما هو فاصل بين الركوع والاعتدال، فليس تابعاً للركوع، وليس تابعاً للاعتدال كالتسميع، سمع الله لمن حمده وقول: ربنا ولك الحمد، ليس من أذكار الركوع وليس من أذكار الاعتدال، إذاً موضعه حال الانتقال، هذا الذي يقتضيه النظر مع دلالة الأثر عليه.
طالب: أحسن الله إليك.
في شيء؟
طالب: المسألة الثانية عشرة في حد الرفع.
ماذا يقول؟
طالب: يقول -رحمه الله-: المسألة الثانية عشرة: اختلفت الرواية عن أحمد في حد الرفع على ثلاث روايات.
هذه من المسائل التي يختلف فيها الخرقي مع غلام الخلال، نعم.
اختلفت الرواية عن أحمد في حد الرفع على ثلاث روايات:
إحداها: إلى المنكبين، وبها قال مالك والشافعي وإسحاق، والثانية حتى يحاذي أذنيه، اختارها أبو بكر، وبها قال أبو حنيفة، والثالثة: الكل سواء اختارها الخرقي وأبو حفص العكبري.
وجه الأولة اختارها الوالد السعيد ما روى أحمد بإسناده عن ابن عمر قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه، وإذا أراد أن يركع وبعد ما يرفع، ولا يرفع بين السجدتين.
قال أحمد: لا يعدل بحديث ابن عمر شيء، وأخرجه البخاري.
ووجه الثانية: أن في رواية وائل بن حجر ومالك بن الحويرث أنه رفع يديه إلى حيال أذنيه، وروي إلى فروع أذنيه، ووجه الثالثة أن الكل مروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فدل على أن الجميع سواء.
والجمع الذي أبداه الإمام الشافعي -رحمه الله- جمع له وجه، وهو أن تكون ظهور الكفين حذو المنكبين، وأطراف الأصابع إلى فروع الأذنين.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما المرداوي فلا أعرف له منظومة، توجد منظومة في الفقه مطولة لابن عبد القوي، نظم فيها المقنع، طبعت في مجلدين، في أربعة عشر ألف بيت تقريباً، منظومة مطولة دالية من البحر الكامل، من أعظم ومن أبدع ما نظم في هذا الفن، وطالب العلم لا شك أن حفظ مثل هذه المنظومة يشق عليه، ويصعب عليه، لكن مما يوصى به طالب العلم لا سيما الذي لديه القدرة والملكة أن يعنى بهذه المنظومة فهماً، فيأتِ إلى هذه المنظومة، ويذكر منها البيت، ويعلق عليه من كتب الفقه من المقنع وشروحه؛ لأنها نظم للمقنع، وإذا مر بكلمة غريبة راجع عليها كتب اللغة، وغريب كتب الفقه مثل المطلع ومثل المصباح المنير وغيره، يراجع عليها هذه الكتب، وإذا وجد بيتاً، أو أبيات تمس الحاجة إلى حفظها حفظها، ولو انتقى منها ألفية بدل من أربعة عشر ألف بيت في كل باب بيتين أو ثلاثة يحتاج إليها لا سيما مطالع بعض الأبواب؛ لأنها وعظ من أبدع ما ينظم في الوعظ، مثلاً بداية كتاب الجنائز ينبه في عشرة أبيات، أو ما يزيد أو ينقص عنها، أو يقل عنها على المصير والمآل واستغلال العمر، وكذلك بداية الوصايا مثلاً وبداية..، أبواب كثيرة افتتحها بمطالع وعظية لا توجد عند غيره، فيحرص عليها إضافة إلى أن هناك قواعد وضوابط تمر أثناء النظم طالب العلم بأمس الحاجة إليها.
فأقول: هذه المنظومة على طولها طالب العلم لا يتوقع منه أنه يشرح شرحا مفصلا مطولا في عشرة مجلدات أو عشرين مجلدا مع أنها تحتمل أكثر، لكن مع ذلك يُعنى بها، يفهم البيت، يحلل البيت، يعلق عليه من أقرب كتاب من كتب الفقه، ولو من حاشية الشيخ سليمان على المقنع، أو على أو المبدع، أو ما أشبه ذلك، يستفيد فائدة كبيرة إذا انتهى، ويحرص على أن يديم النظر فيها وينهيها بأقرب فرصة، ليكون لديه تصور واضح عن الفقه، وفهم لهذه المنظومة، ويحفظ ما يهمه، وما يرى أنه بأمس الحاجة إليه من هذه المنظومة.
الشيخ ابن سعدي -رحمة الله عليه- عمل عملاً لا يعتبر بالنسبة للشيخ جديد، أو ابتكار أو شيء مما يصنف أو يذكر من مؤلفات الشيخ أبداً، يأتي إلى الفصل من هذه المنظومة، ثم ينسخه، ثم ينسخ تحته الفصل الموازي له أو الفصول الموازية له من الإنصاف، وأتم ذلك في مجلدات كثيرة، رأيتها أنا في الدارة، فمثل هذا هو نسخ للكتابين لا أكثر ولا أقل، يعني ما في أدنى تصرف من الشيخ، يعني لو أن الشيخ بنصف هذا الحجم علق من علمه وبأسلوبه وبطريقته وترتيبه وفهمه على هذه المنظومة بأقل من نصف حجم الإنصاف كان يبدع الشيخ، الشيخ معروف في جودة التأليف.
عقد الفرائد وكنز الفوائد، ولها مختصر، حمد بن ناصر بن معمر اختصر هذه المنظومة، وجعل مسائلها موازية ومقابلة لمسائل الزاد، وزاد عليها بعض الأبيات، وغير في بعض أشطر الأبيات، ومع ذلك بقي أنصاف أبيات ما لها تكملة؛ لأن التكملة لا يوجد نظيرها في الزاد فحذفها، وعلى كل حال سواءً الأصل كما هو الأصل أو المختصر كلاهما نافع.
يقول: أو حافظ الحكمي؟
الشيخ حافظ له منظومة في الفقه، السبل السوية، منظومة مطولة في الفقه، وسهلة وميسرة من بحر الرجز، وهي مشروحة أيضاً من قبل الشيخ زيد المدخلي بشرح جيد، يعني فيه شيء من البسط، وفي آخرها أبيات في الآداب مهمة جداً، ينبغي لطالب العلم أن يحفظها، نعم؟
طالب:.......
ماذا؟
طالب:.......
السبل السوية.
إذا سدد دينك على سيبل الإعانة لك، وإقراضك من غير زيادة ولا نقصان فهذا لا شك أنه من باب الإحسان، لكن إن زادوا عليه فهو عين الربا؛ لأنهم يدفعون عشرة آلاف، ويزيدون عليك ألفا أو ألفين أو أقل أو أكثر هذا عين الربا، نعم؟
طالب:.......
ويش فيها؟
طالب:.......
لا، إذا كانت في مكانك بمعنى أنه ليس فيها أتعاب فلا يجوز، لكن إن قال: أنت ما عندك حساب في البنك الفلاني، أنا أذهب إلى البنك، وأسدد لك، وآخذ أجور أتعابي، إذا أخذ أجرة المثل في مثل هذا يتجه -إن شاء الله-.
أولاً: مسألة الأسهم كنا من أول الأمر ونحن نشكك في شرعيتها، لكن لا نجزم بتحريم ما يدعى أنه نظيف، أو خال من الشوائب، لكن الخلو دونه خرط القتاد في هذه الأسهم، وليست في الأصل من معاملات المسلمين، وإنما هي وافدة عليهم، وبعد أن حصل ما حصل في سوق الأسهم رجع كثير من الناس إلى مثل هذا القول وإلا الاحتياط، لكن الله المستعان.
إذا كان أصل التعامل بالأسهم فيه ضعف من هذه الحيثية، والتورق أيضاً فيها ضعف حيث منعها ابن عباس، وعمر بن عبد العزيز، وشيخ الإسلام ابن تيمية منعوا مسألة التعامل بالتورق، وعلى كل حال عامة أهل العلم على جوازها، يعني إذا كانت بسلع يراها المشتري يملكها البائع ملكاً تاماً مستقراً، ثم يبيعها على الطرف الثاني بأكثر من قيمتها، وهو لا يريدها، وإنما يريد قيمتها، فيقبضها القبض الشرعي المعتبر، ثم يبيعها بنفسه أو بوكيله لا بوكالة الطرف الأول؛ لأن هذا فيه تهمة لا سيما إذا كان غير ثقة، ثم يبيعه إلى طرف ثالث هذه مسألة التورق التي يجيزها جمهور أهل العلم.
الشيخ سعد الحميد أذكر أنه قدم لهذه الطبعة ليست بإشرافه، وإنما كتب لها مقدمة، وهي بتحقيق حمد الجمعة وعبد الله اللحيدان، طبعة حرصا فيها على تصحيح الأخطاء في الطبعة السابقة، وأما الثانية بتحقيق محمد عوامة فتعليقاتها وافرة ووافية وزينة وطيبة ، لكنه لم يلتزم بالأصول، يصحح بالاسترواح وبالميل، يعني إذا كان الحديث يخالف ما حفظه، أو فيه شيء من الإشكال صححه، ولو لم يعتمد على أصل.
على كل حال هناك طبعة أيضاً تخرج قريباً بتحقيق الشيخ سعد الشثري، وهي على حد قوله وإلا ما اطلعت عليها أنه استدرك على هاتين الطبعتين، ووقف على نسخ خطية وأصول لم يقفوا عليها، ولا أستطيع الحكم عليها قبل النظر فيها، وله استدراكات على الطبعتين، وذكر شيئا منها يدل على أن فيهما شيئا، ولا يستطيع إنسان أن يقول: إن هذا الكتاب بلغ الغاية، ووصل إلى النهاية في الدقة والتحرير والتحقيق وجودة التعليق، وكل طبعة لها ميزة، فطالب العلم الذي لا يثقله ولا يكرثه جمع الطبعات كلها هذا هو الأصل، إن استطاع أن يوازن بين هذه الطبعات عند الاختلاف فهو أفضل، وإلا ينتظر حتى تخرج طبعة الشيخ ويُحكم عليها.