أولًا من شروط المفسِّر -فيما ذكره أهل العلم- أن يكون عارفًا بلغة العرب؛ لأن القرآن أُنزل بها، ولا يمكن أن يُفهم إلا بواسطتها، فأولى ما يُفسَّر به القرآن القرآن نفسه، فما أُجمل في موضع بُسط في موضع آخر، ثم إن لم يَجد فإنه يُفسِّر القرآن بما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو أعلم الناس بكلام الله المنزّل عليه -عليه الصلاة والسلام-، ثم إن لم يجد في ذلك شيء من المرفوع رَجع إلى أقاويل الصحابة ثم أقاويل التابعين، ويَعتمد في ذلك كله على لغة العرب؛ لأن القرآن أُنزل بها، وإذا لم يعرف لغة العرب ولم تكن له يد بها في جميع فروعها الاثني عشر من: النحو، والصرف، والمعاني، والبيان، والبديع، والاشتقاق، والوضع، وغيرها من العلوم، فسوف يقع في كلامه الخطأ الكثير إذا أراد أن يُفسر النصوص سواء كانت من الكتاب أم من السنة.
وقد ألّف العلماء في إعراب القرآن كتبًا كثيرة جدًّا كالنحاس والعكبري وغيرهم من المتقدمين، وللمتأخرين مساهمات كثيرة، فمحيي الدين درويش له كتاب في إعراب القرآن، ومحمود صافي أيضًا له كتاب كبير في هذا، والتفاسير أيضًا اشتمل بعضها على هذا الجانب المهم في تكوين المفسِّر، كما فعل أبو حيّان في (البحر المحيط). المقصود أن طالب العلم عليه أن يأخذ العلوم التي تعينه على فهم كلام الله وكلام رسوله -عليه الصلاة والسلام- فهذا أمر لا بد منه، ولا يمكن أن يَستغني عنه بحال.