هذه طريقة جيدة لتثبيت العلم تستفاد من كتب القواعد وغيرها، حيث نجد مثلًا (أشباه ونظائر) في فقه الشافعية للسيوطي، وفي فقه الحنفية لابن نجيم، لكن لا نجد أشباه ونظائر في فقه الحنابلة، فلماذا لا يأتي طالب العلم إلى السيوطي ويُعدِّل مسائله من كتب الفقه الحنبلي؟ ونقول مثل ذلك في (أحكام القرآن)، حيث نجد فيها مؤلفات للحنفية وللمالكية وللشافعية، أما الحنابلة فلهم كتب لم تشتهر ولا يستطيع طالب العلم الحصول عليها، فلم لا يضيف طالب العلم أحكام القرآن للحنابلة؟ بحيث يأتي إلى أحكام القرآن في المذاهب الثلاثة (ابن العربي) و(الجصاص) و(الكيا الهراسي)، ويراجع على مسائلها (المغني) لابن قدامة، ويثبت قول الحنابلة في هذه الكتب، فإذا قال المؤلف: رأي المالكية كذا، يقول: ورأي الحنابلة كذا، وهذا يستطيعه متوسط الطلاب، وبهذا يثبت العلم ويرتبط الفقه بالقرآن، فهي طريقة نصحنا بها بعض الطلاب وجربها ووجدتْ نافعة، نعم وجد أحكام القرآن من المغني، لكن طالب العلم عليه أن يبني لنفسه.
ومثل ذلك (الموطأ للإمام مالك) له رواية لمحمد بن الحسن وهو حنفي المذهب، أثّر في الكتاب كونه حنفيًّا، وشرحه الدهلوي الشافعي بكتاب اسمه (المسوّى شرح الموطأ)، أضاف إلى أصل الكتاب الذي هو المذهب المالكي -باعتبار المؤلف-، وما تأثر به من المذهب الحنفي -باعتبار الراوي محمد بن الحسن- أضاف المذهب الشافعي؛ ليكون في المذاهب الثلاثة، فلماذا لا ينبري طالب علم ويضيف المذهب الحنبلي؟! ولا أقول هذا تعصبًا، بل حتى لو كان المذهب الشافعي ليس موجودًا أو غيره من المذاهب فيحسن بالطالب أن يضيفه؛ لأن هذه وسيلة من وسائل التحصيل وتثبيت العلم، حيث تحصر ذهنك، فتعرف الأقوال الثلاثة وتفهمها فهمًا جيدًا؛ لأنك تريد أن تضيف إليها، ولن تضيف إليها قولاً جديدًا بالفعل إلا بعد أن تفهم الأقوال الثلاثة، فهذه من أنفع وسائل التحصيل ويوصى بها طالب العلم، وبهذه الطريقة يصير الطالب يعاني العلم ويراجع ويبحث ويسهر الليل ويكتب؛ لينغرس العلم في قلبه.