الظاهر في اليد الواردة لله –سبحانه وتعالى- في نصوص الكتاب والسنة أنها اليد حقيقة، وتأويل اليد بالنعمة أو بالقدرة هذا غير الظاهر، لكن المؤولة يقولون: (منع من إرادة الظاهر خشية التشبيه)، فهم من باب تنزيههم لله –جل وعلا- ينفون عنه الظاهر الراجح، ويثبتون المؤوّل المرجوح؛ تمسكًا بالتنزيه على زعمهم، لكنهم قبل أن يعطلوا وقبل أن يُؤولوا مروا بمرحلة التشبيه، فلمّا تبادر إلى أذهانهم التشبيه عطلوها، فشبهوا أولًا، ثم عطلوا، وإلا لو قالوا: (سمعنا وأطعنا، والله –جل وعلا- يثبت لنفسه يدًا، ويثبت لنفسه سمعًا وبصرًا، والمعاني معروفة، والكيفيات مجهولة، وإنا نثبته على ما يليق بجلاله وعظمته، ولا نحتاج إلى أكثر من هذا) لكفاهم، كما جاء عن أم سلمة –رضي الله عنها وعن الإمام مالك: (الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة).
والذي منعهم من حمل اللفظ على ظاهره توهم التشبيه، ولا تشبيه، فلكلٍّ ما يليق به، فإذا أثبتنا لله –جل وعلا- وجهًا فإننا نثبته على ما يليق بجلاله وعظمته، والمخلوقات لها وجوه حقيقية، وليس وجه الإنسان مثل وجه الذئب، أو مثل وجه القرد، أو مثل وجه الحمار، فإذا كان هذا التفاوت موجودًا بين المخلوقات المشتركة في الضعف، فكيف بالنسبة ما بين الخالق والمخلوق؟ لا نسبة ولا مشابهة، فلكلٍّ ما يليق به.
وما جاء في النصوص الصحيحة مما يتعلق بالله –جل وعلا-، واعتمده سلف هذه الأمة لا محيد عن إثباته، فكل خير في اتباع من سلف، لكن النصوص المحتملة والتي لم يتفق على معناها سلف الأمة، فللخلف فيها مندوحة؛ لأنهم إن قالوا بالقول فقد سبقوا، وإن قالوا بضده فقد سبقوا، بخلاف ما يتفق عليه سلف الأمة، فنحن مطالبون بفهم النصوص على فهمهم.