الفرق بين أحاديث (صحيح البخاري) وبين مذهب الشافعي ليس كبيرًا، فبينهما تقارب كبير، ولذا لا يظهر التعصب بالنسبة لمن يشرح الكتاب حينما يكون شافعيًا أو يكون حنبليًا، لكن حينما يكون الشارح حنفيًا، وكثير من أحاديث الكتاب تخالف مذهبه فقد يظهر في شرحه التعصب لمذهبه؛ لأن الفجوة بينهما كبيرة، وقد ذكر الكِرماني وابن حجر وغيرهما في مواضع أن البخاري –رحمه الله- إذا قال: (قال بعض الناس) فمراده الحنفية، وهذا يدل على أن هناك اختلافًا كبيرًا بين اختيارات الإمام البخاري وبين مذهب أبي حنيفة -رحمه الله تعالى-، وهذا يبين لنا سبب ظهور التعصب في شرح العيني وخفائه في شرح ابن حجر، وهذا الأمر ينبغي أن يتنبه له؛ حتى لا يحمل الأحاديث أحد على غير مراد مؤلفها لتوافق مذهبه، ولا شك أن مذهب أبي حنيفة مذهب متبوع، وله أصوله من الكتاب والسنة، وقد يختلفون مع غيرهم في بعض الأصول، لكن القدر المشترك من الأصول التي يعتمد عليها في الاستنباط والاستدلال متقاربة؛ وإن كان بعض الأصول التي يعتمدها الحنفية قد توجد بعض الفجوة بينهم وبين غيرهم.