لَمْ يَذْكُرْ شيخُ الإسلامِ –رحمه الله- نفي التشبيهَ عن الله وصفاته في (كتاب الواسطية)، وإنما ذكر التمثيل؛ لأنَّه آثَرَ ذِكرَ مَا جَاءَ نَفْيُهُ في القرآنِ، كما في قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]. وكُلَّمَا كَانَ الاسْتِعْمَالُ في الاصطلاحاتِ الشرعيةِ مَأْخُوذًا مِنْ نصوصِ الكتابِ والسنةِ كَانَ أَقْوَى وأَدَقَّ وأَبْعَدَ عَنِ الإيرادِ، ولِذَا رُدَّ على مَنْ قَالَ: (مِنْ غَيْرِ تكييفٍ ولا تشبيهٍ) بِأنَّ التشبيهَ وُجُودُ وَجْهِ شَبَهٍ وَلَوْ مِنْ بعيدٍ لِأدْنَى مشابهةٍ، كما في قولِهِ -ﷺ-: «إنَّكُم ستَرَوْنَ رَبَّكُم كَمَا تَرَوْنَ هذا القمرَ، لا تَضَامُّونَ في رُؤْيَتِهِ» [البخاري: 554] فهذا تشبيهٌ مِنْ وَجْهٍ، ووَجْهُ الشبَهِ في الرؤيةِ لا فِي المَرْئِي، والتشبيهُ مِنْ وَجهٍ لا يَعْنِي مُطَابَقَةَ المُشَبَّهِ للمُشَبَّهِ بهِ مِنْ كُلِّ وَجهٍ، ولكن فيه وجه شبه ولو من بعيد. وكما في مُشَابَهَةِ المخلوقِ للخالقِ في الوُجُودِ مثلاً؛ فالخالقُ مَوجودٌ والمخلوقُ مَوجودٌ، وهذا وَجْهُ شَبَهٍ بَيْنَهُمَا مِنْ بعيدٍ لا يَقْتَضِي التشبيهَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ وإنَّما يُشبِهُهُ مِنْ هذه الحَيْثِيَّةِ، فليس التشبيه ممنوعًا من كل وجه، بخلاف التمثيل فهو ممنوع مطلقًا، ولذَا اخْتارَه شيخ الإسلام –رحمه الله-.